رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"سيدات داعش" و"نساء الإخوان".. إرهاب الجنس الناعم (ملف)

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كعادة التنظيمات الإرهابية، والمتطرفين، ومحتكرى المعرفة بالدين والشرع، لجأ منظرو الجماعات المتطرفة إلى تبرير استخدام النساء فى أعمالهم التخرييبة. ويعد «داعش» أحدث الجماعات الإرهابية التى لجأت إلى تجنيد المرأة، لتعويض خسائر التنظيم بعد الهزائم المتلاحقة التى تعرض لها مؤخرا، فى سوريا والعراق، وفقدانه لعدد كبير من أعضائه الرجال. وسبق تنظيم القاعدة الدواعش فى تجنيد النساء، خاصة بعد التصريحات التى أطلقها يوسف آل إيرى، أول أمير للقاعدة فى جزيرة العرب، التى أكد فيها أن نساء التنظيم تعد أكبر قوة فى التجنيد عبر الإنترنت، بل وتخطين هذا الدور إلى تنفيذ عمليات فعلية، خاصة فى سوريا. ولم تتوان جماعة الإخوان الإرهابية هى الأخرى عن استخدام وتجنيد النساء بالتنظيم، منذ تأسيس أول فرقة للأخوات المسلمات عام 1933، برئاسة لبيبة أحمد.
ثم تعاقب على رئاسة الفرقة بعد ذلك، آمال العشماوى، ونعيمة الهضيبى، وفاطمة عبدالهادى، ثم زينب الغزالى، والتى تعد أبرز «الأخوات» بالتنظيم الإرهابى.
"البوابة نويز" تفتح الملف لتكشف استخدام النساء فى التنظيمات الإرهابية، وكيفية تجنيدهن واستقطابهن، والأدوار التى يقمن بها.
«سيدات داعش».. الغاية تبرر الوسيلة
بعد فشل تكتيكاته الإرهابية، فى إقامة دولة الخلافة المزعومة، لجأ تنظيم «داعش» إلى النساء، كأحد الخيارات، التى قد تساعده فى التمويه من جهة، وتعويض النقص الشديد فى مقاتليه الرجال، من جهة أخرى.
وكشفت دراسة نشرتها شركة «IHS Markit» البريطانية للأبحاث، فى سبتمبر الماضي، عن أن تنظيم داعش الإرهابي، بات يزج بالمرأة إلى معترك القتال، بعدما فقد كثيرا من عناصره الرجال فى المعارك الأخيرة بسوريا والعراق.
وأوضحت الدراسة أن ما يقوم به «داعش» يشكل تغييرا كبيرا، لا سيما أن للتنظيم الإرهابى نظرة متشددة وضيقة تجاه أدوار النساء، بالإضافة إلى أن هذا التطور يكشف أيضا مدى الأزمة، التى يعيشها التنظيم. وحسب المحلل «لودوفيكو كارلينو» فى قسم رصد النزاعات بشركة IHS Markit»، فإن الاستعانة بالنساء، جرى بعد مصرع الكثيرين من مقاتلى داعش، قائلا: «إن المتطرفين يحاولون تدارك ما تكبدوا من خسارة». وبجانب الدراسة التى تؤكد وجود استراتيجية جديدة لدى داعش تعتمد على المرأة بشكل كبير فى المرحلة المقبلة، فإن مجلة «رومية»، التابعة للتنظيم على الإنترنت، تحدثت أيضا عن دور المرأة فى الأوقات الحرجة، وأهمية مساهمتهن فى الحروب. 
وسبق لتنظيم «داعش» الإرهابي، أن استخدم النساء فى تنفيذ هجمات انتحارية، ففى معركة الموصل فى شمال العراق، نفذت النساء ٤٠ فى المائة من الهجمات الانتحارية هناك.
ويبقى التساؤل: لماذا تنضم الفتيات للتنظيمات الإرهابية، وما أدوارهن داخل التنظيمات، والمنطلقات الفكرية، التى يعتمدن عليها؟
تتوافر بعض الأرقام عن عدد النساء فى تنظيم داعش، باعتباره، التنظيم، الذى حظى باهتمام كبير على المستوى المحلى والدولي، فضلًا عن التطورات الأخيرة، التى طرأت على دور «المرأة» فى التنظيم، وانتقالها من صفوف ثانوية وأدوار تقليدية فى بعض التنظيمات، مثل القاعدة والإخوان، بوصفها ربة منزل ومربية أطفال إلى المرأة المهاجرة، وظاهرة «نفير النساء»، وصولا إلى المرأة الانتحارية.
وأصدرت لجنة مكافحة الإرهاب فى مجلس الأمن الدولى، تقريرًا فى ٢٠١٦، عن عدد النساء فى داعش، وأشارت إلى التحاق أكثر من ٥٥٠ امرأة من الدول الأوروبية، وأن حوالى ثلث أعضاء التنظيم، والذى يقدر عددهن بحوالى ٣٠ ألفًا من النساء. وأوضحت دراسة منفصلة نُشرت عام ٢٠١٦، أن النساء شكلن ما متوسطه ١٧ ٪ من ٤٢٩٤ مقاتلا أجنبيا قادما من ١١ دولة أوروبية، أى حوالى ألف امرأة، ولا يشمل ذلك القادمات من وسط وجنوب غرب آسيا وأفريقيا والخليج.
دور المرأة داخل التنظيمات الإرهابية 
تركزت أدوار المرأة داخل التنظيمات الإرهابية، فى البداية على القيام بدور الأمومة، وهى وظيفة نفسية لتعزيز الروح والأفكار المتطرفة، فى الجيل الصاعد من الإرهابيين. 
ومع الوقت، أصبحت المرأة عاملا مهما لدى التنظيمات الإرهابية، للترويج لنفسها، وجذب الانتباه، فاتبعت استراتيجية النساء الانتحاريات، وتصوير فيديوهات لهن، فى محاولة لكسر الصورة النمطية، لهذه التنظيمات، وكذلك لإعطاء صورة جديدة لها، وأنها لا تقوم باستعباد المرأة، بل تسعى لتعليمها، حسب ادعائها.
ومن الأدوار، التى تلعبها المرأة داخل التنظيمات الإرهابية، حفظ الأمن، أو «الشرطة النسائية»، عند خروج الرجال للقتال، والتمريض، والطب، والتعليم، الذى تتولى فيه تقديم ما يسمى «التعليم الشرعي» للمرأة، وأن المرأة تقوم بالتدريس لأخرى، وذلك لمنع الاختلاط.
وظلت قضية استخدام المرأة فى الأعمال العسكرية، مثار جدل داخل التنظيمات الإرهابية بين فتاوى مؤيدة، وفتاوى مضادة، إلا أن بعض التنظيمات، مثل القاعدة، تخلت عن أفكارها، فى تحريم وجود المرأة كمقاتل، ودفع الصراع داخل سوريا «جبهة النصرة» المنتمية للقاعدة، إلى تكوين كتائب نسائية عسكرية خاصة، وفى عام ٢٠٠٥، أباح تنظيم القاعدة استخدام النساء كانتحاريات، من قبل أبو مصعب الزرقاوي، زعيم التنظيم فى العراق.
وتلعب نساء القاعدة دورا بارزا فى التنظيم، بل يعتبر هذا الدور، سمة أساسية للقاعدة، وقد سلط «يوسف آلـ إيري»، أول أمير للقاعدة فى جزيرة العرب، الضوء على أهمية دور المرأة فى التنظيم وكتب رسالة مفتوحة بعنوان «دور المرأة فى الجهاد ضد العدو»، وقال فيها: «إن المرأة إذا كانت مقتنعة بشيء فلا بد أن تقتنع بأنها أكبر مصدر للقوة للرجل، وقد أصبحت نساء القاعدة أكبر قوة رئيسية فى التجنيد عبر الإنترنت، بل، وتخطين هذا الدور إلى تنفيذ عمليات فعلية، وظهر ذلك بوضوح فى سوريا».
وخالف «آلـ إيرى» بذلك، فتاوى بعض رجال التنظيم، مثل يوسف العييري، الذى أصدر بيانا، قال فيه: «نحن لا نريد منك أن تدخلى أرض المعركة، لما فيه من تبذل وفتنة»، إلا أن مجموعة من النسوة خرجن ببيان، تحت اسم «رفيقات الجنان»، لمساندة موقف الإرهابية «ندى القحطاني» من السعودية، التى قررت السفر للقتال فى سوريا، وقلن: «إن نفير المرأة المسلمة إلى الشام، إنما هو شأن خاص، ولها الحرية فى الإقبال على ذلك طالما كان دون معصية».
كتيبة الخنساء
مع صعود تنظيم «داعش» فى العراق وسوريا، برز الدور العسكرى لنساء «القاعدة» و«داعش»، وارتفعت أعداد الانتحاريات، اللاتى يقمن بعمليات إرهابية، إذ أظهرت البيانات، أنه فى عام ٢٠١٦، قامت ٢٩ امرأة على الأقل بتفجير انتحاري.
وتطورت ممارسات الكتائب النسائية «الداعشية»، مثل كتيبة «الخنساء»، التى تقودها امرأة تونسية تدعى «أم ريان»، وتأسست عام ٢٠١٤ وتتكون عناصرها من الجنسيات التونسية والأوروبية والشيشانية، وغيرها، وبدأت كمجموعة، مهمتها الانتشار فى شوارع وأسواق مدينة الرقة فى شمال سوريا، ثم تطورت إلى إقامة الحدود والعقاب، كالجلد والسجن، وكذلك التعذيب، ثم أصبحت جزءا من الكتائب المشاركة فى القتال والعمليات العسكرية وتدريب المجموعات النسائية على حمل السلاح، بجانب أن للكتيبة مشاركات فاعلة ضمن منصات الإنترنت. وعقب سيطرة داعش على الموصل فى يونيو ٢٠١٤، انضم إلى كتيبة «الخنساء»، نسبة كبيرة من النساء، تم قبولهن للعمل، بعد تهيئة المؤسسات لمنع الاختلاط وتوفر الشروط الشرعية فى مكان العمل. وتراوحت الرواتب، التى تتقاضاها عناصرها ما بين ٢٠٠ و٦٠٠ دولار. 
وورد فى وثائق التنظيم، الصادرة عن ديوان الدعوة والمساجد، المخصصة لسرد قصص ما يسمى «الجهاديات»، أن إحدى بنات أم خالد الوهاجى المغربية، التى تعمل فى جهاز الحسبة فى الرقة، نفذت عملية استشهادية ضد قوات حماية الشعب الكردية فى مدينة كوبانى فى شمال سوريا، ومن بين إحدى مهام «كتيبة الخنساء»، العمل الاستخبارى لتتبع الجواسيس، والكشف عنهم.
«نساء الإخوان».. عصابة تحت الطلب 
فى أعقاب ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، والإطاحة بحكم محمد مرسي، تصاعد دور المرأة داخل جماعة «الإخوان» الإرهابية، أو من يطلق عليهن «الأخوات»، بشكل كبير، وظهر ذلك من خلال نشاطهن المكثف بالجامعات، وصور العنف التى انتهجتها طالبات الجماعة بجامعة الأزهر، وكان أبرزها محاصرة مكاتب عمداء الكليات، وإغلاق بوابات الجامعة الرئيسية بالسلاسل، ومهاجمة رجال الشرطة، واستخدام الطبول لتعطيل الدراسة. 
ولم يقف الأمر عند ذلك، بل قام بعض منهن بالقفز فوق أسوار الجامعة، وقذف رذاذ الفلفل الحارق على وجه الطالبات المعارضات لهن، واشتبكت «طالبات الإخوان» فى جامعة الأزهر كذلك مع عدد من الأكاديميات، ورفعن لافتات، قلن فيها، إنهن «قادرات على تحقيق حلم عودة الإخوان للسلطة»، حسب زعمهن.
ووصل الحال إلى تحريض بعضهن على العنف ضد الدولة، إذ قدم طارق محمود «المستشار القانونى للجبهة الشعبية لمناهضة أخونة مصر»، بلاغًا إلى النائب العام ضد «عزة توفيق» زوجة القيادى الإخوانى «خيرت الشاطر» برقم ٢٨٢٠ لسنة ٢٠١٤، وذلك على إثر تصريحات لها على مواقع إخبارية، حرضت فيها على العنف. 
وكانت «توفيق» أمهلت السلطات المصرية (٢٠) ساعة لعودة جماعة الإخوان إلى الحكم، وإلاَّ ستتحول مصر إلى بركة من الدماء، حسب ادعائها، إلى جانب اعترافاتها، التى استند إليها طارق محمود فى بلاغه، بوجود (٢٠) ألف جهادى على الحدود، مستعدون للقيام بعمليات إرهابية، وأن هؤلاء على استعداد لتنفيذ العمليات فور تلقيهم التعليمات من جماعة «الإخوان».
تأسيس قسم لهن
يتضح دور «الأخوات» بشكل أكبر، عند النظر إلى تاريخ الجماعة، إذ تأسست أول فرقة للأخوات عام ١٩٣٣، من نساء الإخوان وبناتهن وقريباتهن، وترأس هذا القسم لأول مرة امرأة تدعى لبيبة أحمد، وتعاقب على رئاسة القسم لهن بعد ذلك، آمال العشماوى، ونعيمة الهضيبى، وفاطمة عبدالهادى، ثم زينب الغزالى. واقتصر دور المرأة منذ إنشاء القسم وحتى عام ١٩٤٤، على تعاليم مؤسس الجماعة حسن البنا، والتى تقوم على أن دورها هو المنزل وتربية الأولاد ورعاية الأسرة، وعلى رأسها الزوج، من منطلق أن البيت هو الأساس الأول فى إعداد الرجال، وهذا ما أكدته فاطمة عبدالهادى فى مذاكرتها، تحت عنوان «رحلتى مع الأخوات من الإمام حسن البنا إلى سجون عبدالناصر»، والتى كشفت فيها أن دور المرأة فى الجماعة، لم يتخط الحفاظ على الكيان الأسرى والعائلى لأفراد الجماعة. 
ممارسة العمل السياسى 
منذ تأسيس ما يسمى «فرقة الأخوات» عام ١٩٣٢، ركزت على الجانب الاجتماعي، ودعوة النساء إلى الجماعة فى الأماكن العامة والمؤسسات والهيئات الحكومية. وأسهم النشاط الاجتماعى لنساء الإخوان فى إنشاء شبكة عميقة وقوية للأخوات، أفادت الجماعة وقت صدامها مع الأنظمة الحاكمة، إذ استطاعت الأخوات التحرك بحرية أكبر فى جمع الأموال والتبرعات والإنفاق على أسر المعتقلين أو الهاربين. 
وبعد الصدام بين حكومة «ثورة يوليو» وجماعة الإخوان العام ١٩٥٤، وما نتج عنه من حملة اعتقالات ومحاكمات طالت أعضاء الجماعة، عمل قسم لهن داخل الجماعة على جمع التبرعات وإيصالها إلى بيوت الإخوان المعتقلين أو الهاربين. 
ومن أبرز الأدوار السياسية، التى لعبتها الأخوات المسلمات، كان عقب قرار حل الجماعة فى ١٩٤٨، إذ توجهت مجموعة من القسم إلى مجلس الوزراء وقصر الملك فاروق، حاملة رسالة من حسن البنَّا تدحض أسباب حل الجماعة العام ١٩٤٨. وفى العقود الأخيرة، تطور دور المرأة فى العمل السياسى، عندما قامت جماعة الإخوان بترشيح امرأة للمرة الأولى فى انتخابات عام ٢٠٠٠ البرلمانية، هى جيهان الحلفاوى، نتيجة للضغوطات من قبل العديد منهن.
أشهر نساء الإخوان
تعتبر زينب الغزالى «زوجة محمد سالم العضو فى جماعة الإخوان»، أبرز مثال على عملية تطور دور المرأة داخل الجماعة، وحجم العمل السياسى الذى بدأته فرقة الأخوات، والانزلاق إلى الصراعات الإيديولوجية. تمثل هذا الحضور فى دورها هى و«أمينة وحميدة قطب»، شقيقتا القيادى الإخوانى سيد قطب فى تنظيم ١٩٦٥ الشهير، الذى كان يخطط لبناء خلايا سرية لتغيير النظام، وكان السبب فى إعدام سيد قطب. 
وتطورت أدوار «الأخوات» داخل الجماعة، رغم تناقضها مع أدبيات حسن البنَّا بشأن دور المرأة، والذى لا يتجاوز اعتبارها زوجة وأمًا، وذلك انطلاقًا من تأثر بعضهن بأطروحات سيد قطب، وتعتبر زينب الغزالى من أشهر الأخوات اللواتى تأثرن بنهج قطب، وقد بايعت حسن البنا عام ١٩٤٨. وتقدم زينب الغزالى فى مذاكرتها بعنوان «أيام من حياتي»، إذ استخدمت مفاهيم سيد قطب بكثافة، مثل «الحاكمية والجاهلية والجهاد والدولة الإسلامية». وقالت زينب الغزالى فى مذكراتها: «كنا على قناعة كذلك بأن الأرض الإسلامية الملتزمة التزامًا كاملًا، كما كان الأمر فى عهد النبوة والخلافات الراشدة، لذلك وجب الجهاد على الجماعة المسلمة التى تحكم الله وتمكن لدينه فى الأرض حتى يعود جميع المسلمين للإسلام، فيقوم الدين القيم، لا شعارات، ولكن حقيقة عملية واقعة». وتنسجم الغزالى مع رؤية قطب حول أدوار المرأة فى المجتمع الإسلامى؛ فهى تقول: «ويوم يحكم الإسلام ستكون مواقع المرأة فى مملكتها الطبيعية لتربى رجال الأمة».