رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

‎اعرف بلدك.. تعرف على تاريخ وادي الملوك

 وادي الملوك
وادي الملوك
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تُعتبر مصر من أهم وأجمل البلاد سياحيًا ولذلك وضعت على قائمة أفضل المدن بالنسبة للسائح.
‎وتعرض "البوابة لايت"، فقرة "اعرف بلدك"، التي تتابع فيها أفضل الأماكن في مصر وفي كل محافظة لتشجيع السياحة الداخلية والخارجية.
‎وادي الملوك‫:‬
‎وادي الملوك ويعرف أيضا باسم "وادي بيبان الملوك"، هو واد في مصر استخدم على مدار 500 سنة خلال الفترة ما بين القرنين السادس عشر والحادي عشر قبل الميلاد لتشييد مقابر لفراعنة ونبلاء الدولة الحديثة الممتدة خلال عصور الآسرات الثامنة عشرة وحتى الأسرة العشرين بمصر القديمة، ويقع الوادي على الضفة الغربية لنهر النيل في مواجهة طيبة (الأقصر حاليا) بقلب مدينة طيبة الجنائزية القديمة، وينقسم وادي الملوك إلى واديين؛ الوادي الشرقي (حيث توجد أغلب المقابر الملكية) والوادي الغربي.
‎وباكتشاف حجرة الدفن الأخيرة عام 2006 والمعروفة باسم (مقبرة 63) علاوة على اكتشاف مدخلين آخرين لنفس الحجرة خلال عام 2008، وصل عدد المقابر المكتشفة حتى الآن إلى 63 مقبرة متفاوتة الأحجام إذ تتراوح ما بين حفرة صغيرة في الأرض وحتى مقبرة معقدة التركيب تحوي أكثر من 120 حجرة دفن بداخلها. استخدمت هذه المقابر جميعها في دفن ملوك وأمراء الدولة الحديثة بمصر القديمة بالإضافة إلى بعض النبلاء ومن كان على علاقة بالأسرة الحاكمة في ذلك الوقت. وتتميز المقابر الملكية باحتوائها على رسومات ونقوش من الميثولوجيا المصرية القديمة توضح العقائد الدينية والمراسم التأبينية في ذلك الوقت. وجميع القبور المكتشفة قد تم فتحها ونهبها في العصور القديمة وعلى الرغم من ذلك بقيت دليلا دامغا على قوة ورخاء ملوك ذلك الزمان.
‎وتعد هذه المنطقة مركزا للتنقيبات الكشفية لدراسة علم الآثار وعلم المصريات منذ نهاية القرن الثامن عشر إذ تثير مقابرها اهتمام الدارسين للتوسع في مثل هذه الدراسات والتنقيبات الأثرية. وقد ذاع صيت الوادي في العصر الحديث بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ أمون كاملة وما دار حولها من أقاويل بخصوص لعنة الفراعنة، وظل الوادي مشتهرا بالتنقيبات الأثرية المنتشرة بين أرجائه حتى تم اعتماده كموقع للتراث العالمي عام 1979 بالإضافة إلى مدينة طيبة الجنائزية بأكملها. ولا تزال عمليات الكشف والتنقيب والترميم جارية في وادي الملوك حتى الآن، وقد تم مؤخرا افتتاح مركز سياحي هناك.
‎تقع تلال طيبة والتي يوجد بها وادي الملوك في إحدى المناطق المعرضة للعواصف الرعدية الشديدة، كما أكدت الدراسات الحديثة إلى أن سبعة مسارات فيضانية نشطة على أقل تقدير تصب في قلب الوادي، وهي المنطقة التي تشير التقارير أنها تعرضت للفيضانات في نهاية عهد الأسرة الثامنة عشرة الأمر الذي أدى إلى اندثار العديد من المقابر تحت ترسيبات الفيضان وهو ما أكدته أعمال الحفر والتنقيب أثناء اكتشاف كل من مقبرة 63 ومقبرة 62 ومقبرة 55 والتي تم الكشف عنها في الأرضية الصخرية الفعلية للوادي والتي غطتها الترسيبات الفيضانية وعليه تم تحديد المستوى الحقيقي لأرضية الوادي في ذلك العصر والتي تنخفض لأكثر من خمسة أمتار عن مستواها الآن. وفي أعقاب الأسرة الثامنة عشرة عمل الفراعنة على تسوية أرض الوادي ومن ثم تتجمع الترسيبات الفيضانية بعيدا عن منطقة المقابر ومن ثم بقيت تلك المقابر محفوظة حتى تم اكتشافها أواخر القرن العشرين، تلك المساحة المستوية من الأرض كانت محل الدراسة في إطار مشروع ترميم المقابر الملكية بالعمارنة والتي أكدت عمليات المسح الرإداري للمنطقة وجود العديد من الاختلافات تحت سطح الأرض، ثبت فيما بعد أن إحدى هذه الاختلافات التكوينية هي مقبرة 63 المكتشفة أخيرا.
‎تاريخ وادي الملوك‫:‬
‎بدأ الإنسان المصري القديم في سكنى وادي الملوك منذ العصر الحجري الوسيط. تعلو قمة القرن هضاب طيبة جميعها والتي عرفها المصريون القدماء باسم تا ديهنت (وتعني القمة بالهيروغليفية) والتي تبدو هرمية الشكل عند النظر إليها من مدخل الوادي في مظهر يماثل أهرامات الدولة القديمة التي استخدمت كمقابر قبل آلاف السنين من إنشاء أول مقبرة ملكية في الوادي، ويرجح بعض علماء المصريات إلى أن الشكل الهرمي للقمة هو أحد أسباب اختيار هذه البقعة لتشييد مقابر الملوك تماما كاستخدام الأهرامات لدفن الملوك في عصر الدولة القديمة، وقد كان موقع وادي الملوك المنعزل نسبيا سببا في صعوبة وصول اللصوص ونابشي القبور إليه مما ساعد القوات الملكية الخاصة بحماية القبور (المدچاي) على حماية المدينة الجنائزية بأكملها.
‎بات الاعتقاد لفترة طويلة أن البنايات هرمية الشكل ولا سيما أهرامات الجيزة هي النموذج التقليدي للمقابر الملكية في مصر القديمة على مختلف عصورها إلا أن أغلب المقابر الملكية منحوتة بالكامل من الصخر، فعلى الرغم من أن الأهرامات والمصاطب (نماذج المقابر الملكية في عصر الدولة القديمة) قد تم تشييدهم عن طريق الاقتطاع من مستوى سطح الأرض إلا أنه يوجد في مصر العديد من المقابر الملكية المنحوتة بالكامل من الصخر (على شاكلة المقابر الملكية بوادي الملوك) والتي يرجع تاريخها إلى عصر الدولة القديمة.
‎وبعد هزيمة الهكسوس وإعادة توحيد مصر تحت قيادة أحمس الأول عمل ملوك طيبة على تشييد مقابر شامخة لهم تكون دليلا على قوتهم الصاعدة، وعلى الرغم من ذلك تشير بعض الدراسات إلى أن مقبرتي أحمس الأول وابنه أمنحتب الأول موجودتان بالمدينة الجنائزية الخاصة بالأسرة السابعة عشرة بمنطقة ذراع أبو النجا غرب الأقصر، (وإن كان موقعا المقبرتين لم يتم الكشف عنهما بشكل قاطع حتى الآن) إلا أن دراسات أخرى تؤكد أن أولى المقابر الملكية التي شيدت في الوادي هما مقبرتا أمنحتب الأول (والتي لم يتم تحديدها)، وتحتمس الأول والتي تبدو على جدرانها نصائح كبير مستشاريه إنيني والذي وجه نصحه للملك باختيار هذه البقعة لتشييد مقبرته (والدراسات مستمرة حتى الآن لتحديد مقبرة تحتمس الأول بشكل قاطع إذ يدور الخلاف حول المقبرتين مقبرة 20 ومقبرة 38).
‎وبدأ استخدام الوادي لدفن الملوك أول مرة قرابة عام 1539 ق.م. واستمر دفن ملوك الدولة الحديثة فيه حتى عام 1075 ق.م. ويضم 63 مقبرة على أقل تقدير، بداية من مقبرة تحتمس الأول (ولربما قبل ذلك التاريخ أيضا وتحديدا إبان عصر أمنحتب الأول) ونهاية بعهد رمسيس العاشر أو رمسيس الحادي عشر، إلا أن عمليات الدفن قد استمرت لأفراد لا يمتون بصلة للأسر الحاكمة في مقابر مغتصبة بعد هذا التاريخ.
‎وعلى الرغم من الاسم إلا أن وادي الملوك لا يضم مقابر للملوك فحسب؛ بل يضم مقابر للنبلاء المقربين للملوك بالإضافة لمقابر تضم زوجات الملوك وأبنائهم وكذلك زوجات النبلاء وأبنائهم وعليه فإن المقابر الفعلية التي تضم رفات الملوك والنبلاء وأعضاء الأسر الحاكمة لا يتعدى عددهم العشرين مقبرة في حين تشكل القبور التي لم يتم تحديد هوية أصحابها وكذلك المومياوات المحنطة والمدفونة في حفر بجوف الأرض باقي المقابر وغرف الدفن التي تم الكشف عنها.
‎ومع بداية عهد رمسيس الأول (قرابة عام 1301 ق.م.) بدأ العمل بشكل منفصل في تشييد وادي الملكات على مقربة من وادي الملوك. 
‎المدينة الجنائزية الملكية:
‎عرف وادي الملوك قديما باسم المدينة الجنائزية الملكية العظمى لملايين السنين من حياة الفرعون وقوته وصحته بغرب طيبة (اسم المدينة بالهيروغليفية مكتوب بالأسفل) كما عرف أيضا باسم تا سيخت ماعت "أي الوادي العظيم" وكان هذا هو الاسم الأكثر انتشارا.
‎في أوائل عصر الأسرة الثامنة عشر كان الملوك وحدهم من يدفنون في مقابر كبيرة، وعند دفن أحد الأفراد خارج أعضاء الأسرة الحاكمة كان عادة ما يدفن في حجرة منحوتة من الصخر بجوار مقبرة سيده، كما جرت العادة أن يدفن الملك في مقبرة بجوار مقبرة أبيه ويبرهن على ذلك مقبرة أمنحتب الثالث والتي تم تشييدها في الوادي الغربي، وعندما تقلد ابنه إخناتون سدة الحكم قام بنقل مقبرته الشخصية إلى العمارنة ومن ثم يعتقد بإن المقبرة غير المكتملة (مقبرة 25) هي المقبرة التي أعدت مسبقا له، ومع العودة إلى الديانة المصرية الأصلية في نهاية عصر الأسرة الثامنة عشرة عاد الملوك ليدفنوا في المدينة الجنائزية وكان على رأس هؤلاء الملوك توت عنخ أمون وخپر خپرو رع آي وحورمحب.
‎وشهد عصر الأسرتين التاسعة عشرة والعشرين زيادة في عدد المقابر المشيدة سواء بوادي الملوك أو الملكات، بداية من عهد رمسيس الثاني ومن بعده رمسيس الثالث اللذان قاما ببناء مقبرتين هائلتين لهما ولأولادهما من بعد وهما المقبرتان مقبرة 5 ومقبرة 3 على الترتيب، كما يوجد العديد من الملوك الذين لم يدفنوا في المدينة الجنائزية أو لم يتم الاستدلال على مقابرهم بعد؛ فمثلا هناك زعم بأن تحتمس الثاني دفن في منطقة ذراع أبو النجا (على الرغم من العثور على مومياته الملكية في الجبانة الملكية بالدير البحري)، كما لم يتم الاستدلال على موقع دفن سمنخ كا رع وكذلك رمسيس الثامن والذي يرجح دفنه في منطقة مغايرة للمدينة الجنائزية.
‎وتماشيا مع الشعائر الدينية الأصيلة منذ عصر بناة الأهرامات حيث كان يلحق معبدا جنائزيا بجوار الهرم، استمرت التقوس نفسها في العصور المتتالية ولكن مع العمل على إخفاء مقبرة الملك عمدا، شيدت هذه المعابد على مسافة بعيدة من موقع الدفن الأساسي وقريبا من الأراضي الزراعية المواجهة لمدينة طيبة، وتحولت هذه المعابد لمزارات أثناء الأعياد المختلفة التي أقيمت في المدينة الجنائزية كعيد الوادي الجميل والذي يحتفل فيه بالإله آمون-رع وقرينيه موط وخونسو بترك معبد الكرنك لزيارة معابد الملوك المتنيحين بالضفة الغربية للنيل وضرائحهم بالمدينة الجنائزية.
‎ويرجع الفضل في إنشاء هذه المقابر وتزيينها بالنقوش واللوحات الجدارية إلى عمال قرية دير المدينة الواقعة في الوادي الضيق الذي يفصل بين وادي الملوك ووادي الملكات بمواجهة طيبة وكان العمال يتنقلون بين قريتهم ومحل عملهم عن طريق طرق معبدة بين تلال طيبة، وتم معرفة الكثير عن هؤلاء العمال من خلال السجلات والوثائق الرسمية التي تم العثور عليها في المقابر، ومن ضمن هذه الوثائق وثيقة تتحدث عن إضراب للعمال ربما يكون الأول في تاريخ البشرية وهي الوثيقة المعروفة عالميا باسم بردية إضراب تورينو.
‎تعتبر منطقة وادي الملوك واحدة من أكبر مناطق الاستكشافات الأثرية المتعلقة بعلم المصريات على مدار القرنين الأخيرين، بعد أن كانت مجرد مزارا سياحيا في العصور القديمة (خاصة أيام العصر الروماني)، كما كانت هذه المنطقة شاهدا على التحول الذي طال منهجية دراسة تاريخ مصر القديمة والذي بدأ من سرقة الآثار ونهب المقابر حتى وصل إلى ما عليه الآن من استكشافات علمية أزاحت الستار عن مدينة طيبة الجنائزية بأكملها، وعلى الرغم من هذه الاستكشافات كلها إلا أنه لم يتم توثيق أكثر من إحدى عشرة مقبرة بشكل كامل بعد معرفة كل التفاصيل المتعلقة بها وبأصحابها.
‎وتحوي العديد من المقابر نقوشا على جدرانها خلفها السائحون منذ زمن بعيد، حيث حدد الباحث چول بايليه أكثر من 2100 نقشا على جدران المقابر باللغتين اللاتينية واليونانية علاوة على عدد أقل من النقوش بلغات أخرى مثل الفينيقية والقبطية وبعض اللغات الأخرى، ووجد أغلب تلك النقوش في المقبرة مقبرة 9 والتي عثر فيها على قرابة الألف نقش يرجع تاريخ أقدمها إلى حوالي عام 278 ق.م.
‎وبحلول عام 1799 تم رسم أول خريطة لمواقع المقابر المكتشفة حتى ذلك الوقت ويرجع هذا العمل لعلماء الحملة الفرنسية على مصر وخاصة دومينيك ڤيڤانت كما لوحظ لأول مرة وجود الوادي الغربي (حيث حدد كلا من پروسپير چولواه وإدوارد دو ڤيلييه دو تيراچ موقع مقبرة أمنحتب الثالث والمعروفة بالمقبرة 22)،[42] كما ضم وصف مصر مجلدين من أصل أربعة وعشرين مجلدا يحويان تدوينا كاملا لملاحظات علماء الحملة ووصفهم للمنطقة المحيطة بطيبة.
‎واستمرت الحملات الكشفية الأوروبية بعد هذا التاريخ مع أوائل القرن التاسع عشر بدافع من نجاح شامبليون في فك رموز كتابة اللغة الهيروغليفية، فبدأت الحملات الكشفية بقيادة بلزوني موكلا من قبل هنري سولت، وبالفعل تمكن بلزوني من اكتشاف العديد من المقابر منها؛ مقبرة خپر خپرو رع آي بالوادي الغربي (مقبرة 23) عام 1816 ثم مقبرة سيتي الأول (مقبرة 17) في العام التالي، ومع نهاية زيارته للمنطقة أعلن بلزوني أن ما تم العثور عليه خلال هذه الحملة الاستكشافية هو أقصى ما يمكن العثور عليه ولم يبق شيئا آخر ذو قيمة للتنقيب عنه، ويذكر أن في تلك الأثناء نفسها كان القنصل العام الفرنسي برناردينو دروفيتي (غريم بلزوني وسولت) يعمل بشكل منفرد هو الآخر في نفس منطقة البحث.
‎ومع إعادة تولية جاستون ماسبيرو لرئاسة مصلحة الآثار المصرية تغير أسلوب التنقيب في الوادي، حيث قام ماسبيرو بتعيين هوارد كارتر رئيسا للمفتشين بمصر العليا،و بالفعل نجح الشاب في اكتشاف العديد من المقابر الجديدة علاوة على مساهماته في الكشف عن المقبرتين مقبرة 42 ومقبرة 20.
‎ومع إشراقة فجر القرن العشرين، نجح المحامي الأمريكي ثيودور ديفيز في الحصول على إذن بالبحث والتنقيب في المنطقة من الحكومة المصرية، ونجح فريقه بقيادة عالم المصريات البريطاني إدوارد راسل آيرتون في الكشف عن العديد من المقابر الملكية والغير ملكية (منها المقبرة 43 والمقبرة 46 والمقبرة 57)، كما نجحوا في العثور على دلائل لجبانة عصر العمارنة في المقبرة 55، بعدها قاموا باستخراج ما تبقى من آثار توت عنخ أمون المدفونة من المقبرتين مقبرة 54 ومقبرة 58 وأعلنوا بذلك نهاية الاستكشافات بوادي الملوك إلى الأبد وعدم إمكانية العثور على أي آثار أو مقابر أخرى.
‎وبعد وفاة ديفيز مطلع عام 1915 حصل جورج هيربرت (إيرل كرنرفون الخامس) على حق امتياز البحث والتنقيب في وادي الملوك وقام بتعيين هوارد كارتر على رأس فريقه من المستكشفين، وبالفعل تمكن الفريق من العثور على المقبرة الحقيقية لتوت عنخ أمون والمعروفة بالمقبرة 62 في نوفمبر من عام 1922.
‎واستمرت العديد من البعثات الكشفية في التنقيب والبحث حتى وقتنا الحالي مضيفة العديد من المعلومات والحقائق عن هذه المنطقة حتى جاء مشروع تخطيط طيبة عام 2001 وقام بوضع العديد من اللوحات الإرشادية التي تقدم الكثير من المعلومات والخرائط للمقابر المفتوحة. 
‎تطوير المقابر:
‎الموقع:
‎شيدت المقابر الأولى داخل الشقوق الموجودة أعلى منحدرات ركام الانهيارات الحجرية وأسفل شلالات كانت تغذيها مياه الأمطار من قبل (مثال على ذلك المقبرتين مقبرة 34 ومقبرة 43)، ومع استنفاذ هذه المساحة بدأ تشييد المقابر على أرض الوادي نفسه ثم عاد تدريجيا في الصعود على المنحدرات مرة أخرى عندما بدأت رواسب الفيضانات في ملئ أرضية الوادي، ويدلل على هذه النظرية العثور على مقبرتين؛ مقبرة 62 ومقبرة 63 مشيدتين بأرضية الوادي.
‎التصميم:
‎صممت المقابر عادة على نحو ممر طويل هابط محفور داخل الصخور مخترقا ردهة أو أكثر (يماثل في ذلك رحلة إله الشمس نحو العالم السفلي) وينتهي عند حجرة الدفن، وفي البداية كانت تلك الممرات تدور بمعدل 90 درجة على الأقل مرة واحدة خلال مسيرتها نحو حجرة الدفن (كالمقبرة مقبرة 43 الخاصة بتحوتمس الرابع)، كما كانت حجرة الدفن خرطوشية الشكل خاصة في المقابر الأكثر قدما وأوائل المقابر التي تم تشييدها بوادي الملوك (يمكن رؤية هذا أيضا داخل مقبرة تحوتمس الرابع)، وعرف هذا التصميم في تشييد المقابر باسم نظام "المحور المقوس"، وبعد الانتهاء من دفن المومياء يملئ الجزء الأعلى من الممر المؤدي إلى الحجرة الفن بالأنقاض ثم إخفاء باب المقبرة تحت الرمال، وفي نهاية حقبة العمارنة بدأ التخلي عن نظام "المحور المقوس" في تصميم المقابر وبدأ المهندسون في تصميم مقابر أكثر استقامة بصورة تدريجية معتمدين في ذلك على نظام "المحور المهرول" في الجزء الأوسط من المقبرة (وتعد مقبرة 57 الخاصة بحورمحب نموزجا مثاليا لهذا التصميم وهي من المقابر التي يتم فتح أبوابها للزوار في بعض الأحيان) حتى تبنوا نظام "المحور المستقيم" في تشييد المقابر الخاصة بأواخر ملوك الأسرة التاسعة عشر وملوك الأسرة العشرين (كما هو الحال في المقبرتين مقبرة 11 ومقبرة 6 الخاصتين برمسيس الثالث ورمسيس التاسع على الترتيب)، ومع استقامة محور المقبرة تضائلت زاوية ميل الممرات بها حتى اختفى هذا الميل تماما في مقابر ملوك الأسرة العشرين، كما تعد الآبار المحفورة بالداخل من السمات المميزة لمقابر تلك المنطقة وكان الهدف من وراء ذلك هو تقليل كمية مياه الفيضان التي تصل لأسفل حجرة الدفن ثم أضيفت على هذه الآبار صبغة دينية سحرية، حيث اعتبرت آبارا تبتلع أرواح اللصوص والعابثين بقبور الملوك ومنها أيضا تزلف روح المتوفي إلى جسده، وعلى الرغم من أن هذه البئر لم يتم حفرها داخل بعض المقابر الخاصة بالأسرة العشرين إلا أن الغرفة التي جرت العادة على حفر البئر بداخلها ظلت موجودة في تلك المقابر.
‎الزخارف:
‎زينت أغلب المقابر الملكية بالصور والنصوص الدينية؛ فالمقابر الأولى زينت بمشاهد من الآمدوات والذي يعني بالهيروغليفية (هذا الذي في العالم السفلي) وتصف هذه المشاهد رحلة إله الشمس خلال الإثنتى عشرة ساعة المظلمة حتى مطلع الفجر، ومع بداية عصر حورمحب بدأ تزيين المقابر بمناظر مستوحاة من كتاب البوابات والذي يصور عبور إله الشمس من بوابات الظلام الإثنتى عشر التي تقسم الليل حتى صعوده للسماء في مطلع اليوم الجديد ومن ثم يرسل الطمأنينة على صاحب المقبرة وينجيه من وحشة الليل، والجدير بالذكر هنا أن المقابر الملكية الأولى بوادي الملوك كانت قليلة الزخارف في حين كانت المقابر الغير ملكية غير مزخرفة على الإطلاق.
‎وبحلول عصر الأسرة التاسعة عشر أضيفت نصوص كتاب الكهوف إلى الجزء العلوي من المقبرة وهي نصوص دينية تصف العالم السفلي مقسما لستة كهوف شديدة الكبر يجتمع فيها الألهة والبشر في انتظار صعود إله الشمس إلى السماء ليبعثهم جميعا للحياة من جديد، وقد تم العثور على النصوص الكاملة لكتاب الكهوف في مقبرة رمسيس السادس، في حين تظهر مقبرة رمسيس الثالث نصوصا من كتاب الأرض والذي يصف العالم السفلي مقسما لأربعة أقسام وتنتهي النصوص بانتشال الإله نو لقرص الشمس من الأرض ويصعد به للسماء لتبدأ الحياة الأبدية.
‎ومع بداية عصر سيتي الأول بدأ تزيين أسقف المقابر بمشاهد ونصوص دينية مستوحاة من كتاب السماوات والذي يصف مجددا رحلة إله الشمس خلال ساعات الليل الإثنتي عشر حتى صعوده للسماء مرة أخرى، كما ظهرت لأول مرة عبارات من صلاة رع على جدران المقابر لأول مرة وهي من النصوص الجنائزية الطويلة التي تمثل مناجاة المتوفي لإله الشمس طالبا منه أن يبعثه مجددا للحياة.