الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

صحيفة: الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين تمتد إلى القرن الأفريقى

القرن الأفريقي
القرن الأفريقي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أحدثت زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكى نانسى بيلوسى، إلى تايوان فى مستهل شهر أغسطس الجارى، ردود أفعال حادة من قبل الصين، فى ظل التنافس الكبير بين واشنطن وبكين، لبسط نفوذهما على مختلف مناطق العالم، وأينما وطأت قدم أحداهما سعت الآخرى لمزاحمتها والإجهاز عليها، فى مباراة لا يعرف لها نهاية، وفى هذا الإطار يأتى التقارب الأمريكى مع منطق «صوماليلاند» التى تسعى لنيل اعتراف دولى والاستقلال عن الصومال، بالإضافة إلى توطيد الصين علاقتها مع «جزر سليمان» الواقعة فى المحيط الهادئ.

وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، إن «المواجهة بين الصين وتايوان التى تزيد من التوترات فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتدفع واشنطن وبكين نحو حرب باردة جديدة، تلعب دورها أيضًا فى القرن الأفريقى، وصوماليلاند، التى تهدف إلى الاعتراف بها كدولة مستقلة عن الصومال، تحالفت مع تايوان، التى تهدف إلى البقاء منفصلة عن جمهورية الصين الشعبية».

وترتمى «صوماليلاند» فى أحضان واشنطن، إلى جانب وجود علاقات وثيقة مع تايوان، وهو الأمر الذى يغضب بكين التى حاولت تارة تجاهل صوماليلاند وأخرى بالتقرب إليها، وأبرزت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية فى تقرير لها، رفض سلطات صوماليلاند زيارة السفير الصينى فى الصومال فاى شينجشوا لهرجسيا بعد الحريق الذى شب فى أحد أسواق العاصمة، وتسبب فى خسائر بقيمة ١.٥ مليار دولار، بعد علم مسئولى صوماليلاند بالنوايا الصينية من الزيارة.

وقالت «وول ستريت جورنال» فى تقريرها المنشور فى ١١ أغسطس الجارى إن فاى شينجشوا سفير بكين فى الصومال، أخبر سلطات أرض الصومال أنه يريد مناقشة كيف يمكن أن تساعد الصين فى التخفيف من تأثير كارثة حريق هرجسيا، التى دمرت الاقتصاد المحلى، والمساعدة فى مواجهة وباء كورونا، والجفاف الذى يضرب شرق أفريقيا، ومع اقتراب موعد الزيارة، أضاف السيد فاى بضع محطات أخرى إلى خط سير رحلته فى هرجيسا حيث أراد مقابلة النواب وقادة المعارضة وطلاب الجامعة».

وقال عيسى كايد، وزير خارجية أرض الصومال عن زيارة الدبلوماسى الصينى إنها: «كانت سياسية بحتة»، وأخبره أنه غير مرحب به فى المنطقة التى تسعى لنيل اعتراف دولي».

وكان «كايد» أطلق تصريحات حادة ضد الصين فى فبراير الماضى، خلال زيارته تايوان قال فيها «إن الصين لا يمكنها أن تملى على بلاده مع من تقيم علاقات لأنها ذات سيادة وولدت حرة وذلك خلال زيارة إلى تايوان نددت بها بكين»، مضيفا «ولدنا أحرارا وسنظل أحرارا، سندير شئوننا كما نريد، لا الصين ولا أى بلد آخر يمكن أن يملى علينا ما نفعل». وأسست كل من أرض الصومال وتايوان مكتب تمثيل لدى الأخرى فى العام قبل الماضى ٢٠٢٠ مما أثار غضب بكين ومقديشو.

وكانت الصين نظمت مؤتمرا دوليًا لبحث إقرار السلام الإقليمى فى منطقة القرن الأفريقى خلال شهر يونيو الماضى، ودعت إليه كل دول شرق أفريقيا، فى الوقت الذى تجاهلت فيه دعوة صوماليلاند وهو ما فسره مراقبون بأنه عقاب على تقاربها مع تايوان.

السفير الصينى فى مقديشيو قال لـ«وول ستريت جورنال» إن قادة أرض الصومال «لا يسعون فقط للانفصال، ولكنهم يؤججون النيران أيضًا لتقويض استقلال وتوحيد البلدان الأخرى، وإيذاء الآخرين دون أن يفيدوا أنفسهم»، «سينتهى بهم الأمر فقط بإطلاق النار على أقدامهم»، فى إشارة إلى تقارب صوماليلاند مع تايوان.

وتجلى أثر أزمة تايوان على القرن الأفريقى، حينما أصدرت وزارة الخارجية الصومالية بيانا فى بداية شهر أغسطس الجارى، أيدت فيه سياسة الصين تجاه تايوان، وردا على ما يبدو على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكى نانسى بيلوسى إلى تايبيه وأعلنت الصومال تضامنها الكامل مع جمهورية الصين الشعبية فى الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها، بينما أكدت موقفها الثابت باحترام سياسة صين واحدة، معتبرا تايوان جزءا لا يتجزأ من أراضى الصين».

وأعقب بيان مقديشو، إصدر نواب صوماليلاند، بيانا كشف عن موقف مخالف للصومال، شجب فيه التدريبات العسكرية الصينية بالقرب من تايوان «لأن ذلك قد يزعزع استقرار السلام فى المنطقة».

وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه «بعد عقود محبطة من السعى للحصول على الاعتراف الدولى، ترى أرض الصومال فرصة فى منافسة القوى العظمى بين الولايات المتحدة والصين، وعرض قادة أرض الصومال على وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» استخدام الميناء والممر فى بربرة، الواقعة على شواطئ خليج عدن، المطلة على الممرات البحرية الحاسمة بين المحيط الهندى وقناة السويس، والبديل، كما يلمح سكان أرض الصومال بشكل قاتم، هو الهيمنة الصينية على المنطقة».

وأضافت الصحيفة نقلا عن تصريحات إدنا أدان، وزيرة خارجية أرض الصومال السابقة: «إذا أراد العالم منح الصين ٨٥٠ كيلومترا من الممر المائى للنكاية من أرض الصومال، فلن تكون أرض الصومال هى الخاسر الوحيد».

ونوهت الصحيفة إلى أن الجنرال ستيفن تاونسند قائد القوات الأمريكية فى أفريقيا، أجرى زيارة مفاجئة فى مايو الماضى بصحبة لارى أندريه سفير الولايات المتحدة فى الصومال، إلى بربرة لتفقد الأرصفة والمدرج، وقال مسئول عسكرى أمريكى كبير: «إذا لم تفعل الولايات المتحدة شيئًا فى أرض الصومال، فسيكون لديك فى النهاية حكومة «أرض الصومال» لا يمكنها قول لا لنفوذ الصين».

وفى أعقاب ذلك، أعربت أرض الصومال عن سعادتها بموافقة المشرعين الأمريكيين على تعديل لقانون NDAA «وهو قانون فيدرالى للولايات المتحدة يحدد ميزانية ونفقات وزارة الدفاع» يسمح للولايات المتحدة باستكشاف المزيد من قنوات التعاون مع هرجسيا ذات الموقع الاستراتيجى، حيث يتبع هذا الإجراء توجيهات لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب التى أصدرت تعليماتها لوزارة الدفاع بتقديم توصيات لتوسيع الشراكة الأمنية مع أرض الصومال، وإسهاماتها المحتملة فى الأهداف العسكرية الأمريكية فى القرن الأفريقى، ومنطقة البحر الأحمر، والتى يمكن أن تصبح بوابة بحرية فى شرق أفريقيا للولايات المتحدة وحلفائها، لمواجهة الوجود الإيرانى فى خليج عدن والوجود العسكرى الإقليمى المتزايد للصين. بالإضافة إلى المساهمة فى مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية وأنشطة مكافحة الاتجار بالبشر.

ونالت أرض الصومال الاستقلال من الاحتلال البريطانى فى ٢٦ يونيو ١٩٦٠ لكنها انفصلت فى عام ١٩٩١ بعد سقوط سياد برى، بينما دخلت الصومال فى حرب أهلية وحاصرتها حركة الشباب المتطرفة، ويبلغ عدد سكانها ٥.٧ مليون نسمة، ولديها برلمان منتخب ومكون من مجلسين على غرار مجلس اللوردات فى بريطانيا، ولها جيشها الخاص وتطبع عملتها الخاصة وتصدر جوازات سفرها الخاصة.