الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

زيارة "باشاغا" لمصر.. أقطاب حكومة الوفاق يعترفون بقوة "القاهرة"..خبراء: تراجع واضح للنفوذ التركي بين أطراف النزاع الليبي ..عميد "دار العلوم": أردوغان ضالع في عمليات تهريب البشر من ليبيا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
طه على: الحفاظ على وحدة البلاد وإخراج المرتزقة والإرهابيين "مبادئ مصر" في الأزمة الليبية
عميد كلية دار العلوم: على مجلس الأمن تبنى قرار لدعم اتفاق اللجنة العسكرية

تعيش الأزمة الليبية تطورات كبيرة، على الأصعدة كافة، منذ إعلان توقيع الاتفاق الدائم لوقف إطلاق النار، في ٢٣ أكتوبر الماضى.

وقبل أيام قليلة من انعقاد ملتقى الحوار السياسى الليبى، الذى تستضيفه العاصمة تونس، لبحث الخطوات المقبلة لتسوية الأزمة، بما فيها إجراء انتخابات عامة، وتشكيل مجلس رئاسى وحكومة جديدة، شهدت التحركات السياسية الرامية لإنهاء الأزمة عددا من التطورات، تظهر أهمها زيارة وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحى باشاغا، للقاهرة بغرض إجراء مباحثات مع المسئولين المصريين، حول تطورات الأوضاع في ليبيا.

زيارة باشاغا بحسب المراقبين تستهدف استرضاء القاهرة، والاستفادة من خبراتها واتصالاتها في تعزيز قدرة الدولة الليبية، على تفكيك الميليشيات، وإنهاء الوجود الأجنبى في البلاد، وهو ما يمثل اعترافا من أقطاب حكومة الوفاق، بقوة "القاهرة"، وقدرتها على تحقيق الأهداف الاستراتيجية للأمن القومي العربى.
زيارة باشاغا إلى مصر تأتي أيضا في إطار جهود القاهرة المعروفة لتقريب وجهات النظر بين الأقطاب السياسية والأمنية في ليبيا، انطلاقا من حرصها على سرعة استعادة الاستقرار، استغلالا لما تتمتع به مصر من رصيد تاريخى لدى طوائف الشعب الليبى كافة. 

تراجع النفوذ التركي
مكافحة الإرهاب، وتفكيك الميليشيات المسلحة، ودمج العناصر غير المتورطة منها في جرائم إرهابية، ضمن المؤسسات العسكرية والأمنية الليبية، ملف مهم على طاولة مباحثات باشاغا في مصر، باعتبار ذلك إحدى الطرق المؤدية إلى خروج المرتزقة الأجانب من ليبيا، وهو ما أكده طه على الباحث في شئون التطرف والإرهاب، مشيرا إلى أن تعزيز جهود إنهاء سيطرة الميليشيات على البلاد، هدف آخر لباشاغا، الذى يقدم نفسه كرجل دولة قادر على حل هذه المعضلة التى تهدد أى محاولات لاستعادة الاستقرار. 
ولفت إلى أن زيارة باشاغا للقاهرة، تمثل اعترافا منه بالدور المصرى الاستراتيجى فيما يتعلق بالأزمة الليبية، وإشارة إلى تراجع النفوذ التركى، مشيرا إلى أن اتجاه باشاغا إلى القاهرة، دفع تركيا إلى إطلاق قادة الميليشيات الموالين لها، للهجوم عليه، حيث أعرب الإرهابيان عماد الطرابلسى، نائب رئيس مخابرات السراج، وآمر ميليشيا الأمن العام، وأسامة الجويلى آمر غرفة عمليات الميليشيات، عن غضبهما إزاء هذه الزيارة، معتبرين أنها انقلاب على ما وصفاه بجهودهم، في سبيل تمسكه بالسلطة.
مساعى باشاغا لكسف ثقة القاهرة، تمهيدا لطرح نفسه رئيسا للحكومة المقبلة، خلفا للسراج لن تأتى على حساب مبادئ مصر المعلنة بشأن الأزمة الليبية، وأهمها الحفاظ على وحدة البلاد، وإخراج المرتزقة والإرهابيين منها، هذا ما شدد عليه طه على في ختام تحليله للتطورات الأخيرة.
لجوء باشاغا إلى القاهرة، للمساعدة في إنهاء الصراع، يأتى متزامنا مع زيادة حوادث التناحر بين الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق، والاتهامات المتبادلة بين زعمائها فيما يتعلق بإنشاء جهاز أمني يسمى "الحرس الوطنى"، على غرار الحرس الثورى الإيرانى. 

رئيس ميليشيا المجلس العسكرى لما يسمى بـ"ثوار صبراتة" سابقًا، الطاهر الغرابلى، خرج على الجميع، ليتهم وزراء بحكومة السراج، وأمراء الميليشيات، بعرقلة إنشاء الجهاز، الذى من المفترض أن يضم الميليشيات، تحت راية واحدة، مرجعا ذلك إلى خوفهم على مصالحهم، واصفا إياهم بالمتعطشين للسلطة.
الغرابلى قال إن الوزراء والقيادات وأمراء الكتائب النافذين يخشون على فقدان سلطتهم وجبروتهم، ولذلك لن يسمحوا بفقدان نفوذهم إلا بنهايتهم، وهو ما يشى بحجم الصراع الدائر بينهم على النفوذ السياسى والعسكرى، كما اعترف بوجود تشرذم داخل الميليشيات وتغولها في الوقت ذاته داخل أركان الدولة، وممارسة أعمال الابتزاز ونشر الفساد. 
الغرابلي صب أيضا غضبه على المبعوثة الأممية استيفانى ويليامز، لدورها في مفاوضات غدامس، وتجاهلها إشراك قيادات المليشيات، الأمر الذي شعر معه باشاغا بخطورة الموقف، وضرورة اللجوء للقوى المؤثرة.

اجتماعات غدامس
زيارة باشاغا للقاهرة، تأتي بالتزامن مع اجتماعات الجولة الخامسة من مفاوضات اللجنة العسكرية المشتركة، التى استضافتها مدينة غدامس، التى انتهت إلى الاتفاق على اتخاذ خطوات عملية، نحو تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الدائم في ليبيا، وإنشاء اللجان الفرعية، لتنفيذ آليات المراقبة، والتحقق من الهدنة.
وطالبت المبعوثة الأممية للدعم في ليبيا، استيفانى ويليامز، مجلس الأمن الدولى بتعجيل إصدار قرار ملزم لتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار، الموقع في جنيف، حتى يوضع الجميع أمام مسئولياتهم في هذا الشأن.
توصيات الاجتماعات تضمنت تشكيل لجنة عسكرية فرعية، للإشراف على عودة القوات إلى ثكناتها، وسحب القوات الأجنبية من خطوط التماس، مع عقد اجتماع جديد بمدينة سرت، خلال الشهر الحالى لاستكمال المشاورات.
وكان تبادل المحتجزين من أهم نتائج اجتماعات غدامس، بالإضافة لتشكيل فرق هندسية لإزالة الألغام بالتعاون مع الأمم المتحدة وجهاز المخابرات العامة، وكذلك العمل الفوري على فتح رحلات دورية إلى سبها وغدامس.
رئيسة البعثة الأممية في ليبيا بالإنابة استيفانى ويليامز، علقت على نتائج الاجتماعات مؤكدة أن مسئولية إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد، تقع على عاتق البلدان التي تورطت في ليبيا، آملة أن يكون هناك التزام من أطراف المجتمع الدولى، لدعم عمل الأمم المتحدة والأطراف الليبية للمضى قدما في عملية التسوية.
المبعوثة الأممية أكدت أيضا أنها ستعمل مع المشاركين في ملتقى الحوار السياسي الليبى، المقرر عقده في ٩ نوفمبر الجارى بتونس، على خارطة طريق تهدف إلى تحديد موعد لإجراء الانتخابات العامة.

تهديد أمريكى
في غضون ذلك أكد السفير الأمريكى لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، أن المسار العسكرى مرتبط بالحوار السياسى الشامل، مشيرا إلى أن حوار غدامس سيستمر، ويستكمل نجاحه عندما يجتمع الليبيون في حوار تونس برعاية الأمم المتحدة، من أجل وضع اللمسات الأخيرة على خارطة طريق للانتخابات تمكن الليبيين من ممارسة سيادتهم وحقهم الثابت في اختيار مستقبلهم.
السفير الأمريكي رأى أن الغالبية العظمى من الليبيين، يريدون اغتنام هذه الفرص التاريخية لاستعادة ليبيا سيادتها وتحقيق مستقبل أكثر إشراقا، إلا أن مجموعة صغيرة من الليبيين، وبالتنسيق مع جهات خارجية، يسعون إلى تقويض الحوار وتغليب أطماعهم الشخصية.
واشنطن هددت هذه المجموعة بفرض عقوبات عليهم، كما أكدت وقوفها إلى جانب الليبيين الذين يرفضون العنف ويعارضون التدخل الأجنبى، ويجتمعون معًا في حوار سلمى ووطنى. 
موقف إدارة ترامب يبدو أنه تغير قليلا في ظل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث تسعى واشنطن إلى تجنب الانحياز لطرف ما، على الأقل في الوقت الحالى، لهذا تدعو للتوافق بين الأطراف كافة، هذا ما أوضحه الدكتور طارق فهمى أستاذ العلاقات الدولية، الذى أشار أيضا إلى أن نتيجة الانتخابات الأمريكية ستلقى بظلالها على ليبيا والوطن العربى، خصوصا إذا خسر المرشح الجمهورى دونالد ترامب.
مواقف بايدن ـ بحسب فهمي ـ منذ كان نائبا للرئيس السابق أوباما، يؤكد معارضته الشديدة للتدخل الأمريكى في ليبيا، وما نتج عنه من تبعات. 

تعنت تركى
في المقابل تواصل تركيا تعنتها تجاه الأزمة الليبية في ظل أطماعها المتزايدة للسيطرة على الحقول النفطية، مما أدى إلى تعقيد المشهد الليبى، وتزايد حدة الأزمة، على مدى السنوات الماضية.
الموقف التركى أوجزته صحيفة "هابرلر"، التركية، عبر تقرير أكدت فيه بقاء أنقرة في ليبيا، طالما بقى طلب حكومة الوفاق للمساعدة والمشورة قائما، وفق الاتفاق الموقع بين الجانبين في نوفمبر الماضى.
وادعت الصحيفة أن طلب حكومة السراج للمساعدة من أنقرة، هو ما يسمح ببقاء القوات العسكرية التركية في البلاد، لحين انتهاء الأوضاع الداعية لذلك. 
ما ذكرته الصحيفة التركية يمثل تعبيرا حقيقيا عن رغبة أنقرة في عدم مغادرة ليبيا حتى مع وجود بارقة أمل لاقتراب وصول الأطراف إلى تسوية سياسية للأزمة، وهو ما وضح أيضا في تأكيد وزارة الدفاع التركية، على مواصلتها تقديم التدريب العسكرى والمساعدات والدعم الاستشارى لحكومة الوفاق، وفقا للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين. 
ويأتى هذا في الوقت الذي يشكك فيه الرئيس التركي أردوغان، في اتفاق وقف إطلاق النار، معتبرًا أنه ليس اتفاقًا على أعلى المستويات، وإنما بين مندوبين من الطرفين.
ويتزامن الموقف التركى أيضا، مع تراجع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، عن الاستقالة، وعودته إلى البلاد لممارسة مهامه بعد غياب دام أسبوعا أجرى فيه زيارات خارجية. 
السراج ألقى كلمة بمناسبة عودته، أكد فيها أنه يرى الانتخابات هى الحل الأسمى حاليا، لكنه عاد للتلميح إلى بقاء المرحلة الانتقالية لأطول فترة ممكنة، قائلا: "سأنزل على رغبة القوى المطالبة بفترة انتقالية جديدة، يجرى إتمامها بسرعة".

خطر تركى
ويرى الدكتور عبد الراضى عبد المحسن، عميد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، أن المجتمع الدولى، بات يدرك أن هناك أطرافا في ليبيا أصبحت دمية في يد الديكتاتور أردوغان، يحركها كيفما يشاء، وفقا لما يتراءى لمصالحه الخاصة، بعد تمكنه من إنشاء قواعد عسكرية في قلب الأراضى الليبية. 
ولفت إلى أن العالم يدرك حاليا ضلوع أردوغان في عمليات تهريب البشر من ليبيا، محذرا من خطورة سيطرته على البحر المتوسط، وتحويله مقاتلى داعش السابقين إلى مرتزقة، ومن ثم إرسالهم للقتال في كل مكان يتربط بسياساته التوسعية.
وأشار عبد المحسن إلى أن خرق تركيا للاتفاق الموقع في جنيف، بشأن وقف إطلاق النار الدائم بليبيا، بعد أقل من ٢٤ ساعة على توقيعه، أثار مخاوف المجتمع الدولى من إمكانية تعطيل أنقرة لجهود التسوية السياسية، وذلك باستمرارها في الحشد العسكرى. 
بمحاور القتال وقيامها بتدريب الميليشيات التابعة لحكومة السراج غير الشرعية.
ولفت إلى أن القوى الراغبة في إنهاء النزاع الليبى، عليها أن تعمل على الضغط لدى مجلس الأمن، حتى يتبنى قرارا يدعم امتثال أطراف الصراع الليبى لاتفاق اللجنة العسكرية، ونتائج ما يعقد من حوارات سياسية حاليا، لحلحلة الأزمة. 
وأضاف: "مجلس الأمن جدد في الثاني من أكتوبر الماضى، إذنه للدول الأعضاء، بتفتيش السفن في أعالى البحار، قبالة السواحل الليبية، لمدة ١٢ شهرا، في ظل إعلان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، استمرار الانتهاكات ووصفه ذلك بالفضيحة، وهو ما يتعين معه الضغط لتحويل حالة السخط الدولية ضد تركيا، إلى قرارات تفرض عليها الالتزام، أو الوقوع تحت طائلة العقوبات السياسية والعسكرية والاقتصادية أيضا.