الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

في اليوم العالمي للسياحة.. مواقعنا الأثرية: "تعالوا زورونا"

معبد هيبس بالوادى
معبد هيبس بالوادى الجديد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما تُذكر السياحة، يذكر اسم مصر، صاحبة أقدم حضارة عرفها التاريخ، والتى أشرقت من بين ضفتى نيلها الخالد شمس المعرفة، لتروى للعالم قصة شعب بنى المجد، وسبق كل حضارات العالم فى الطب والفلك والهندسة والعمارة، ، ولم تكن القوة العسكرية للجيش فى مصر القديمة بمعزل عن التقدم والتطور حيث عرفت مصر بجيشها القوى منذ آلاف السنين والذى كان له دور كبير فى فرض الاستقرار والأمان فى الداخل والخارج، وهو ما حبا مصر بمئات المواقع السياحية والأثرية بمختلف محافظاتها والتى تتربع أغلبها على قائمة التراث العالمي. 
وفى اليوم العالمى للسياحة والذى تحتفى به منظمة السياحة العالمية فى مثل هذا اليوم السابع والعشرين من سبتمبر من كل عام، تسلط «البوابة» الضوء على المزارات السياحية المصرية، وتقدم روشتة عدد من خبراء الآثار للاستفادة القصوى من هذه المواقع، وتطويرها لتحقق عائدًا ماديًا كبيرًا للدولة المصرية فى محاولة لتقديم مواقع أثرية لا تقل أهمية وروعة عن المعالم السياحية المصرية التى اكتسبت شهرة عالمية.

الوادى الجديد.. مناطق أثرية تمثل جميع العصور
لاتقل عن آثار الأقصر وأسوان.. وإهمال الصيانة والترميم حولها لمساكن أشباح
مناطق أثرية عديدة تمثل مختلف العصور الفرعونية والقبطية والإسلامية، فضلا عن الرومانية واليونانية، تزخر بها محافظة الوادى الجديد، وتتحول فى صمت لمساكن أشباح بعد أن هجرتها وزارة الآثار وأهملتها لسنوات طويلة، على الرغم من أنها تعد من أهم المتاحف المفتوحة للآثار المصرية بمختلف عصورها التاريخية لكنها تشكو الإهمال الشديد من جانب جميع الجهات المسئولة عن الصيانة والترميم، فآثار الوادى الجديد لا تقل فى الأهمية عن آثار الأقصر وأسوان من حيث تنوعها وقيمتها التاريخية النادرة، فالمحافظة بالكامل عبارة عن متحف مفتوح يضم جميع العصور التاريخية التى قلما تتوافر فى مكان واحد على سطح الأرض لكن حتى الآن يجهل السائح تلك المنطقة لعدم الدعاية الكاملة لها عبر وسائل الأعلام المحلية والعالمية، حيث يبلغ عدد المواقع المسجلة لدى وزارة الآثار ١٢٠ منطقة أثرية بواحات الوادى الجديد فإن الحقيقة على أرض الواقع تؤكد وجود أكثر من ٤٠٠ منطقة أثرية أخرى غير مسجلة، وجميعها ليست على قائمة المزارات السياحية المصرية.
والوادى الجديد تمتلك ثروة أثرية هائلة، تمثل جميع العصور التاريخية والحجرية القديمة والحديثة تستطيع وحدها جذب ملايين السياح لو استثمرت بالشكل الصحيح بما يليق مع قيمتها التاريخية الفريدة وأحسن ترويجها كما هو الحال مع مدينتى الأقصر وأسوان، فالواحات تقف فوق بحر من الآثار النادرة التى لا تقل فى الأهمية عن الجيزة، حيث يوجد حاليا أكثر من ١٩٩ منطقة أثرية تم اكتشافها ولا يزال البحث جاريا عن ٥٠٠ منطقة أثرية أخرى. 

أبوصير.. صاحبة أكبر كشف لأوراق البردى
على بعد ٣ كيلو مترات من منطقة سقارة الأثرية، تقع منطقة أبوصير، التى تُعد من أهم المناطق الأثرية التى اختارها ملوك الأسرة الخامسة لبناء أهراماتهم ومجموعاتهم الجنائزية، والتى تضم معابد الشمس، بمنطقة أبوغراب، إلا أن هذه المنطقة الغنية بالحضارة لا تلقى الرعاية الحقيقية لتكون على قائمة المزارات السياحية المصرية رغم احتوائها على بقايا معبد الملك «أوسركاف» ومعبد الملك «ساحورع»، الذى يعد مثالًا للمعابد القديمة.
كما تضم المنطقة مجموعات هرمية ذات قيمة عالية، حيث شيد بها الملك «ساحورع» مجموعته الهرمية، وشيد بها الملك «نفر كارع» مجموعته الهرمية التى توفى قبل أن ينتهى من بنائها، فقام من خلفه على العرش بتعديل التصميم وإكمال العمل بالطوب النيئ، كما شيد بها الملك «نفر اف رع» مجموعته الهرمية، وشيد الملك «نى وسر رع»، مجموعته الهرمية، علاوة على انتشار منازل الكهنة ومخازن المعابد بالمنطقة.

معبد الدكة.. معالم شاهدة على الحضارة النوبية
قرية الدكة النوبية، والتى كانت تسمى باليونانية «بسلكيس» والتى تعنى «العقرب»، ولهذه القرية أهمية فى التاريخ القديم للنوبة، حيث هزمت الملكة النوبية أمانى ريناس القائد الرومانى بترونيوس عام ٢٣ ق م، وبنى معبدها الملك النوبى أركمانى وشاركه صديقه الملك البطلمى بطلميوس الرابع، وأضاف إلى بناء المعبد كلًا من الملك بطلميوس السابع والإمبراطور الرومانى أغسطس، وأهدى المعبد إلى إله الحكمة والمعرفة تحوت، والذى يحمل على جدران المعبد لقب سيد بنوبس.
ويتميز معبد الدكة عن كل معابد النوبة، فى أن اتجاهه شمال جنوب وليس شرق غرب، وتقع بوابته فى الجهة الشمالية من المعبد، ويتميز أيضًا بمحرابين أحدهما للملك النوبى أركمانى والثانى للإمبراطور الرومانى أغسطس، ويتكون المعبد من صرح به فجوات كانت توضع فيها صاريات الأعلام ويوجد بوسط الصرح مدخل المعبد ويعلوه قرص الشمس المجنح والكورنيش المصري، ويوجد على يسار سمك البوابة منظر لفرعون غير معروف اسمه، وهو يقدم القرابين إلى الإلهة تحوت وتفنوت وإيزيس.

تل العمارنة.. مدينة الإله الواحد
على أرض بكر لم تطأها أقدام البشر، أمر عابد الإله الواحد، الملك إخناتون، ببناء مدينة «أخيتاتون أو أفق آتون»، كعاصمة جديدة لمصر القديمة، والتى تقع على بعد خمسة وأربعين كم جنوب مقابر بنى حسن بمحافظة المنيا، ولا تزال بقايا هذه العاصمة موجودة حتى الآن، والمعروفة بتل العمارنة، التى اكتشف بها مجموعة من المقابر أهمها مقبرة «مرى رع، أحمس، بنتو، ومقبرة العائلة الملكية»، وتمتد المدينة على طول الشاطئ الشرقى للنيل لمسافة تقترب من خمسة أميال، والتى انتقل إخناتون إليها فى العام الرابع من حكمه تاركًا كلًا من منف وطيبة «الأقصر»، اللتين كانتا بمثابة عاصمتى مصر وقتذاك والمقرين الملكيين صيفًا وشتاءً.
وأعلن إخناتون نفسه كاهن آتون الوحيد وتفرغ لعبادته، وتشييد مدينته الجديدة ومعابده، وترك حق حرية العقيدة مكفولة فلم يكره أحدا على اعتناق عقيدة آتون، وفتح معبد آتون لجموع العامة، إضافة إلى القصرين الملكيين اللذين ضمتهما المدينة واشتملت على معابد آتون، والأحياء السكنية من منازل للنبلاء وقرية للحرفيين، وتقع المقبرة الملكية فى الشمال الشرقى من المدينة، وتنقسم مقابر الأفراد إلى مجموعتين «شمالية، وجنوبية»، تقعان فى أقصى شمال المدينة وتشتملان على ٢٥ مقبرة لكبار موظفى الدولة فى عهد إخناتون. 
وقد قام الملك بتحديد مدينته بأربع عشـرة لوحـة تعرف باسـم «لوحـات الحـدود»، وعثر فى المدينة على رسائل تل العمارنة.

خبراء: المواقع الأثرية لا تقل قيمة عن الأهرامات
أكد عدد من خبراء الآثار، أن هناك العديد من المواقع الأثرية، لا تقل أهمية عن المواقع المعروفة للعالم كمنطقة الأهرامات، والتى ستحقق عائدًا ماديًا ضخمًا حال إدراجها على قائمة المزارات السياحية.
ويرى الدكتور زاهى حواس، وزير الآثار الأسبق، الذى قدم كتابًا بعنوان «زاهى حواس وأسرار مصر»، أنه من الممكن أن يزور السائح الأجنبى مصر ١١ مرة، وفى كل مرة يرى أشياء جديدة. وقال حواس، لدينا الواحات الخارجة والداخلة وسيوة، ولدينا الأهرامات فى أبورواش، ولدينا مواقع أثرية فى اللشت، والقصير، ومنطقة الكاب بجوار الأقصر، إضافة إلى العديد من المزارات السياحية المهمة بالأقصر.
وأضاف «حواس» أن الناس تركز فقط على رحلة الكنوز من الأقصر لأسوان ووادى الملوك والهرم والمتحف المصري، ولكن مثلًا سقارة لم تحصل على حظها رغم أن بها أهم موقع أثرى فى مصر، وهذا الأمر ينسحب على العديد من المواقع الأثرية المصرية غير المدرجة على خريطة السياحة المصرية، والتى يجب الاهتمام بها وتسليط الضوء عليها لما بها من كنوز أثرية لا تقل أهميتها عن مواقعنا المعروفة للعالم.
من جانبه، قال الدكتور عبدالفتاح البنا، خبير ترميم المواقع الأثرية بكلية الآثار جامعة القاهرة، إن موقع تانيس «صان الحجر»، يعد على رأس المواقع المصرية المهمشة، وغير المدرجة على قائمة السياحة المصرية، وكانت عاصمة مصر الثانية فى عهد رمسيس الثانى بعد مدينة «طيبة».
وأضاف «البنا» أن هذه المنطقة مهمشة، رغم أنها لا تقل عن مدينة الأقصر بالبر الغربى، بما تحتوى عليه من معابد وتماثيل، وهى أول خط على البوابة الشرقية لمصر بعد سيناء، ونحن هنا نتحدث عن الاستفادة من السفن التى تعبر قناة السويس بأن يتحول الموقع لمزار سياحى للبحارة فهى لا تبعد سوى ٢٠ كيلومترا من قناة السويس، فهذا المكان لا يدرك أحد قيمته التاريخية.
وتابع «البنا»، بأن هناك موقعى «قنطير» و«تل الضبعة» بفاقوس محافظة الشرقية، وهما موقعان من أغنى ما يكون سياحيًا وأثريًا، ويُشار إليهما بالبنان، وتل الضبعة يعود لفترة حكم الهكسوس، وهى التى وجدت بها مقابر الكنعانيين ولوحاتهم، وهى الفترة التى تنسب ليوسف عليه السلام، وجنوب هذا المكان وعلى بعد ٤٠ كيلومترا يقع تل بسطة بالزقازيق، وهو المعروف بمنطقة الإله «بس»، وهو مربع بالكامل ٦٠ كيلومترا يمكن الاهتمام به بسهولة ويسر، وفى محافظة الغربية يوجد موقعا صان الحجر وبهبيت الحجارة حقبة تاريخية تحتاج إلى تسليط الضوء عليها كمزار سياحى بالدلتا، وبين موقعى الشرقية والغربية تقع «تمى الأمديد»، مسقط رأس أم كلثوم وهى موقع أثرى مهم جدًا، وبه أعمال حفائر مهمة ويحتاج لتسليط الضوء عليه ليكون على قائمة المزارات السياحية.
بدوره، قال الدكتور أحمد صالح، مدير عام آثار أسوان، إن هناك العديد من المواقع الأثرية التى تحتاج إلى تكاتف من الوزارات المعنية لتطويرها، ونحن كوزارة آثار، يكون الموقع لدينا جاهزا على استقبال السياح، وعلى سبيل المثال هناك العديد من المواقع الهامة فى المنيا مثل تل العمارنة والشيخ عبادة، وفى سوهاج هناك موقعا أخميم وأبى دوس، وأسيوط بها مقابر القوصية، ولدينا تراث ثقافى غنى فى هذه المحافظات تحديدًا لأنها وسط وجنوب الصعيد، وهذه المواقع ليست على قائمة المزارات السياحية لأنها تحتاج إلى تكاتف جهود عدد من الوزارات، ومنها الثقافة والآثار والحكم المحلى والسياحة والنقل والمواصلات، لحاجة هذه المواقع لفنادق لإقامة السياح، وهذا الأمر خارج عمل الآثار، وإنما تقف أمام تكاتف الجهود لجميع الوزارات لإنجازها.

«اللشت».. حاضنة نصوص الأهرام والتاريخ العقائدى 
منطقة آثار «اللشت» عاصمة مصر فى عهد الدولة الوسطى، تقع جنوب منطقة آثار دهشور بالجيزة، وتضم مجموعة نادرة وهامة من الآثار والكنوز، تحتوى المنطقة على مقبرة «سنوسرت عنخ» والتى تحوى مئات من التعاويذ ونصوص الأهرام والتاريخ العقائدى للديانة المصرية، كما تحتوى على المعبد الجنائزى لسنوسرت الأول والذى عثر داخله على تمثال ملكى للملك سنوسرت الأول بالحجم الطبيعي، وكانت منطقة «اللشت» تسمى فى العصر الفرعونى «اثت تاوي» بمعنى القابضة على الأرضين، وقد اتخذت عاصمة لمصر فى بداية عصر الدولة الوسطي، وتحوى منطقة اللشت فى جوفها تاريخ الدولة الوسطى الذى ما زال غامضا لوجود أكثر أسراره وكنوزه الأثرية تحت الأرض بالمنطقة التى يصفها أثريون بالمنطقة البكر التى لم يقترب منها أى أثرى منذ ما يقرب من قرن من الزمان، وتعد المنطقة امتدادا لجبانة منف الأثرية الشهيرة حيث تقع جنوب منطقة دهشور «٥٠ كيلو مترا جنوب القاهرة» ويحدها من الجنوب منطقة ميدوم، الامتداد الأخير لجبانة منف.
وأنشأ هذه المنطقة الملك أمنمحات الأول، حيث قام ببناء مجموعته الهرمية والمكونة من معبدالوادى والطريق الصاعد والمعبدالجنائزى والهرم المسمى باسمه، وحولها توجد مقابر خصصها لكبار رجال الدولة فى عصره تم الكشف عن بعضها فى بداية القرن الماضى بواسطة بعثة أثرية أمريكية، وبعد أمنمحات الأول جاء ابنه سنوسرت الأول الذى تولى الحكم وقام أيضا بإنشاء مجموعته الهرمية فى موازاة قرية السعودية الحالية، وتكونت المجموعة من معبد الوادى والطريق الصاعد ومعبد جنائزى بالإضافة الى هرمه، ودفن بجواره كبار رجال الدولة فى ذلك الوقت ومنهم على سبيل المثال قائد الجيش المدعو أمنى وكبير الكهنة سنوسرت عنخ.

«صان الحجر».. دار عبادة الإله آمون
منطقة تانيس الأثرية المعروفة حاليًا بصان الحجر بمحافظة الشرقية، والتى يُطلق عليها أقصر الوجه البحري، سُميت بتانيس فى العصر الروماني، وأطلق عليها «جعنت» فى العصر الفرعوني، و«سايس» فى العصر الإغريقى، يعود تاريخها إلى ٤ آلاف سنة قبل الميلاد، تميزت هذه المدينة بكونها عاصمة سياسية لمصر فى إحدى الفترات الفرعونية، وكانت من كبرى المدن المصرية حتى نهاية العصر الرومانى، تضم هذه المنطقة الأثرية الشهيرة العديد من الآثار الفرعونية واليونانية والرومانية، حيث كانت الطريق الأساسى للغزو لبلاد آسيا، وكانت حائط الدفاع لمصر أمام الغزو الخارجي، وهجرت مدينة تانيس خلال القرن السادس الميلادى حيث كانت مهددة بالغرق من بحيرة المنزلة، وتضم آثار صان الحجر «تانيس»، العديد من الآثار ومنها، معبدالإله آمون، معبدالملك أوسركون الثاني، إضافة إلى العديد من المقابر الملكية الفرعونية مثل مقبرة بسوسنس الأول، ومقبرة أمينيموبى، وشوشنق الثاني.