رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الطبقة المتوسطة من جديد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أعلم أننا جميعا فى هذه اللحظة مشغولون بمستجدات السوق والاقتصاد المصرى، وأول ما يتبادر إلى ذهن المسئولين هو كيفية حماية الطبقات الفقيرة والكادحة والأشد احتياجًا من الانهيار والانفجار، وقد أطلقت الحكومة عددًا من الإجراءات للحد من آثار عملية الإصلاح الاقتصادي، وهو هدف نبيل بالطبع وحماية الأمن الاجتماعي يتطلب اتخاذ مثل تلك الإجراءات التي حتى الآن لم تُرضِ المواطن المصري البسيط.

لكن على جانب آخر فإن الحكومة عليها واجب أكبر فى حماية الطبقة المتوسطة من التآكل والسقوط في دوامة بلا عودة، فالطبقة المتوسطة التي تشكل غالبيتها من العاملين بالقطاع الخاص كان يجب على الحكومة أن تبدأ مبكرا فى إجراءات لحمايتها حفاظا عليها من الانصهار، حيث إنها تشكل وبلا منازعة في ذلك حلقة ربط المجتمع وسندا للحركة الاقتصادية للسوق المصري.

لا خلاف على صحة القرارات الاقتصادية التى بدأت الحكومة فى اتخاذها منذ عام تقريبا – تلك الإصلاحات كان مقررا لها أن تبدأ فى أواخر السبعينيات من القرن الماضي ولم يعد هناك رفاهية لتأخيرها - لأنها الطريق الأمثل رغم صعوبتها إلى تصحيح المسار الاقتصادي للدولة المصرية، الأمر الذي من شأنه أن يوفر فرصا متساوية أمام جميع الطبقات فى العمل والإنتاج لتحقيق حياة كريمة، ولكن حالة الانتقال السريع والإجراءات المفاجئة التى اتخذتها الحكومة منذ قرار تعويم الجنيه فى مطلع نوفمبر الماضي سبب حالة من التهديد المباشر لكافة طبقات المجتمع، وعلى رأسها الطبقة المتوسطة التى لم تتخذ الحكومة أية إجراءات لحمايتها، والحفاظ على مدخراتها وهوامش الزيادة فى مرتباتها.

قد يتعجب البعض من مطالبة الحكومة بالنظر ولو قليلا فى أحوال الطبقة المتوسطة، لكننى لا أبالغ حين أقول أن الطبقة المتوسطة التى لا تلجأ لوظائف الحكومة أو بطاقات تموين أو مدارس التعليم الحكومى أو تأمين صحى أو مشاريع الإسكان الحكومى هى بوابة حماية المجتمع ككل وهى محرك رئيسي للسوق فى أى دولة سواء نامية أو راغبة في تحقيق الاستقرار.

تلك الطبقة هى أيضا من تُركت نهبا لجشع التجار وهم يقومون بتخزين كميات كبيرة من السلع لتحقيق أعلى معدلات المكاسب لأنهم يعلمون أن عجلة زيادة الأسعار لا يبدو أنها ستتوقف قريبا، وأنه لا أحد يستطيع مراقبة تلاعبهم، وأن المكسب أصبح مضمونا لجميع التجار والموزعين، والزيادة حتمية حتى أن الحكومة نفسها اضطرت لزيادة أسعار السلع لتواكب التغيرات الحادة فى السوق، كل ذلك يأتي على حساب تلك الطبقة غير المحمية.

أصبحنا جميعا نحصل على السلع التى تم تخزينها لدى التجار منذ شهور بأسعار اليوم، وهو أمر وحده كفيل بزيادة الخلل فى معدلات الإنفاق السليم والصحي للطبقة المتوسطة، ووفقا لوثائق الأمم المتحدة الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يتم توزيع انفاق الطبقة المتوسطة بين المسكن والصحة والتعليم والطعام والشراب بدرجات متناسبة إلا أن المصريين من أبناء الطبقة المتوسطة يعانوا من خلل فى معدلات الإنفاق الطبيعية حسب المعايير الأممية.

وفى الوقت الذى اتخذت الحكومة إجراءات استباقية لحماية الطبقات الفقراء وسكان المناطق العشوائية، مثل برنامج كرامة وتكافل وخطط تطوير المناطق العشوائية فى جميع المحافظات، وهى إجراءات بدأت مبكرا مع بداية نهايات العام 2015، لم تطلق أي برامج وإجراءات شبيهة تستهدف استقرار الطبقة المتوسطة، وهى التى تعتبر المحرك الرئيسي للتنمية وحركة الأسواق الداخلية، بالأحرى هى الضامن أن تتعافى حركة الاقتصاد سريعا.

وعوضا عن ذلك لم يوجد أي محفز يجعل أبناء الطبقات المتوسطة يستثمرون لتحسين مدخراتهم وهو ما يعيد تشغيل عجلة الإنتاج ويخلق فرص عمل للطبقات الأفقر، وينفقون لتحسين مظاهر عيشهم وهو ما يشجع المستثمر الأجنبى والطبقات العليا على مزيد من المشروعات داخل جمهورية مصر العربية لتخلق فرص عمل جديدة.

لا شك أن الأمر يحتاج إلى قيام الحكومة بإعادة النظر بشكل مغاير لضمان استقرار العمود الفقري للمجتمع وهو الطبقة المتوسطة خاصة في ظل عدم تكليفها للحكومة بأي أعباء.