الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وماذا بعد نجاح المؤتمر الاقتصادي؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا شك أن المؤتمر الاقتصدادي قد نجح بكل المقاييس، سواء بمعيار الجدوانب التنظيمية أو عدد الدول المشاركة أو حجم الشركات العالمية التي حرصت على الحضور أو مستوى المشاركة من رؤساء وملوك وأمراء ورؤساء وزراء ورؤساء منظمات ومؤسسات دولية مرموقة. لا شك أيضاً أن المؤتمر الاقتصادي قد نجح بشكل منقطع النظير في حجم المشروعات المتعاقد عليها في مجالات عدة كالطاقة والإنشاءات والعقارات والنقل والمواصلات، وهى مشروعات تصل قيمتها الإجمالية إلى ما يزيد عن 130 مليار دولار.
ورغم ذلك لا بد أن نسأل: وماذا بعد نجاح المؤتمر الاقتصادي؟، وهو سؤال مهم يحاول أن يستكشف آفاق المستقبل لتنفيذ وتفعيل كل ما تم الاتفاق عليه في المؤتمر مع الشركات والمؤسسات العالمية، لأن المشكلة المصرية الصميمة تكمن غالباً في الحماس لفكرة بشكل وقتي ومع مرور الوقت قد يقل الحماس لدرجة الفتور، وبالتالي تغيب المتابعة والسرعة في التنفيذ والدقة والجودة في الأداء، وبالطبع حسناً فعل الرئيس عبد الفتاح السيسي حين اجتمع بالحكومة عقب المؤتمر مباشرة ليصدر تكليفاته لها بالمتابعة الدقيقة لتنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه في المؤتمر. ولكن هذا
في رأيي ليس كافياً، حيث أرى أنه لا بد للحكومة أن تضع في مقدمة جدول أعمالها في اجتماعها الأسبوعي بنداً لمتابعة تنفيذ مشروعات المؤتمر الاقتصادي، كما يجب أن يعقد الرئيس اجتماعاً شهرياً لمتابعة أداء الحكومة في هذا الملف.
وأعتقد أن أول ما يجب أن نعيه ونسعى إلى تفعيله هو أن معظم المشروعات والاتفاقات التي بلغ حجمها حوالي 90 مليار دولار كانت عبارة عن مذكرات تفاهم بين الدولة المصرية والشركات العالمية، وهو ما يجب على الحكومة متابعة عملية تحويل مذكرات التفاهم هذه إلى اتفاقات وشراكات بين الشركات الأجنبية من جهة والدولة والشركات الوطنية ورجال الأعمال المصريين من جهة أخرى.
أمر آخر وهو ضرورة إصلاح وتعديل البنية التشريعية التي توفر بيئة حاضنة للاستثمار ومناخاً ملائماً لجذب مزيد من الاستثمارات. صحيح أنه قد صدر قانون جديد للاستثمار بعد طول انتظار وهو خطوة مهمة على الطريق الصحيح، إلا أن هناك عديدا من القوانين التي تحتاج تعديلات وإصلاحات خلال الشهور القليلة القادمة، كم أن قانون الاستثمار نفسه يجب تفعيله بأسرع ما يمكن، فليس من المعقول أن يصدر تصريح حكومي بأن سياسة الشباك الواحد الواردة بالقانون سوف يتم تفعيلها بعد 18 شهراً أى عم ونصف بالتمام والكمال. وليس من المقبول أن يهرول العالم نحونا ونحن نمشي تجاهه بكل هذا الكسل والتباطؤ.
قضية أخرى مهمة يجب التصدي لها إن كنا نريد استثماراً حقيقياً يعود بالنفع والفائدة على المواطن المصري، وهى ضرور التصدي للفساد المستشري في أجهزة الدولة منذ عهد مبارك، فهذا الفساد هو الذي تصل حصيلته وفق بعض الإحصاءات إلى 40% من الناتج المحلي، ولا شك أن طلب العمولات من المستثمرين كما حدث في فضيحة مشهورة مع إحدى الشركات الألمانية في أواخر عهد مبارك كفيلٌ بأن يقضي على أحلامنا وطموحاتنا لمصر المستقبل، كما أن هذا الفساد سوف يعمل على تآكل كل عائدات التنمية التي لن يصل منها إلا الفتات إلأى الشعب المصري الذي يجب أن يحصل على نسبة معتبرة من هذه العائدات حتى يشعر بالتغيير في مستوى الدخل تحقيقاً لمبدأ العدالة الاجتماعية.
وفي النهاية يجب على الإعلام أن يسلط الضوء على مايتم تنفيذه على الأرض ويرصد جوانب القصور لتلافيها وينقد أي تقصير أو تراخي في المتابعة لأن مصر لا يوجد لديها أى ترف من هذا القبيل، كما أن الفشل ليس من بين الخيارات المتاحة، لأننا يجب أن نصر على النجاح. كما يجب على الإعلام ألا يمني المواطنين البسطاء بأن المؤتمر هو نهاية المطاف وأن أحلامهم ستتحقق الآن وليس غداً، لأن هذا سوف يخلق فجوة بين تطلعات المواطنين وماسيتحقق على الأرض الذي يحتاج وقتاً وجهداً، بل يجب على الإعلام أن ينشر ثقافة العمل والالتزام والمهنية والجدية، لأن مصر في حاجة
إلى جهد كل أولادها المخلصين من أجل استشراف مستقبل واعد لدولة فتية.
إن الأمل والطموح هو الذي يعطي للحياة معنى ومغزى، والمصريون إذا استشعروا الأمل في الغد فإنهم سوف يفجرون كل طاقاتهم للوصول إلى غد مشرق وآمن ومستقر، ولن يحول بينهم وبين الغد أية عقبات ليجد هذا الوطن مكانته التي يستحقها بين الأمم.