الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

مثقفات عن دعوة خلع الحجاب: "سطحية ولا قيمة لها"

لفنانة التشكيلية
لفنانة التشكيلية شيرين البارودي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سلوى بكر: لا تطرح أي معطيات جديدة في قضية المرأة
هالة فهمي: دعوة "بائسة"
هويدا صالح : المرأة لا تحتاج أن يدافع الرجال عن تحررها
عزة هيكل: تظاهرة خلع الحجاب"مرفوضة"

إشراف: سامح قاسم
إعداد: إبراهيم سليمان - أحمد صوان - طارق سعيد

لميدان التحرير مع ثورات المصريين قصَّةً قديمةً، ففي عام 1919 أثناء الثورة ضد الاحتلال الإنجليزي، اندلعت مظاهرة نسويَّة كُبرى بقيادة صفيَّة زغلول زوجة الزعيم الذي قامت الثورة من أجل نفيه، ومعها رائدة التحرر النسائي المصري هدى شعراوي، وفي ميدان التحرير، الذي كان في ذلك الوقت يحمل اسم ميدان الإسماعيلية، وقفت المظاهرة أمام قوَّات الجيش الإنجليزي، و كتعبير عن تضامنهن مع الرجال وإثبات وحدة الشعب المصري، قامتْ صفيَّة زغلول ومَن معها بخلْع النِّقاب، ووضَعْنه تحت أقدامهنَّ ثم قمن بحرقه.
في ذلك اليوم نجحتْ صفيَّة و رفيقة الفكرة هدى شعراوي في الخطوات الأولى من أجل تحرير المرأة، وتغيَّر اسم الميدان من ميدان الإسماعيليَّة نسبةً إلى الخديوي إسماعيل وصار اسمه ميدان التحرير؛ لتتوالى خطوات أخرى نحو التحرير، فكانت زغلول ومعها شعراوي أول من خلعن النقاب، عام1921 أثناء استقبال المصريين الحاشد لسعد زغلول بعد عودته من المنفى، وحسب كتاب "إبراز الحق والصواب في مسألة السفور والحجاب" للكاتبة صافيناز كاظم، فإن شعراوي وسكرتيرتها سيزا نبراوي ألقتا حجابهما وداستاه بأقدامهما فور وصولهما من مؤتمر النساء الدولي الذي عقد بروما في صيف عام 1923.
واليوم بعد ما يقرُب من القرن على الخطوة الأولى لتحرير المرأة، والتي دعا إليها قاسم أمين في كتابيه "تحرير المرأة" و"المرأة الجديدة"، تظهر دعوة أخرى لنزع الحجاب عن المرأة المصرية، تحت إدعاء تحرير المرأة مرة أخرى من الحجاب الذي فرضته عليها الثقافة الوهابية في فترة السبعينات والثمانينات، بعد أن عاد ألوف المصريين من العمل بدول الخليج.
الدعوة أطلقها الكاتب الصحفي شريف الشوباشي عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك مُحدداً لها الأول من مايو، قائلاً إن الحجاب ضد الحرية، و أن الإسلام السياسى هو السبب فى انتشار الحجاب؛ ومُضيفاً أن 7 بنات من كل 10 يرتدين الحجاب، إما خوفا أو قسرا أو تهديدا من الزوج والأب، ولا قت الدعوة ردود فعل مُختلفة، فما بين مؤيد ومُعارض بهدوء، و كذلك اندفع كثيرين في مُهاجمته واصفين الدعوة بأنها تدعو للانحلال.
"البوابة نيوز" استطلعت آراء المُثقفات والفنانات المصريات حول دعوة الشوباشي
فأكدت الدكتورة عزة هيكل عضو المجلس القومي للمرأة، أن دعوة خلع الحجاب بهذا الشكل مرفوضة "لأن مثل هذه الدعوات تبدأ بالفكر وقناعة الأشخاص أنفسهم وليس بالتظاهر"، مُضيفة أن المجتمع يضمن الحرية الشخصية لكل فرد دون النظر إلى دينه أو جنسه "فأنا لا أرتدي الحجاب، ولكني لست مع أي دعوة لفرض رأي ما على أي إنسان، وللمرأة الحرية أن ترتدي الحجاب أو لا ترتدي الحجاب وفق قناعتها وإيمانها بما تعتقد أو تسلك".
و رفضت الروائية سلوى بكر الحديث عن دعوة خلع الحجاب بشكل جزئي ومقطوع من سياقه، "وإطلاق دعوى لخلع الحجاب في الفضاء بلا سبب حقيقي"، مؤكدة أن ما يُثار مجرد كلام سطحي ولا قيمة له في معالجة أو تطرح أي معطيات جديدة في قضية المرأة، مُضيفة "أنا لا أتحدث في الأشياء السطحية".
و أكدت الناقدة الدكتورة هويدا صالح، أنها ضد دعوة خلع الحجاب في ميدان التحرير، أو أن يثور الرجال نيابة عن النساء قائلة "لو أرادت النساء أن تتخلص من هذا الحجاب عليهن أن يقمن بذلك دون أن يحتجن إلى أحد"، مُضيفة أن الحجاب عادة اجتماعية توارثناها من العرب القدماء، وأنه ليس له سند شرعي حقيقي، وحتى الآية التي تدعو النساء أن "يضربن بخمورهن على جيوبهن" فمعروف لغوياً أن الجيوب هي فتحات الصدر والأبطين، وليس من سند لتغطية الشعر "وليس موضوعنا أن نثبت أن الحجاب عادة أم فرض، المهم ألا نحول تحرر المرأة إلى شو إعلامي يقوم به رجل، ليحقق فرقعات صحفية، ورغبة شخصية في تحقيق الشهرة".
وواصلت هويدا "الحقيقة أن تحرر المرأة غير مرتبط بالحجاب، فالحجاب على شعرها وليس على وعيها ورغبتها في التحرر، وأقترح على شريف الشوباشي أن يثور ويحتج على الثقافة التي تهمش المرأة وتعاملها ككائن أقل من الرجال، ويحاول أن يؤدي دوره كصحفي وكاتب في تغيير الثقافة الذكورية التي تضطر المرأة في كثير من الأحيان إلى أن ترتدي الحجاب حتى تجنب نفسها التحرش في الشارع والإهانة اللفظية والمعنوية بل والمادية، كثير من النساء يرتدين الحجاب ليكون بمثابة الحماية لهن من التحرش ومن إهانة الثقافة الذكورية لهن، ومن معاملتهن كجسد فقط".
وقالت الإعلامية هالة فهمي إن القضية المثارة في تلك الأيام حول خلع الحجاب ما هي إلا قضية بائسة كالتي تثار كل فترة بفعل فاعل لشغل الرأي العام، وخلق نوع من البلبلة يُساهم فيها الإعلام بشكل كبير "ولو تركوها لماتت في اللحظة التي نشأت فيها"،
و أردفت"كنت أظن في البداية أن الدعوة عن خلع حجاب العقل الذي أدى إلى تخلفنا وتراجعنا عن السباق الحضاري، وهي قضايا تثار من وقت لآخر كتحرير المرأة، وحجاب المرأة، وتعليم المرأة، كلها قضايا المراد منها هدم المجتمع وتفسيخه"، لافتة إلى أنها ترى قضية الحجاب منتهية ومحسوبة سواء كانت أدلة شرعية من القرآن والسنة "أو بحكم العادات والتقاليد التي نشأنا عليها في مصر" فكانت المرأة المسيحية واليهودية والمسلمة تخرج محتشمة على رأسها غطاء وترتدي زياً طويلاً وعلى رأسها حجاب وعلى وجهها اليشمك "كانت الحشمة يفرضها العرف وعاداتنا وتقاليدنا وكانت المرأة بدون الحجاب لا يشار إليها ويقال عنها كافرة أو سافرة، فكانت الحرية الشخصية مكفولة لمن تخرج عارية الساقين أو من تغطيهما".
وأشارت الفنانة التشكيلية شيرين البارودي إلى أن دعوات خلع الحجاب لا يوجد بها أي نوع من الحرية، حيث إننا نحتاج إلى أن يكون لدى كل شخص الحرية فيما يريد فعله، وينبغي ألا يتدخل الناس في شئون بعضهم، حتى يشعر الشخص نفسه بالرضا "اللى عاوزة ترتدى الحجاب دي حرية شخصية"، و لا يُمكن أن ننظر للمرأة كجسد أو مجرد مفاتن فقط، فهى تمتلك عقلاً وإرادة لكي تفعل ما تريد.
وبدورها أكدت الفنانة التشكيلة فادية كوري أن مسألة ارتداء الحجاب في مصر، ليست مرتبطة بالتدين "فالعديد يرتدينه لظروف اقتصادية"، مُشيرة إلى أنه في السبعينيات، حيث كانت المرأة المصرية جميلة وأنيقة وترتدي أجمل الملابس، كانت هناك دعوات على المنابر وفي وسائل الإعلام من قبل المشايخ بارتداء الحجاب "ولهذا فإن الدعوات لخلعه مثلها مثل دعوات المشايخ، وأن الخروج للشارع لعمل ذلك لن يأتي بفائدة"، وأن المسألة تنويرية في الأساس، وتابعت أن الملبس يُعّد رقي وجمال لا ينبغي أن نطمسه، من خلال الحجاب والنقاب، والعباءة التي انتشرت في مصر وأصبح لها مصانع "فهي تشوه جمال المرأة المصرية".
وأشارت الكاتبة زينب عبدالحميد إلى أن دعوات خلع الحجاب أو ارتدائه في رأيها "حاجة شكلية"، بمعنى أن تغيير المجتمع بشكل حقيقي يحتاج لأشياء أكثر عمقا من مليونية خلع الحجاب، فيُمكن لواحدة أو أكتر تنضم لهذه الصورة السطحية للتحرر، وفي الوقت نفسه تظل وسط دائرة مزيفة من الحريات "ويكون هناك تشويه متعمد ومعقد لمفهوم الحرية"، مؤكدة أن من لديها الرغبة لخلع الحجاب لا تحتاج إلى مليونية.
وأضافت عبد الحميد أن من تنتزع حريتها من المجتمع أو التي تُمارسها بالفعل لا تحتاج كذلك لأن يتم تصنيفها بشكل معين "وإلا فإننا نقوم بتسطيح موضوع التحرر "وكأننا نرد على المتأسلمين بنفس طريقتهم في اختزال العفة في الحجاب".
كذلك أكدت الفنانة التشكيلية خلود صلاح أن الأمر ليس ضد الحجاب أو ضد أي شكل من أشكال الحرية لأي أحد "فأنا ضد التعصب سواء من مسلم أو مسيحي أو علماني"، مُشيرة أنها ترى أن هذه الدعوة نفسها بلا جدوى، وأن الحجاب في الوقت ذاته هو حجاب العقل وليس غطاء الرأس "و لو قرار خلع الحجاب جاء بدون تفكير فلا قيمة له".
وأضافت صلاح أن التوقيت أيضاً غير مُناسب لطرح هذا الأمر -إذا جاز طرحه- بهذا الشكل، لأن الفئة الأكبر من المصريين ليسوا في حال لاستقبال دعوة مثل هذه.
وقالت الناشطة الحقوقية أماني فتحي أن ما نشر هذه الدعوة هو الأصوات الصارخة التي صاحبتها سواء بالموافقة أو الرفض، وهذا ما أعطى الأمر هذه الضجة، مُضيفة أن الحجاب لا يحتاج مليونية لارتداؤه أو خلعه، "فهو في رأيي لا علاقة له بالدين من قريب أو بعيد، وإنما هو مجرد علامة يستخدمها الناس لإثبات الهوية الدينية، تماماً كما يدق المسيحي الصليب على يده".
وأكدت الروائية ياسمين خليفة أن خلع المرأة للحجاب لا يحتاج إلى ضجة "فهناك كثيرات خلعن الحجاب في صمت كما ارتدينه في صمت، والمفترض أن ارتداء الحجاب حرية شخصية"، مُشيرة إلى أن هناك من يعتبر الحجاب الإثبات الوحيد للتدين، ولذلك يحمله ما لا يحتمل "وأعتقد أن من حق أي سيدة تخلع الحجاب إذا لم تعد مقتنعة به أو لا تشعر بالارتياح فيه ولا أحد يهاجمها، ولا أعتقد أن هذه الدعوة مهاجمة لحرية من يرتدين الحجاب"، وأن هذه الدعوة ربما تكون تمرد على قوانين المجتمع الذي يختصر المرأة في الملابس، ويختصر الدين في غطاء الرأس "وربما تخفي تحتها حرب سياسية من الأحزاب المتأسلمة والأحزاب الليبرالية التي تتنافس للتأثير على الرأي العام".