الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

صلاة وتسبيح.. هكذا يقضي الأقباط صوم الميلاد

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يستعد الأقباط الأرثوذكس لاستقبال صوم الميلاد المجيد، يوم الأحد الموافق 25 نوفمبر، وتستمر فترة الصوم لمدة 43 يوما ينتهي في يوم احتفالية عيد الميلاد المجيد الذي يوافق 29 كيهك أي 7 يناير المقبل، وخلال هذه الأيام يعيش أقباط مصر حالة روحانية عالية؛ حيث تنطلق لليالي شهر كيهك الشهيرة التي تكثرها التراتيل والصلوات التي تقام في جميع الكنائس المصرية.

ويُعد صوم الميلاد من الدرجة الثانية من بين أصوام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ويمتنع فيه الصائمون عن تناول أكل اللحوم وجميع المشتقات الحيوانية، ويسمح فقط فيه بأكل السمك - كنوع من التخفيف لكثرة الأصوام خلال السنة، وذلك كافة أيام الأسبوع ما عدا يومي الأربعاء والجمعة من كل أسبوع.
 

أيام الصوم بين الكنائس

حافظت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على مدة الصوم الأربعين يوماً مع إضافة 3 أيام لصوم حادثة نقل جبل المقطم، بذلك تكون مدة الصوم 43 يوما، بدءاً من السادس عشر من شهر هاتور القبطي -يوافق أوخر شهرنوفمبر- حتى الثامن والعشرين من شهر كهياك القبطي يوافق أولى أيام يناير.

بينما مدة صوم كنيسة الروم الأرثوذكس تبلغ 40 يوماً، بدءاً من الخامس عشر من شهر نوفمبر حتى الرابع والعشرين من شهر ديسمبر، ويكون الاحتفال عيد الميلاد المجيد فى الخامس والعشرين من شهر ديسمبر.

 وأما عن كنيسة الروم الكاثوليك، اختصرت مدة الصوم وجعلت مدته 15 يوماً، بدءاً من العاشر من شهر ديسمبر حتى الرابع والعشرين من شهر ديسمبر، والاحتفال بعيد الميلاد المجيد فى الخامس والعشرين من شهر ديسمبر.

بينما كنيسة السريان الأرثوذكس، اختصرت مدة الصوم وجعلت مدته 25 يوماً، بدءاً من الأول من شهر ديسمبر حتى الرابع والعشرين من شهر ديسمبر، ويكون الاحتفال بعيد الميلاد المجيد فى الخامس والعشرين من شهر ديسمبر.

واما عن الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية حافظت على مدة الصوم الأربعين يوماً بدءاً من السادس والعشرين من نوفمبر حتى الخامس من يناير الاحتفال بعيد الميلاد المجيد في السادس من شهر يناير.

صلاة وتسبيح وطهارة 

يقول مينا سليمان الباحث في المركز الثقافي القبطي لـ"البوابة نيوز": "تبدأ كنيستنا القبطية هذه الأيام صوم الميلاد وذلك لاستقبال، ميلاد طفل المذود "السيد المسيح"؛ حيث تبدأ الكنيسة بتهيئة كل المؤمنين بالصوم والصلاة لاستقبال ميلاد كلمة الله المتأنس وذلك بتهيئة القلوب وتطهيرها من كل الأفكار الشريرة وكذا أي انشغال يفصل الإنسان عن الله؛ فالكنيسة دائمًا ما تربط كل صوم بالصلاة الدائمة رابطين الصوم والصلاة بالسهر الدائم إن كان الرب قال "اِسْهَرُوا وَصَلُّوا" (إنجيل متى 26: 41)؛ فالكنيسة صارت على هذه الدعوة إن كان بتعليمها عن السهر الروحي على خلاص النفوس وكذلك السهر الفعلي خلال سهرات الصلاة والتسبيح وخصوصًا في هذه الأيام التي تصاحب هذا الصوم وهي أيام شهر كيهك حيث تسهر الكنيسة في ليالي هذا الشهر تصلي وتسبح الله بكل طهارة فكر وقلب منتظرين في نهاية هذا السهر الروحي ميلاد المخلص يسوع المسيح "طفل المذود" في قلب كل مؤمن."

وتابع، يمتنع الأقباط في تلك الأيام عن أكل اللحوم وكل شحم ودسم في كل أيامها وذلك لكي يكون الإنسان دائمًا مثل الطائر الخفيف المنطلق والمُحلِق في السماويات والكنيسة وضعت عدم أكل اللحوم في أصوامها أي عند الانتهاء من ساعات الصوم حتى لا يقع الإنسان فريسة للغرائز التي تسيطرعليه بعد الشبع من الأكل والكنيسة طوال العام تصوم كثيرًا فيوجد أصوام كثيرة متعددة فهناك أصوام لها مكانة خاصة مثل الصوم الأربعيني وهو الصوم الذي يسبق عيد القيامة وهو خمسة وخمسون يومًا وكذلك صوم الأربعاء والجمعة من كل أسبوع على مدار العام (عدا أيام الخمسين المقدسة وعيدي الميلاد والغطاس) وأيضًا صوم نينوى وهو ثلاثة أيام وكذلك صوم أيام برامون الميلاد وكذلك برامون الغطاس وفيها يكون الصوم في أعلى درجة في صوم الساعات وبعدها الأكل النباتي الخفيف الذي يجعل الناس في قمة نشاطها الروحي والجسدي وهناك أيضًا أصوام أرادت الكنيسة أن تخفف على شعبها فيه فسمحت فيه بأكل الأسماك وذلك بعد صوم الساعات ومنه صوم الميلاد وهذا الذي نحن بصدده الآن وكذلك الصوم المعروف بصوم الآباء الرسل وأيضًا الصوم المعروف بصوم العذراء القديسة مريم.

وأضاف، المسيح أعطى للمؤمن أن يتسلح بالصوم والصلاة هذه الأسلحة التي لا يقدر إبليس أن يقوى عليها فقد قال عن جنس الشياطين "وَأَمَّا هذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ»." (مت 17: 21). فالمؤمن لابد وأن يصوم ويصلي لكي يكون في استعداد دائم ضد محاربات الشيطان وكل أفكاره فالمسيح أيضًا أوضح لنا هذا، ولم تضع الكنيسة الأصوام والصلوات كفروض ولكن لإعانة شعبها على المواصلة في الحياة الروحية للنفس الأخير وذلك حتى يفرح كل مؤمن في النهاية ليس على سبيل تأدية الفروض والأعمال القائمة على البر الذاتي ولكن لأجل محبته في الرب والسير بالإيمان وتطبيقه بالمحبة القائمة على ترويض الجسد ومنعه من الوقوع في الكسل والتواني وإتمام الشهوات الرديئة.

وأكمل سليمان، الكنيسة تصلي طوال أيام السنة ففي الصباح القداس الإلهي وفي المساء الصلوات والتسابيح حيث العشيات الروحية؛ فنجد الكنيسة طوال العام تصلي وتسبح في الليالي بكتاب الإبصلمودية وكتاب الإبصلمودية هو كتاب يضم الصلوات والتسابيح وقد نشأ كتاب الإبصلمودية منذ قرون طويلة؛ والإبصلمودية أخذت في التطور منذ نشأتها حتى وصلت لنا هذه الأيام في شكلها الأخير، وكلمة إبصلمودية من الكلمة اليونانية إبصالموس وتعني ترتيلة أو ترنيمة ومنها إبصالتيس الذي يعني "مُرتل أو مرنم" فالمؤمنون هم المرتلون الذين يرنمون لله طوال العام؛ فهناك الإبصلمودية السنوية التي تحتوي على الصلوات والتسابيح التي تُصلَى طوال العام وهناك الإبصلمودية الخاصة بشهر كيهك فقط وتُسمى "الإبصلمودية الكيهكية" وهي تخص هذا الشهر وفيه 

واختتم قائلاً: "ترتيب الصلوات والترانيم والتسابيح الموضوعة لهذا الشهرعينه؛ الكنيسة لم تضع الصوم فقط فيكون الإنسان في فراغ ولكن أرفقت له الصلوات الجماعية أي الليتورجيا ونظمت التسابيح والترانيم المناسبة لكل فترة تعيشها الكنيسة ومنها كما أشرت بفترة شهر كيهك التي لها طابع خاص من التسابيح؛ حيث تقضي الكنيسة الليل كله في التسبيح لله وكذلك التأمل في قديسية الذين عاشوا الفضائل وكانوا أمثلة حية وجميلة عكست لنا عمل الله وعلى رأس هؤلاء القديسين العذراء القديسة مريم حيث إنها قالت "فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي" (إنجيل لوقا 1: 48). ولا عجب فهناك من المصطلحات التي أطلقها البعض على شهر كيهك فمنها "الشهر المريمي" وذلك بسبب التسابيح الكثيرة التي تتأمل في دور القديسة العذراء مريم التي ولدت المسيح كلمة الله".


بينما يقول الأب ديمسكينوس راعى طائفة الروم الأرثوذكس بالقاهرة: «تبدأ كنيسة الروم الإرثوكس الصوم في 15 نوفمبر ونختتمه بصلوات العيد في 25 ديسمبر، وهذا الصوم ملزماً فقط لمن يقدر جسديًّا على ممارسته، وهناك بعض الأيام المتفرقة التى نمتنع فيها عن أكل اللحوم والبياض وهى يوما الأربعاء والجمعة من كل أسبوع باستثناء الأسبوعين اللذين يليان الفصح والعنصرة، وما بين عيد الميلاد وبرامون الظهور الإلهي، وكأن هذه الأصوام مجتمعة تشير إلى طبيعة كنيسة الروم الأرثوذكسية التى تتطلع إلى الإنسان بكلّيته نفسا وجسد، إنها صائمة فى العالم وعنه وشاهدة لملكوت الله الذى ليس هو «طعاما وشرابا» وقداستِهِ.»

والصوم حرية لأنه يعتق الذين يتقبّلونه من شهوة الجسد، فلنلاحظ، ليس الصائم هو عبدا للجسد بل المكبَّل بشهوة الطعام هو العبد، الصائم حرّ طليق يعلو عمّا هو أرضيّ لا كرها به بل حبا بالوصية وطاعةٌ لها. 

واختمم ألاب ديمسكينوس بالقول: " صوم الميلاد لا ينتهي بحلول عيد الميلاد، لأن كل الجهادات الروحية التى يعملها المؤمن الحقيقى تنتهى عندما لا يبقى شيء يُنتظر، أى عندما يصبح الله الكل فى الكل، وذلك لأن مجيء الله إلى العالم ليس حدثا وقع مرة فى التاريخ ومرّ عليه الزمن فطواه.


 

 

د.ذمسكينوس الأزرعي - رئيس دير مارجرجس البطريركي للروم الأرثوذكس
الباحث مينا سليمان