الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

منير أديب يكتب: سبايا داعش أم حرائر الإزيديين؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

خطورة تنظيم داعش ليس في حجم الدماء التي أراقها بعد إقامة دولته في 29 يونيو من العام 2014، ولا بعد سقوط هذه الدولة في 22 مارس من العام 2019؛ فالتنظيم قتل كل شيء في هذه البقعة الجغرافية التي سيطر عليها في الرقة والموصل مدة خمس سنوات كاملة.

داعش استراق الإنسان؛ ولعل نهم التنظيم للقتل هو انعكاس لهذه الحالة؛ حيث أعاد نظام الرقة من جديد، وبالتالي لم يُصبح للإنسان أي قيمة عنده، بل ينظر إليه من عين الشهوة، سواء شهوة السلطة في خدمة الأسياد والحفاظ على ملكهم، أو إشباع رغباتهم الجنسية من خلال استرقاق المرأة.

نجحت قناة العربية كعادتها في تسليط الضوء على الجزء الغامض في حياة التنظيم بعد مرور خمس سنوات على سقوط مملتكه، من خلال عدد من اللقاءات الحصرية سواء مع زوجة الملقب بخليفة داعش وابنته أو من خلال بعض الناجيات من الإزيدييات.

فقد جاء على لسان زوجة الملقب بالخليفة أبو بكر البغدادي، أنه كان يغتصب الإزيديات، ولعله كان يفعل ذلك إيمانًا منه بأنّ هؤلاء إيماء وفق المفهوم الشرعي الخاطئ للدين، وبالتالي من حقه أنّ يطأها في أي وقت؛ وهذا قد يعود إلى نهم الجنس لدى هؤلاء المتطرفين، ولكن السبب الأهم هو الاسترقاق.

يرى داعش أنّ الإزيديات كفارًا، وبالتالي من حق القيادي في داعش أنّ يُضاجعها بمفهوم المضاجعة وليس الزواج من خلال عقد وقبول الطرف الآخر في العلاقة، فهي على غير ملته، ويراها كافرة في نفس الوقت ولا تؤمن بدين سماوي! وهذه نقطة مهمة في فهم سلوك داعش تجاه هؤلاء الإزيديات.

ولذلك انتشرت أسواق النخاسة في الدولة الإسلامية التي أقامها داعش، وباتت تُباع المرأة علنًا، حتى يحصل منها المجاهد على نصيبه من علاقة جنسية، كان يُقيمها قسرًا مع هؤلاء الإزيديات الحرائر.

كانوا يتعاملون مع الإزيديات على أنهن سبايا؛ وهذه القيادات كانت تُجاهد بالفعل ولكن في الاستمتاع بالإزيدييات، أو يجعلوا لهم نصيب من الاستمتاع والترويح على النفس؛ ليس ذلك فقط ولكن كان يتم إجبارهن على الدخول في الإسلام في بعض الحالات والمعاملة السيئة، ويُضاف لهذا وذاك الإجبار على المعاشرة الجنسية.

حجم الضرر الذي وقع على المرأة الإزيدية لا يقل في تأثيره عن أثر السكين الذي ضرب رقاب الأبرياء والضحايا خلال 5 سنوات كاملة سيطر فيها التنظيم على الرقة والموصل؛ فلعل الحالة الأخيرة انتهت معاناتها بخروج الروح البريئة إلى بارئها، أما الإزيديات فقط بدأت معاناتهن بالاغتصاب الجماعي من قبل قيادات داعش.

الاغتصاب الجماعي الذي مارسه داعش ضد الإزيديات جريمة لا تُغتفر بحجم جرائم الدم التي ارتكبها، كما أنها تُظهر صورته الجلية وفهمه المشوه والمشوش للدين؛ فهؤلاء يًحاربون ما أحل الله ولكنهم يبحثون عن كل حرام في نفس الوقت ليرتكبوه كما هو الحال في اغتصاب الإزيدييات، وهذه قمة التطرف وآفته في نفس الوقت.

حرائر داعش وسباياه قديمًا سوف تظل شارة على قميص أكثر التنظيمات تطرفًا، لا بد أنّ يُنظر إليه من خلالها؛ فالتنظيم مارس كل أشكال القتل الجنائي والمعنوي ضد مغتصبيه في الدولة التي سماها بالإسلامية، بينما لا علاقة لها بالإسلام من قريب أو بعيد.

داعش اغتصب الأرض وحرقها، وفعل ذلك مع الإنسان رجالًا ونساءً؛ فلو وزنت خطايا الأمة الإسلامية في كفة وما فعله داعش في كفة لرجحت كفة هذا التنظيم المتطرف، الذي طعن الجميع في ظهره حتى الإسلام الذي يدعي أنه يمثله.

سوف يظل الإزيديين حرائر رغم ما حدث لهم ورغم ما عانوه من قسوة داعش، الجرائم التي ارتكبها التنظيم لن يغفرها تاريخ أو ضمير، وربما تكون سبب سقوط دولة التنظيم السقوط المعنوي والمادي قبل خمس سنوات؛ حرائر داعش هم بمثابة تيجان مرفوعة فوق رؤوس الجميع، فهنّ أشرف عند الله والنّاس ممن اغتصبوهم.