الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

عزمي بشارة.. من عميل الموساد الإسرائيلي إلى خادم الأمير القطري

أخطر كتاب عن أخطر مثقف فى زمن الخراب العربى

عزمى بشارة
عزمى بشارة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا أبحث فى العادة عن مبررات أو مناسبة للكتابة عن شخصية تملأ الدنيا وتشغل الناس، لكن هذه المرة لدىّ مبررات ومناسبة للكتابة عن عزمى بشارة، ليس عليكم إلا أن تصبروا قليلا، لأننى أمام شخصية قلقة ومقلقة، وأعتقد أن مصيرها سيكون مروعًا، فمن يشارك فى التخطيط لقتل كل هؤلاء البشر على الأرض العربية، لابد أن ينتهى مقتولا بلا ثمن.
المشهد الأول
كنت أفتش فى إطار اهتمامى بكل ما يتعلق بالأسرة الحاكمة فى قطر، عن سر قوة ونفوذ عزمى بشارة فى الدوحة، ودون عناء سمعت ما فهمت منه أنه مقرب من حمد وموزة وابنهما تميم لدرجة كبيرة.
شاهد عيان قال لى إنه رأى عزمى بشارة يقف على باب الأمير تميم وهو ولى للعهد، ينتظره حتى ينتهى من شئونه الخاصة، ليجلس معه ما يقرب من الساعة كل يوم، ليتحدث معه ويشرح له ما يدور فى العالم من أحداث، ويفسر تشابكات السياسة وتعقيداتها، ويطلعه على آخر ما صدر فى العالم من كتب.
عرف محدثى بعد ذلك أن هناك جلسة يومية بين عزمى وتميم، يقوم فيها المفكر الفلسطينى الأصل بدور معلم الأمير، ولأن حمد وموزة يثقان فيه بلا حدود، فقد جعلاه مسئولا عن تربية وتنشئة ابنهما حاكم المستقبل سياسيًا.
المشهد الثانى
بعد أن أصبح تميم حاكما للبلاد ووالده الشيخ حمد لا يزال حيا، كان أن ازداد نفوذ المعلم الأول، كانت الجزيرة لا تزال تحت سطوة وسيطرة حمد بن جاسم رئيس وزراء ووزير خارجية قطر السابق، الذى تعامل البعض مع خروجه من السلطة على أنه كان انقلابا ناعما لصالح الأمير الابن، بتخطيط من الشيخة الأم وتنفيذ واستسلام من الأمير الأب، ولذلك بحث بن جاسم عن مناطق نفوذ يحتفظ من خلالها بسطوته، فلم يجد إلا الإعلام، الذى حاول أن يبعده عن نفوذ وتأثير تميم.
ولأن الأمير الشاب كان لا يزال عودًا طريًا، فلم يرد أن ينازع حمد بن جاسم فيما يريد، ولجأ إلى عزمى بشارة ليكون مسئولا عن مؤسسة إعلامية جديدة، بعيدة عن مؤسسة الجزيرة التى كانت قد فقدت كثيرا من مصداقيتها فى الشارع العربى بعد موقفها من الثورات التى توالت فى أعقاب ثورة تونس.
ظهرت إلى النور جريدة العربى الجديد، وفضائية العربى الجديد، برئاسة ورعاية عزمى بشارة، ورغم أنهما لا يزالان بلا قدرة على التأثير، إلا أن معالجاتهما للشأن المصرى تحديدا تشير إلى أن عزمى ليس إلا خادما أمينا لدى أمير قطر، ينفذ ما يريده وما يرغبه، فلا يمكن أن تجد حقدا أو كراهية على مصر فى أى وسيلة إعلامية فى العالم مثلما تجد فى العربى الجديد، جريدة وفضائية.
المشهد الثالث
كان لابد للخادم الأمين أن يتحدث، فى اجتماع- تم تسريب أجزاء منه- بالعاصمة القطرية جمع عزمى بشارة وبعض العاملين فى قناة العربى الجديد، أشار إلى سياسته، أو لنقل فلسفته فى معالجة ما يحدث فى مصر، طلب من الإعلاميين أن يتجاهلوا تماما الرأى الآخر فيما يحدث فى مصر، فهم معارضون لـ30 يونيو وما بعدها، ولذلك فلا يجب أن يستضيفوا من يتبنى وجهة نظر مؤيدة لها، طالبهم بتهميش مخالفيهم فى الرأى، فهو لا يريد، حسب قوله، أن يمنحهم شرعية من أى نوع.
فى حديثه الذى تداولته مواقع إلكترونية، منذ أيام، إشارة إلى أنه لا يسعي وراء تأسيس تليفزيون مهنى، إنه فقط خادم ينفذ ما يملى عليه، صحيح هو خادم مثقف فيلسوف، يعرف ما يقول، لكنه فى النهاية خادم.
وأنا أبحث عن سر هذا الرجل كان أن وقع فى يدى كتاب «تحت خط 48.. عزمى بشارة وتخريب دور النخبة الثقافية» للكاتب الفلسطينى د. عادل سمارة، عرف عزمى عن قرب عمل معه، تحاورا وتجادلا واختلفا، بين السطور يمكن أن تجد حالة من الكراهية تطفح على وجه سمارة، وهى طبيعية- بالمناسبة- على الأقل بسبب ما ستعرفه هنا، لكن هذه الحالة لم تشغلنى كثيرا عن المعلومات التى حملها هذا الكتاب عن واحد من أخطر الشخصيات الثقافية فى عالمنا العربى، وللأسف الشديد، لا يأتى خطره من تأثيره الإيجابى، لكن لأنه وببساطة جعل معرفته كلها فى خدمة من قاموا بتخريب البلاد العربية.
لن أتدخل من قريب أو من بعيد، فهؤلاء فرقاء يكتب بعضهم عن بعض، سأحاول أن أضع ما جاء فى الكتاب بين أيديكم، ولكم بعد ذلك أن تحكموا له أو عليه.

ما تيسر من سيرة بشارة
ملامح خاصة من حياة صاحب الوجه القبيح

ولد عزمى بشارة فى العام ١٩٥٦ فى بلدة « ترشيحا المحتلة»، كانت البلدة تعانى مثلها مثل غيرها من البلدان الفلسطينية من التناقضات السياسية والصراع بألوانه وأنواعه نتيجة الاغتصاب الصهيونى لفلسطين عام ١٩٤٨.
تأثر عزمى بهذه الحالة منذ دراسته الثانوية، ومن خلال مشاركته فى تأسيس اتحاد الطلاب الثانويين العرب، حيث درس فى المدرسة المعمدانية فى الناصرة، وبعد التحاقه بالجامعة شارك فى قيادة الحركة الطلابية الفلسطينية فى الجامعات الصهيونية لسنوات، ثم التحق بالحزب الشيوعى الإسرائيلى راكاح (وهو اختصار اسم الحزب بالعبرية – أى القائمة الشيوعية الجديدة)، حيث انشق عن الحزب الشيوعى الإسرائيلى القديم الذى كان يتزعمه ميكونيس حتى العام ١٩٦٥.
حزب راكاح الذى انضم له عزمى بشارة كان يزعم أنه ليس صهيونيا، لكنه فى النهاية كان حزبا مسجلا رسميا ويعترف بالكيان الصهيونى، ويشارك فى انتخابات برلمانه وله أعضاء فى هذا البرلمان، وأقسموا يمين الولاء للكيان الصهيونى، وهو ما شكل التمهيد الطبيعى لدخول بشارة الكنيست الإسرائيلى.
بعد أن أنهى دراسته الثانوية درس فى جامعة حيفا، ثم فى الجامعة العبرية فى القدس، وبعد ذلك سافر إلى ألمانيا، ليكمل دراسته فى جامعة هومبولت فى برلين، وهناك حصل على شهادة الدكتوراه فى الفلسفة عام ١٩٨٦.
بعد عودته من برلين عمل بشارة فى جامعة «بير زيت» فى الضفة الغربية المحتلة، وترأس دائرة الفلسفة والعلوم السياسية فى العام ١٩٨٧، وفى العام ١٩٩٠ انتقل للعمل فى معهد فان لير فى القدس المحتلة حيث ترشحه للكنيست عام ١٩٩٦.
خلال هذه الفترة استطاع بشارة أن يخترق حركة «أبناء البلد» وهى الحركة السياسية الوحيدة فى الأراضى المحتلة عام ١٩٤٨، التى رفضت تسجيل نفسها كحزب رسمى، لأنها لا تعترف بالكيان الصهيونى، ولكنه باختراقه لها تمكن من تجنيد أكثر من نصف أعضائها وكوادرها لصالح حزبه، وورط الحركة لأول وآخر مرة فى إصدار قرار، بأن يقوم أى عضو بالتصويت فى انتخابات الكنيست إذا أراد، وكان هذا توريطا هز الحركة، لأنه كان قرارا من أوله إلى آخره ليس سوى تسخيرها انتخاب بشارة ودخوله فى الكنيست.
من بين ما يأخذه عادل سمارة على خيرى بشارة أنه يفيض بجنون الظهور، ويذكر أنه وعزمى والدكتور موسى البديرى اتفقوا فى العام ١٩٩٣، على إصدار مجلة «فصل المقال» التى أصبحت بعد ذلك جريدة لحزب بشارة.
يقول سمارة: «بعد أن أصدرنا العدد صفر، جلسنا أنا وهو فى بيته، فى بيت حنينا (ضاحية شمال القدس) لكى نتشاور فيما سنكتبه، وأذكر بأنه قال: وهل يوجد أحد يفهم فى هذه البلاد غيرنا، قلت له بوضوح، والله حينما أخرج ستقول بأنك المثقف الوحيد، وطبعا لم أكمل معه فى المجلة».
حصل عزمى بشارة على عضوية الكنيست الإسرائيلى ثلاث مرات ممتطيا الشعارات القومية، وهى المرات الثلاث التى يعتقد فيها سمارة أن بشارة أقنع قيادات الكيان الصهيونى بأنه يمكن أن يلعب دورا تطبيعيا مرموقا، وبالطبع كان هذا قبل إرهاصات الثورات العربية.
فى اعتقادى أن عادل سمارة لم يصدر كتابه (طبعته الأولى صدرت فى يناير ٢٠١٦) لهدم تمثال عزمى بشارة فقط، رغم أن هذا التمثال يستحق الهدم بالفعل، ولكن ليبين خطر المثقف، عندما يضع كل إمكانياته فى خدمة السلطة.
يقول سمارة: فى إحدى زيارات عزمى إلى عمان قبل عام ١٩٩٥، قبيل افتضاح نيته لدخول الكنيست، قدم ورقة فى مؤسسة يشرف عليها الأمير حسن، وفى تلك الورقة كشف عن دعمه لدخول الكنيست، وتشجيع المشاركة فى انتخابات مجلس أوسلو التشريعى، وحين عودته زارنى فى مكتب مجلة كنعان، وناقشنى فى الأمر دون أن يعلن ذلك، حيث أوضحت له موقفى القاطع، كان هذا آخر عهدنا ببعضنا.
يسجل سمارة فى كتابه نص القسم الذى يقسم به عضو الكنيست، ليبين مدى الجرم الذى ارتكبه بشارة فى حق نفسه ووطنه، يقول القسم: «أقسم أن يكون ولائى فقط لدولة إسرائيل، وأن أخدم وبولاء الكنيست الإسرائيلى، أقسم أن يكون انتمائى وبكل أمانة لدولة إسرائيل وأن أقوم وبكل أمانة بواجباتى فى الكنيست الإسرائيلى»، ليسأل بعد ذلك سؤالا طبيعيا جدا ومشروعا جدا، وهو: هل كان تبنى عزمى بشارة للفكر القومى العربى مدخلا أو ناقلة لكسب دعم الشارع الفلسطينى لدخول الكنيست؟ أى هل استثمر الشعور القومى فى تلك المرحلة؟ وهل هذا الموقف هو الذى سوقه فى علاقته بسوريا وحزب الله، وطبعا فى أوساط الكثير من المثقفين العرب؟ وهل استثمر كل هذا لخدمة علاقة ما له بالكيان الصهيونى؟ بمعنى أن عربيا لا يمكن أن يعترف بالكيان ويدخل برلمانه، وينتهى لاحقا فى خدمة أنظمة قطرية، إسلامية معادية علانية للقومية العربية، وتشارك الإمبريالية فى تدمير ليبيا وسوريا كبلدين نظامهما ضمن التيار القومى العربى الرسمى.
هناك ما يحير عادل سمارة مؤلف الكتاب، ويمكن أن تراه محيرا لك أنت أيضا، فالذين استقبلوا بشارة سواء أكانوا أنظمة أو أحزابا أو حتى جامعات ومراكز أبحاث (مثلا كان تبرير مركز دراسات الوحدة العربية لاستقباله بالقول: نستقبله كفيلسوف وليس كعضو كنيست)، أن هؤلاء جميعا تغاضوا ليس فقط عن عضويته فى الكنيست، بل كذلك عن العمل البحثى الذى قام به فى الكيان الصهيونى، وما كتبه عن الكيان.
ما الذى فعله بشارة هناك، واستدعى كل هذه الحيرة؟ يجيب سمارة: شغل بشارة منصب رئيس معهد «فان لير فى القدس من سنة ١٩٩٠ حتى سنة ١٩٩٦)، وهو المعهد الذى عمل فيه قبل وخلال حصوله على عضوية الكنيست الصهيونى، ويتخصص فى الواقع الصهيونى ومستقبله ورسم السياسات ودراسات الهوية وقضايا المجتمع، وتأسس عام ١٩٥٩ من قبل أسرة فان لير، ويسير طبقا لما تراه من أن فلسطين وطنا للشعب اليهودى.
قبل أن يتولى بشارة رئاسة هذا المعهد أصدر دراسة شهيرة بعنوان «إسرائيل على مشارف القرن الـ٢١»، حددت الغايات والأهداف القومية للكيان الصهيونى، وكانت كلها أهداف فائقة الخطورة اقتصاديا وعسكريا واجتماعيا، وحتى تتعرف على خطورة هذا المركز، فيكفى أن تقرأ ما ورد فى ديباجته عن هدفه، ففيها أنه يعمل على «زرع ونشر عوامل الفرقة والتشتت والتحزب الفكرى فى البلدان العربية، وبما يؤدى إلى زيادة التطرف الدينى والطائفى والعرقى، والقضاء على فكرتى القومية العربية والتضامن الإسلامى، وإحلالهما بفكرة التعاون الإقليمى الشرق أوسطى، وتوظيف الأصولية الإسلامية وأيديولوجيات الأقليات فى المنطقة لصالح إسرائيل».
لقد فضح عادل سمارة عزمى بشارة فى محطات كثيرة، اعتبروا ما قاله هنا فيه بعض الإجمال لما جرى، فالتفاصيل فيها ما هو أكثر فضحا وكشفا.

بشارة.. ونظرية المثقف المرتشى
يرى عادل سمارة أن أخطر ما فى المثقف قدرته على اكتساب الشخصية الأكثر سوقا ورواجا، وفى الوقت المناسب، ناهيك عن استعداده وقدرته بحكم الثقافة على التلون والتكيف بشكل عام، هنا تعود إلى الذهن مسألة المثقف العضوى الثورى، والمثقف المرتشى والمنسلخ عن طبقته وحتى أمته، بحيث يصبح مثقفا عضويا بالمعكوس، أى لصالح نظام الحكم والطبقة التى كان يفترض أن يكون معاديا لهما، هذا اللون من المثقفين هو مثقف المرحلة المهزومة ومقتضياتها.
يطبق سمارة نظرية المثقف المرتشى هذه على عزمى، فيقول: «بشارة الذى كان عضوا فى حزب راكاح (الحزب الشيوعى الإسرائيلى) الذى يعترف بإسرائيل بكل فخر، وهو حزب غير قومى بغض النظر عن وجود عناصر كثيرة طيبة فى أوساطه، لكن بشارة غادر هذا الحزب ليولد من جديد كقومى متحمس، ولكنه قومى من طراز عضوية الكنيست الإسرائيلى التى تقسم الولاء لدولة اليهود، وتظل قومية تطالبنا بالتصفيق لها.
بشارة أيضا بالنسبة لسمارة هى نفسها التى تجمع بين الأكاديمية، والعلاقة الخاصة بأنظمة الحكم، سواء الصهيونى الدموى أو السورى الديكتاتورى، وبين قيادة حزب وعضوية برلمان، وفوق هذا وذاك، يرأس بشارة نفسه منظمة «مواطن» فى رام الله، وهى منظمة غير حكومية ممولة من الإدارة الأمريكية وحكومة ألمانيا، ولا يخفى على أحد أن هذه جميعها أدوات تطبيع مع الكيان وتسويق الهيمنة الإمبريالية على الوطن العربى.
وهكذا كما ترى يجمع بشارة بين التمويل الصهيونى لحزبه كونه عضوا بالكنيست، والقومية العربية والتمويل الأجنبى، وتقديم تقارير عن الوساطة بين حكومة إسرائيل والنظام السورى، والمنظمات غير الحكومية والصداقة مع الأسدين السوريين.



كيف أصبح المفكر القومى جاسوسًا كاملًا للكيان الصهيونى؟
من أهم فصول كتاب عادل سمارة عن خيرى بشارة، هذا الفصل الذى وضع له عنوانًا دالًا وهو «فتى الموساد ٢٠١٣».
قد يكون من المهم أن نضع المقال فى سياقه، ففيه تعجب سمارة من هؤلاء الذين لا يزالون يرون فى عزمى بشارة صاحب وجهة نظر فيما يخص الأزمة/المذبحة ضد سوريا، فهو يرى أن الأزمة السورية كشفت بشارة بما لا يدع مجالا فى نظر الوطنيين بتنوعاتهم قومى، شيوعى، مؤمن... إلخ... ولكن من الخطأ والسطحية معالجة ما يتعلق بهذا الرجل فقط من البوابة السورية.
يتجاوز سمارة محطة الأزمة السورية باحثا عن أزمات بشارة، الذى يرى أن مشكلته ترتد إلى بداية انكشافها فى العام ١٩٩٤، حينما بدأت تظهر فى كتاباته وأحاديثه أعراض سرطان الصهينة، وتحديدا دخول الكنيست (برلمان الدولة اليهودية).
يقول سمارة: التقطته مبكرا، نظرا لأننا تعارفنا منذ ١٩٨٧ بعد عودتى من لندن من خلال صديق حمصى الأصل متوفًى، هو الشاعر حنا حوشان، كان عزمى حينها قد ترك الحزب الشيوعى، بعد أن أهانه إميل حبيبى بنعته بحمار على مرأى ومسمع من آخرين.
بدا واضحًا أن عزمى بشارة الذى بدأ يطرح نفسه قوميًا، قد حافظ على الاعتراف بالكيان الصهيونى الذى يقف على نقيض، بل على أنقاض الشعب الفلسطينى، وهو الوقوف النقيض الذى يستدعى النظريات والمواقف القومية كافة حتى الشوفينية منها، وهذا يطرح السؤال العجيب: مثقف يقبل ويقتنع باستعمار استيطانى اقتلاعى ضد شعبه ووطنه، مأخوذ بالتحريفية الشيوعية الستالينية، وفى الوقت نفسه يرفع شعار الاعتقاد بالقومية العربية الذى يفترض بما هو قومية وعربية أن تكون نقيضا، بل النقيض الأول والمباشر لوجود الكيان الصهيونى الإشكنازى.
يقول سمارة: كانت هذه القضايا هى التى أسست لدىّ قلقا فى العلاقة مع عزمى بشارة، وهى علاقة كنت وضعتها قيد المتابعة والتحليل، ومنها استنتجت أن الرجل يخطط لامتطاء القومية كى يصل إلى ما يريد، وهى أمور لم أكن أعرفها بوضوح حينها، ولكننى تساءلت من جانب آخر: ما الذى سوف يجنيه عزمى بشارة من رفع لواء القومية فى مرحلة كانت لا تزال خلالها القوى القومية واليسارية فى حالة تردد، بينما كانت قوى الدين السياسى تغطى شاشة المرحلة؟ بل حتى قوى منظمة التحرير كانت قد تورطت فى الخروج من لبنان، وكانت متورطة فى قُطرية بدأت بمزايدات عالية أثناء الكفاح المسلح، وانتهت إلى الاعتراف بالكيان الصهيونى مباشرة.
هل نصل إلى المحطة الأهم.
كما يرى سمارة فإن عزمى بشارة كان قد أقام ارتباطا مبكرا مع سلطة الكيان، والتى كانت تهيئه لاختراق الوطن العربى، ومن أجل هذا كان من الأنسب أن يطرح نفسه قوميا، أى لا شيوعيا ولا إسلاميا، فالرجل وقد تربى فى أحضان الحزب الشيوعى الإسرائيلى، وهو المناخ الذى يعتبر الكيان الصهيونى واقعا قائما يبدأ النقاش معه وعنه بعد الإقرار بوجوده (حقه) على أرض فلسطين.
يقول سمارة: تزايدت شكوكى حينما اندفع عزمى بشارة فى عرض نفسه كقومى عربى وناصرى، وعقد تحالفًا مع حركة أبناء البلد إثر تشكل حزبه «التجمع الوطنى الديمقراطى»، وخلال هذه العلاقة أقنع أكثرية اللجنة المركزية لهذه الحركة بأن تسمح لعناصرها بالتصويت فى الكنيست، ربما لأنه كان على تماس يومى معه، أو لأن ميل أكثرية اللجنة المركزية كان بهذا الاتجاه، أو لأن عزمى كان قد بدأ من رام الله عبر إقامة علاقات مع قوى منظمة التحرير ،يمينها ويسارها، ليعود إلى فلسطينى ٤٨ مقبولا من قوى منظمة التحرير جميعها، وهذا مدخل لا شك فيه تكتيك مميز، لم يتضح فى حينه أنه ليس تكتيك عزمى بل تكتيك الموساد.
دخل عزمى بشارة الكنيست ليواصل عادل سمارة نقده، لكن القطار كان قد انطلق، عرض بشارة نفسه فى الداخل والخارج على أنه قومى عربى وناصرى وعضو كنيست إسرائيلى أيضا.
وهنا لابد أن يراودك سؤال: كيف تقبل القوميون العرب وغيرهم عزمى بشارة وهو على هذه الوضعية المتناقضة؟
يجيب سمارة: أعتقد أن قبول الكثير من العرب ساسة وأحزابا ومثقفين لعزمى كعضو كنيست لا يعود إلى قدرة خارقة لديه، بل يعود إلى قابلية داخلية لدى كثيرين من هؤلاء للاعتراف بالكيان الصهيونى، وهى قابلية ترتد إلى مستوى من استدخال الهزيمة أو العجز فيهم.
المفاجأة أن عزمى بشارة ترك كل هذا وراءه، وذهب إلى قطر، والسؤال مرة أخرى: لماذا خرج؟
والإجابة عند سمارة أيضا، وهى الإجابة التى قبل أن يحسمها، تساءل: لماذا خرج الرجل وهو فى عز مجده؟ كما أن وجود الفضائيات يمكنه نقل كل شخص من أى متر إلى أقصى متر فى الكوكب، فلا حاجة ماسة للانتقال الفيزيائى.
وبعد التساؤل أجاب قائلا: فى اعتقادى أن بشارة خرج فى مهمة تطبيعية بهدف أن يعود بعدها وقد ساهم فى تطبيع العرب جميعا، لاسيما أن معظم الأنظمة العربية جاهزة لذاك، ولكن عزمى وقيادة الكيان، واعتقد مخابراته تحديدا، قد استفادوا من تجربة كوهين (كمال سليم ثابت الجاسوس الإسرائيلى فى سوريا الذى أعدم بعد اكتشاف أمره)، بمعنى أن عميلا بهذا الحجم يجب أن يحمى حينما يكتشف أمره، أو حينما يصبح لابد من أن يكشف، لا سيما أنه ينغرس فى كل الوطن العربى وليس فى سوريا فقط، لذا تم اختيار بلد مأمون المناخ الأمنى والسياسى والثقافى والعسكرى وهو قطر.
هناك فى الدوحة كما يرى سمارة لن يطال الرجل أحد مهما فعل، وهناك المكان الطبيعى ليواصل دوره فى تخريب الوعى السياسى للشارع العربى باسم القومية وعبر فضائية الجزيرة، بعبارة أخرى أن يذهب إلى الميدان وصار من حقه أعلى حماية ممكنة، وهذا ما يفسر لماذا لم يستقر فى الأردن لو كان منفيا وليعمل فى إحدى الجامعات، ولماذا لم يذهب إلى ألمانيا حيث تعلم هناك، ومن هناك يمول مؤسسة أنجزة كبرى وثرية وهى مؤسسة «مواطن» فى رام الله حتى الآن، وطبعا من المحال أن يذهب إلى سوريا أو لبنان، لأن انكشاف أمره يكرر مأساة كوهين، مع أنهما هما الهدف الأساسى. أى المقاومة والممانعة، أما إيران فدولة غير عربية وفيها خبرة وحذر شديدان من كل ما يأتى من الأرض المحتلة، ويخدم هذا التحليل علاقة قطر بالكيان الصهيونى وبالولايات المتحدة وبالإخوان المسلمين، هذا الثلاثى الذى يشكل العمود الفقرى للثورة المضادة فى الوطن العربى ضد القومية العربية، ولتصفية القضية الفلسطينية، وبالطبع كانت قطر موقع انطلاقاته إلى القطريات العربية وعودته للاستراحة هناك.
يضيف سمارة جديدا إلى ملامح عمالة عزمى بشارة، فقد وزع ذات مرة بيانا سريا من حوالى ٣٠ صفحة، على عدد محدود من المثقفين العرب لتشكيل وعى عربى، وكان واضحا منه أنه لا مشكلة فى محتواه مع الكيان الصهيونى، وكان فى جوهره ليبراليا لا يمت إلى المسألة القومية بصلة، ولاحقا شكل محاولة بديلة لمنظمة التحرير وانتهى إلى لا شىء.
عندما عرف سمارة بما يفعله بشارة كتب ضده، وحذر المتعاملين معه، قال لهم إن هذا الرجل خطير، فهم يتحدثون عن حركة وطنية أو تيار يقوم على نقد منظمة التحرير الفلسطينية، بينما يقودهم رجل هو عضو كنيست ولم ينقد نفسه على تلك العضوية، ولم يعتذر حتى عما فعل حتى نقول مثلا إنه تغير.
ونصل إلى نقطة فاصلة، يقول سمارة: كان يجب لكشف بشارة بشكل كامل أن ننتظر حتى عام ٢٠١١، حين بدأت صورة الرجل تتضح إثر عدوان الناتو على ليبيا واحتلال السعودية للبحرين، وبالطبع أتت الأزمة السورية لتكشف عن رجل لا يقل خطورة عن كوهين، أما وقد انكشف كل شىء، فلم يكن أمامه سوى المكابرة والاستمرار فى موقفه المضاد لسوريا، وليتضح أنه كان يدعو الكثيرين من المعارضة السورية النظيفة وذات المستوى الفكرى والتاريخ السياسى إلى الدوحة للتآمر معهم على سوريا، وكانوا يذهبون صاغرين، صحيح أن الأزمة السورية هى التى فضحت المستور، ولكن مع ذلك علينا أن لا نرى حقيقة الرجل من خلال سوريا أولا، بل من خلال الكنيست ومن ثم من خلال مذبحتى ليبيا وسوريا.
وحتى يجمل سمارة رؤيته فى عمالة عزمى بشارة للموساد، فقد وضع لذلك أربع مراحل واضحة جدا، هى:
أولا: استخدامه إقامة تيار قومى يعترف بالكيان، ويشكل جواز سفر له إلى الفكر القومى والواقع العربى، وهذه قمة التناقض، لكنها نجحت.
ثانيا: الطواف فى الأرض العربية قبل رحيله وبعد رحيله، حيث استضافته مختلف العواصم العربية كمفكر قومى، الأول والوحيد، وبالطبع دان له الكثير من المثقفين العرب كأمير الثقافة القومية دون أن يجرؤ أحد على مجرد التفكير فى جمع تناقض الريادة القومية مع الاعتراف بالكيان، ومن بين هؤلاء مؤيدو المحرقة الذين كانوا يستمعون له كالمريدين.
ثالثا: الصعود إلى الفضاء بالطواف عبر الفضائيات العربية للتأثير على المواطن العربى أينما كان.
رابعا: بعد أن فضحته مذبحة سوريا، وكان بالطبع قد انتقل إلى الخارج ما يعنى تحويله إلى كادر الموساد، أخذ خطوة إلى الوراء كى يشتغل على تطبيع المثقفين العرب، وذلك أساسا عبر شراء أكبر عدد ممكن منهم بالمال ليصبحوا فى خدمة استراتيجية تخريب قومى متوارية وراء الأبحاث، فليس منطقيا لباحث يحترم عقله أن يقوم ببحث جاد وعلمى لينشره مجانا من خلال قطر، كإمارة لم تعرف الأحزاب ولا البرلمان ولا أى انتخابات ولا التحرر، ولا أى حق للمرأة، ومعادية للقومية العربية، فالأمر هو التمويل القطرى، والتى هى نفسها قاعدة أمريكية ووهابية تشن حربا تدميرية ضد سوريا آخر معقل قومى.
وحتى يدلل عادل سمارة على الدور الذى يلعبه عزمى بشارة فى خدمة التطبيع مع إسرائيل، كتب مرة أخرى فى مارس ٢٠١٤ مقالا بعنوان «فتى الموساد فى تونس».. قال فيه بوضوح: تصوروا مثلا وضع مليار دولار تحت تصرف عزمى بشارة للتخريب الثقافى، كم مركز أبحاث سوف يتمفصل عن ذلك، وكم جامعة وكم جريدة، وبالمناسبة هناك مشروع شراء صحفيين فى رام الله لجريدة بشارة (العربى الجديد) والمعروض عليهم ذلك يتنافسون على الثمن، وكم مثقف وكم صحفى ... إلخ.
من هذا المخطط كان مؤتمر الدوحة عن فلسطين فى قطر فى ١٣ ديسمبر ٢٠١٣، حيث جرى الحديث عن السيناريوهات لحل الصراع العربى الصهيونى (طبعا تقزم إلى فلسطينى إسرائيلى)، بينما السيناريو الوحيد الذى أغفل هو تحرير فلسطين، مما يعنى أن الكيان الصهيونى طبيعى وعلى أرضه.
كان على رأس قائمة حضور هذا المؤتمر رئيس وزراء تونس حمادى الجبالى، ومؤخرا كان عزمى يفتتح مقرا لمركز دراسات فى العاصمة تونس بمباركة حزب النهضة ورئيس تونس وقتها المنصف المرزوقى، اللافت طبعا أن المرزوقى كان يعيش فى فرنسا، وكان على علاقة حميمة بالحكم الفرنسى، وهو من قادة الأنجزة قبل سقوط بن على، وهو مع النهضة مع عدم إدراج مناهضة التطبيع فى تونس، وفى حكومة بلاده كانت هناك وزيرة السياحة تتفاخر بالتطبيع، وبقيت فى منصبها رغم معارضة القوى الوطنية والقومية فى تونس.
وفى تبرير حزب النهضة للتطبيع ادعى أحد قادة الإخوان فى تونس أن حماس طلبت منهم عدم إدراج تجريم التطبيع فى الدستور، كما قام طارق ذياب، وهو وزير فى حكومة الإخوان، بالدفاع عن التطبيع، وأعلن أن الحكومة تقبل المساعدة الإسرائيلية إذا عرض عليها الكيان الصهيونى ذلك.
ويتساءل سمارة فى النهاية: هل يمكن عدم رؤية الخيط بل الحبل الناظم بين تورط حكومة الإخوان المسلمين فى تونس، وعلى هامشها ليبراليون ويسار لا قومى، وبين نشاطات مركز عزمى بشارة هناك؟ وهل لا يمكن رؤية هذه الأدوار خارج خدمتها للكيان الصهيونى؟
أعتقد أن الإجابة واضحة عندكم الآن.

خادم قطر الذليل
كان خروج عزمى بشارة إلى قطر تحديدًا، واستقراره فيها نوعًا من الحماية، أرسلته تل أبيب إلى هناك، لأنها تعرف أن النظام القطرى الذى دفن نفسه بين أفخاذ إسرائيل لن يوجه له فى يوم من الأيام تهمة الجاسوسية، لكن سمارة يكشف فى كتابه مساحة أخرى من مساحات تقاطع بشارة مع الدوحة.
تحت عنوان «مرحلة الأوغاد وأوغاد المرحلة» استند إلى كتاب فرنسى اسمه «Qatarles secreets du coffer – fort» الذى يقول فيه كاتبه إن أمير قطر صار يعتمد على ابنه أكثر فأكثر لإدارة الملفات الدبلوماسية المهمة التى كانت فى الأساس مهمة رئيس الوزراء حمد بن جاسم، وخلال الحرب ضد نظام القذافى فى ليبيا، كان الأمير تميم هو المسئول عن الاتصال بالقبائل الليبية، التى لعبت دورًا شديد الأهمية والحسم فى الإطاحة بالقذافى، وكان نجاح تميم فى إدارة الملف الليبى سببًا فى أن يعتمد عليه والده من جديد فى تعامل قطر مع الأزمة السورية، وهو الملف الذى أشعل الصراع بين حمد بن جاسم وعزمى بشارة، رجل تميم فى الملف السورى.
ويسأل سمارة: كيف لرجل عضو كنيست صهيونى أن يصل إلى موقع القدرة على مصارعة الشخص الثانى من مالكى إمارة قطر بأرضها وثروتها وشعبها؟ ما مصدر قوة بشارة ليصل إلى هذه الدرجة فى بضع سنوات، وهو آت من بعيد؟
ويجيب سمارة نفسه: لو قال قائل من حق بشارة بالمعنى القومى أن يكون له كلام فى قطر لقلنا لا، لأن قطر دويلة معادية للقومية العربية بالمطلق، لذا لا يجد المرء فى هذا المعرض سوى قراءة دور بشارة ورصيد قوته كونه ممثلًا للكيان الصهيونى كأداة تنفيذ دور له رسمته الولايات المتحدة، كما أن ليبيا القذافى بمعزل عن كون القذافى ديكتاتورًا، لكنه كان ديكتاتورًا وطنيًا وقوميًا، ولذا يفترض أن يكون عزمى أقرب إليه من التصاق عزمى بقطر كإمارة لا قومية، كما يجب أن يكون عزمى أقرب إلى سوريا قوميًا، ولكن دوره ضد سوريا واعتقاده أن النظام بل الدولة ساقطة لا محالة، دفعه كى يوغل ضد سوريا فسقطت مراهنته وتلاشى وراء ذلك مثل كيس القمامة.
ويشير سمارة إلى أن البعض قد يعتقد أن انكشاف بشارة جاء من موقفه من سوريا وليبيا، وهذا ليس دقيقًا، فموقفه بدأ من عضوية الكنيست، أما استقراره فى قطر فأكد أن له دورًا خطيرًا ضد المسألة العروبية وفلسطين لصالح الكيان.
ويوثق سمارة فى كتابه ما قاله هيثم المالح إلى قناة المنار من أنهم طاروا إلى قطر للقاء عزمى بشارة، وطبعًا لم تكن شخوص المعارضة السورية ذاهبة إلى الدوحة فى دورة للتثقيف القومى العربى أو الحوار فى الفلسفة والنظريات، كان الهدف ولا يزال تلقى تعليمات وتمويلات وأفكار موسادوية فى كيفية تقويض سوريا، كما كان تقويض ليبيا، فمن يذهب لتلقى تعليمات بشارة وهو يعرف تاريخه، وتعليمات حمد، وهو يعرف أنه فى أحضان القواعد الأمريكية لا يمكن أن يكون معارضًا حقيقيًا.
وينقل سمارة عن الكتاب الفرنسى، كما حدث فى ليبيا فإن رجلًا واحدًا لعب دورًا محوريًا فى هذا التحرك، هذا الرجل هو عزمى بشارة، نائب الكنيست الإسرائيلى السابق من عرب إسرائيل، والرجل الذى تم نفيه من إسرائيل بسبب صلاته بحزب الله، واستضافته الدوحة بعدها كى يدير أحد مراكز الأبحاث فيها، إن عزمى بشارة المقرب من تميم منخرط فى المعارضة السورية منذ البداية، لكنه اضطر لاحقًا إلى أن يتراجع أمام رئيس الوزراء حمد بن جاسم، الذى انتزع منه الملف وأحكم قبضته عليه (أعتقد أن تميم بعد أن تولى الإمارة عاد الملف مرة أخرى إلى بشارة).
يعلق سمارة على ما جاء فى الكتاب الفرنسى بقوله: هنا يبتلع الكاتب الغطاء الصهيونى لخروج بشارة من فلسطين المحتلة، فهو ليس منفيًا، بل خرج قصدًا، وبرأيى الخاص خرج فى مهمة تطبيعية، أما مركز الأبحاث فهو جزء من مهمة بشارة، فدوره ضد ليبيا وسوريا لا علاقة له بالأبحاث بل بالإرهاب.
ويزيد سمارة على ذلك: لم يهرب بشارة من الكيان الصهيونى، فهذا كذب واضح، فالكيان الضالع فى الجاسوسية وضبط حدود الأرض المحتلة إليكترونيا يحول دون هروب الفيروسات، فما بالك بالحجم المحترم لعزمى بشارة الذى ذهب بموقف احتفالى علنى ليسلم جواز سفره الصهيونى لسفارة الكيان فى مصر، وهى خطوة لا يفعلها هارب ولا منفى، بل شخص يحفظ خط الرجعة ذات يوم بعد إنهاء مهمته، لو كانت حدود فلسطين المحتلة سهلة بما يسمح لجثة بشارة بالتسلل غير المرئى لتمكن الفدائيين الحقيقيين من الدخول.
ما لم يلتفت له الكتاب الفرنسى وعادل سمارة أن قطر التى استضافت عزمى بشارة لم تمنحه الحماية مجانًا، ولم تقبل به إلا بعد أن قدم نفسه كخادم ذليل فى بلاط أمرائها، ينفذ لهم ما يريدون، وهو مرة أخرى لا علاقة له بالفلسفة أو الثقافة أو الفكر القومى، ولكن له علاقة بالإرهاب.
عادل سمارة
■ كاتب سياسى فلسطينى ورئيس تحرير مجلة «كنعان» التى تصدر فى رام الله المحتلة.
■ ولد فى قرية بيت عور الفوقا-رام الله ١٩٤٤، يُصدر مجلة كنعان الفصلية ويشارك فى نشرة كنعان الإلكترونية ومن مؤسسى المنتدى الثقافى العربي.
■ أكمل دراسته فى جامعتى لندن وإكزتر فى بريطانيا وحائز على الماجستير و الدكتوراه فى الاقتصاد السياسى والتنمية، لكنه مُنع من التدريس الجامعى فى فترة الاحتلال الصهيونى المباشر وغير المباشر بعد أوسلو.
■ له عدة مؤلفات بالعربية والإنجليزية، فى الاقتصاد والقومية والاشتراكية والمرأة، منها: تأنيث المرأة بين الفهم والإلغاء: منشورات دار الرواد دمشق ومركز المشرق/العامل رام الله ٢٠١١.
والتطبيع يسرى فى دمك: منشورات دار أبعاد بيروت ومركز المشرق/العامل رام الله ٢٠١١، واللاجئون الفلسطينيون بين حق العودة واستدخال الهزيمة: قراءة فى تخليع حق العودة، دار الكنوز الأدبية بيروت، ومثقفون فى خدمة الآخر: بيان آل ٥٥ نموذجًا، منشورات المشرق/العامل للدراسات الثقافية والتنموية- رام الله ٢٠٠٣، ومساهمة فى الإرهاب: الإرهاب طبعة من الحرب الرسمية وطبعة من المقاومة الشعبية، ٢٠٠٦ منشورات المشرق/العامل للدراسات الثقافية والتنموية- رام الله، ودفاعًا عن دولة الوحدة: إفلاس الدولة القطرية.
رد على محمد جابر الأنصاري. منشورات دار الكنوز الأدبية، بيروت ٢٠٠٣ بالعربية.