الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

كارثة جديدة.. قطر تستولي على الآثار المصرية

تحقيق خاص على هامش بيع تمثال فرعون

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مدير التوثيق الأثري: زاهى حواس رفض سفر مندوب بتفويض قضائى لاسترداد الآثار من الدوحة وتكتم على الموضوع
شبهات حول تورط أثريين مصريين فى عمليات التهريب لقطر ومطالبات بسرعة التدخل لإعادتها
وزير الثقافة القطرى يعرض آثار أخناتون فى منزله

حالة من الغموض تحيط بآثار مصر المهربة إلى قطر، فالجميع يعلم أن هناك قطعا مصرية أصلية تعرض بمتحف قطر، وكتب عليها أنها ترجع بالأصل إلى مصر، ولكن لا أحد يعلم كيف خرجت هذه القطع ومن المسئول عن وصولها إلى الدوحة، وهل هذه القطع تم شراؤها من مزادات مشبوهة للآثار المصرية بالدول الأجنبية، أم أنها كانت ثمرة البعثة المشتركة بين قطر وإنجلترا التى ترأسها الدكتور بارى كيمب، أستاذ الأيكولوجى بجامعة كمبريدج، التى كانت برعاية وزير الثقافة القطرى الأسبق؟ والمدهش فى الأمر أن البعثة قامت بمجموعة من الحفائر بمدينة تل العمارنة «مدينة أخناتون»، وتحصلت على مجموعة من القطع النادرة والقيمة التى تعود جميعها إلى عصر الملك الموحد، والآن يعرض جزء منها بمتحف الدوحة، وجزء آخر بمنزل الأمير حسن وزير ثقافة قطر الأسبق، على حد قول عدد من خبراء الآثار المصريين.
«البوابة» تفتح ملف الآثار المصرية المهربة إلى قطر التى تمثل علامة استفهام كبيرة، كيف خرجت؟ ومن المتورط فى المساعدة على تهريب تلك القطع خارج مصر؟ ومن المستفيد من خروجها، وما السبيل لإعادة استرداد هذه القطع مرة أخرى باعتبارها تمثل جزءا أصيلا من تاريخ وحضارة مصر، وباعتبارها أيضًا قضية أمن قومى مصرى بالمقام الأول؟«البوابة» طرقت أبواب خبراء الآثار المهتمين بقضايا تهريب الآثار واستردادها، وكذا تواصلت مع العديد من المسئولين داخل الوزارة للوقوف على حقيقة تهريب تلك القطع، ومن المتسبب فى خروجها، وما الطريقة المثلى لاستعادتها مرة أخرى؟ فى البداية قال نور الدين عبد الصمد، مدير التوثيق الأثرى بوزارة الآثار: منذ أكثر من ١٠ سنوات تم اتفاق بين الحكومة القطرية وفاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق، باعتباره رئيس المجلس الأعلى للآثار، وكانت الآثار حينها قطاعا من قطاعات وزارة الثقافة، على أن تقوم بعثة قطرية إنجليزية برئاسة بارى كيمب، أستاذ الأيكولوجى بجامعة كامبريدج، بأعمال الحفائر بتل العمارنة بمصر، للبحث عن آثار الملك أخناتون التى تعد من أندر وأهم الكنوز المصرية.
وأضاف عبد الصمد لـ«البوابة»: كان هناك قاسم مشترك بين وزير الثقافة القطرى آنذاك وفاروق حسني، سهل الاتفاق فيما بينهما على تهريب ٥٠ قطعة من آثار أخناتون! وواصل عبد الصمد: خلال زيارة الدكتور خالد داود، أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة الفيوم، وأحد أهم علماء الآثار على مستوى العالم، إلى متحف الأمير حسن وزير ثقافة قطر الأسبق، اكتشف وجود أكثر من ٥٠ قطعة أثرية مصرية، وهى تحديدًا ٦٣ قطعة، تعود إلى عصر الملك أخناتون، وتل العمارنة بالمنيا، وتم إبلاغ السلطات المصرية، وقامت جهة سيادية عليا بعمل ملف للقضية، وقدمته لنيابة الأموال العامة العليا للتحقيق القضائي، وأجرى التحقيقات المستشار يوسف الكومى، رئيس النيابة، وللأسف طُلب من إبراهيم عبدالمجيد، مدير عام الآثار المستردة، آنذاك عام ٢٠٠٦، بالتوجه إلى دولة قطر بإنابة قضائية لضبط القطع المسروقة، ولكن الدكتور زاهى حواس رفض، وأقال إبراهيم عبدالمجيد من منصبه بسبب إصراره على تنفيذ الأمر القضائى، وتنفيذ استرداد القطع، وتم بعدها التكتم على الموضوع بشكل مريب ليغلق حتى تاريخه، ولا عزاء لحضارة مصر، وبما أن قضايا الآثار لا تسقط بالتقادم، أطالب بإجراء تحقيق قضائى كامل بشفافية مطلقة، ومعرفة المتسبب فى عمليات التهريب، واسترداد القطع بالكامل إلى موطنها الأصلي.
د. عبد الحليم نور الدين، أستاذ الآثار بجامعة القاهرة الأمين الأسبق للمجلس الأعلى للآثار قال: فاروق حسنى وزاهى حواس لديهما معلومات كبيرة عن الآثار المصرية المهربة إلى قطر، ويقال إن أمير قطر لديه كمية كبيرة من آثار أخناتون، ويقوم بعرضها فى بيته.
وأضاف لـ«البوابة»: إن الأمر الذى يدعو للتساؤل والدهشة، هو كيف يسمح للأمير القطرى بعمل حفائر فى مصر، فما خبرة هذا الرجل فى مجال الآثار ليقوم بمثل هذه الأمور، فعندما علمت بهذه الحفائر غضبت جدًا وكنت وقتها مسئولا عن هيئة الآثار، وهذه القطع من الممكن أن تكون قد سرقت من مصر، وتم تهريبها إلى قطر، ومن الممكن أيضًا أن تكون من معارض مشبوهة للآثار المصرية المهربة، مثل التى تقام بطوكيو وبرلين وأمريكا وإنجلترا، وأظن أن حفائرهم توقفت عندما رفضنا إقامتها، وهذه القصة غامضة جدًا، ومن يستطيع فك طلاسمها هما زاهى حواس وفاروق حسنى بشكل كبير، لأنهما أكثر الناس دراية بهذه الأمور بحكم موقعيهما آن ذاك. وواصل نور الدين: إن الدكتور بارى كيمب، أستاذ الأيكولوجى بجامعة كمبريدج كان زميلى، وأنا حصلت على زمالة من هذه الجامعة فيما يعادل الدكتوراه، وهذا الرجل عمل الكثير من الحفائر بمصر، وقال كيمب فى دراساته: يتضح لنا من تشريح ودراسة مومياوات المصريين أنهم يهود أو ساميون، وهو ما يعد محاولة منه لطمس حضارة المصريين، إضافة إلى أن بعثته المشتركة كانت برعاية قطر، وهذه القضية معقدة جدًا، ونحن نتابع قضية أثرية فى المقام الأول لا علاقة لها بالخلاف السياسى بين مصر وقطر، ويقال إن أهم مجموعة لأخناتون موجودة عند الأمير القطرى وهى قيمة جدًا، ولا أظن أنه بالإمكان استردادها لأنها ملكية خاصة، ولا بد أن يوجد رد لدى قطاع المتاحف بوزارة الآثار عن تهريب هذا التراث المهم إلى قطر، ولماذا صُرح لهذا الرجل بأن يقوم بأعمال حفائر فى مصر؟ وهذا أكبر دليل على أن مصر سُرقت، وما زالت تُسرق بالكامل، ولماذا جاء هذا الأمير من قطر لعمل حفائر بتل العمارنة مدينة أخناتون بالمنيا وعلى أى أساس؟ كل هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات من وزارة الآثار، والسؤال الذى يجب أن يوجه إلى زاهى حواس هو: كيف تم عمل معرض للآثار المصرية بقطر؟ وابن مَن مِن الكبار يعمل بقطر؟
ومن جانبه، قال الدكتور مختار الكسبانى، أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة: لا بد من التقدم بصور القطع الأثرية المصرية الموجودة بمتحف قطر إلى وزارة الآثار، ومن خلال التعاون بين الخارجية المصرية ومخاطبة اليونسكو، يمكن الاتفاق لاسترداد القطع إن كانت خرجت بطرق غير شرعية. وأضاف الكسباني: أغلب القطع الأثرية التى خرجت من مصر كانت مباعة وفقًا للقانون آنذاك الذى كان يسمح ببيع القطع الأثرية، وعلى اليونسكو أن يقوم بدوره كجهة مسئولة عن التراث، وإذا ثبت أن الجهة الحائزة ليست لديها وثائق، يكون هناك تهديد من اليونسكو ويكون للدولة المصرية الحق فى مقاضاة قطر لاسترداد تلك القطع. وأشار الكسبانى إلى أن القطع الموجودة بقطر من الممكن أن تكون خرجت عن طريق التهريب، موضحًا أنه غير متأكد من إقامة قطر لأعمال حفائر بمصر، أو أنها حصلت على القطع المصرية من خلال المزادات التى تبيع الآثار المصرية على مستوى العالم، مؤكدًا أن إدارة البعثات الخارجية بالمجلس الأعلى للآثار والدكتور محمد عبد اللطيف رئيس قطاع الآثار المصرية الحالى هو من يمكنه الإجابة على وجود بعثات تنقيب قطرية على الأراضى المصرية أو أن الآثار المصرية خرجت عن طريق التهريب.
ومن جانبه، قال الدكتور عبد الفتاح البنا، أستاذ ترميم المواقع الأثرية بكلية الآثار جامعة القاهرة: كل القطع الأثرية المصرية المهربة إلى قطر تصب فى إطار النشاط غير العادى لتهريب الآثار المصرية، مثل حشوات المساجد والمنابر التى تمت سرقتها وتهريبها إلى قطر فترة حكم الإخوان المسلمين، والعصابات التى تقوم بمثل هذه السرقات مستمرة حتى الآن.
وأضاف البنا: هناك العديد من الأثريين المصريين ليس لديهم ضمير ولا يوجد لديهم انتماء للوطن، فهناك العديد من الأثريين ناقمون على مصر، وعلى آثارها، فنحن نحتاج إلى تنقية أنفسنا من الداخل فى المقام الأول، لأن القطع التى هُربت إلى قطر من المؤكد أنها تمت بأيدى المصريين، وليس أحد آخر. ولاسترداد آثارنا علينا أن نقيم دولة قادرة على مواجهة الأخطار التى تحيط بتاريخها وحضارتها، فـ«قطر» تصدر لنا داعش، فكيف لنا أن نطالبها باسترداد آثارنا منها، وعمليات التهريب ما زالت قائمة على مرأى ومسمع من الجميع.
وواصل البنا: إن تمثال ميت رهينة الذى حصلت عليه البعثة البلجيكية خير دليل على اختراق مصر من الداخل، ولا بد أن نكون صرحاء مع أنفسنا، فرموز الفساد ما زالت تسيطر على الآثار، ففى عهد حسنى مبارك كان محمد عبد المقصود مسئولا عن الآثار، وتم تهريب مقبرة «حبوة» إلى إسرائيل، وكل من فى الآثار يعلم ذلك والنيابة الإدارية لديها بلاغات بسرقة هذه الآثار.
ومن جانبه، قال عالم المصريات بسام الشماع: لو أن مصر أرادت أن تسترد آثارها المسروقة أو المبعوثة على شكل هدايا أو بطريق القسمة القديمة، وهى نسبة ٥٠٪ من أعمال الحفائر، وحتى عام ١٩٨٢ كان هناك بيع رسمى للآثار المصرية، وتم إلغاء هذه الأمور، عليها اتخاذ الإجراءات التالية «نصيحة منيّ إلى وزارة الآثار».. ١- انسلاخ مصر من اتفاقية اليونسكو اعتراضًا على ضعف اليونسكو وخصوصًا فى حالات عرض آثارنا فى المزادات العالمية.
٢- السعى إلى إلغاء المادة ٤ من اتفاقية اليونسكو وتحويل المحاولة إلى حملة عالمية القصد منها إلغاء وحذف المادة المجحفة، من وجهة نظره، التى تنص على أحقية الدولة المستلمة ذى الإرث الحضارى من البلد الأولى صاحبة الإرث فى الاحتفاظ بالإرث كونه جزءا من ميراثها الحضاري، مثال مسلة رمسيس الثانى بباريس التى تعتبر فرنسية طبقًا للمادة ٤.
٣- منع ووقف جميع بعثات التنقيب للبلد الذى يرفض إعادة آثارنا، مثل ألمانيا التى تحتفظ برأس الملكة نفرتيتى، ولا تقبل بعودتها إلى مصر.
٤- الاستعانة بعلماء آثار مصريين مدربين للتنقيب عن آثارنا، ومنع الأجانب من العمل فى هذا المضمار.
٥- تغليظ عقوبة الإتجار والتهريب وإحكام القبضة على منافذ البلد مثل الجمارك والموانئ والمطارات، والاهتمام بالكشف عن الحقائب الدبلوماسية، وفتح ملفات بعينها حساسة جدًا، مثل منبر قانى باى الرماح المسروق، ونشر فيلم سرقة المتحف المصرى فى ٢٨ يناير ٢٠١١ على عامة الشعب عبر القنوات التليفزيونية المصرية، وتقديم شرح للمصريين عن حقيقة وجود مخزن متحفى تحت الأرض بميدان التحرير تابع للجامعة الأمريكية وآثار من الفسطاط الإسلامية.
«البوابة» تواصلت مع الدكتور زاهى حواس، وزير الآثار الأسبق، ليرد على الاتهامات الموجهة إليه فى تهريب الآثار إلى قطر فترة توليه الوزارة، ومنعه التحقيق فى تلك الواقعة، وكذا تواصلت مع عدد من المسئولين بوزارة الآثار، منهم الدكتور محمد عبد اللطيف، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، والدكتورة إلهام صلاح، رئيس قطاع المتاحف، والدكتور مصطفى، والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والدكتور ممدوح الدماطى وزير الآثار، للرد على تهريب الآثار المصرية لقطر والإفادة بجهود الوزارة المبذولة لاسترداد القطع، ولكن أيا منهم لم يستجب.