الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وطن في أزمة.. أم أزمة وطن؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فجر حادث إسقاط وليس سقوط الطائرة المصرية القادمة من باريس مؤخرًا، العديد من التساؤلات فى الأوساط السياسية داخل مصر بشكل غير مسبوق، نظرا لما أحيط بهذا الحادث حتى الآن من غموض، وأيضا استباق كثير من وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية نتائج لجان التحقيق وإطلاق مجموعة من الفرضيات دون الاستناد إلى أدلة ثابتة وبراهين مؤكدة وهدفها الإيحاء للرأى العام العالمى بصحة هذه الفرضيات.
ورغم نجاح مصر فى إدارة الأزمة لهذا الحادث وتفويت الفرصة على كل المتربصين بمصر فى الداخل والخارج فإن السؤال الذى طرح بقوة بعد هذا الحادث هو هل مصر الوطن فى أزمة أم أنها التفسير الحقيقى لمفهوم ومعنى الأزمة لغويًا وهو «أن الأزمة نمط معين من المشاكل والمواقف التى يتعرض لها الفرد والأسرة أو الوطن» ويقول البعض إن الأزمة موقف يتطلب رد فعل من الكائن الحى لاستعادة التوازن!.
فالأزمة هى تعرض الإنسان أو الوطن إلى ضغوط مادية أو معنوية تشكل أحيانا تهديدًا أساسيًا لحياته وأمنه وأهدافه السياسية والأساسية وإما أن يشعر الإنسان باليأس والعجز وتقهره هذه الأزمة أو يشعر بالتحدى ويتغلب على تلك الأزمة، وأحيانا يفقد الإنسان الثقة فى نفسه، وهناك أزمات مستعصية على الحل، وأيضا هناك أزمات متوقعة ومحتملة وهناك أزمات مفاجئة.
والوضع الراهن الذى تمر به مصر بصفة عامة منذ ٢٥ يناير ٢٠١١ وبصفة خاصة منذ ٣٠ يونيو٢٠١٣ وقهر وهزيمة أهل الشر جماعة الإخوان الإرهابية أن مصر فى أزمة وأن الوطن فى أزمة وليست مجرد أزمة وطن لأن المستهدف الآن ليس مجرد النظام الحاكم والسعى إلى إبعاده، كما حدث مع الرئيس الأسبق مبارك ونظامه والذى استطاع أن يخرج الوطن من الدخول فى أزمة إذا استمر فى الحكم وتمسك باستمراره كما فعلها البعض من قبل، ومنهم العقيد الليبى معمر القذافى، والآن يفعلها الرئيس السورى بشار الأسد.
فالوطن فى أزمة لأنه هو المستهدف وأن غالبية الحوادث والأحداث الدراماتيكية على مدار الشهور الماضية منذ حادث إسقاط الطائرة الروسية فى سيناء ثم حادث الباحث الإيطالى ريجينى، وأخيرا حادث الطائرة المصرية القادمة من فرنسا، وقبل ذلك حادث قتل السياح المكسيكيين تؤكد للجميع أن مصر مستهدفة وإدخالها فى دوامة من الأزمات لا تنتهى وإغراقها فى بحر من المشاكل وتجريدها من أى أصدقاء أو حلفاء يسارعون إلى نجدتها وإنقاذها وملابسات هذه الحوادث أكبر دليل على ذلك.. فالمتأمل للمشهد المصرى السياسى والاقتصادى والاجتماعى قبل ٢٥ يناير وفى ظل نظام مبارك يلمس العديد من الأزمات التى أحاطت بمصر وبالنظام الحاكم سواء كانت أزمات سياسية أو اقتصادية أو غيرهما ولكنها أزمات وطن كان شعبه يعانى من تزايد نسب الفقر والبطالة وتدنى مستوى المعيشة وتراجع الحريات العامة والتكويش على السلطة إلا أنها كانت أزمات لهذا الوطن ولم نكن نشعر فى أى لحظة بأن الوطن فى أزمة كما نشعر الآن.. والفارق بين مواقف الشعب فى حالة أزمة وطن أم وطن فى أزمة فإن حالة أزمة وطن تجعل الجالسين على مقاعد السلطة والحكم هم المشغولين بأزمة الوطن ويسعون إلى حلها والمعارضون لهم يقفون موقف المتفرج ويتمنون عدم حل هذه الأزمة حتى يسقط النظام أو يتولون هم مقاعد الحكم لهذا الوطن بينما فى حالة وطن فى أزمة فإن الجميع حاكماً ومحكوماً ومؤيداً ومعارضاً عليه التحرك والتكاتف لإنقاذ الوطن من الأزمة لأنه لا بقاء لأحد إذا حاصرت الأزمة الوطن بلا خروج منها.
فنعم لكل من يعرف تلك الحقيقة، وأيضا من يجهلها عن عمد أو عن حسن نية أن يدرك أن الوطن فى أزمة وليست أزمة وطن وأن الطوفان إذا اجتاح مصر فالجميع سوف يغرقون ويغرق معهم الوطن وأن هذا الوضع يتطلب من الجميع إنقاذ الوطن من تلك الأزمة والمحنة وأن نتحمل كل المشاكل والصعاب والتحديات وغلاء الأسعار وزيادة نسب الفقر والبطالة لأنها أزمات وطن قابلة للحل بشرط وجود الوطن وإخراجه من أزمته.. فالوطن فى أزمة لأن بعض أبناء هذا الوطن والمنتسبين إليه بالاسم والجنسية يتحالفون مع أعداء الوطن من أجل ضربه واستهدافه والشماتة فى الأحداث والمحن التى يعانى منها، بينما أزمات الوطن غالبا ما تكون من صنع الخارج فقط دون أى تحالف من الداخل، وغالبا ما يستطيع الوطن عبور تلك الأزمات بفضل تكاتف وتوحد أبنائه صفا واحدا ودروس التاريخ علمتنا ذلك ومنها درس العدوان الثلاثى فى ١٩٥٦ ودرس نكسة ٥ يونيو ١٩٦٧ ودرس بناء السد العالى.
فإذا لم يدرك أبناء مصر أن الوطن فى أزمة فالمصيبة أعظم وإذا كانوا يدركون ذلك ولكنهم لا يبالون ولا يهتمون ويتقاعسون عن إنقاذ الوطن والوقوف بجواره فى تلك المحنة فإن الخطر تحت أقدامهم قبل أن يكون تحت أقدام الوطن وعليهم أن يتحملوا كل أزمات الوطن من أجل عبور الوطن للأزمة الكبرى التى تواجه الوطن الآن من الداخل والخارج لأن شهداء الجيش والشرطة يدفعون الثمن لإنقاذ الوطن من أزمته وعلينا أن نكون شركاء معهم فى إنقاذ الوطن قبل فوات الأوان.