رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الصحافة قوة مصر الناعمة في عصر إبراهيم نافع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل توقيت الرحيل اختيارى؟
أعتقد أن رحيل الأستاذ إبراهيم نافع فى اللحظات الأولى من العام الجديد ٢٠١٨ يعني الكثير لدى الأهراميين، حيث كان هذا التوقيت أحد أهم الأعياد السنوية فى الأهرام الخاصة بصرف الحوافز والأرباح. لكن منذ رحيل نافع عن الأهرام راحت الحوافز وضاعت الأرباح. وحتى الآن لم تعرف الأهرام ولا الأهراميون سبيلا لقائد يعود بالأهرام إلى ما كانت عليه تحت قيادة هذا الاقتصادى الفذ الذى حول الأهرام من جريدة إلى مؤسسه اقتصادية وصحفية ومالية عملاقة. تحمل على عاتقها مسئولية قوة مصر الناعمة فى الداخل والخارح.
الأهرام فى عهد نافع كانت القوة الناعمة الأولى لمصر حيث تعددت الإصدارات ما بين سياسية واقتصادية واجتماعية ورياضية شكلت وعى ووجدان المصريين فى المجالات كل من مجلة نصف الدنيا الخاصة بالمرأة إلى مجلة علاء الدين المعنية بالطفل. ووصلت إصدارات الأهرام إلى الناطقين باللغتين الإنجليزية والفرنسية من خلال الأهرام إبدو والأهرام ويكلي. 
وعلى المستوى العربى أطلق الأستاذ إبراهيم نافع مجلة الأهرام العربى فى نهاية التسعينيات لتكون صوت مصر إلى العرب وصوت العرب إلى مصر. ويكفى أن نشير إلى أنه لا توجد مطبوعة صحفية عربية بعد إغلاق مجلة الوسط منذ سنوات عدة تعنى بالشأن العربى حاليا وتهتم بالقضايا العربية إلا الأهرام العربي. من العراق إلى ليبيا واليمن وسوريا وفلسطين.
كما رفع إبراهيم نافع عددا الصحفيين العاملين بالأهرام. من العشرات إلى عشرات المئات للعمل بالإصدارات الجديدة التى تطلقها مؤسسة الأهرام بشكل مستمر. فساهم فى خلق فرص عمل للشباب الصحفيين. ليس هذا فحسب بل إنه سمح بسفر المئات من الصحفيين المصريين إلى دول الخليج للمساهمة فى تطوير المهنة بتلك الدول وتشكيل وجدان شعوبها ونقل الثقافة والقيم والفنون المصرية إليها من خلال القوة الناعمة للصحافة المصرية.
وفى السياق ذاته لا ننسى دور الأستاذ إبراهيم نافع فى خدمة القضايا المصرية إبان رئاسته الطويلة لاتحاد الصحفيين العرب لأكثر من فترة. 
وكانت حوارات الأستاذ إبراهيم نافع مع رؤساء الدول العربية والأجنبية عبر صفحات الأهرام طوال أكثر من ٢٥ عاما أحد أهم عناصر القوة الناعمة المصرية لأن هذه الحوارات لم تكن تخلو من توجيهات رئاسية فى قضايا تريد إيصالها أو رسائل ترغب فى إبلاغها من خلال صفحات الأهرام وكانت الأهرام فى عهد نافع الجريدة شبه الرسمية للدولة المصرية.وكان كل ما ينشر بالأهرام يعبر عن وجهة نظر الدولة المصرية.
وحقق الأستاذ إبراهيم نافع نجاحات لم يحققها أحد غيره إذ يكفية شرفا أنه تم تصنيفه واحدا من أهم أعداء السامية، بسبب موقفه المناهض لإسرائيل فى عموده بهدوء بصفة خاصة ومن خلال موقف الأهرام بشكل عام.
وعلى المستوى النقابى سيظل مبنى النقابة شاهدا على أداء هذا الرجل الفذ فلولاه ما كان لهذا المبنى أن يرى النور، حيث طلب من الدولة أن تقوم الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بإقامة هذا المبنى دون أن يتحمل الصحفيون أى تكاليف أو أعباء مادية. لتظل النقابة رمزا لتلك القوة الناعمة التى تلعبها الصحافة المصرية ورغم ذلك كان إبراهيم نافع أول الرافضين لقانون الحبس الاحتياطى ٩٣ لسنة ٩٥. وكان له دور قوى فى إلغاء هذا القانون. وفى عهد نافع كان للصحفى وللصحافة مكانة وقيمة فى المجتمع وكانت الصحافة السلطة الرابعة بنص الدستور. قبل أن يتم إلغاء هذا النص فى الدستور الحالي.
وبعد أحداث يناير وجه بعض الناس اتهامات كيدية إلى الأستاذ إبراهيم نافع فى لحظة عرفت فيها مصر الانتقام والحقد. لحظة نسيت فيها مصر أنها مصر. وتم اتهامه فى شرفه وعرضه وسافر إلى خارج الوطن فى رحلة علاج طويلة. وقد كان يتمنى أن يكون فى بلده فى آخر أيامه. لكن شاء الله أن يرحل عن عالمنا وهو فى الخارج. وهو الآن فى ذمة الله لكنه سيبقى فى ذاكرة الوطن ووجدان تلاميذه ومحبيه. 
رحم الله أستاذنا ونقيبنا إبراهيم نافع.