الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

يوساب الثاني.. البابا الـ115 أطاحت به الحاشية من كرسي مارمرقس

البابا يوساب الثاني
البابا يوساب الثاني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عشر سنوات قضاها البابا يوساب الثانى.. البابا الـ 115 على سدة مارمرقس فى الفترة من 1946 حتى 1956، وعقب وفاته ظل الكرسى البابوى شاغرًا ما يقرب من العامين والنصف عام.
البابا الذى ترهبن فى دير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر باسم القمص أقلاديوس الأنطوانى عام 1895، من مواليد قرية النغاميش التابعة لمركز البلينا محافظة سوهاج، وعاصر الملك فاروق الأول، والرئيسين محمد نجيب وجمال عبدالناصر.
كان يتقن اللغتين الفرنسية واليونانية، وسافَر فى بعثة إلى أثينا عام 1902، حيث درس ثلاث سنوات «العلوم اللاهوتية والتاريخ الكنسي»، وبعد عودته عام 1905 عيَّنهُ رئيس دير الأنبا أنطونى وكيلًا لأوقاف الدير بالقاهرة، ثم اختير رئيسًا لدير يافا فى فلسطين، بطلب من أنبا تيموثيئوس، مطران القدس، ليتم اختياره عام 1912 رئيسًا للأديرة القبطية بالقدس وسائر بلاد فلسطين.
فى عام 1920 رسم مطرانًا لإبراشية جرجا وأخميم، وأنشأ هناك المدارس الأولية والابتدائية والثانوية، وشيد كاتدرائية جرجا، وانتدبه البابا يوأنس لمصاحبته ضمن الوفد المرافق فى زيارة الحبشة عام 1929، ثم انتدبه للقيام على رأس وفد للكنيسة القبطية وتتويج الملك تفرى -الإمبراطور هيلاسلاسى- عام 1930.
البابا الذى نصب بطريركًا سنة 1946، باسم البابا يوساب الثاني، دخل فى عدة خلافات منذ وصوله لكرسى مارمرقس وصلت إلى ساحات المحاكم، بعد أن رفض البابا تسليم «القمص إبراهيم لوقا» و«المنياوى باشا» إدارة الأوقاف، ورفعا ضده قضايا فى المحاكم خسراها.
وفى أول أكتوبر سنة 1946، أرسل مذكرة إلى الملك، عقب إصدار وزير العدل بيانًا عن ترقيات رجال النيابة والقضاء، أشار فيه إلى نسبة الأقباط، كتب فيها عن خدمات الأقباط لمصر موضحًا خطورة بيان وزير العدل على وحدة الأمة المصرية، وطالب رئيس الوزراء بإصدار بيان يصحح فيه موقف الوزير، وهو الأمر الذى حظى باستجابة الحكومة وقتها.
ينسب له البعض الفضل فى بدء تدريس الدين المسيحى للطلبة المسيحيين فى جميع المدارس، وذلك بعد أن أرسل خِطابين فى عامى 1948، و1949 إلى وزير المعارف العمومية، حول شكواه من إلزام الطلبة المسيحيين بحضور دروس الدين الإسلامي، بل والامتحان فيها أحيانًا، واستجاب المسئولون للأمر.
وفى عهده تم بناء وتدشين الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية فى 9 نوفمبر 1952، بحضور مطران إثيويبا وأسقف هرر وأسقف أورشليم مبعوثى الإمبراطور هيلاسلاسي، إلى جانب مندوب رئيس الجمهورية محمد نجيب، يصحبه محافظ الإسكندرية وحكمدارها، كما تم حينها الكشف على مقبرة البابوات فيها.
كما قام بنقل مبنى الإكليركية من مقره فى منطقة مهمشة إلى المبنى الخاص على أرض الأنبا رويس عام1949، وبعد ثورة 1952 أقام بناء ضخما على أرض الأنبا رويس تتوسطه قاعة كُبرى دُعِيَت أولًا «القاعة اليوسابية»، ثم تحول اسمها إلى «القاعة المرقسية، وتم افتتاحها فى 13 فبراير عام 1953.
كما أرسل كاهنا لخدمة الأقباط الأرثوذكس فى جنوب إفريقيا، اعقبها أمرًا بابويًا بتعيين ثلاثة من الرهبان المثقفين المتضلعين فى اللغات الأجنبية، ليكون منهم «مكتب الاتصالات الخارجية»، وبدأ المكتب فعلًا بترجمة كتب الطقوس والقداس والعقائد للغة الإنجليزية لفائدة شعب كنيسة جنوب إفريقيا، ثم بعدها رُسِمَ القمص أيوب أسقفًا لجنوب إفريقيا باسم الأنبا مرقس.

ورغم إنجازاته إلا أن أحد «أذرعه» التى يثق فيها قام بالتصرف فى أوضاع البطريركية من رسامات كهنة، وتنقلاتهم وترشيح أساقفة وخلافه، بخلاف تزويره رسالة من البطريرك لعزل أحد الأساقفة الذين وقفوا فى وجهه، لينتهى الأمر بالقبض على هذا الخادم فى أغسطس 1953 لفترة، ثم مُنِع من دخول البطريركية.
وفى أواخر أيامه اشتد النزاع بينه وبين المجمع المقدس، بسبب رفضه بعض المطالب الإصلاحية، وذلك فى 25 سبتمبر 1954 لدرجة إغلاق باب البطريركية فى وجه أعضاء المجمع لمنعهم من الاجتماع، فقام المجمع يوم 27 سبتمبر 1955 بتعيين لجنة ثلاثية من الأساقفة مكونة من الأنبا أغابيوس مطران ديروط وصنبو وقسقام، والأنبا ميخائيل مطران أسيوط، والأنبا بنيامين مطران المنوفية، للقيام بأعمال البطريرك الذى سافر إلى دير المحرق باختياره.
وفى دوامة النزاع بين البابا والمجمع المقدس، قامت الحكومة بإلغاء سلطة المجالس الملية فى قضاء الأحوال الشخصية، وأصبحت لأول مرة من اختصاص المحاكم الوطنية.
وفى محاولة منه لتصحيح الوضع، دعا الأنبا يوساب لعقد مجمع داخل دير المحرق، وحضره ثلاثة عشر مطرانًا وأسقفًا من الأقباط وسبعة من الإثيوبيين، وفيه أعلن الأنبا يوساب أمام الجميع استغناءه عن «الحاشية»، إلا أن الأساقفة الذين لم يحضروا، بالإضافة للمجلس الملي، رفض فكرة عودة البابا لمقر رياسته، فأقام فى المستشفى القبطي، واقتصر دوره على القيام بالصلوات والشعائر الدينية فقط لمدة خمسة أشهر إلى أن تنيَّح بعد شهر من المرض. 
وقبل نياحته بيوم رأى الأطباء المعالجون أنه أقرب إلى الموت منه إلى الحياة، فاتفقوا مع آباء المجمع المقدس على نقله إلى الدار الباباوية ليموت من مقر رياسته صونًا لكرامة الكرسى المرقسي، ونُقِلَ إلى مقره الرسمى وهو ما زال فى غيبوبته، وبعد أربع وعشرين ساعة توفى فى 13 نوفمبر 1956.