الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"كورونا".. ونعم ربانية لا تحصى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

46 عاما مرت من عمري متمتعا في نعم الله التي لاتحصى لم أكن أبدا أعرف قيمتها أو أؤدي شكرها للمنعم سبحانه وتعالى على الوجه الكافي، حتى زارني جند من جنود الله وهو فيروس كورونا ليعطيني درسا مهما في الحياة وهو أن النفس الذي نتنفسه ليل نهار بسهولة ويسر ودون أن ندري أو نعده وأن الأكسجين الذي يملأ أجسادنا ويعطينا القدرة على الحياة إنما هو إحدي هبات ونعم الخالق سبحانه وتعالى، أراد ذلك الفيروس أن يذكرني بأن هذه نعم كثيرة يمكن أن تسلب مني ولو سلبت فلن تعوض.
في تجربة مرضى التي امتدت لأكثر من شهر لاحت لي رحمات المولى سبحانه وتعالى وفضله علينا وعلي الناس وكيف أن أكثر الناس ومنهم أنا لايشكرون بالقدر الكافي أو لا يشكرون أصلا.
الناس تعودوا على النعم فالليل يذهب ويأتي بعده النهار وفصول السنة تدور وينعمون بكل ما خلقه الله في كونه وسخره للإنسان دون أن يدركوا أن هذه نعم كبرى يجب أن يؤدوا شكرها قبل أن تسلب منهم، فماذا لو لم تخرج الشمس يوما أو منع الأكسجين عنا أو.. أو.. أو...
المرض أمر يصعب احتماله وغير مرحب به لكنه يحمل رسائل مهمة للإنسان بأن حياتك وصحتك هبة من الرحمن يمكن سلبها في أي لحظة، ما يجعل الإنسان يتأمل ويتدبر في فضل الله ونعمه عليه والتى لا يدركها ولا يؤدي شكرها.. كما أنه رسالة مهمة لم يفهمهما عليه أن يتقرب من خالق الجسد والروح ومهندسهما ومن يملكهما وهو الله سبحانه وتعالي فيتقرب العبد من ربه بالدعاء ويشكره علي ما كان به من نعم قبل المرض وما به من نعم أخرى لا تعد ولا تحصي، فذاك المرض الذي يستوطن الجسد يجعلنا نعيد حساباتنا في الدنيا ونستذكر شريط حياتنا وكيف أننا مقصرون مع واهب الحياة والنعم سبحانه وتعالى.
فالمرض يؤكد للإنسان حقيقة مهمة وهي أنه مخلوق ضعيف يمكن لفيروس لايري أن يضعف جبروته وسلطانه وقوته، ولو جلس الإنسان مع نفسه يتفكر في نعم الله عليه نقضي الساعات الطويلة بدون عد قال تعالى: (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) سورة لقمان، وقال أيضا:  (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) سورة النَّحل.. وقال سبحانه وتعالى في آية أُخرى: (وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) سورة إبراهيم، وقال محذرا من نسيان النِّعَم وكفرانها وإنكارها: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) سورة البقرة.
وعلمنا ربنا تبارك وتعالي أن حفظ النعمة من الزوال يكون بشكر المنعم سبحانه وتعالي فبالشكر تحفظ النعمة بل وتزداد النعم، قال الله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) سورة إبراهيم، ويقول أيضا: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) سورة البقرة، 186.
فالحمد لله الذي شفانا وحفظنا وأطعمنا وسقانا.. والحمد لله حتى يرضى والحمد لله إذا رضي والحمد لله بعد الرضى.. الحمد لله رب العالمين.