رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

عن جابر جاد نصار

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

نادرًا ما يتحلى مسئول بشجاعة المواجهة بشكل عام وخاصة مع التيارات السلفية والأصولية المتجذرة -للأسف- داخل مؤسسات الدولة، والتى تؤسس فى أغلب الأحوال لوجود بيئة خصبة بالطبع يستثمرها الإرهابيون والجهاديون لهدم أركان الدولة وضرب جذورها.
هذه المواجهة التى ربما لن تقف عند حد اغتيال المسئول معنويا وتشويه سمعته من قبل هذه التيارات وكم من المزايدات التى لا طاقة لأحد بالرد عليها، بل تصل لحد تعريض حياته للخطر، فهذه التيارات لا تتوانى عن استخدام الدين فى الخلط بين الحق والباطل، ولا شك أننا نعاني في الدولة المصرية اليوم من عدم وجود المسئول الشجاع القادر على اتخاذ الموقف وحسم الأمور ومحاربة الفساد وجميعا على علم بمصطلح اليد المرتعشة الذي ضرب الجهاز الحكومي للدولة منذ 2011، وقد بدأ الحديث عن تعديلات وزارية وشيكة بأغلب الحقائب الوزارية، وتم ترديد بعض الأسماء كان على رأسهم ترشيح الدكتور جابر جاد نصار رئيس جامعة القاهرة الحالى وزيرا للتعليم العالي، ولا شك أن تولي ملف التعليم العالي بما فيه من مشكلات وعقبات يحتاج إلى شخصية فريدة تستطيع مواجهة التحديات وتحقيق آمال المواطن المصري.
لقد تولى الأستاذ الدكتور جابر جاد نصار رئاسة جامعة القاهرة في ظروف صعبة وقاد هذا المنصب الحساس حتى هذه اللحظة باقتدار، جامعة القاهرة التي تعد أهم وأكبر هذه المؤسسات الجامعية في جمهورية مصر العربية، حيث يبدأ ملايين الطلاب رحلة تشكيل الوعى وتكوين الموقف، وهنا تكمن خطورة الموقع، إذ انزرع على مدار سنوات من الترهل فى منظومة هيئة التدريس بالتعليم العالى ومن يتلاعبون بهذا الوعى ويوجهونه صوب العمل ضد الوطن وضد مبادئ الحرية والمساواة، وأرسى هؤلاء قواعد حولت الجامعات المصرية من كونها بيئة طليعية يختبر فيها الطلاب كل جديد، إلى بيئة معادية للحريات العامة والخاصة، وبلا شك فالدكتور نصار أفضل من يدير المنظومة التعليمية حاليا.
نذكر جميعًا الشجاعة التى دافع بها الدكتور نصار عن قراره بحذف خانة الديانة من جميع الأوراق الرسمية الخاصة بجامعة القاهرة، وكيف واجه الهجوم عليه وقراره، ونذكر قوله فى هذا الموقف من عدم خشية الهجوم عليه بمواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن الخوف من الهجوم يعني عدم استطاعته إدارة الجامعة.. هذا البلد لا يحتمل المتاجرة بالدين أو التمييز بين المواطنين.
يكفي جرأة الدكتور نصار وهو يعترف بأنه اكتشف شبهة تمييز بين الطلاب داخل الجامعة من بعض الأساتذة بسبب الديانة والطائفة، وأعلن ذلك فى وسائل الإعلام، وهو اعتراف شجاع من مسئول كبير، والذي نادرا أن يمتلك المسئولون مثل هذه الشجاعة للاعتراف الصريح بالمشكلات التى تواجه المجتمع وأمراضه ويعمل على مواجهاتها.
معركة ثانية خاضها الدكتور نصار بشأن كيفية تحويل كيان حكومي مثقل بالديون، وينتظر الميزانية المخصصة له من الدولة إلى كيان حكومي يحقق الربح ويسعى في فترة وجيزة إلى الاستغناء عن ميزانية الدولة بشكل كامل مطبقا في ذلك ما يتم في التجارب الدولية الناجحة في هذا المجال، كما أن للدكتور نصار باعا طويلا في محاربة الفساد والقضاء عليه، ولم ينس في خضم كل تلك المواجهات الدور الرائد في مجال المشاركة المجتمعية في العديد من الأنشطة التي تخدم المجتمع، كما أن الطالب الجامعي لم يغب عن الرؤية المستنيرة للدكتور نصار، حيث إن شغله الشغال هو توفير مجتمع جامعي يليق بالطلاب.
معركة أخرى خاضها بنفس الدرجة من الشجاعة والحكمة، وهو قرار حظر ارتداء النقاب على كل من يقدم الخدمة للمرضى ومن فى حكم، بما ينسحب على الأطباء والممرضين وطلاب الامتياز وكل من فى حكمهم ويقدم الرعاية للمريض بشكل مباشر داخل المستشفيات التعليمية التابعة للجامعة، ونذكر كيف تعالت الأصوات لنكتشف أن بعض الأطباء والممرضين كانوا يلجأون للنقاب بديلا عن الزي المعقم، ما يؤثر على نقل العدوى كما أن من حق المريض أن يتعرف على من يقدم له الخدمة الطبية، فالنقاب حرية شخصية خارج المستشفيات، ولكن هناك مصلحة عامة تتغلب على المصلحة الخاصة.
كافة الدروس السابقة أرسى فيها الدكتور نصار مبادئ هامة تم النص عليها فى الدستور، ومنها المساواة بين المواطنين، وأن المصلحة العامة تتغلب على الخاصة، وأن الحريات الشخصية لا يجب أن تقيد الحريات العامة ولا تضر بمصلحة الآخر، وهي جمعيها مبادئ فى غاية الأهمية فى إطار استعادة الدور الريادي والتنوير الفكري والثقافي الذى تأخرت جمهورية مصر العربية كثيرا فى خوضها.