الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

لماذا سقط العرب من رهانات نوبل؟

جائزة نوبل للأداب
جائزة نوبل للأداب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أسقط المراهنون على الفائز بجائزة نوبل هذا العام من رهاناتهم العرب. تجاهلوهم رغم أن الأعوام الماضية رسّخت أسطورة الشاعر السوري أدونيس كمرشح دائم للجائزة لا يُمكن الدفع بترشيحات دون وضع اسمه فيها؛ لكن هذه المرة تجاهلوهم في صمت، وتعالت الرهانات من جنسيات متعددة، إلى أن فاز بها البريطاني- الياباني كازوو تشيجيرو.
فتح فوز نجيب محفوظ بجائزة الآداب عام 1988 شهية العرب نحو الجائزة التي لم يفز بها منهم -حتى ذلك الوقت- سوى الرئيس الراحل أنور السادات الذي حصدها في السلام مناصفة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجين، ما جعلهم يعزفون عن الاحتفاء بها وصاحبها لموقفهم منه -والذي تأكدوا من خطئه فيما بعد- لكن الجائزة، التي وصِفت في الكثير من الأحيان بأنها غربية خالصة، أتت محفوظ الذي لم يرغب حتى في السفر واستلامها، وأرسل ابنتيه موضعه؛ لكن من يومها اقتصر الوجود العربي على ترشيحات لم يُعطها الغرب اهتمامًا، حتى مع تصريحات أدونيس النارية بين الحين والآخر.
ورغم أن العام الماضي فتح شهية العرب أكثر نحو الجائزة، بعدما تساءل الجميع عن القيمة الأدبية للمغني الأمريكي بوب ديلان الذي حصدها، لكن عودة الجائزة هذا العام لواحد من أهم أدباء اليابان عادت لتُثير تساؤلات حول معايير لجنة الأكاديمية السويدية لمنح الجائزة، بينما عاد العرب يتساءلون عن الإصرار على تجاهلهم. 
الحجة الجاهزة في هذا الأمر هي أن هناك من يضع العراقيل التي تحول دون وصول المرشحين العرب للفوز بالجائزة، وهي الحجة الأكثر قبولًا وشعبية لتفادي التشكيك بالمستوى الفني للأدب العربي؛ بينما يرى آخرون أن علينا الاعتراف بالحقيقة، وأن العرب لا يملكون القيمة المناسبة التي تُمكنّهم من الدخول في المنافسة العالمية وهو رأي العالم الغربي.
في واحدًا من أحاديثه قال الروائي صنع الله إبراهيم إنه "ليست هناك جوائز بريئة"، ومن قبله فتح عباس العقاد النار على الجائزة ولجنتها وشكك في مصداقيتها من خلال كتابه "جوائز الأدب العالمية"، والذي عقد فيه مقارنة بين عشرة كتاب حصلوا على جائزة نوبل للأدب وعشرة آخرين من غير الفائزين بها، وقارن بين مستوياتهم، وانتهى أن غير الحاصلين عليها متفوقين بمراحل متقدمة على الفائزين بها.
ويوافق رأي فاديم كوجينوف ما كتبه العقاد، فعقد في واحدة من مقالاته مقارنة بين الفائزين بالجائزة من بداية القرن العشرين حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، وكانوا أربعين شخصًا، ووضع قائمة يمينية للحائزين على الجائزة منهم سولي برودوم، وروديارد وكلبنج؛ ووضع قائمة يسارية بأسماء من عاشوا في نفس الفترة ولم يمنحوا الجائزة ومنهم هنريك إبسن، مارسيل بروست، برتولد بريخت، إميل زولا، فرانتس كافكا؛ ومع مرور الزمن رأينا أن غير الفائزين أهم بكثير من معاصريهم الذين اختارتهم لجنة نوبل؛ كذلك رأى كوجينوف أنه خلال تسعين سنة منح السويديون الجائزة لكاتبين آسيويين وكذلك لإفريقيين اثنين أيضًا داعيًا للإقرار صراحة بأن جائزة نوبل ظاهرة خاصة بأوروبا بما فيها الولايات المتحدة.
من وجهة النظر السياسية يرى أغلب العرب أن الجائزة مرتبطة بالتوجهات السياسية العالمية فيرون أن من فاز من العرب جاء لأنه يوافق رؤى الغرب؛ مثل ما قاله ماركيز "سامحوني إذا قلت إنني أخجل من ارتباط اسمي بجائزة نوبل"، كما وصفها برنارد شو بأنها جائزة مدمرة للذوق الأدبي السليم قائلًا "إنني أغفر لنوبل أنه اخترع الديناميت لكنني لا أغفر له أنه اخترع جائزة نوبل".
في واحدة من تقاريرها كذلك ألمحت وكالة الأنباء الفرنسية إلى عنصرية الجائزة وأعضاء اللجنة، فجاء في التقرير "منذ عام 1901 مالت لجنة نوبل التي تمنح جائزة الأدب إلى مكافأة كتاب غربيين ليسوا الأفضل بالضرورة"؛ بينما يؤكد المدافعون أن اللجنة تعتمد التفوق أساسًا الاختيار؛ حيث أن العرب منذ انهيار آخر إمبراطورية لهم في اسطنبول في مطلع القرن العشرين لم يمثلوا قوة ضاربة، ولم يعودوا يخدموا الإنسانية كما فعلوا على مدار القرون السابقة بينما تتزايد نسب الأمية وتتناقص نسب القراءة في العام لديهم؛ وفي مسألة الجهل هذه قال توفيق الحكيم "إن الشرق العربي يقف دائمًا من الغرب موقف السائل الذي يقول أعطني حريتي، أعطني استقلالي، أعطني علمًا، أعطني أفكارًا، أعطني مبادئ؛ بينما لو أن الشرق قال للغرب ذات مرة خذ مني فكرة تنفعك لنظر إليه الغرب نظرة احترام واهتمام".