السبت 01 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

إشكالية دس السم في العسل !

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ربما يتساءل البعض عن إشكالية طالما وقع فيها كثير من المثقفين العرب وخاصة المصريين بما أن ثورات الربيع العربى هي نتاج مؤامرة أمريكية، إذن لماذا يرى البعض في ٢٥ يناير ثورة بمعنى الكلمة؟؟
إذا لم تكن ٢٥ يناير ثورة فلماذا اختطفت؟ ولماذا قامت بعد ذلك ثورة ٣٠ يونيو التي نحتفل بمرور عامين على قيامها.. أليست هذه الثورة قد قامت لاسترداد ثورة يناير المختطفة؟
في عام ٢٠١١ كنا في حاجة ملحة لقيام الثورة بعد أن وصل نظام مبارك إلى درجة من الضعف والفساد وفقد مقومات استمراره بعد تزاوج المال بالسلطة من خلال سيطرة رجال الأموال على السياسة ورأت الولايات المتحدة في مصر أنها فقدت أحد أهم حلفائها بالمنطقة أو بالأحرى لم تعد ترى فيه نظاما قويا يرعى مصالحها ويحافظ على نفوذها واستغلت أمريكا الموقف واستثمرته لصالحها وبدون تدخل مباشر منها حدث ما حدث وقامت الثورة وانهار نظام مبارك الذي استمر ٣٠ عاما.
من هنا يمكن القول إن أمريكا استغلت حاجة الشعوب للتغيير وعندما حدث هذا التغيير لم يكن يشغل الولايات المتحدة غير وجود نظام يحرس مصالحها أما مصالح الشعب المصرى ومستقبله أمر لا يعنى الأمريكيين وعليه لا بد أن نفرق بين إرادة الجماهير في التغيير وبين ما تريده واشنطن من مصر والمنطقة بشكل عام.
وحتى تتضح الصورة لا بد أن نعود بالتاريخ إلى الوراء قليلا عندما قادت الولايات المتحدة ما أسمته التحالف الدولى لتحرير الكويت في عام ١٩٩١ بعد أشهر قليلة من غزو العراق لها في أغسطس ١٩٩٠، وفى عام ٢٠٠٣ تحججت أمريكا بأكذوبة امتلاك الرئيس العراقى صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل وغزت بغداد وأسقطت نظام صدام ونلاحظ أنها دفعت غاليا من دماء جنودها حتى لو دفع العرب فواتير الحرب!!
ومن هنا جاءت كونداليزا رايس وأهدت الإدارة الأمريكية نظرية الفوضى الخلاقة أو ما يسمى FORTH GENERATION WARFARE أو الجيل الرابع من الحروب التي تعنى تصدير الحرب من الداخل دون تحريك عسكري أو معدة في الجيوش الأمريكية ووجدوا أن النتيجة واحدة بل أفضل من الحرب المباشرة.. إنها فكرة مستوحاة من ألعاب "البلاى ستيشن" وتستهدف توظيف الشعوب في عملية الصراع السياسي وللأسف نحن العرب صدقنا الفكرة لأنها قدمت لنا في توقيت "ذكى" يتفق ورغبة الشعوب في التغيير ووقعنا في الشرك المسمى الربيع العربى بدءا من تونس مرورا بمصر ووصولا إلى ليبيا وسوريا واليمن وكان العراق المقسم بعد صدام نقطة انطلاق عناصر الإرهاب مثل داعش الذي اتجه إلى سوريا كما وجد في ليبيا بيئة خصبة لتمدده شرقا إلى مصر وغربا إلى تونس لكن اللافت للنظر أن ثورة ٣٠ يونيو أنقذت مصر من خطر داعش بالرغم من موجة الإرهاب التي ظهرت بعد سقوط حكم الإخوان وكان منطلقها سيناء، ونؤكد هنا على موقف الجيش المصرى القوى الذي كان السبب في إفشال مخططات داخلية وخارجية لتحويل مصر إلى النموذج السورى أو الليبى أو اليمنى!
ومن الظواهر الغريبة اليوم في عالمنا العربى محاولة زرع الفتنة بين السنة والشيعة، فمن المعروف أن الخلاف بين المذهبين موجود من مئات السنين وهو خلاف في الفروع وليس في الأصول، وكان الأزهر الشريف المقرب بين الشيعة وأهل السنة، والسؤال لماذا الآن يحاول البعض تسييس هذا الخلاف وإبرازه؟ كما لو كان الشيعة هم أعداء العرب والتغاضى عن هؤلاء الذين يزرعون الفتن الذين يرتزقون من الولايات المتحدة والغرب ويستخدمون كأداة في أيديهم، ومن هؤلاء أتباع داعش الذين يحسبون على الإسلام ولم يكن انفجار مسجد النواصر بالكويت أثناء صلاة الجمعة وفى شهر رمضان إلا أكبر دليل على صحة ما تقدم، والقول نفسه ينطبق على حادث إطلاق النار على السياح في أحد منتجعات مدينة سوسة التونسية، وتأتى هذه الظاهرة مع تنامى أطماع إقليمية لكل من إيران باعتبارها ناشرة التشيع في المنطقة وتركيا باعتبارها داعمة وراعية التنظيم الدولى للإخوان.
خلاصة القول إن الذي يدس السم في العسل هو نفسه الذي يخلط بين مفهوم الثورة ومفهوم المؤامرة!!