رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

هل يكسر بابا الفاتيكان القادم الاحتكار الأوروبي للكرسي الرسولي؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ترى من هو البابا الجديد الذي سيخلف بنديكتوس السادس عشر والذي سيختاره الكرادلة خلال مجمعهم المنعقد؟ عدد من الأسماء بدأ تداوله في أوساط الكرسي الرسولي لتولي هذه المهمة.
وكان مجمع الكرادلة في الفاتيكان قد بدأ اجتماعه التمهيدي، لاختيار البابا الجديد خلفًا للبابا المستقيل بنديكتوس 16، ووجه عميد الكرادلة أنجيليو سودانو رسائل إلى الكرادلة الذين تقل أعمارهم عن 80 عامًا، للحضور لعقد جلسة لوضع الإجراءات المتبعة للبدء في المداولات لانتخاب البابا الجديد، يبلغ عدد الكرادلة الذين لهم حق الانتخاب 115كاردينالا، ومن المرجح الانتهاء من انتخاب البابا الجديد قبل عيد القيامة (الفصح) العيد الكبير لدى المسيحيين في العالم قبل الأحد 31 مارس، وفق التقويم الغربي.
وتعد الكنيسة الكاثوليكية من أكبر كنائس العالم، حيث يبلغ عدد الكاثوليك زهاء مليار ومائتي مليون، 45% منهم يعيشون في أمريكا اللاتينية.. ورغم ذلك لا يوجد إلا مرشح واحد من أمريكا اللاتينية!!
أوروبا التي تضم حوالي 10% من الكاثوليك لها 60 كاردينالاً منهم 28 إيطاليا!! وفي تاريخ الكنيسة الذي يقترب من الألفي عام (265) بابا، كان البابا يوحنا بولس الثاني أول بابا غير إيطالي، ولكن رياح التغيير تشق طريقها، حيث يبلغ عدد الكاثوليك الآن في إفريقيا 176مليونًا وفي آسيا حوالي 150 مليونًا، ورغم أن تركيبة مجمع الكرادلة الكتلة الرئيسية من أوروبية وإيطالية فإنهم منقسمون، خاصة حول السياسة الإيطالية في علاقتها مع الكنيسة، وإن كان أقوى المرشحين الإيطاليين الكاردينال أنجيليو أسكولا، رئيس أساقفة ميلانو 71عامًا، كونه من مدرسة لاهوتية عصرية تسعى لتحديث المجمع الفاتيكاني الثاني، في ظل الحفاظ على التقاليد، وقد ارتبط منذ حداثته بحركة (شراكة وتحرير) الأوسع انتشارًا في إيطاليا.
ويخوض سكولا، الشخصية القاسية وغير المحبة للإعلام، على غرار بنديكتوس، معارك ضد العلمانية، ورغم ذلك فالكاردينال سكولا يعارض، وبشدة أي عداء للإسلام، بل يصدر مجلة (أوازيس - الواحة) الشهيرة والمتخصصة في البحوث الإسلامية المسيحية.
وفي المقابل لأسقف ميلانو نجد وزير الثقافة الفاتيكاني الكاردينال جيانفرنكورافاسي،71عامًا، الحداثي وأول من استخدم التويتر، وقاد الحوار مع الملحدين واللادينيين، وفي نفس الوقت اختير 2012 ليرأس الرياضات الروحية، وأخيرًا الإيطالي المحافظ والصارم ماورو بيا تشينسا والذي كان يطرح كبديل لأمين سر الدولة تارتشيتسيو برتوني، وهكذا فالتناقض القائم هو ما بين أقلية عددية كاثوليكية (كاثوليك أوروبا) يشكلون أغلبية الكرادلة الناخبين وأغلبية الكاثوليك يشكلون أقلية في المجمع الانتخابي!!
- بيتر أردو (60 عاما): مجري، أسقف بودابست ورئيس مجمع المجامع الأسقفية لأوروبا منذ العام 2006، وكان من بين المرشحين للبابوية أيضا في العام 2005. تمت توليته كاردينالا عندما كان في سن الـ51 عامًا في 2003 من جانب البابا يوحنا بولس الثاني، ويستحوذ هذا الأسقف على إعجاب الأوساط الكنسية في أوروبا، وكان من بين الأوائل الذين عملوا على إنشاء جامعة في ظل الحكم الشيوعي.
- كريستوف شونبورن (68 عاما): نمساوي، يتولى مهام أسقف فيينا في بلد يضج بالحركة الاحتجاجية ضد الكنيسة، هو مقرب وتلميذ للبابا الحالي يوزف راتسينغر في آن، محافظ في بعض القضايا، وإصلاحي في أخرى، اتخذ مواقف حادة ضد فضائح التحرش الجنسي بالأطفال وإخفائها من جانب الرؤساء الكنسيين، لكنه يبدي انفتاحًا أكبر إزاء الأشخاص المطلقين والمثليين.
- مارك ويليه (68 عاما): كندي من مقاطعة كيبيك، يعتبر من أكثر الكرادلة المتأثرين بالبابا المستقيل في الفاتيكان، حيث يشغل منصب عميد مؤتمر الأساقفة منذ 2010، ويملك هذا الأسقف الذي يتقن لغات عدة شعبية في الأوساط الكنسية في أمريكا اللاتينية، حيث عمل طويلا، إلا أن هذا الأسقف المثقف يوصف بأنه خجول ومباشر، وسببت له مواقفه المحافظة بشأن التقاليد بعض الاستياء الشعبي في الكيبيك.
- شون أومالي (68 عاما): أمريكي، كاردينال من بوسطن يملك شخصية خاصة داخل الأسقفية الأمريكي، وهذا الفرنسيسكاني الكابوشي المعروف ببساطته كافح ضد التحرش الجنسي بالأطفال في أسقفية بوسطن وخفف النفقات في أبارشيته التي وصلت إلى حافة الانهيار الاقتصادي، بسبب التعويضات لضحايا اعتداءات جنسية، إلا أن انتخاب بابا من الولايات المتحدة، القوة الأولى عالميا، يعد بذاته مشكلة.
- بيار توركسون (64 عاما): غاني، هذا الكاردينال اسمه الكامل كودوو أبيا توركسون، ويرأس المجلس الحبري “,”عدالة وسلام“,”، منخرط في كفاح من أجل تحسين العدالة الاجتماعية والتوزيع المنصف للموارد العالمية، وهذا الديناميكي المنفتح عرض خلال مجمع أسقفي عقد مؤخرا شريط فيديو مثيرا للجدل تناول المخاطر الديموغرافية الناجمة عن انتشار الإسلام في أوروبا، ووجهت الصحافة الأمريكية انتقادات له، بسبب تصريحات أكد فيها أن التقاليد الإفريقية تحمي من التحرش الجنسي بالأطفال والمثلية الجنسية.
.
- لويس أنطونيو تاغلي (55 عامًا): فليبيني، هو أسقف مانيلا الشاب، وكاردينال منذ العام الماضي، من رجال الدين المحببين لدى وسائل الإعلام في بلاده والتي تشيد بشخصيته الكاريزمية وانفتاحه، ويسعى هذا الأسقف الذي بكى عند تسليمه عصا الكاردينالية إلى أن يكون المتحدث باسم كنيسة أقلية، وأكثر اتضاعا، وقربا من الناس، ومنخرطا بقوة أكبر في العمل الاجتماعي، على الرغم من أنه يبدو في الخط نفسه للفاتيكان فيما يتعلق بالتقاليد الكنسية.
نعود إلى أمريكا اللاتينية، وبالتحديد المرشح البرازيلي أوديلو شيرير، ومن المعروف أن أكبر تجمع كاثوليكي في العالم بالبرازيل 150 مليون كاثوليكي، ورغم ذلك فإن الكرادلة البرازيليين يقلون عن أصابع اليد الواحدة.
- أوديلو شيرير (63 عاما): برازيلي، هو أسقف منذ العام 2002 لأكبر أبارشية في أمريكا اللاتينية، ساو باولو، كما يعتبر أبرز المرشحين من هذه القارة الكاثوليكية جدا التي تشق بصعوبة طريقها نحو البابوية، ويملك شيرير خبرة في الفاتيكان، كما هو معروف بحسن إدارته لهذه الأبارشية وبثقافته وانفتاحه البراجماتي الذي جعل منه أحد رموز الاعتدال.
هل يتم التوافق داخل أروقة المجمع الانتخابي على تخطي أوروبا، خاصة إيطاليا، هذه الدورة؟ أم ترشح أوروبا ويختار الأمريكيون مرشحًا منهم؟ وفي كل الأحوال كل المرشحين من تلاميذ البابا السابق، ومن المحافظين ما عدا المرشح البرازيلي شرير والمسئول عن العدالة والسلام توركسون، أي إن كان البابا القادم فإنه سيواجه تحديات داخل الكنيسة وخارجها، منها مكانة الكاثوليك الشرقيين الروحية قياسا بالتحديات التي تواجههم، وتتراوح ما بين الاضطهاد والتهجير، انحسار الكنيسة الأوروبية، صعود موجة الفقر والعنف ورياح التغيير في أمريكا اللاتينية، ناهيك عن مواجهة الإسلام فوبيا غربا، والتمييز، والاضطهاد ضد المسيحيين شرقًا، كل ذلك مطروح أمام رجل قادم لقيادة حوالي 20% من سكان العالم يتواجدون في كل قاراته ودوله.