السبت 01 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

سائق وخبير

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أشرت إلى تاكسى لأصل دونما أن أفكر فى عبء ركن السيارة، لأن هذا العبء هو الأكبر، وللأسف جاء حظى مع سائق يظن أنه خبير اقتصادى ويعلم ما لا يعلمه وزير الاقتصاد أو المالية أو رئيس البنك المركزى أو المرحوم النابغة الدكتور صلاح جودة. وبدأ حديثه بسؤال: هل يعجبك هذا الغلاء؟ وبالطبع عرفت إلى أين سيتجه الحديث، وذلك لأن كل سائق يبدأ بهذا السؤال، ثم سؤال «شفت أد إيه البنزين غلى» ثم «لقد منعوا الـ٨٠ وصاحب السيارة يطلب مبلغا معينا كل يوم، وأنا أفكر أن أحول السيارة إلى الغاز ولكن صاحبها قال نشترك فى المصاريف»، وكل هذا الحوار والعرض سمعته مرارا وأعرف أن الغرض منه هو أن أدفع فوق العداد أضعافًا وأضعافًا.
ولما رآنى لا أبدى رأيا ولا ردا غير المجاملات من هز الرأس والإشارة باليدين تمادى فى الحديث قائلا: «لازم يلاقوا حلول بره الصندوق» وأغراه صمتى بمواصلة الحديث وقال «بيجيبولنا دكاترة من الجامعة حافظين كلمتين فى الاقتصاد وده هيغرق البلد المفروض يجيبوا حد بيفهم» «يعنى يجيبوه هو»، ثم قال ليصدمنى بمفاجأة «يعنى عندنا كام مليون توك توك؟ فقلت «معرفش»، فقال «نقول ٢ مليون فى كل الجمهورية فى ٥٠٠ جنيه ترخيص سنوى شوف يطلع كام قلت مش معايا كالكوليتور، فقال مليار بدل السلف من البنك الدولى» فلما بدا على عدم الاقتناع «لأن قرض البنك الدولى ١٢ مليار دولار على ثلاث سنوات» ومليار جنيه مصرى صحيح يزيد الدخل ولكن لن يحل المشكلة.
ومع اقتناعى بأنه يجب ترخيص التكاتك الذى وصله من موافقتى الضمنية، فقد أسهب وقال «فى الحتة اللى أنا ساكن فيها العيال ٩ سنين بيسوقوا تكاتك، بل إن إحدى السيدات المنقبات صدمت رجلا عجوزا، وألقته على الرصيف ولاذت بالفرار، وبالطبع ليس هناك رقم للوحة التوك توك المعدنية، ولا أوصاف للمرأة السائقة أيضا، لا يدفعون ضرائب ولا دمغات ولا تأمينا إجباريا، وللعلم هذا ليس دستوريا، لأن قانون تسيير المركبات يجب أن يساوى بين كل مركبة تسير على أرض مصر من فحص وشهادات النظر والأمراض الباطنية للسائق أسوة بالملاكى والتاكسى والنقل وحتى الدراجات النارية».
ثم أخرج السائق رأسه من شباك العربة قائلا «منك لله مخاطبا أحد سائقى الملاكى الذى لم ينتظره بل أخذ المبادرة وسبقه، لقد استبدلت منك لله بما تفوه به من سباب يعاقب عليه القانون»، وانتهز السائق الفرصة ليعرج بحديثه على القمح صوامع وغلالًا ونقلًا وطحنًا وخبزًا، وقال «البرلمان وجد مليارات أهدرت من أموال الدولة ورأى أن جهات البحث لم تقم بما يجب عليها، وإذا كانت عشر صوامع أهدرت هذه المليارات، فما بالك بالصوامع الأخرى المنتشرة فى ربوع الجمهورية بل والأفران وما فيها من تجاوزات».
وأخرج رأسه من العربة ثانية ليزود المارة بالمزيد من السباب، وقال فى الأول وفى الآخر دى بلدنا وسمعت بالأمس رجل اقتصاد من الدكاترة إياهم قال فى التليفزيون إن الأولوية للتعليم والصحة، وأنا رأى أن بلدنا زى الصفيحة المخرومة والخرم هو الفساد فمهما وضعت فيها لن تجد ما وضعته.
وأخيرًا وصلت إلى المكان الذى كنت أقصده وقلت له تؤمر بكام؟ فقال كلك نظر والمرة الجاية لو ركبت معايا هحكيلك حكاية أوبر وكريم، فناولته ما أظن أنه الأجرة العادلة للمشوار وزدت عليها عشرة جنيهات، ولكن نظرات وجهه لم تدل على الرضا فزدتها عشرة أخرى فقال «ماشى» وماشى لا تعنى شكرًا، ولكنها تعنى هذه المرة فقط، فقلت له أنت أيضا مثل الصفيحة المخرومة مهما وضعنا فيها لا نسمع شكرًا لنا ولا لله.