الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى في العهد الفاطمي.. الخليفة يصلي ويخطب بالمصلين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جاء في كتاب «قرة العين في رمضان والعيدين» «الصادر عن دار الكتب والوثائق القومية، للمؤلف على الجندى عميد كلية دار العلوم سابقا، عن الاحتفال بشهر رمضان والأعياد في العهد الفاطمى» أن الدنيا لم تشهد في البهجة والنعمة وكثرة الإنفاق وعظمة الاحتفال مثلما شهدته في العصر الفاطمى سواء كان ذلك في أى عيد من الأعياد أو في شهر رمضان المبارك، وقد أوعى التاريخ من ذلك ما يجعلنا نقف أمامه ذاهلين مبهورين وفى هذا التقرير نستعرض أبرز مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى في العهد الفاطمى».
كان الخليفة الفاطمى إذا أقبل عيد الأضحى يلبس الثياب الموشحة، والتى تعتبر من أحسن وأفضل لباس الفاطميين وقتها، ويخرج الخليفة متجها إلى مصلى العيد وكان موقعه خارج «باب النصرة» وهى مصلى كبيرة قائمة على ربوة وجميعها مبنى بالحجر ومحاطة بسور على باب القلعة، وفى صدرها قبة كبيرة بها محراب والى جانب القبة المنبر وسط المصلى مكشفا تحت السماء ارتفاعه ما يقرب من ثلاثين درجة وعرضه ثلاث أذرع وفى أعلاه جلسة الخطيب، وإذا فرغ الخليفة من الصلاة يخطب بالمصلين ويتجه إلى المنتحر بجوار القصر الكبير وهو الموضع الذى اتخذه الخلفاء لنحر الأضاحى في هذا العيد.
وكان الخليفة إذا صلى وخطب بالناس يأتى إلى المنحر وخلفه المؤذنون يجهرون بالتكبير ويرفعون أصواتهم كلما نحر الخليفة شيئا، وتكون الحربة في يد القاضى وهو بجانب الخليفة ليناوله إياها إذا نحر وينحر الخليفة ما يشاء.
وقد ذكر ابن المأمون أن الخليفة الفاطمى، في عيد النحر من سنة خمس، عشر وخمسمائة، أمر بتفرقة الهبة في هذا العيد فكانت جملة العيدية التى تمت تفرقتها ثلاثة الآف وثلاثمائة وسبعين دينارا، ومن الكسوة مائة قطعة وسبع قطع برسم الأمراء المطوفين والأساتذة المحنكين ومتولى حجبة الباب وغيرهم.
بين ابن المأمون أن مقدار ما ذبح الخليفة في هذا العام الذى ذكره يوم العيد بلغ الفين وخمسمائة وواحد وستين رأسا، منها من النوق مائة وسبعة عشر رأسا ومن البقر أربعة وعشرون رأسا ومن الجاموس عشرون رأسا ينحرها ويذبحها الخليفة بنفسه، ويذبح الجزارون من الكبائش الفين وأربعمائة رأس.
ذكر الجندى أيضا في هذا الكتاب، أنه في عهد الخليفة الآمر بأحكام الله حين جاء يوم التاسع من ذى الحجة، جلس الخليفة على سرير الملك وحضر الوزير وأولاده قاما بما يجب من السلام لبس الخليفة ما يختص بالنحر، وهى البدلة الحمراء بالشدة المعروفة بشدة القوقاز، ويفرش في داخل المنحر الملاء الحمراء وثلاث بطائن مصبوغة حمر ليلتقى عليها الدم.
وقد بنى العزيز بالله الفاطمى قاعة من الذهب يقال لها قصر الذهب بها يصنع سماط العيدين وتنصب فيه مائدة كبيرة يقال لها «المدورة» عليها أوان من الفضيات والذهبيات الحاوية للأطعمة والخضراوات والدجاج الفائق السمين والمعمول بالموجة الطبية النافعة، وينصب السماط أمام سرير الملك وتفرش فوقه الأزهار، ويرص الخبز على حافتيه كل واحد ثلاثة أرطال من نقى الدقيق ويعمر في ذلك السماط على طوله بواحد وعشرين طبقا كل طبق يحوى واحدا وعشرين ثنيا «والثنى هو الخروف الذى مضى عليه سنتين» سمينا ومشويا ومن كل من الدجاج وفراخ الحمام والتى يبلغ عددها خمسون طائرا.
وتتنوع الحلوى وفى كل من الصحون تسع دجاجات مترعة بالألوان الفائقة ومن اللواء المائعة والمسك غالب على ذلك، وإذا جلس الخليفة على المائدة المذكورة استدعى الوزير والأمراء ومن يليهم ويجلسون على السماط ويأكل من أراد من غير إلزام وينعم أهل القاهرة ومصر كاملا بنصيب وافر من هذه المائدة.