الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإعلام.. وحروب الجيل الرابع "3"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
- نواصل نشر محتوى الفصل الثاني عشر من كتاب "الاحتلال المدني" أسرار 25 يناير والمارينز الأمريكي "للكاتب والباحث عمرو عمار، حيث يتحدث في هذا الفصل عن دور الولايات المتحدة السافر في الإعلام والصحافة المصرية؛ من أجل هدم الدولة المصرية بالقوى الناعمة.
- يتساءل الكاتب والباحث عمرو عمار عن مبادرة البيت الأبيض في السيطرة على الإعلام والصحافة المصرية فيقول:
- في 3 نوفمبر 2002 طرح كولن باول وزير الخارجية الأمريكي الأسبق مبادرة، أطلق عليها "مبادرة الشرق الأوسط الكبير" وفتحت هذه المبادرة قوسًا ونصت على أن هذا الشرق يشمل البلاد العربية جميعًا، إضافة إلى إيران وباكستان وأفغانستان!
وزعمت واشنطن (بوش) أنها ستساعد شعوب هذه المنطقة للوصول الى الحكم الرشيد!!، ورصدت 250 مليون دولارا لتنفيذ هذه المبادرة، ومنها 10 ملايين دولار لمساعدة وسائل الإعلام المستقلة غير الحكومية في المنطقة العربية.
- وفي ذلك اعترف البرتو فرنانديز، مستشار كولن باول أن الملايين العشرة للإعلام ستسهم في وصول المنطقة للحكم الرشيد، وأن أمريكا ترغب في وجود انتقاد علني في وسائل الإعلام العربية للأنظمة الحاكمة بدلا من الهجوم على السياسة الأمريكية وحدها، مشيرا إلى أنهم سيساعدون الصحافة المستقلة بالتقنيات الحديثة والتدريب، وبالفعل ذهب كثيرون من المنتمين للصحافة المصرية خاصة والعربية عامة إلى مراكز التدريب الأمريكي، وحصلوا على منح تدريبية داخل الولايات المتحدة الأمريكية، ولعب معهد الإعلام الإقليمي دورًا بارزًا في إرسال الصحفيين المصريين، واعترضت نقابة الصحفيين المصريين، وأثيرت معركة صحفية بين الدكتور أسامة الغزالي حرب رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية في ذلك الوقت، المرحب بهذه المنح الأمريكية، وبين بعض أعضاء مجلس نقابة الصحفيين المعترضين على هذا الاختراق الأمريكي.
- وسأل الباحث عمرو عمار الكاتب الصحفي مهدي مصطفى مدير تحرير مجلة الأهرام العربي: هل كانت الملايين العشرة كافية لتغيير مزاج الصحافة المصرية لتصبح أمريكية، وبالتالي تغيير الرأي العام تمهيدًا للوصول لهذا الحكم الرشيد؟!
- أجاب: بالفعل عاد الأمريكيون ورفعوا التسعيرة إلى 23 مليون دولار، وأخيرا وصلت إلى 29.5 مليون دولار خصصت لصحافة جديدة تتناغم مع الرؤية الأمريكية التي كانت قد شرعت في التمهيد لغزو العراق الذي جرى بعد إعلان المبادرة بأربعة أشهر في 20 مارس 2003.
- وحين بحثت شخصيًا من خلال مباردة كولن باول في الواقع الإعلامي في مصر وجدت أنه في عام 2003 كشفت غرفة التجارة الأمريكية عن قيامها بتدريب أكثر من 500 شخصية سياسية وإعلامية واقتصادية مصرية، بعدد من الدورات التي نظمتها في العين السخنة بالتعاون مع مركز إعداد القادة الذي كان يرأسه رئيس الوزراء الأسبق عاطف عبيد، تحت عنوان "قيادات المستقبل"، وقد ضمت هذه الدورات أشخاصا أصبحوا وزراء فيما بعد، ورجال أعمال سيطروا على كل مقاليد الأمور خلال حكم مبارك، وعدد لا بأس به من قيادات لجنة السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي "الحزب الحاكم في ذلك الوقت"، كما حضر الدورات التي كانت بمثابة بوابة العبور لأي منصب قيادي، عدد من الصحفيين الذين أصبحوا فيما بعد رؤساء تحرير لصحف قومية ومستقلة. 
- هذه الدورات تزامنت مع برنامج تطوير الديمقراطية الذي أعلنت عنه ليزا تشيني ابنة نائب الرئيس الأمريكي الأسبق ديك تشيني، وهو البرنامج الذي وضعه له الولايات المتحدة ما يقرب من نصف مليار دولار بعد احتلالها للعراق لعدة أهداف، منها محاولة تجميل صورتها أمام الرأي العام العربي، وكان من نتائج ذلك راديو "سوا" وقناة "الحرة"، كما دعمت عددا من الصحف التي كانت على وشك الصدور، وهو ما كشفته الصحفية أميرة هويدي وقتها في تقرير مطول نشرته جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية ، وكان من بين الصحف التي ذكرتها هويدي في تقريرها جريدتا "المصري اليوم" و"نهضة مصر" التي سبقت المصري اليوم في الصدور بعدة أشهر.
*وسأل الباحث عمرو عمار الكاتب الصحفي مهدي مصطفى: هل كان هؤلاء المتدربون الـ 500 تحت رعاية غرفة التجارة الأمريكية من دور أثناء أحداث يناير 2011 ؟!.
- أجاب: بالقطع .. ففي أثناء أحداث 25 يناير كان هؤلاء المتدربون تحت رعاية غرفة التجارة الأمريكية في مقدمة حشود المظاهرات، يطالبون بالتغيير، رغم أن بعضهم كان في قلب النظام!، وصحيفة المصري اليوم مثلا ظهرت بعد مبادرة كولن باول بعامين، ولا تزال مرحلة تأسيسها غامضة ومحاطة بالأسرار، والمعروف أن مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق دشنت هذه الصحيفة في زيارة رسمية، وأحد مؤسسيها هو هشام قاسم، العضو المنتدب لها، حظى بلقاء استمر 55 دقيقة مع جورج بوش، وقاسم اعترف أن المصري اليوم بصدد إنهاء سيطرة الصحافة القومية وعلى رأسها الأهرام، وهو نفس موقف مبادرة كولن باول التي تسعى إلى ضرورة إنهاء سيطرة الدولة على وسائل الإعلام.
*أولبرايت.
- أولبرايت كتبت مقالاً بالاشتراك مع فين بيير رئيس هيئة الوقف القومي للديمقراطية "نيد" (أهم الممولين للمنظمة المصرية لحقوق الانسان ويترأسها هشام قاسم) نشر في الواشنطن بوست بتاريخ 8 يونيو 2005 بعنوان: "الطريق الصحيح لديمقراطية عربية" قالت فيه: تظهر الولايات المتحدة غالبا في الإعلام العربي بصورة غير عادلة، والحل ليس في البحث عن وسائل للضغط على الصحفيين العرب أو معاقبتهم، وإنما يمكن الحل في دعم إصدارات الإعلام المستقبل!، في ذلك الوقت دفعت أمريكا ملايين الدولارات لصحافة مصرية أطلقت عليها مستقلة، وكان بيت الحرية (فريدوم هاوس) هو الممول الرئيسي.
- وتعترف السفيرة الأمريكية السابقة في القاهرة مارجريت سكوبي أن هذه الأموال تصل الى صحافتهم المستقلة بطرق لا تستطيع الأنظمة الوصول إليها حسب ما ورد في إحدى برقيات ويكليكس، وكما قلت تحظى جريدة المصري اليوم برعاية أمريكية فائقة، وقد نشرت يوم 12 يناير 2011 قبل أحداث يناير 13 يوما تقريرا من واشنطن عن تغيير النظام في مصر قريبا، وجاء فيه: أن الإدارة الأمريكية اجتمعت وقررت تغيير حسني مبارك، وكان لافتا أن تنشر صورة الرئيس مبارك مع الخبر كرسم وليس صورة فوتوغرافية كالمعتاد، وبعدها بأسبوعين وقعت أحداث 25 يناير بالتحرير، وكان خط الجريدة التحريري "المصري اليوم" مع هذا التغيير المطلوب أمريكيا، وكانت المصري اليوم أول صحيفة مصرية تطبع بوست بأسماء وصور الذين لقوا حتفهم في أحداث 25 يناير تحت عنوان مثير من قصيدة للشاعر أحمد فؤاد نجم هو (الورد اللي فتح في جناين مصر!)، ومعروف أن من أبرز ملاك المصري اليوم صلاح دياب، وكيل شركة هالييرتون النفطية الأمريكية في مصر، ويترأسها ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي الأسبق والدليزا تشيني، والمهندس نجيب ساويرس، صاحب قناة "اون تي في" الفضائية، وأحمد بهجت صاحب قناة "دريم الفضائية" لاحظ هنا سيطرة رءوس الأموال المصرية على القنوات الفضائية.
- بدوري بحثت عن هذا المقال الذي أشار إليه مهدي مصطفى، وجدته تحت عنوان: "الكونجرس" (مصر معرضة لتغيير محتمل في القيادة.. وواشنطن بوست ترغب في تشكيل حكومة تحترم حقوق الإنسان، حيث كتبت فتحية الدخاخني: قال تقرير حديث لخدمة أبحاث الكونجرس الأمريكي: "إن مصر معرضة لتغيير محتمل في القيادة في المستقبل القريب، لذلك فإن الدورة 112 من الكونجرس الأمريكي ربما تقرر التعبير عن رغبة الولايات المتحدة في تشكيل حكومة أكثر ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان والحرية الدينية لجميع المواطنين.
- ووحدة خدمة الأبحاث، وكالة تابعة للكونجرس الأمريكي، لا تنشر أبحاثها بشكل علني للجمهور، وهدفها تقديم الدعم لأعضاء الكونجرس عن طريق إجراء أبحاث في قضايا السياسة الخارجية والداخلية.
- أما الصحف المستقلة والكتاب الليبراليين المرتبطين بالدوائر الأمريكية في موضوع الحلقة الرابعة القادمة.