الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نجاح هادى.. صاخب على الساحة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يقال الفرصة لا تأتى إلا لمن يستحقها، ولكن ماذا عن صناعة الفرصة، أن تجتهد بكل ما أوتيت من قوة، فتصنع فرصتك بيدك!.. هذا ما شاهدته بالصدفة خلال ساعات قليلة، بعد أن تابعت رحلة نجاح ممتعة ومبهجة وملهمة، تؤكد أن الشباب المصرى بخير، والذوق العام بخير، وإبداعنا ومبدعينا سيظلون دائما بخير.. كنت أبحث عن بعض المعلومات حول أحد المبدعين، والذى كنت قد هممت بالفعل بالكتابة عنه! وكنت أشاهد بعض لقاءاته على اليوتيوب، حتى وجدت أثناء بحثى فيديو قصير يتضمن لقاءً معه، ولكن بمجرد أن شاهدت المقدمة، وقبل أن يتحدث الضيف أدركت أننى أمام محتوى رائع وقيم ومختلف، وفجأة وجدتنى أخرج من عالم المبدع الذى كنت أبحث عن معلومات تخصه، لأدخل عالم المبدع الشاب الذى قدم محتوى الفيديو! ودون أن أشعر وجدتنى أشاهد فيديوهاته واحدًا تلو الآخر، بكل إستمتاع وشغف، ولأننى لست من القريبين من عالم المنصات الإلكترونية وأبطالها، والذين يطلق عليهم غالبا يوتيوبر (نسبة إلى اليوتيوب) أو بلوجر (الشخص القائم على صناعة المحتوى ونشره على الإنترنت، من خلال مدونته الشخصية أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي) لذلك لم أتخيل أننى يمكن أن أرى محتوى بهذه الجودة والإتقان، من خلال شاب فى مقتبل العمر، إستطاع بموهبته وجهده وجديته أن يخلق فرصًا لنفسه، ويفرض وجوده على الساحة الفنية، ليس فى الواقع الإفتراضى فقط، ولكن فى المجال الفنى بصفة عامة!.. إنه المخرج الشاب هادي بسيونى، والذى إكتشفت أنه أحد أشهر مقدمى المحتوى على المنصات الإلكترونية، منذ أنشأ قناته “المراجعة النهائية” منذ ثلاث سنوات تقريبا، وقدم من خلالها حلقات تحمل نفس الإسم، وفى كل حلقة يناقش موضوعا مختلفا، عادة ما يتعلق بالفن، وبالتفاصيل الإخراجية أو الأمور التقنية فى صناعة الأعمال الفنية المختلفة، كالصوت والإضاءة والكادرات والموسيقى التصويرية، ولكن  بتناول جذاب وسلس وكوميدى فى نفس الوقت!.. فوجدته برنامجا تثقيفيا وترفيهيا فى نفس الوقت، يعتمد على إيقاع سريع وحيوى، بالإستعانة بكل الوسائل الممكنة من صور وأصوات ومواد فيليمية وتسجيلية ومقاطع مصورة، مع إلمام بكل التفاصيل التى تخص الموضوع الذى يتم تناوله، بشرح دقيق ومتخصص، مع الإستعانة بالأمثلة التطبيقية بشكل كوميدى، يرسخ المعلومات فى ذهن المشاهد، فيحقق المتعة والفائدة، دون أى ملل، وينمى التذوق الفنى لمن يشاهده، ويصبح أكثر إدراكا للتفاصيل التى تغيب عن المشاهد العادى.. هذا البرنامج التثقيفي الممتع والمميز صنعه شاب مبدع لم يتعد الثامنة والعشرون من عمره، أى أنه حين بدأ أولى حلقات برنامجه “المراجعة النهائية” كان لا يزال فى الخامسة والعشرون! وهو خريج كلية الفنون التطبيقية بالجامعة الألمانية، ودرس من خلالها (ميديا ديزاين) أو تصميم المحتوى الإعلامى، وبالتالى درس الإخراج أيضا، ولأنه مولع بالتفاصيل، جعلته دراسته أكثر تركيزا فى تفاصيل الإخراج والتمثيل، وغيرها من تخصصات تتعلق بالمحتوى الفني المقدم سواء فى السينما أو التليفزيون أو المسرح أو الرسوم المتحركة.. ولم يكتف بالأعمال الفنية التى يشاهدها أو يتابعها فى حينها، بل بدأ يستعيد الأعمال التى كان يشاهدها منذ طفولته، ويطبق عليها ما تعلمه، ومن هنا جاءته فكرة حلقات المراجعة النهائية، والتى بدأها بحلقة أسماها مراجعة أغنية (فاكراك يا ناسينى) للفنان محمد فؤاد، وكانت الحلقة بمثابة مراجعة نقدية للأغنية، وبعد نجاح الحلقة، وتحقيقها لنسبة مشاهدات مرتفعة إلى حد ما، أعقبها بحلقات أخرى تحمل إسم مراجعة أيضا، ومن هنا جاء إسم (المراجعة النهائية) الذى إستطاع من خلاله إجتذاب الشباب وقطاع كبير جدا من الجماهير بصفة عامة، وهو ما جعله يحقق نسب مشاهدات عالية، وجماهيرية كبيرة تدفع إحدى المنصات الرقمية التابعة لقناة الحرة (وهى منصة “الساحة” التى تصدر عن شبكة الشرق الأوسط للإرسال MBN)  للإستعانة به، وتقديم برنامجه من خلالها، بعد نجاحه الفردى الذى جعله يعد من أنجح المؤثرين المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي!.. بالإضافة لما أظهره البرنامج من إمتلاكه بموهبة كبيرة وفكر راقٍ، وبراعة فى إستخدام الإمكانيات المتاحة بتمكن!.. لذلك إستعان به مخرجون كبار للعمل معهم كمساعد إخراج.. فإستطاع هذا الشاب الموهوب والمجتهد أن يصنع نجاحه بنفسه، ويفرض إسمه وسط آلاف الخريجين من نفس التخصصات، وإستطاع أن يتوصل لتوليفة تقدم محتوى رصين وجاد، بإسلوب خفيف وبسيط وممتع، يجتذب المشاهدين من كل الأعمار، ويتلاءم مع الإيقاع اللاهث للعصر الذى نعيشه.. لذلك أتمنى من كليات الإعلام وغيرها من جهات منوطة بدراسة المحتوى الإعلامى، أن تقوم بتحليل هذا  النموذج، ويتم تطبيقه على برامج أخرى هادفة، تستطيع ترجمة الأهداف المراد تحقيقها فى شكل جذاب وممتع، وتخاطب الأجيال الجديدة بمفرداتها، حتى تصل الرسالة الإعلامية كما ينبغى أن تكون، ويتحقق الوعى الذى نتمناه!.
د. رشا يحيى: أستاذة بأكاديمية الفنون