الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

فهمي الخولي.. وداعًا مخرج باب الفتوح

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما زال خريف العمر يهز شجرة المسرح المصري بعنف ودون هوادة لتتساقط أوراقها ورقة تلو الآخرى، فبعد ثمانية وخمسين عاما حافلة بالإبداع سواء في المسرح، والسينما، والدراما، فقد المسرح أحد أبنائه الكبار وهو المخرج محمد فهمي الخولي المعروف بـ"فهمي الخولي"، الذي رحل عن عالمنا مساء أمس الجمعة، عن عمر ناهز 80 عاما بعد صراع مع المرض، والذي آمن بأن المسرح مرآة يرى فيها البشر واقعهم وحاضرهم.
حصل "الخولي" على بكالوريوس العهد العالي للفنون المسرحية في 1971، بالإضافة إلى منحة علمية من الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة المسرح الأمريكي في 1987، كما عمل مخرجا مسرحيا في أكثر من دولة عربية بجانب مصر، حيث أخرج 103 عروض مسرحية لمسارح الدولة والقطاع الخاص ومسرح التلفزيون، وقصور الثقافة، والمسرح الجامعي، والعمالي والمستقل من بينها: "الوزير العاشق"، "سالومي"، "لن تسقط القدس"، "الرهائن"، "شكسبير في العتبة"، "حمرى جمري"، "باب الفتوح"، "الأرض"، "المحروسة"،"رسول من قرية تميرة"، "العمر قضية"، "ليلى والمجنون" وغيرها.
حظيت أعماله المسرحية بالعديد من الدراسات النقدية والأبحاث العلمية، أعد المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية بالتعاون مع قطاع صندوق التنمية الثقافية فيلما عنه كأحد رواد الإخراج المسرحي الحديث، بفضل أعماله جعلته ينال كافة جوائز الدولة، إلى جانب العديد من التكريمات والأوسمة داخل مصر وخارجها، فكان آخر تكريم له من قبل مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في احتفالية يوم المسرح المصري 5 سبتمبر 2020، ظل الخولي يطالب بتقديم مسرح فعلي، وأن يقدم مسرح الدولة ما هو أرقى من العروض المسرحية الهادفة التي تساهم في تطوير فكر الجمهور، وتعود بالنفع على الطبقة غير القادرة.
"البوابة نيوز" تستعرض في هذا الملف تجربة المخرج الرجل فهمي الخولي وأبرز المحطات الفنية والإبداعية في حياته، وواقعه "الأرض" التي شهدت رحيله قبل أن ترى النور على خشبة مسرح البالون.



"أول مشوار".. مسرحية حققت مطالب أهالى كفر الشرفا
قدم المخرج فهمي الخولي هذه المسرحية في كفر الشرفا، إحدى قرى مركز القناطر الخيرية التابعة لمحافظة القليوبية في 1970، والممثلون هم أهل القرية، وكانت أسطح بيوت هذه القرية القش هي خشبات المسرح، وظلت الجماهير تشاهد هذه المسرحية وهم سائرون في حواري وأزقة ودروب القرية مصحوبين بالزغاريد وآلات العزف الشعبية، والطبول، والدفوف، ثم يصلون المغرب على شاطئ النيل، ويتجهون بعدها إلى المسرح ببيت الثقافة، الذي أنشأه المعماري حسن فتحي، لمشاهدة العرض، ليحتل أهل القرية خشبة المسرح لتقديم مسرحية تعبر عن معاناتهم، وأحلامهم في غد أفضل، وتشاركهم التمثيل طبيبة الوحدة الصحية الفعلية، بالإضافة إلى مأذون القرية أيضا، ورئيس الجمعية التعاونية الزراعية، يعقبها استراحة قصيرة، ويعقبها الفصل الثالث من هذه المسرحية في الساحة خارج بيت الثقافة، يجلسون أهالي القرية في دائرة كبيرة من "القش" وتحيطها المشاعل أي ما يقرب من 30 شعلة نارية، ليكون هذا الفصل عبارة عن مؤتمرا يجمع أهالي القرية وكبار المسؤولين من بينهم محافظ القليوبية قي ذلك الوقت، وسكرتير عام المحافظة، ووكيل وزارتي الري، والزراعة بالمحافظة، ووكيل وزارة الصحة أيضا، إضافة إلى رئيس هيئة الثقافة الجماهيرية.
وقد نتج عن هذه المسرحية استجابة المسؤولين لإدخال الكهرباء للقرية، بالإضافة إلى شراء طلمبة مياه كبيرة كاحطياتي لماكينة الري القديمة، وذلك بعد دفع كافة التكاليف من أهالي القرية، إلى جانب القضاء على محو أمية الأميين بهذه القرية، حتى تحولت حجرات ومكاتب بيت ثقافة كفر الشرفا إلى فصول محو الأمية، وكانت هذه المسرحية يشاهدها أكثر من ثلاثة آلاف متفرج يوميا.




*صاحب تجربة لم تحدث من قبل أو بعد.. تقديم أربعة عروض مسرحية في اليوم الوحد

قدم المخرج فهمي الخولي أثناء إدارته للمسرح الحديث، منذ عام 1987، تجربة فريدة من نوعها تضم خمسة عروض مسرحية تعرض في اليوم الواحد، على خشبة مسرح السلام وهذا شيء غير مسبوق لم يحدث في العالم، لا من قبل أو من بعد، كانت تبدأ في الحادية عشرة صباحا، بعرض الأطفال "الأرنب المغرور" بطولة الفنان محمد عوض، وفي الخامسة مساء عرض مشترك مع المجلس الثقافي البريطاني بعنوان "الخزان العظيم" إخراج د. أحمد زكي، وآخر إنتاج مشترك مع التلفزيون المصري "خمس نجوم"، في السابعة مساء، يعقبها في التاسعة مساء تقديم مسرحية "عريس لبنت السلطان" إخراج محسن حلمي، لأول مرة كمخرج محترف، وفي التاسعة والنصف مسرحية "الملك هو الملك" من بطولة صلاح السعدني، حسين الشربيني، فايزة كمال، بمشاركة المطرب محمد منير، والتي حققت نجاحا كبيرا، حتى أصبح الخولي أول من قدم ما يقرب من خمسة وثلاثين مخرجا مسرحيا كبيرا يتولون المسرح حتى الآن، من بينهم المخرج خالد جلال، حين شاهدت عرضا له في المسرح الجامعي واستقدمته للمسرح الحديث وقدمته كمخرج محترف في مسرحية "اللمبة"، ونفس الشيء للدكتور أشرف زكي عندما كان "الخولي" مديرا للغد، حيث أخرج لأول مرة مسرحية بعنوان "شفيقة ومتولي"، وفي نفس الموسم أخرج مسرحية "سعدى ومرعي"، وكذلك قدم "الخولي" عدة مؤلفين لأول مرة، ووجوه أخرى جديدة.



*"سالومي".. تجربة عالمية فريدة غير مسبوقه في المسرح المصري والعالمي
إحدى روائع "الخولي" الإخراجية، التي قدمت على مسرح مقياس النيل بالروضة في 1988، من تأليف محمد سلماوي، وشارك في بطولة هذا العمل رغدة، نور الدمرداش، جمال عبدالناصر، وهي تجربة فريدة غي مسبوقه في المسرح المصري والعالمي، في طريقة ومنهج وأسلوب العرض، حيث يستقل الجمهور ظهر باخرة من أمام فندق الشيراتون، ثم تسير بهم وسط النيل بالقاهرة وتستقر أمام مقياس النيل وقصر المانسترلي، ليشاهدون عرض بمسرح مفتوح على نحو مساحة كيلو متر على مرمى البصر؛ يؤكد هذا العمل حقيقة الصراع العربي الإسرائيلي، وفي النهاية يتناول الجمهور وجبة العشاء في المطعم ثم تعود الباخرة بهم مرة أخرى؛ إلى جانب مكان آخر لغير القادرين على دفع مبلغ ثلاثون جنيها للعشاء والمشاهدة، فيدفع ثلاثة أو خمسة جنيهات فقط ويجلس في جزيرة بوسط النيل للاستماع والمشاهدة، لذلك خلق العرض جوا ساحرا، وحصلت به على جائزة الدولة التشجيعية ونوط الامتياز والواجب في 1991، وقد مثلت هذه المسرحية مصر في مهرجان جرش بالأردن، على المسرح الروماني الكبير الذي يسع 4000 مشاهد.



*"الأرض".. تشهد رحيل "الخولي" ولم تر النور
لم تكن مسرحية "الأرض" للشاعر عبدالرحمن الشرقاوي، الأولى في حياة المخرج فهمي الخولي، فقد سبق وقدمها في الثقافة الجماهيرية من قبل، ولكن كان له رؤية جديدة في تقديم هذا العمل مرة أخرى وتجسيده على خشبة مسرح البالون، فظل يجري بروفاته قرابة الخمسة أشهر متتالية، وذلك عقب موافقة الرقابة على العرض، إلى أن صدر أمر بوقف هذه البروفات، ولم يعلم رئيس قطاع الإنتاج الثقافي المخرج خالد جلال بذلك الأمرشيئا، لكنه تواصل مع رئيس البيت الفني للفنون الشعبية الحالي في حضوري قائلا له: "يكفي أن تكتب عبدالرحمن الشرقاوي، وفهمي الخولي على باب مسرح البالون هذا شرف للبيت، فكيف تتوقف البروفات"، حسب قوله فلا يعلم بماذا أجابه! حتى الآن لا يدري لماذا؟ علما أن ميزانية العرض أقل بكثير من العروض المقدمة حاليا على البالون، ومما يقال له إن الناقدة الدكتورة وفاء كمالو، أعدت تقريرا بأن عرض كبير مثل هذا مكانه ليس فرقة الآلات الشعبية بل المسرح القومي، هذا التقرير بدلا من أن يتم تفسيره لصالح العرض والمخرج، أقروا بأن مكانه المسرح القومي وليس البالون، وهذه مهزلة! تقرير عظيم لناقدة كبيرة يقول: "إن هذا العرض مشرف"، لكنهم يفسرون هذا قائلين: "للأسف نحن لسنا بحجم هذا العرض".



*مسرحيون: مصر فقدت أحد أهم مخرجي المسرح المصري
يرى المسرحيون أن المخرج فهمي الخولي، أنه صاحب مدرسة إخراجية واضحه، أهتم بالمسرح، ولكن المسرح لا يقبل شريك له، فقد أخلص للمسرح بشكل غير عادي، بل ويعد أستاذا لجيل خاصة لجامعة عين شمس، فكان له أسلوبه المميز في عالم الإخراج، إلى جانب براعته في التمثيل، وتعد أعماله علامة بارزة في تاريخ المسرح، بل سيظل بفنه وخلقه خالدا في قلوبنا جميعا رغم رحيله.


فقالت الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، إن الراحل المخرج فهمي الخولي، مثل علامة فارقة في تاريخ المسرح المصري والعربي، وتمتع بخيال خلاق ميزتجربته الإخراجية.
وأضافت عبدالدايم، أن أعماله الإخراجية المسرحية نجحت في تأصيل الكثير من قيم المجتمع النبيلة، نال جميع جوائز الدولة إلى جانب تكريمه داخل مصر وخارجها.


قال المخرج المسرحي عصام السيد، إن المخرج فهمي الخولي صاحب مدرسة واضحه في الإخراج المسرحي، حيث يعتمد على التشكيلات المسرحية والهندسية في العديد من العروض، فقدم لنا عروضا مسرحية بها علامات بارزة في الإخراج من بينها: "باب الفتوح"، "المحروسة"، "سالومي"، "الوزير العاشق"، وغيرها من الأعمال.
وأضاف السيد، أن الخولي أخرج مسرحية "باب الفتوح" لمنتخب جامعة عين شمس، التي قدمت على خشبة مسرح الطليعة، تأليف محمود دياب، وشارك في بطولتها سامي مغاوري، عصام السيد، محمود حميدة، محسن حلمي، فاروق الفشاوي، آثار الحكيم، أحمد عبدالعزيز، وآخرون، وقد حصلت هذه المسرحية على جائزة كأس جامعات مصر في 1975، حتى أعيد تقديمها في المسرح الحديث في 2015، وشارك في بطولتها كلا من يوسف شعبان، محمد رياض، محمد محمود، أشرف طلبة وغيرهم.
وأوضح السيد، أن الخولي تميز بإخراج النصوص الصعبة والممنوعة من قبل الرقابة وتقديمها على مسارح الهواة نظرا على عكس مسرح الدولة ومن بين هذه النصوص "شايلوك"، "باب الفتوح"، "المحروسة" في 2015، "سبع سواقي" للكاتب سعد الدين وهبة، وقدمتها شركة النصر للسيارات، وغيرها من الأعمال، مؤكدا أن أول لقاء جمع بينهما عندما كان طالبا بالدراسات العليا بجامعة عين شمس، جمعه العمل في منتخب الجامعة وكان الخولي يخرج لهذا المنتخب، ولكن يظل المخرج فهمي الخولي الأستاذ الذي تعلمنا على يده الكثير والكثير، فنحن فقدنا مخرجا بارعا يمتلك كافة أدواته الإخراجية والإبداعية.



وقال المخرج المسرحي اميل شوقي، إن المخرج فهمي الخولي صاحب رسالة وقضية، وأخلص للمسرح بشكل غير عادي، بل يعد أستاذا لجيل خاصة لجامعة عين شمس، عرفته من خلال منتخب جامعة عين شمس في 1975 من خلال مسرحية "باب الفتوح" الذي شارك بطولتها سامي مغاوري، محسن حلمي، عصام السيد، سامح السريطي، أحمد عبدالعزيز، طارق الدسوقي وغيرهم من الذين استمروا ومنهم من توقف نهائيا.
وأضاف شوقي، أن الخولي تتعلم منه الالتزام من حيث الموضوع، والبروفات إلخ، وكيفية حب المسرح، وكان بمثابة الأستاذ والصديق في نفس الوقت، ومتابعا جيدا لنا جميعا، فأخرج لكل نجوم مصر من بينهم الفنان عبدالله غيث، والفنانة سميحة أيوب، وغيرهم، مؤكدا أنه ظل معروفا بأعماله في الدول العربية من بينها العراق، سوريا، تونس، الجزائر، وغيرها، فهو فنان أكاديمي واعٍ، كما قدم للقطاعي العام والخاص 103 عروض مسرحية ذات الدلالة السياسية الممتعه، كما قدم أيضا فرقة "الفورم أم" للمسرح، فأهتم بالمسرح، ولكن المسرح لن يقبل شريكا.



قال الناقد المسرحي أحمد عبدالرازق أبو العلا، إن المخرج فهمي الخولي واحد من أهم المخرجين المسرحيين في جيله، وأعني به جيل السبعينيات، حين أخرج مسرحية "جبل المغناطيس" لمسرح الطليعة في عام 1974، وهذا الجيل من المسرحيين جاء في ظل وجود عدد كبير من مخرجي مسرح الستينيات العظام، ولم يكن من السهل، على أي واحد منهم أن يتبوأ مكانته في ظل وجود أسماء كبيرة، لكن موهبته وجديته وصدقه فتحت له المجال واسعا، ليعبر عن نفسه، بشكل حقيقي، ليصبح اسمه مُجاورا لأسماء هؤلاء الذين جعلوا المسرح المصري المعاصر، مسرحا نموذجا تحتذي به المسارح العربية، جاورهم بندية، لا تستطيع معها أن تفكر إلى أي جيل ينتمي، فتشعر أنه واحد منهم.
وأضاف أبو العلا، أنه قبل هذا التاريخ، اهتم بدراسة المسرح أكاديميا وعلميا، فصقل موهبته، ومارس هوايته الأساسية وهي التمثيل، لكنه مع ذلك آثر أن يُعطي الإخراج المسرحي كل حياته، صحيح أنه قدم أدوارا في بعض الأعمال المسرحية والتلفزيونية إلا أننا نحسبه مخرجا أكثر منه ممثلا، وذلك لأنه أضاف، وقدم أعمالا كثيرة تشهد على قدرته، وتعكس رؤيته وموقفه تجاه الحياة، ظل متمسكا حتى آخر حياته بإخلاصه للمسرح، فهو رجل مسرح بمعني الكلمة، فقد عاش كواليسه كلها "ممثلا، مخرجا، ناقدا، إداريا، مُحكما" ولم يكتفي بالتعامل مع مسرح الدولة الرسمي، بل أخرج أعمالا في مسرح الثقافة الجماهيرية، والجامعة، وأعلم أنه لم يكن يكتفي فقط، بإخراج العمل عند تعامله مع الهواة، لكنه كان حريصا على تدريبهم، وهذا الجانب يُوضح أنه "مخرج معلم" يتعامل مع المسرح بدون تفريق بين هاو ومحترف، لأنه المسرح في ظنه هو المسرح بعيدا عن فكرة التصنيف، دقيقا في تقييمه للعرض المسرحي، وأشهد أنه كان يستطيع تسجيل ملاحظات مُهمة حول العرض المسرحي، ربما لا ينتبه إليها الناقد.
وأوضح أبو العلا، أنه حين زامله في أكثر من لجنة لتحكيم العروض المسرحية لاحظ ذلك، وكم اختلف معه، لكنه كان يتلقي الاختلاف الفني بصدر رحب، وبسماحة، مُعلنا أن ديمقراطية الحوار والرأي النهائي للحكم على العرض، هي التي ستسود، هكذا كان يتعامل، وكنت أراه مُتحمسا لأي موهبة جادة، حتى وإن لم يكن يعرف صاحبها، مؤكدا أنه مُخرج مُعلم، وهذه الصفة لا يتحلى بها سوى المخرج المعلم بالفعل، جديته في اختيار أعماله تشهد على ثقافته الكبيرة ووعيه ونضوج تفكيره، ورؤيته الواضحة للواقع.



وقال المخرج المسرحي مراد منير: "إن قلبي تمزق في لحظة ولم أصدق أن صديق العمر المخرج فهمي الخولي الحبيب اختار سماء أخرى ليرحل إليها، لولاك يا صاحبي ما شهدت الدنيا مسرحية "الملك هو الملك" التي أنتجتها بكل حب.. مع السلامة يا حبيبي وأمانة عليك سلم على الغالية قايزة كمال حبيبتي".



وقال الفنان إسماعيل مختار، رئيس البيت الفني للمسرح، إن المخرج الراحل فهمي الخولي، يعد أحد أهم مخرجي المسرح المصري، حيث قدم للمسرح أكثر من 100 عرض مسرحي مع كبار نجوم الفن من بينهم: "عبدالله غيث، سميحة أيوب، رغدة، نورالدمرداش، نور الشريف، صابرين، يوسف شعبان، ممدوح وافي، وغيرهم، وكانت هذه المسرحيات علامة فارقة في تاريخ المسرح المصري سواء بمسرح الدولة أو بالمسرح الخاص منها: "الوزير العاشق"، "لن تسقط القدس"، "سالومي"، "حمري جمري"، "الجميلة والأندال"، "ليلى والمجنون"، وغيرها.
وأضاف مختار، أن آخر أعماله بالبيت الفني للمسرح، عرض "باب الفتوح" بمسرح السلام، بالإضافة إلى مشاركته المتميزة كممثل قي بعض الأعمال الدرامية التي من بينها "الإمام الشافعي"، "العميل 1001"، "حلقت الطيور نحو الشرق"، وغيرها، كما تولي خلال مشواره الفني إدارة المسرح الحديث، والغد، بالإضافة إلى مشاركته ضمن مجموعة العمل المؤسسة لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي.




*فهمي الخولي.. الوزير العاشق
تعد "الوزير العاشق" من أبرز أعمال المخرج فهمي الخولي المسرحية، التي قدمت على خشبة مسرح السلام في 1984، من تأليف الشاعر فاروق جويدة، وشارك في بطولة العمل سميحة أيوب، عبدالله غيث، حسين الشربيني، بمشاركة المطربة عزة بلبع، وكان الهدف منها نقد الماضي والحاضر معا، وحققت نجاحا جماهيريا كبيرا، فقد مثلت هذه المسرحية مصر في خمسة مهرجانات عربية قرطاج بتونس، ومهرجان دمشق، والجزائر، وجرش بالأردن، ربيع المسرح بالمغرب، وحصلت هذه المسرحية على المركز الأول في هذه المهرجانات الخمسة.
كان "الخولي" ينظر للمسرح على أنه نابع من الواقع وما يهم الناس، وأن من مهام رجل المسرح لا يقدم سوى ما هو ممتع ومتمرد ومُغير للإنسان، فالمشاهد غير واعٍ لأشياء كثيرة في واقعه، لذا فأنت تقوم بتوعيته وتقدم له نفسه وأحلامه وحلول لحلم يعشيه لهذا الواقع وهو يحاول أن يفكر أو يساهم في التغيير، فكل عروضه سياسية مرتبطة بقضايا الإنسان.


ويقول عنه الكاتب محمد سلماوي، إن المخرج فهمي الخولي، اختار منهجا لا يقل متعه عن المنهج العالمي في الإخراج، فقد اختار شهادته الشخصية وعلاقته بالشخصيات، حيث قدم رؤية نقدية متكاملة وعميقة للمسرح الذي ساههم في صناعته، لأنه ليس مخرجا ومترجم يوزع للنص على الممثلين فقط، بل يضع رؤيته المركزية المحكمه للنص ويبدع به إخراجيا، بالإضافة إلى تعديلاته في النص كما يراها مهمة ونابعة من رؤية حكيمه لهذا النص، وهي رؤية المؤلف الذي يصعب عليه الاعتراض على ما يراه المخرج صالحا للعمل.


اكتشفت "الخولي" مجموعة كبيرة من الفنانين وقدمهم للوسط الفني من بينهم: "أحمد زكي، شهيرة، ناصر عبدالمنعم، ياسر على ماهر، عبلة كامل، أحمد كمال،"، وكما قدم أيضا محمود حميدة وهو طالب بتجارة عين شمس، فاروق الفيشاوي بآداب عين شمس، محسن حلمي بحقوق عين شمس، عصام السيد بكلية التربية، وعدد كبير من نجوم مصر كانوا معه بمسرحية "باب الفتوح" عندما أخرجها لجامعة عين شمس، إلى جانب عدد كبير من النجوم العرب من بينهم "رغدة" التي قدمها لأول مرة على المسرح في عرض "الرهائن" بمسرح السلام في 1982، وكانت تفتخر بأنها تلميذة في مدرسة فهمي الخولي، وبعدها خطفها منتجو السينما.
خاطب "الخولي" شباب المخرجين الاهتمام بحسن اختيار النص والتوقيت المناسب للجمهور، أي يقدم ما يهم الناس ويساهم في التغيير والتمرد، لأن المُتفرج يستنير ويزداد بكم كبير من المعرفة والثقافة والوعي المجتمعي، وأن يؤمن بأن المسرح قضية من الناس إلى الناس.