الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

دراسة جديدة عن حصاد الإدارية العليا في استرداد أراضي الدولة

المستشار الدكتور
المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أزاح القضاء المصري من منظومة أطلقت على نفسها جياع ابتلاع أراضي الدولة بلا تقنين، واستطاعت العدالة أن تؤكد جذور أدبيات القضاء أعطني قاضيا عادلا وقانونا ظالما يتحقق العدل، ولكن قضاء المحكمة الإدارية العليا أضاف إلى هذه الثوابت المتوازنة أن العدالة تحلق في سماء الوطن بجناحيها تقف أمام القوى طالما طغى وتدعم الضعيف طالما استظل بحماية القانون، في مواجهة حاسمة لأوهام القوة بلا قانون.

وفي أحدث دراسة قام بها الفقيه المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة عن موضوع الحصاد القضائي للمحكمة الإدارية العليا في مجال التوازن الاقتصادي، واسترداد أراضي الدولة وحماية المال العام "حقائق وأرقام" ربما يدعو البحث إلى تشكيل لجان عالية المستوى لتتابع تنفيذ تلك الأحكام لصالح الدولة، ونعرض لهذا البحث القيم، عن حصاد 2018 للجزء الأول من خلال ثلاثة أجزاء على النحو التالي:

أولا: فكرة الحصاد القضائي وعدالة الحكم ووفرة الإنتاج:

يقول المستشار الدكتور محمد خفاجي، إذا كان المقصود بالحصاد أو الحصد لُغويًا في معجم لسان العرب هو البَرّ المحصود بعدما يُحصَد، وأحصد البر والزرع حان له أن يُحصد، وقال ابن الأعرابي أحصد الزرع واستحصد سواء، وحصاد كلّ شجرة ثمرتها، والحصيد وجمعها الحصائد، هو ما حصدته الأيدي، والحصاد الذي حصدته العدالة الإدارية في العام القضائي المنصرم 2018 في مجال التوازن الاقتصادي بين حقوق الدولة وحقوق الأفراد، كان ثريًا في عطائه، غزيرًا في إنتاجه من حيث الفن والإبداع القانوني.

ويضيف خفاجي، الحقيقة التي ينبغي التأكيد عليها، أن القاضي الإداري الحصيف هو ما يسير على نهج رفيع يستجمع فيه بين طريقين متوازيين، أولهما عدالة الحكم وأصالة الفكر، وثانيهما سرعة الإنجاز ووفرة الإنتاج، فلا تطغى إحداهما على الأخرى، وبعبارة أخرى أكثر عمقًا يجمع بين كفتيه بين الحكم الصائب والرأي المستأني من ناحية، وبين العدالة الناجزة السريعة من ناحية أخرى، فمرفق القضاء ينتظم ويستقيم شئونه في إنتاج تباركه الأناة والريث، في مجال حقوق الدولة وحقوق العباد، والمواءمة بين اعتبارات السرعة المطلوبة والإجادة اللازمة ليقوم بأعبائه وتبعاته واختصاصاته، بما يفرضه على قضاة القانون العام من أعباء وواجبات تنوء عن حملها العصبة من أولى القوة والهمم.

ثانيًا: حقائق قانونية خطيرة وأرقام مدهشة في مجال مكافحة الفساد في ملف أراضي الدولة والمال العام:

يقول الفقيه الدكتور محمد خفاجي، يجب أن أشير إلى أنه خلال عام قضائي واحد 2018 حققت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة حقائق قانونية تترجم لأرقام مدهشة في مجال مكافحة الفساد خاصة في ملف أراضي الدولة والمال العام على وجه العموم، وما يلازمه من ضمان حسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ على المال العام وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، وهو الالتزام الدستورى الواجب على كافة سلطات الدولة، فلا ينحصر فحسب في الأجهزة الرقابية بل يمتد إلى السلطة القضائية التي بيدها القول الفصل في تشخيص داء الفساد ووصف الدواء.

ويضيف خفاجي، أن المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة أعادت للدولة ما يقرب من 72 مليون جنيه في مجال حماية المال العام المتصل بالعقود الإدارية التي أبرمتها الدولة مع شركات عديدة، وفي مجال ملف أراضي الدولة كان إنتاجها غزيرًا وعميقا فقد أعادت للدولة ما يقرب من 50 ألف فدان قيمتها تبلغ مليار و539 مليون جنيه، منها على سبيل المثال لا الحصر 37000 فدانا و37 ألف فدان بوادي النطرون بالبحيرة، و1250 فدانا في شرق السويس من شركة قطرية، و930 فدانا في شبه جزيرة سيناء، وبإعادة 143 فدانا بشمال سيناء للدولة من إحدى الجمعيات تعاقد معها رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة بئر العبد في غيبة من المحافظ، و47 ألف متر مربع بأرض أليكس شوبنج بثمنها ربع مليار جنيه، و7658 مترا وزعتها هيئة الإصلاح الزراعي على موظفيها على النيل بسعر 25 جنيه للمتر بدلا من صغار الفلاحين بأرمنت محافظة قنا، وفدانين بالأقصر في أجود المناطق بسعر 4 جنيه للمتر، و1.2 مليون دولار بقضية فساد اللقاحات MMR، و805 فدانا بمصر إسكندرية الصحراوي وغيرها من القضايا المهمة.

ونعرض في الجزء الأول لهذا البحث القيم لأهم الأحكام في الموضوعات التالية في سبعة عشر موضوعًا وهو ما نعرض له تباعًا.

- الموضوع الأول: لا يجوز استرداد المبالغ التي حصلتها النيابة في جرائم المال العام المتصلة بالعقود الإدارية نتيجة بلاغات الرقابة الإدارية وترفض طلب شركة مطالبة الدولة بـ23 مليون جنيه بحجة أنها دفعت المبلغ تحت تأثير ضغط وإكراه:

يقول خفاجي، أرست المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع مبدأ مهمًا بعدم جواز استرداد المبالغ المحصلة بمعرفة قرارات النيابة العامة في جرائم المال العام المتصلة بالعقود الإدارية التي تصدر فيها قرارًا بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية للتصالح بقصد الإعفاء من العقاب ورفضت طلب شركة صناعة وسائل النقل إم سي في M. C. V – كريم غبور - بمطالبة الدولة ب 23 مليون جنيه سددتها الشركة في أثناء التحقيق معها نتيجة بلاغ قدمته هيئة الرقابة الإدارية وألزمتها المصروفات. (الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة عقود في الطعنين رقمي: 21642 لسنة 59 قضائية عليا و24018 لسنة 59 قضائية عليا بجلسة 26/12/2017) وكانت الشركة قد أقامت الدعوى ضد وزير العدل والنائب العام بأن يؤديا للشركة الطاعنة مبلغًا مقداره 23650000 جنيها مع الفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد لصالح إحدى شركات النقل العام على سند أن الشركة دفعت هذه الملايين تحت ضغط وإكراه من جراء التحقيقات، إلا أن المحكمة أكدت أن الإجراءات التي تباشرها النيابة العامة نتيجة بلاغات هيئة الرقابة الإدارية لا تعتبر من وسائل الإكراه، وإلا غُلت يد سلطات التحقيق عن مباشرة اختصاصها طبقًا الدستور والقانون.

- الموضوع الثاني من حق الدولة فرض مقابل انتفاع لجميع أراضي وضع اليد وإلا اعتبروا من مغتصبي أراضيها، وتلزم شركة بدفع مليون ونصف جنيه للدولة:

يقول خفاجي: إن المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة أصدرت حكما مهمًا في مجال استئداء الدولة مقابل الانتفاع عن أراضي وضع اليد على مستوى الجمهورية، وأكدت أنه من حق الدولة فرض مقابل انتفاع لجميع أراضي وضع اليد وإلا اعتبروا من مغتصبي أرضي الدولة، وأنه لا يجوز الإثراء على حساب الدولة وألزمت شركة إيلجيكت بأن تؤدى للحكومة مبلغ مليون ونصف عن أرض ملك الدولة مساحة ألف متر تشغلها الشركة مخازن لها بحلوان وألزمتها المصروفات (الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة عقود في الطعن رقم 29083 لسنة 58 ق. عليا بجلسة 26/6/2018

-الموضوع الثالث موافقة الوزير المختص بالاستثمار شرط جوهري للتحكيم، وتعيد للدولة 21 مليون جنيه وتبطل حكم تحكيم صادر ضد محافظة بورسعيد:

يقول الدكتور محمد خفاجي أن المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع أصدرت حكما مهما يعيد للدولة حقوقها في مجال الاستثمار لتحقيق تنمية الاقتصاد القومي وحقوق الدولة المشروعة في إطار النظم القانونية المستجدة، وقضت بقبول الطعن المقام من الحكومة وبإلغاء حكم هيئة التحكيم بالقاهرة الصادر لصالح إحدى الشركات ضد الدولة بـ21 مليون جنيه وإعادتها للدولة وألزمت الشركة المطعون ضدها المصروفات وأيدت طلب هيئة قضايا الدولة في المطالبة ببطلان التحكيم لعدم الحصول على موافقة وزير الاستثمار على التحكيم. (الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة عقود في الطعن رقم 21163 لسنة 59 ق. عليا بجلسة 28/11/2017م).

-الموضوع الرابع ملاحقة المتغيرات الحديثة في مجال سياسة الانفتاح الإنتاجي للأعمال الفنية بكافة أشكالها، وتنتصر للتلفزيون المصري في "مسلسل سامية فهمى حرب الجواسيس" وتعيد للدولة مليون و300 و30 ألف جنيه

يقول الدكتور محمد خفاجي أصدرت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع حكما مهما في مجال ملاحقة المتغيرات الحديثة في مجال سياسة الانفتاح الإنتاجي للأعمال الفنية بكافة أشكالها، وانتصرت للتلفزيون المصري في "مسلسل حرب الجواسيس" ورفضت الطعنين المقدمين من شركة كينج توت للإنتاج الإعلامي ورفضت إلزام التليفزيون بتعويض الشركة مبلغ مليون و330 ألف جنيه وألزمت الشركة الطاعنة المصروفات. (الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة عقود في الطعنين رقمي 96303 و97868 لسنة 61 ق عليا بجلسة 24/10/2017)

- الموضوع الخامس ثورة 25 يناير ظروف طارئة تقتضي المشاركة في الالتزامات التعاقدية وليست قوة قاهرة تسقطها عن أصحاب رؤوس الأموال لتلقيها على عاتق الدولة وحدها والمشاركة بين رؤوس الأموال السياحية والدولة في تحمل أعباء ثورة يناير ليتعافى الاقتصاد المصري:

يقول الدكتور محمد خفاجي أصدرت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع حكمًا هامًا بمشاركة أصحاب رؤوس الأموال للدولة في تحمل أعباء خسائر ثورة 25 يناير التي أنهكت اقتصاد الدولة في مجال تعطل التدفق السياحي والانفلات الأمني وتأثيرها على عقود الدولة مع رؤوس الأموال في الأنشطة السياحية والفندقية تحقيقًا للمسئولية الاجتماعية، وبأن يتحمل رؤوس الأموال نسبة 75% من الخسائر وتحمل الدولة 25% منها حتى يتعافى الاقتصاد المصري ولتحقيق معادلة التوازن بين الحق والمسئولية باعتبار أن التنمية شراكة بين الدولة والمواطنين، وأنه لا يجوز تحمل الدولة وحدها بتلك الأعباء بكاملها.

ويضيف الدكتور خفاجي أن المحكمة أكدت على أن الأحداث منذ ثورة 25 يناير حتى ثورة 30 يونيو ظروف طارئة تقتضي المشاركة وإعادة التوازن بين رؤوس الأموال والدولة في تحمل الخسائر، وأكدت أن الثورة ليست قوة قاهرة تسقط الالتزامات التعاقدية عن أصحاب رؤوس الأموال لتلقيها على عاتق الدولة. وقضت برفض طلب إحدى القرى السياحية بمحافظة البحر الأحمر بإعفائها كاملًا من الإيجار السنوي من ثورة يناير حتى ثورة يونيه، وإلزامها بأن تتحمل وتتشارك مع الدولة مقدار الخسائر بالنسب المشار إليها، ودون الاستجابة لطلب الجهة الإدارية بغرامات التأخير للظروف الطارئة التي تتأبى بطبيعتها على فرض غرامات التأخير، (الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة عقود في الطعنين رقمى: 21626 لسنة 62 قضائية عليا و22571 لسنة 62 قضائية عليا بجلسة 23/1/2018.