الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

علماء المسلمين.. أبو الفضل الحارثي (24- 30)

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان "طبيبًا ومهندسًا ورياضيًا وفلكيًا ونحاتًا وشاعرًا مسلم".. إنه أبو الفضل الحارثي هو محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن الحارثي يكنّى بأبي الفضل ولقبه مؤيد الدين، ولد في دمشق سنة 529 هجرية ونشأ فيها. 
سافر إلى مصر وسمع شيئا من الحديث بالإسكندرية من شيوخها منهم رشيد الدين أبي الثناء الحراني وأبي طاهر الأصفهاني، ثم عاد إلى دمشق واستقر فيها إلى حين وفاته.
أُشتهر الحارثي بالطب والرياضيات والهندسة والفلك، اشتغل بالأدب وعلم النحو، وكان يكتب الشعر وله قصائد جيدة، وهو من أصلح الساعات التي كانت في المسجد الأموي بدمشق.
عُرف الحارثي بالمهندس لجودة معرفته بالهندسة وشهرته بها قبل أن يتحلى بمعرفة الطب، إلا أنه في بداية حياته كان نجارًا وينحت الحجارة أيضا، وله يد طولى في النجارة والناس كثيرًا ما يرغبون الى أعماله، وأكثر أبواب البيمارستان الذي أنشأه الملك العادل نور الدين ابن زنكي -رحمه الله- من نجارته وصنعته.
كان أول اشتغاله بالعلم أنه قصد إلى أن يتعلم أقليدس ليزداد في صناعة النجارة جودة على دقائقها ويتصرف في أعمالها، وكان في تلك الأيام يعمل في مسجد خاتون غربي دمشق، فكان في كل غداة لا يصل إلى ذلك الموضع إلا وقد حفظ شيئا من أقليدس، ويحل أيضا ً منه في طريقه وعند فراغه من العمل، إلى أن حل كتاب أقليدس بأسره، وفهمه فهما  جيدا  وقوي فيه، ثم نظر أيضا  في كتاب المجسطي، وشرع في قراءته وحله، وانصرف بكليته إلى صناعة الهندسة وعرف بها، وكان فاضلا ً في الهندسة والعلوم الرياضية، ليس في زمانه مثله فاجتمع به، وقرأ عليه، وأخذ عنه شيئا  كثيرا من معارفه.
قرأ أيضًا  صناعة الطب على أبي المجد محمد بن أبي الحكم ولازمه حق الملازمة ونسخ بخطه كتبا كثيرة في العلوم الحكمية، وفي صناعة الطب من بينها ستة عشر كتابًا لـجالينوس، وقرأها على أبي المجد محمد بن أبي الحكم، وعليها خط ابن أبي الحكم له بالقراءة.
وكان فاضلا في صناعة الطب، جيد المباشرة لأعمالها، محمود الطريقة، فكان طبيبًا معالجًا فذًا، واشتهر بين أطباء عصره بهذا الفضل فذاعت شهرته بين أهل دمشق، وبقي سنين كثيرة في البيمارستان إلى حين وفاته. 
اهتم الحارثي بدراسة الأدوية المفردة، وألف فيها كتابًا مرتبًا ترتيبًا أبجديًا، واشتغل كذلك بالفلك وصناعة الزيجات وله من الكتب: رسالة في معرفة رمز التقويم، ومقالة في رؤية الهلال، واختصر كتاب الأغاني الكبير أبي الفرج الأصبهاني في عشر مجلدات، ووقفها بدمشق في الجامع بالإضافة إلى الكتب الموقوفة في مقصورة ابن عروة، وله كتاب في السياسة بعنوان: في السياسة والحرب.
توفي سنة 599 هجرية بدمشق بإسهال عرض له، وعاش نحو السبعين سنة.