الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

حوارات

القس نصر الله زكريا في حواره لـ"البوابة": تشبيه "مريم" بـ"قشرة البيضة" تشويه للإنجيليين.. و"الآرثوذكس" يريدون احتكار "العذراء"

أول مصالحة علنية بين البروتستانت و"أم النور"

القس نصر الله زكريا
القس نصر الله زكريا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لقب «القديسة» لم يكن تأكيدًا لألوهيتها.. والمصلحون أجمعوا على عدم شفاعتها
اتهامات كثيرة طالت البروتستانت، كان من بينها ما ردده بعض كهنة الأرثوذكس والكاثوليك من أن الإنجيليين لا يقدرون السيدة العذراء، وأنهم يعتبرونها مجرد «حاضنة»، لا تمثل قدسية خاصة بوصفها أم المسيح.
وأشيع أن الإنجيليين يرون أم النور على أنها «قشرة البيضة»، أو «بلاص العسل»، ليس أكثر، فى إشارة إلى أن الحقيقة والقدسية تتمثل فقط فى يسوع، أو «البيضة»، أو «العسل».
وهو الاتهام الذى يرد عليه القس نصر الله زكريا، مدير المكتب الإعلامى للكنيسة الإنجيلية، فى حواره مع «البوابة»، والذى وصف هذا الاتهام بأنه «افتراء».
■ من هى العذراء مريم بالنسبة للإنجيليين؟
تحظى القديسة العذراء مريم بكل الحب والتقدير والاحترام والتوقير من غالبية الإنجيليين، وقد أكَّد المصلحون الأوائل مثل المُصلِح مارتن لوثر، والمُصلِح جون كالفن، وغيرهما على أهمية وقدسيِّة وقيمة القديسة العذراء مريم، فكتب لوثر عنها قائلاً: «إنّ مريم العذراء ليست مثالَ المؤمن المسيحيّ فحسب، بل هى مثال الكنيسة، إنّها رمز الكنيسة فى إطاعتها لأمر الروح القدس، وفى تواضعها وفى دعوتها العظيمة. وهى تاليًا تجسيم للنعمة غير المستحَقَّة، كما قال الدكتور القس لبيب مِشرقي، أحد رواد الكنيسة الإنجيلية المصرية: لا عَجَب أن يضطرب القلم وهو يقترب من قُدْس العذراء المبارَكة، فإنّها وإن تكن من البشر، إلاّ أنّ أمومتها للسيّد تُضفى على شخصها نورًا قُدسِيًّا يرفعها عن طبقة البشر العاديّين، أما القس إلياس مقار رئيس الطائفة الإنجيلية الأسبق فقد قال عنها: «إن القديسة العذراء أضحَتْ كوكبًا لامعًا فى كلِّ أجيال التّاريخ».
■ من أين يستمد الإنجيليون نظرة الاحترام للقديسة العذراء؟
يعتمد الإنجيليون على الكتاب المقدس، وقد قدَّم الكتاب المقدس العذراء مريم على أنها الفتاة المُنعَم عليها، والمباركة وسط النساء، هذا ما جاء فى بشارة الملاك لها حين حيَّاها قائلاً: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِى النِّسَاءِ» (لوقا ١: ٢٨). وقد أطلق العهد الجديد عليها ألقاباً عدة منها: المباركة فى النساء، وأم ربي، والتى آمنت، وأم يسوع، فالعذراء فى العهد الجديد هى مثال للإنسان المؤمن الذى يسمع كلمة الله ويحفظها ويؤمن بها ويعمل بموجبها.
أما الشق الثانى الذى يعتمد عليه الإنجيليون فى نظرتهم للقديسة العذراء مريم، هو ما يُعرف بالمجامع المسكونية الأولى، وقد أقرت هذه المجامع ثلاث حقائق تُشكِل جزءاً هاماً من إيماننا الإنجيلى عن العذراء، فالمجمع المسكونى الأول، فى نيقية، أقرَّ أن مريم كانت عذراء عندما حبلت بالمسيح، وهذا هو جزء من الإيمان الذى نعترف به. ويتمسك المصلحون بأنَّ المسيح حُبِل به من الروح القدس وَولِد من مريم العذراء، كما أقرَّ المجمع المسكونى الثالث والذى انعقد فى أفسس، بأن مريم هى والدة الإله، وإن كان لابد وأن نلاحظ أن لقب العذراء مريم هذا لم يصغ لتأكيد ألوهية العذراء، بل لتأكيد ألوهية المسيح.
■ ولماذا يُتهم الإنجيليون بأنهم لا يُقدِرون العذراء مريم، ويعتبرونها «قشرة البيضة» التى أُخِذَ ما بداخلها ثم أُلقيت أو البلاص الذى أُخِذَ منه العسل، ولا قيمة له بعد ذلك؟
الحقيقة المؤكدة أنَّ وجود اتهامٍ ضد أحد أو جهة ما، لا يعنى أبدا أنَّ الاتهام صحيحاً، وهناك قولٌ شائع: إن الإنسان عدو ما يجهل، وسبق أن تحدثت عن آراء المصلحين الأوائل ورجال الفكر الإنجيلى الغربى والعربى والمصري، والجميع أكَّد على مكانة العذراء واحترامها وقدسيتها، وقد ردَّ على هذا الاتهام الدكتور القس لبيب مشرقي، فى كتابه: «قصة العقيدة الإنجيلية»، الذى جاء فيه: إن جماعة الإنجيليين متهمون ظلماً أنهم لا يكرمون العذراء الإكرام الواجب، وهى فرية يشيعها بعض المتعصبين الذين يعلنون أن العذراء تخصهم، وأن لا علاقة لنا بها، وقد نسى هؤلاء أن مريم العذراء هى أم مسيح الكل، وإذا فرضنا المستحيل وقلنا إن بعض الإنجيليين لا يكرمون أم يسوع، فإن هؤلاء يسيئون إلى إنجيليتهم، فالإنجيليون يؤمنون بالكتاب المقدس الذى أعطى العذراء أعظم كرامة قدمت لإنسان على وجه الأرض، يكفى أن ابن الله حل فى بطنها، ويكفى أن الآب السماوى ائتمنها على العناية بابنه فى أولى الدرجات الإنسانية».
كما أننى إنجيلى المَوّلِد والمنشأ والتعليم، أؤكد لك أننى لم أسمع فى حياتى أيا من قادة الكنيسة الإنجيليِّة مِن علَّم أو نادى بمثل هذا القول الذى يردده الكثير من اللاهوتيين والشعب البسيط متهمين الإنجيليين بمثل هذا الكلام.
■ وما سبب انتشار هذا الاتهام؟ ألا يقال إنه لا يوجد دخان بلا نار؟!
الاتهام غالباً ما يأتى نتيجة لعدة أمور، أولها عدم التعمق فى دراسة الفكر الإنجيلى بصفة عامة، وما ينادى به وسجله المصلحون وثقات المفكرين الإنجيليين فى هذا الأمر تحديداً، ثانيها الفهم الخاطئ لما تعتقده وتؤمن به الكنيسة الإنجيليِّة عن شخص القديسة العذراء مريم وبين القضايا المريمية، أى ما يتعلق بعقائد الكنائس التقليديِّة عن العذراء، ففى حين أجمع المصلحون جميعاً على تكريم وتبجيل العذراء مريم، إلا أنهم اتفقوا أيضاً على عدم قبول شفاعتها لأسباب ثلاثة، فهى تناقض تعاليم الكتاب المقدس، وتناقض مبدأ الخلاص بالنعمة والإيمان، ولأنها تناقض مبدأ شفاعة المسيح.
وقد يكون هذا الاتهام نتيجة ردة فعل الكنيسة الإنجيليِّة من المغالاة فى تقدير العذراء مريم من قبل الكنائس التقليدية، ما أدى لعدم التركيز بشكل واضح وقوى فى برنامج العبادة الإنجيلية، حتى أصبَحَت مريم بالنسبة للإنجيليّين عبارة عن اسم يتردد داخل قصة الميلاد، وتمثال يُوضَع فى المغارة التى تجسِّد المذود، وشخصية صامتة فى أوبريت العيد.