الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أردوغان.. «الرجل التعيس»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رفع رئيس الوزراء التركى الأسبق أحمد داود أوغلو، من حدة خطابه ضد الرئيس رجب طيب أردوغان، عندما حذره من أن حزب الرئيس الحاكم قد طغت عليه «تعاسة واسعة النطاق»، فى الوقت الذى انتقده فيه زعيم حزب «الشعب الجمهوري» التركى المعارض كمال كليجدار أوغلو، على سياساته التى اعتبرها خاطئة فى مصر وسوريا وليبيا، ودعاه إلى تغيير سياسته الخارجية، والتخلى عن «الإخوان المسلمين»، والتصالح مع مصر، وإيقاف إرسال الأسلحة إلى ليبيا.
وما بين تحول حلفاء الأمس إلى أعداء اليوم، واستغلال المعارضة التركية لحالة التخبط التى تعيشها السياسات الخارجية والداخلية للنظام، يبدو أن حزب «العدالة والتنمية» بقيادة أردوغان يعيش أحلك أيامه، والأيام الخوالى أصبحت ماضيًا عندما كانت شعبيته فى أوجها، وأصبحت المهاوشات السياسية داخل الحزب الحاكم أشد ما يوجع الرئيس، بالتحدث ورفع الأصوات داخل الحزب المكبوت منذ سنوات، والهزائم المتلاحقة يتم النظر لها من داخل الحزب الحاكم على أنها نتيجة طبيعية للفشل السياسى الداخلي، والأزمة الاقتصادية، والسياسات المتهورة خارجيًا.
ربما من المبكر الحديث عن أن ما يحدث حاليًا فى تركيا يشير إلى أن حزب «العدالة والتنمية» وصل لنهاية دوره، إلا أن الشعبية الاستثنائية التى كان يتمتع بها أردوغان أصبحت من الماضي، ويكفى النظر إلى أن أردوغان لم يستطع، رغم كل حملاته المحمومة ومئات الخطابات إبان الانتخابات البلدية، خدمة ساعده الأيمن رئيس الوزراء السابق بن على يلدريم فى انتخابات إسطنبول، وهو ما أوصل الحزب للفشل فى تلك الانتخابات، بعدما كان أردوغان يستطيع أن يحدد من يُنتخب بسهولة فى أى بلدية يختارها.
أردوغان الذى تولى منصب رئاسة الوزراء فى عام 2003، ومنصب الرئاسة منذ عام 2014، وحكم تركيا لمدة 16 عامًا، أصبح يعانى فى حكمه، ولم يعد طريقه مفروشًا بالورود. وانتصاراته الساحقة سابقًا فى خمسة انتخابات برلمانية، وثلاث دورات من الانتخابات المحلية، واثنين من الانتخابات الرئاسية بالاقتراع الشعبي، واستفتاءين بين عامى 2002 وأوائل 2018، جميعها غدت تاريخًا لا يمكن له تكراره مجددًا.
صحيح أن الانتخابات الرئاسية لن تحدث حتى 2023، غير أن مسار حكم أردوغان سيكون بالغ الصعوبة حتى ذلك التاريخ.
أردوغان الحاصل على جائزة الشجاعة اليهودية، والذى اعترف سريعًا بالقدس عاصمة لإسرائيل، وعلاقاته الاقتصادية مع تل أبيب متينة وقوية، يزايد على القضية الفلسطينية. أردوغان الذى لا تزال بلاده الأولى عالميًا فى سجن الصحفيين، يزايد على حرية الصحافة. أردوغان الذى قالت وزارة خارجيته بأن «سياسة العنف التى تتبعها السلطات الصينية مع أقلية الإيجور الأتراك فى منطقة سنجان الصينية، تمثل عارًا كبيرًا على البشرية»، عاد ليصرح بأن «أقلية الإيجور الأتراك تعيش حياة سعيدة». ومثل هذه التناقضات هناك العشرات منها، اعتمدت سياسة أردوغان على اللعب على حبالها طوال فترة حكمه، ثم جاء الوقت ليكتشف الجميع أن ما بنى على باطل فهو باطل.
أردوغان لا شك أن صورته السابقة ستبدأ فى التلاشى من الذاكرة الشعبية التركية قبل غيرها. فالرجل ازداد حدة من الناحية السياسية. كلما ارتقى اقتصاديًا، يعانى من البوابة نفسها التى ارتقى منها، وغدا هدفًا لأقرب حلفائه، ينقلبون على سياساته ويعارضون مبادئه ويعملون على إسقاطه، بعد أن كان لا أحد منهم يتجرأ على أن يلمح لذلك طوال سنوات حكمه.
فعلًا، إنه الرئيس الذى أصبح تعيسًا، بفعل سياساته التى لم تعد تطاق، لا داخليًا ولا خارجيًا.

* نقلا عن «الشرق الأوسط» اللندنية