الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

رمضان الأفريقي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جمعنا رمضان وهو شهرٌ جامعٌ مُحتفىً به، مظاهرهُ عادات وتقاليد وطقوس تخصه، كانت مناسبة لأمسية رمضانية أفريقية نظمها المجلس الأعلى للثقافة وأدارها د. خالد أبوالليل والأستاذة رشا أبوشقرا، واستمع الحاضرون إلى مقتطفات لما يدور فى أيام الشهر من المشاركين: جبرين عبدالله من تشاد، سابو محمد من الكاميرون، عبد العزيز نشيميمابا من رواندا، وسام الزهار من المغرب، عمر شيخو من إريتريا، وسريمبا رجب من أوغندا، ومصطفى عبدالقادر من مصر.
وكنت من المشاركين مُمثلة ليبيا، وعنونتُ مداخلتى بالخصوص «مظاهر الحياة فى شهر رمضان فى ليبيا»، والعنوان استقيتهُ وأهديته الى روح الكاتب المؤرخ والمترجم والدبلوسى الراحل «وهبى البوري»، صاحب أول تحقيق صحفى استقصائى عن مظاهر الحياة فى رمضان بمدينة بنغازي، وقد نشرهُ فى مجلة ليبيا المصورة ١٩٣٩م، وفى ظنى أنه الأول عربيا، ورمضان الليبى بحكم الجغرافيا بحرًا وواحات وصحراء متنوع وإن تشابه، وقد حاولت أن أقارب بعضا من الممارسات الشعبية ما قبل حلول الشهر من ترقب لهلاله وتجهيزات البيوت لاستقباله، وهم يجولون بالأسواق لشراء ما يلزم، وخلاله من اعتكاف بالجوامع لختم القرآن الكريم وصلاة التراويح والتهجد، ومع خواتيمه حيث الاستعداد للعيد بشراء الملابس وإعداد الحلويات.
ومن عناوين هذا الشهر الاجتماع العائلى ساعة الإفطار، فمن ضمن ما جرى كعادة أن يجلس لفطور اليوم الأول الأب وأبناؤه من المتزوجين والأحفاد محتفين ببيت العائلة، وتكثر الزيارات بين الأقارب والجيران لتمضية لياليه، كما وتحضر عادة تبادل الطعام المسماة « الذّوَاقة»، ومثلها حلويات العيد التى تدور بين كل الجيران ومنها «المقروض» من السميد وعجين التمر، و«الغريبة» عجين بالسمن والسكر، وللمقتدرين «البقلاوة» عجين اللوز ورقائق الدقيق، ولاحقا صارت الوجبات ومنها الحلويات مشارقية ومغاربية ما تصنعه النساء مع خروج قنوات الطبخ التى وسعت من دائرة ما نأكل ونشرب.
كما تقام فى أغلب ساحات الشوارع، وبالقرب من المساجد وبجهود أهلية ومدنية، وتبرعات أهل الخير موائد يعدها الناس بقصد تقديمها لعابرى السبيل والمحتاجين، وفى بعض المدن يتشارك أهل البيوت، من يستقبلون وجبات الفطور بالجوامع أو الميادين لأشعارهم بمشاركتهم ظروفهم وإعلان تعاطفهم معهم، وحدثتنى سيدة من الجنوب الليبى عمّا يسمونه «قصعة الموتى» إذ يرسل من فقد عزيزًا وجبة إفطار للجامع تصدقًا على روحه. ومن المناسبات الاجتماعية التى قد تُعقد فى رمضان إعلان الخطوبة، ويوم «الموسم» الذى تتلقى فيه المخطوبة هدية من أهل الخطيب.
ويُلتفت للأطفال فى رمضان، إذ يرافق الذكور منهم آباءهم عند ذهابهم للجامع، حيث يستمعون للدورس، ويُحضرون المصاحف ويجلسون لقراءة القرآن، كما يجرى إعدادهم بتدريبهم على صوم ساعات منه حسب مقدرتهم.
فى استعراض المشاركين بالأمسية لملامح كثيرة من مظاهر رمضان، تكررت جملة أنه جرى فيما مضى، وأن صيرورة الحياة ساهمت فى غياب كثير منها، فبادر منوها خالد أبوالليل بمقترح مع ختام الأمسية بأن نجمع ونوثق ما حفظته ذاكرتنا وعاجلًا، ليصير فى كتاب تجتمع فيه الثقافة الشعبية بصورها المتعددة عن رمضان فى أفريقيا، توافقنا على ذلك ونحن نُعايد بعضنا بعضًا.