الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

"البوابة" تحاور "قاهرات" سرطان الثدي

القومى لصحة المرأة يؤكد فحص السيدات مجانًا بأشعة "الماموجرام"

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يومًا ما نظرت في المرآة، لم تكن تتوقع أن يكون هذا التغيير في حجم ثديها هو هذا المرض اللعين، إنه يتمدد خلسة دون أن تشعر به، يحاول أن يفتك بها ويحولها من أنثى، أم، سيدة، زوجة إلى مريضة لاحول لها ولا قوة. لم يكن كبر سنها سبب إصابتها، فهذا المرض لا يعرف سنًا أو جنسًا أو تمييزا اجتماعيا، وعلى عكس المعروف عن هذا المرض اللعين، تستطيع الأنثى أن تهزمه بإرادتها وقوتها، وأيضًا بالاكتشاف المبكر له وبالفحوصات الدورية.. إنه «سرطان الثدى»..
«البوابة» حاورت العديد من النساء اللاتى قهرن هذا المرض اللعين، وتجاوزت كل منهن آلامه واستطاعت أن تنجح في علاجه واستئصاله من جسدها بشكل نهائى، ونضع لكن هذه التجارب إضافة إلى النصائح الطبية المتخصصة حتى تحمى كل منكن نفسها وتستطيع أن تقى نفسها شر الإصابة إضافة إلى دعم المصابات به.
دمر حياة رشا الزوجية
بفستانها الأبيض الذي أطلت به يوم زفافها وسط فرحة عارمة، لم تكن إصابتها في صدرها في ذلك اليوم تشغل حيزًا من بالها فكان حجم الألم الذي شعرت به من وخز حمالة الصدر أقل بكثير من حجم فرحتها بعريسها، ولم يكن يخطر ببالها أن هذه الإصابة قد تتسبب لها في مرض يحول فرحتها إلى صدمة قاسية، فبعد أسبوعين فقط من زفافها اكتشف الزوج احمرارا وكدمة في جانب الثدى الأيسر لعروسه، ولم يلقيا بالًا للأمر كثيرا وبعد مرور عدة أسابيع شعرت العروس بآلام تجتاح جسدهــا ولم تكن تدرى ماذا يحدث لها، حتى اصطحبتها إحدى زميلاتها بالعمل لطبيب طلب منها العديد من الأشعة ثم حولها لطبيب متخصص في الأورام، لم تصدق «رشـا» الأمـر حينما ظهرت الأشعة والتحاليل الأولىة لكنها فوجئت بعد تكرار عمل الأشعة المختلفـة أنها مصابـة بورم ولابد من حجزها ومعرفة نوعه فورًا، ومثل أي زوجة هرعت إلى زوجها الذي سافر للعمل بالخارج بعد شهر العسـل وأبلغته بمرضها وطلبت منه الحضور ليكون بجوارها.
تقول «رشا»، كنت أريد زوجى بجوارى ليخفف عنى الألم والمرض أكثر من حاجتى لتوفير المال اللازم لاستئصال الورم، فلم أكن أعلم ماهية الورم حتى بعد مرور شهر تقريبا، فقد كان أهلي وإخوتى يهتمون بتوفير الأموال اللازمة ويرأفون بحالتى النفسية كثيرًا ولا يريدون أن اصطدم بواقع الإصابة بسرطان الثدى في هذه السن الصغيرة، ولكن صدمتى في زوجى كانت أكبر فبعد إجراء العملية ذهب وانقطعت أخباره عنى وبدأ أهله بالابتعاد وكأننى لم أعد زوجته، خاصة بعد علمهم أننى لن أتمكن من الحمل لمدة ثلاث سنوات على الأقل بأمر الطبيب، وتستطرد رشا في حزن وهى لم تبلغ بعد الـ٣٥ عامًا من عمرها، «فوجئت برسالة من أخت زوجى تتهمنى أننى لم أعد أصلح زوجة أو أمًا بعد إصابتى بالمرض، وأن حماتى تعايرنى به وتطلب من زوجى تطليقى، وللأسف زوجى صامت بعيد عنى وكأنه رضى بالأمر الواقع وكأننى سبب في مرضى».
وتضيف «رشا»: صدمتى في زوجى جعلتنى أقوى بكثير من مرض سرطان الثدى، واستطعت بفضل الله ومعونة أهلي أن أقاوم المرض وأتحدى الواقع، وعلى الرغم من صعوبة العلاج الكيميائى والإشعاعى وفقدانى لشعرى ووزنى، إلا أننى أشعر بأننى قوية بما يكفى لمواجهة السرطان والمجتمع لما يحمله من اتهام للسيدات المصابات به. 
طبيبة الأسنان.. تعتبره اختبارًا
أما أوليفيا محمد فكرى، طبيبة الأسنان، فحرصت هي ووالدتها أن تقوم بالكشف الدوري على الثدى منذ فترة طويلة ثم انشغلت بالأحداث السياسية بعد ثورة يناير، وأصبحت هموم الوطن أكبر، فأهملت الفحص الدوري، لتفاجأ بإصابتها أثناء رحلة لإسبانيا بورم في الثدى، وفور رجوعها إلى مصر قامت بعمل التحاليل والأشعة اللازمة لتواجه سرطان الثدى في رحلة تعنى الصبر.
وتقول: اعتبرت إصابتى بسرطان الثدى رحلة يختبر الله فيها صبرنا وتحملنا، وكل مرحلة في علاجه في حد ذاتها رحلة أخرى وتتغير حياتنا من خلال مقاومتنا والصبر وقدرة تحمل الآلام الناشئة سواء من آثار العلاج الكيميائى أو الإشعاعى أو مرحلة العلاج بالهرمونات، وتضيف: «إصابتى غيرت شخصيتى وحياتى للأفضل عرفت قيمة الوقت اللى بقضيه مع ولادى وعيلتى، نظرتى للحياة نفسها أتغيرت وبدأت أحس بالسعادة في كل لحظة بعيشها واستمتع بيها»، وعن نظرة المجتمع لها قالت: «أنا كنت فخورة باللى أنا فيه مكنتش بقلق من نظرة المجتمع حتى مع بعض النظرات من مرضى الأسنان اللى كنت بعالجهم، ومع غياب ناس كتير من حياتى بعد معرفتهم بمرضى بدأت أعرف جوهر الناس إيه، وبقيت مش مهتمة بأى طاقة سلبية بتجينى منهم وبقيت اهتم بالإيجابيات أكتر». 
واختتمت د. أوليفيا فكرى حديثها قائلة: «الإصابة بسرطان الثدى بيقلب حياة الأنثى وده خلانى أبقى أقوى منه وقدرت أقضى عليه بفضل الله ووقوف عيلتى جنبى».
غادة.. أيقونة الصبر 
لاتوجد امرأة من الناجيات من المرض إلا وتعرفها، فقد كانت مصدر إلهام لهن تتصل تليفونيا بهن وتطمئن عليهن ربما بشكل يومى أكثر من عائلاتهن، أصبحت «غادة صلاح» أبرز رموز قاهرات السرطان ليس فقط في مصر بل في الشرق الأوسط، فقد كانت إصابتها بسرطان الثدى ومقاومتها للمرض وشفاؤها منه، مصدر طاقة حولتها إلى خدمة النساء المصابات به وأصبحت ملهمة لهن على تجــاوز المحنة وعلى دعمهن فقد أصبحت بعد علاجها مديرًا لبرامج صحة المرأة بالمؤسســـة المصرية لمكافحة سرطان الثدى.
قالت غادة وهى زوجة وأم لشابين أكبرهما ٢٢ عاما والأصغر ١٦ عاما: «كانت صدمة كبرى حين اكتشفت إصابتى بسرطان الثدى، إلا أن ذلك لم يمنعنى من سرعة علاج المرض خلال عشرة أيام فقط من معرفتى به، وكنت أتوقع أن الأمر انتهى عند هذا الحد، إلا أن العلاج الكيميائى والإشعاعى كانا بمثابة تحد أكبر، فمن المعروف أن العلاج الكيماوى صعب وله آثار جانبية قاسية، ورغم أنه في حالتى كان علاجا وقائيا للقضاء على أي خلايا سرطانية محتمل بقاؤها في الجسم بعد العملية الجراحية وللتقليل من فرصة عودة المرض.
ويعتبر علاجا شاملا لأن الدواء يصل إلى جميع أنحاء الجسم عن طريق مجرى الدم، إلا أن الخلايا الأخرى مثل خلايا الشعر والأظافر وخلايا الجهاز الهضمى، وخلايا النخاع العظمى كانت تتأثر بشدة من هذا العلاج وتتسبب في آلام شديدة، وكان من ضمن تركيبة العلاج محلول أحمر اللون يلقب «بالشيطان الأحمر»، وذلك لشدة آثاره الجانبية على المريض، ولم أجد وصفا أبلغ من ذلك لهذا العلاج الملعون، فقد كنت أعانى من آثاره بعد ساعات قليلة من انتهاء الجلسات وكانت تستمر هذه المعاناة قرابة الأسبوع بعد كل جلسة. 
وعن دور الأسرة والأهل في مواجهتى لهذا المرض تقول الناجية من سرطان الثدى: «كنت أستمد قوتى من حب الناس ومساندتهم لى خلال فترة العلاج التي استغرقت نحو ٧ أو ٨ شهور، وحاليا أنا مستمرة في علاج هرمونى مدته ٥ سنوات، وهذا ما دعانى بعد شفائى بفضل الله، أن أساعد كل سيدة تمر بهذه التجربة، فبدأت بالمشاركة في حملات التوعية بمرض سرطان الثدى والتحدث عن تجربتى كنموذج إيجابى للناجيات من المرض، سواء في حلقات نقاشية أو في وسائل الإعلام المختلفة، كما كنت صاحبة فكرة ومشرفة على ترجمة قصة أطفال مصورة «ماما والورم» تتناول كيفية إخبار الأطفال الصغار بمرض والدتهم بأسلوب مبسط يتناسب مع إدراكهم. 
الكشف المبكر يقلل تكاليف العلاج
في هذا السياق أكدت د. نجلاء عبدالرازق، أستاذة الأشعة التشخيصية بقصر العينى ومدير البرنامج القومى لصحة المرأة التابع لوزارة الصحة والسكان، أن البرنامج يستهدف الكشف على السيدات فوق سن الـ٤٠ في مصر ويقوم بالكشـف الدوري مجـانا عن طريق أشعة الماموجـرام الديجيتال وهى تتوفر داخل المستشفيات الحكومية والتعليمية إضافة إلى عدد ١٠ وحدات صحية متنقلة داخل المحافظات المختلفة.
وحول إصابة النساء في مصر قالت د. نجلاء: «إن سرطان الثدى يصيب سيدة من بين ٨ سيدات في سن الـ٤٠ وتزيد النسبة لتصل إلى واحدة من بين ٤ سيدات عند سن السبعين، وأن أي امرأة يمكنها أن تتعرض للإصابة خاصة في حالة إصابة سابقة لأحد أفراد الأسرة والعائلة، وأن من أهم أعراض المرض وجود كتلة بالثدى وتغييرات في الجلد والحلمة أو وجود كتلة تحت الإبط وإفرازات غريبة بالحلمة خاصة المدممة منها.
وعن العوامل الخطرة التي تتسبب في إصابة السيدات بسرطان الثدى قالت د. عبدالرازق، إن العامل الوراثى هو أول مؤشرات الاستعداد الجينى للسيدة للإصابة سواء كان العامل الوراثى عن عائلة الأم أو الأب، ويعد من المؤشرات الخطرة إصابة أي فرد من العائلة بسرطان المبيض أو البروستاتا أو القولون أو البنكرياس، فهذه الأنواع من السرطانات مرتبطة جينيًا لذلك لابد من الاهتمام بالفحص الدوري بدءا من عمر الـ٣٠ في هذه الحالة.
ويعتبر تعرض المرأة للهرمونات ثانى العوامل الخطرة وينطبق على ذلك تأخر سن الزواج والحمل والرضاعة إضافة إلى بدء الدورة الشهرية في سن مبكرة وانقطاعها في سن مبكرة أيضًا، فهذه تنبيهات للسيدة على ضرورة الكشف والفحص الذاتى والطبى باستخدام أشعة الماموجرام سنويًا. ومن المسببات الأخرى لسرطان الثدى السمنة وكثرة أكل اللحوم الحمراء وعدم ممارسة الرياضة بشكل منظم.
وعن أهمية الكشف المبكر لسرطان الثدى، تقول مديرة البرنامج القومى لصحة المرأة، إن الكشف عن طريق الماموجرام هي الطريقة الوحيدة للكشف المبكر عن المرض في مرحلته الأولى وماقبلها أيضًا، وتكون نسبة الشفاء في هذه المرحلة ١٠٠٪، ولا تحتاج المرأة إلى استئصال الثدى أو بتره بل يكتفى الطبيب المعالج باستئصال جزئى في منطقة الإصابة خلال منطقة أمان ويمكن للمرأة الاحتفاظ بثديها، ولكن في حالة اكتشاف المرض في مرحلة متأخرة أو المرحلة الرابعة فيتم بتر الثدى بالكامل واستئصاله حيث لاتتعدى نسبة الشفاء ٢٢٪ فقط.
هذا إضافة إلى ارتفاع تكلفة العلاج في المراحل المتأخرة من اكتشاف سرطان الثدى لتصل إلى ١٥ ضعفا تكلفة العلاج في مراحله الأولى، كما أن المرأة المصابة بسرطان الثدى في المراحل الأولى لا تحتاج إلى العلاج الكيميائى ويمكن السيطرة على السرطان بحيث لا ينتشر إلى أي جزء في الجسد خاصة الأعضاء الحيوية مثل الرئة والكبد.
٥ نصائح لمواجهة المرض
ووجهت د. نجلاء عبدالرازق، عددًا من النصائح للسيدات والبنات بخصوص تفادى الإصابة بمرض سرطان الثدى وكيفية التعامل معه في حالة الإصابة وهى:
١- عمل فحص ذاتى للثدى من سن ٢٠ إلى ٤٠ عاما مرة شهريًا، إضافة إلى عمل الفحص الدوري من خلال أشعة الماموجرام عند بلوغ سن الـ٤٠، وفى حالة وجود تاريخ مرضى بالسرطان لدى العائلة يجب أن يتم الفحص عند بلوغ سن الـ٣٠.
٢- الإكثار من تناول الاسماك والإقلال من اللحوم الحمراء.
٣- ممارسة الرياضة بشكل منتظم.
٤- تناول فيتامين D يوميًا حيث يقلل ويقوى من الإصابة بمرض سرطان الثدى ويعزز ويوقوى مناعة الجسم.
٥- الذهاب إلى الطبيب فورًا عند ظهور أي أعراض غريبة على الثدى ولا يجب اللجوء إلى العلاج المنزلى، ويجب أن تعلم أن مرض سرطان الثدى مرض غير معد، ويمكن الشفاء منه بنسبة ١٠٠٪ في مراحلة الأولى عند الكشف المبكر.