الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"بيت المقدس" ورءوس التنظيم المقطوعة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الضربة الاستباقية للقوات المسلحة المصرية على مصنع للمواد المتفجرة بمحافظة شمال سيناء التي استهدفت قيادات ما يُسمى بتنظيم بيت المقدس التي أعلنت مبايعتها لما يُسمى بالدولة الإسلامية والمعروفة بداعش قبل عامين وتحديدًا في نوفمبر من عام 2014 نجحت في قتل قرابة 46 قياديا في التنظيم من أمهر قياداته وهم المعنيين بإعداد المواد القابلة للتفجير وتحديدًا الأهداف ووضع خطط الهجوم لعملياتهم المسلحة.
إعلان مقتل أبو دعاء الأنصاري بين المستهدفين في المنزل المهجور الذي أتخذه تنظيم "ولاية سيناء" هدفًا للتمويه بغية صناعة وإعداد المواد المتفجرة، فجاء الإعلان متأخرًا، فقد قتل الرجل وآخرون قبل ثلاثة أيام من الإعلان بقرية بلعا غرب مدينة رفح، ولكن اختيار توقيت الإعلان يحمل عددًا من الدلالات.
فبعدما توافرت المعلومات الاستخباراتية التي تؤكد تحصن هذه المجموعات داخل المنزل المهجور واستغلاله في تجهيز المواد المتفجرة، انتظرت القوات حتى تجمع كل القيادات وقامت باختيار الوقت المناسب لضربة من ناحية، كما أنها اختارت وقت الإعلان رغم أن العملية مر عليها أكثر 72 ساعة.
مقتل أبو دعاء الأنصاري ورفاقه عملية نوعية بالمقاييس العسكرية، فاستهداف هذا العدد الكبير من المتخصصين في صناعة المتفجرات بقذيفة واحدة يُمثل ضربة قوية للتنظيم الذي قطعت رأسه أكثر من مرة ولكنه نجح في ترتيب صفوفه والعمل بعد ذلك، خاصة وأنه يتلافى الخسائر البشرية التي تؤثر على قدراته العسكرية، ولكن المعلومة التي سبقت لأجهزة الأمن التي أحسنت اختيار الوقت المناسب للتعامل معها يجعلنا نصف العملية بالنوعية.
فأجهزة الأمن تتعامل مع التنظيم عسكريًا وإعلاميًا ومجتمعيًا، وتُدرك أن هزيمته لن تكون عسكريًا فقط، ولذلك تختار أوقات الإعلان وطرق هذا الإعلان لمواجهة إعلام نفس التنظيم والذي يُحاول التأثير في الأدمغة أنه الأقوى، كما أنه يحاول استقطاب مجموعات جديدة إليه بالترويج لنفس الشيء، وهو ما تطلب اختيار وقت إعلان العملية.
لا تتوافر معلومات لدى المراقبين والمتخصصين في ملف الحركات الإسلامية بخصوص مسئول التنظيم على وجه التحديد، خاصة وأنه يعمل بشكل عنقودي من خلال مجموعاته التي تفتقد معرفة الرأس المحرك للجماعة، فكل مجموعة قد تعرف أميرها العسكري ولا تعرف المجموعة الأخرى ولا أميرها ولا حتى أمير هذه المجموعات، فضلًا عن تغير هذه القيادات الدائم ربما لسبب الوفاة والقتل وربما لتكتيكات عسكرية احترازية يتخذها، وعلى كل الأحوال لا نستطيع التأثير من دور هذه المجموعة التي قتلت ولا أهميتها العسكرية.
أشارات بعض التقارير من فترة إلى احتمالية أن تكون جنسية من يتولى تنظيم أنصار بيت المقدس يمنى، فهو من يتولى إدارة العمليات العسكرية، فمنطقة شمال سيناء تحتضن أجانب من جنسيات مختلفة دخلوا البلاد بشكل غير شرعي عبر الأنفاق، وما يؤكد المعلومة أن الاستهداف الأخير طال قيادات في التنظيم وآخرون من جنسيات أخرى وبعضهم من فلسطين، وهو ما يُرجح احتمالية مقتل زعيم التنظيم وليس مسئوله العسكري فقط في هذه العملية بغض النظر على أسم أو صفات هذا المسئول. 
تواصل تنظيم أنصار بيت المقدس مع القيادة المركزية للتنظيم في الرقة والموصل على اعتبارها فرعًا للتنظيم دفع هذه القيادة لتقديم عون لوجستي خاص بالتدريب والتجهيز للعمليات المسلحة والتفجيرات، وهو ما اجتمعت عليه هذه القيادات، فالضربة لم تكن موجه للتنظيم في مصر فقط وإنما للقيادة المركزية في العراق والشام حيث توافرت جنسيات أخرى بين المقتولين.
هذه المجموعة ذاتها هي التي قامت على تجهيز المتفجر الذي استخدم لإسقاط الطائرة الروسية الإيرباص وقتل فيها 224 راكبًا، فهم من أبدعوا في وضع الخطة الخاص لهذه العملية الكبيرة من خلال تفجير بدائي نجح التنظيم في اختيار وضعيته التي تسبب عنها بعد ذلك سقوط الطائرة.
من أهم الأسماء المرجح توليها القيادة في التنظيم بعد أن قضي الأنصاري نحبه، أبو أسامة المصري، الذي نقل عنه التنظيم أكثر من لقطة بصوته في أكثر من تسجيل مرئي عقب العمليات الكبرى الكربى سواء محاولة اغتيال وزير الداخلية أو تفجير مديرتي أمن القليوبية و القاهرة، كما أنه صلى وخطب في التنظيم على خلفية صلاة العيد قبل أكثر من 4 سنوات داخل محافظة شمال سيناء ووقتها وضع التنظيم عصابة على عينية في التسجيل المرئي الذي خرج بعد ذلك خشية التعرف عليه، وهناك من يُرجح أن أبو أسامة المصري هو الزعيم الحقيقي للتنظيم وهناك من يرى أنه قد يتولى التنظيم خلفًا لأبو دعاء الأنصاري.
والملاحظ أن بعض الأسماء التي تتولى قيادة تنظيم أنصار بيت المقدس مستعارة قد يتم التعرف علي أصحابها وقد نفشل في التعرف على الأسماء الحقيقية لأصحابها، ولكن احتمالات كبيرة تقول، إن "المصري" هو أسم لشخص يدعى محمد أحمد علي، من مواليد مدينة العريش وعاش في محافظة الشرقية التي يٌشتهر بوجود جهاديين كثيرين فيها لفترة ليست بالقصيرة.
أغلب المعلومات الواردة تؤكد أنه مريض بمرض البهاق وأنه ترك أثرًا على وجه وأجزاء متفرقة من جسده، كما أنّ التقارير تُشير على أنه لا يتواجد في أماكن يستخدمها التنظيم في التحضير لعملياته المسلحة حتى يتلافى فكرة الاستهداف.
رأس التنظيم الطائرة هدف أجهزة الأمن التي نجحت في إصابته بعجز كلي في عملية نوعية جاءت متقاربة مع التسجيل المرئي "لهيب الصحراء" الذي توعدت فيه الدولة، بينما أطلق النار على ضابط ومجند قد اختفوا قبل فترة.
نجاح أجهزة الأمن في ضرب هذه القيادات العسكرية التنظيمية بهذه الطريقة يؤكد يقظة أجهزة المعلومات وحنكة فرق الاستطلاع وضلوع القوات الجوية وكذلك الشرطة الداخلية التي شاركت في العملية العسكرية، وهو ما يؤكد أن التنظيم أصبح الآن مقطوع الرأس بعد أن وجهت ضربات قاتلة لجسده.