الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

انتخابات البرلمان الأوروبى فوق صفيح ساخن

انتخابات البرلمان
انتخابات البرلمان الأوروبى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تترقب أوروبا ما ستفسر عنه انتخابات البرلمان الأوروبي، خاصة أنها تأتى فى ظروف صعبة وتحديات شديدة، ما بين الخروج البريطانى، وإعادة توزيع المقاعد على بعض الدول الأوروبية، وبين دعوات جادة لوقف زحف تيار اليمين الشعبوى والحفاظ على التقاليد الأوروبية والسياسات المعتدلة، فى الوقت الذى تصاعدت فيه حملات الهجوم على المهاجرين واللاجئين، والتعامل مع هذه الانتخابات على أنها لحظة فارقة للدفاع عن العرق الأوروبى بعيدا عن منح كثير من المهاجرين الفرص للعيش داخل أوروبا وظهور نظام عالمى جديد.
ويرى المجلس الأوروبى للاجئين والمنفيين (ECRE)، وهى مجموعة حقوقية تمثل أكثر من 100 منظمة غير حكومية أوروبية، أن اليمين الشعبوى المتطرف فى أوروبا تمكن من السيطرة على النقاش السياسي، رغم أنه أقلية.



وتضيف المجموعة الحقوقية أن هؤلاء قد خلقوا أزمة سياسية أدت إلى «غرق المهاجرين فى مياهنا أو إعادتهم إلى التعذيب والاستغلال، واحتجازهم على حدودنا أو ترحيلهم إلى الحرب والاضطهاد».
وربما تضعف فضيحة نائب المستشار النمساوى فرصة اليمين الشعبوى فى الحصول على مقاعد إضافية فى الانتخابات القادمة، حيث استقال من منصبه بالحكومة ومن رئاسة حزب الحرية اليمينى بعد هذه الفضيحة، فى الوقت الذى كانت فيه استطلاعات الرأى تشير إلى فوز ١٧٣ نائبًا من الأحزاب الشعبوية مقابل ١٥٤ حاليا تم انتخابهم فى ٢٠١٤.
وانطلقت الانتخابات أمس الخميس وتستمر حتى ٢٦ مايو الجاري، وفى ألمانيا من المقرر أن تجرى الانتخابات يوم الأحد المقبل، حيث سيتم انتخاب أعضاء البرلمان الأوروبى للمرة التاسعة بمشاركة أكثر من ٥٠٠ مليون شخص، مع الوضع فى الاعتبار أن تأثير برلمانيى الاتحاد الأوروبى على الحياة اليومية للمواطنين ليس واضحًا دائمًا، لأن المناقشات تخص القارة الأوروبية ككل وليس كل بلد على حدة.
ويصدر البرلمان الأوروبى القوانين مع مفوضية الاتحاد الأوروبى ومجلس الوزراء، والتى تنطبق على الاتحاد الأوروبى بأكمله (أو العديد من دول الاتحاد الأوروبي)، كما تحدد ميزانية الاتحاد الأوروبي، وتسيطر على مجلس الوزراء والمفوضية الأوروبية.
وحسب التركيبة الحالية للبرلمان، يتصدر حزب الشعب الأوروبى المجلس بـ٢١٥ مقعدا، ثم التحالف التقدمى للديمقراطيين الاجتماعيين ١٨٩ مقعدا، يليهم المحافظون والإصلاحيون الأوروبيون بـ٧٣ مقعدا، وتحالف الليبراليين والديمقراطيين من أجل أوروبا بـ٦٩ مقعدًا، ثم المجموعة الكونفدرالية لليسار الأخضر بـ٥٢ مقعدا، والخضر والتحالف الأوروبى الحر بـ٥٠ مقعدا، ثم أوروبا من الحرية والديمقراطية المباشرة بـ٤٤ مقعدا، وأخيرا أوروبا للأمم والحرية بـ٣٩ مقعدا.


أبرز المتنافسين
أعد العديد من الأحزاب مرشحيها الرئيسيين للانتخابات فى بلادهم، كما هو معروف فى انتخابات البرلمان الألمانى «البوندستاج»، ويجب على هؤلاء المرشحين قيادة النواب الألمان للحزب فى البرلمان الأوروبي، ومنهم، على سبيل المثال، كاترينا بارلى من الحزب الديمقراطى الاشتراكي.
وحتى قبل الانتخابات الأخيرة للبرلمان الأوروبى عام ٢٠١٤، تم إنشاء نظام المرشحين الأبرز فى عموم أوروبا، بحيث تقوم الأحزاب الأوروبية بترشيح مرشح هو الخيار الأول لرئاسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، مع عدم وجود قوائم بأحزاب متعددة الجنسيات.
وبعد الانتخابات البرلمانية، يقترح المجلس الأوروبي، أى هيئة رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء، أحد المرشحين لعضوية البرلمان الأوروبى للانتخاب، ووفقًا لمعاهدة الاتحاد الأوروبي، يجب على المجلس مراعاة «نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي». لذلك عليه أن يقدم المرشحين الرئيسيين للحزب الذين يمكنهم الفوز بأكبر عدد من الأصوات.
وأبرز المرشحين فى الانتخابات المقبلة، نجد منهم الألمانى مانفريد ويبر، عن الديمقراطيين المسيحيين، والهولندى فرانس تيمرمانز عن الديمقراطيين الاجتماعيين، والتشيكى جان زهراديل عن تحالف المحافظين والإصلاحيين فى أوروبا، وأيضا المرشحان كل من الألمانية سكا كيلر والهولندى باس إيكهرت عن حزب الخضر الأوروبي، وأخيرا الثنائى كل من البلجيكى نيكو كوى والسلوفينى وفيوليتا توميتش عن اليسار الأوروبي.
وتظهر شراسة المنافسة بين المرشحين الأولين فيبر وفرانس تيمرمانس، فكلاهما يريدان شراكة جديدة مع إفريقيا والتركيز أكثر على استثمارات فى بلدان الأصل للاجئين.


مانفريد ويبر
أعلن المرشح الألمانى مانفريد ويبر، أكثر من مرة أنه يريد فتح صفحة جديدة لأوروبا، وأن توحد جذورها الأصلية، ويرى أن حزب الشعب الأوروبى يجب أن يكون حصن الحدود الخارجية الآمنة.
وتدعم المستشارة الألمانية، ويبر فى الوصول للمنصب الرفيع، باعتبارها عضوا بالاتحاد المسيحى الديمقراطي، وآخر الجولات التى شاركت بها لدعمه كانت فى العاصمة الكرواتية زغرب الأسبوع الماضي.
الكثيرون يرون أن ويبر صاحب الحظوظ الأعلى للفوز، باعتباره المرشح الرئيسى لحزب الشعب الأوروبى المحافظ، بالرغم من ميول الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لمرشح آخر، ويرى مراقبون أن انتخاب ويبر رئيسًا للمفوضية بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالى جان كلود يونكر مكسب للاتحاد، خاصة أن الأخير برلمانى أوروبى من ذوى الخبرة ورئيس أقوى كتلة فى البرلمان حتى الآن.
وركزت ميركل فى حملة دعمها لويبر أنها تعتبر هذه الانتخابات خيارًا مصيريًا، بقولها «القومية هى عدو المشروع الأوروبي»، وهو نفس ما يردده ويبر فى دعايته « «أنا أحارب القوميين! أحارب الشعبويين! لن يدمروا أوروبا!»


سكا كيلر
وتبرز أيضا سكا كيلر، وهى رئيسة المجموعة الخضراء فى البرلمان الأوروبي، والمرشحة الأولى لحزبها فى الانتخابات، ويرى متابعون أن المحافظين يرغبون فى رؤية امرأة على رأس المفوضية.
وتقود كيلر حملة الانتخابات الأوروبية للخضر مرة أخرى كما كان الحال فى عام ٢٠١٤، عندما فازت على نحو مفاجئ فى التصويت عبر الإنترنت على المرشحة الرائدة فى حزب الخضر الأوروبى بـ١١٧٩١ من إجمالى ٢٢٦٥٦ صوتًا. 
وتاريخها السياسى يعود لعام ١٩٩٥، حينما شاركت فى جمعية رعاية الحيوان، وجمعية الشباب المناهضة للعنصرية ضد التمييز الأجنبي.
وقال كيلر للعالم «لقد ناضلت دائما ضد الظلم، هذا منطقى وطبيعى بالنسبة لي»، ثم انضمت إلى حزب الخضر فى عام ٢٠٠١، ودرست الدراسات الإسلامية والتكنولوجيا خلال الفترة من ٢٠٠٥ – ٢٠٠٧.


فرانس تيمرمانس
يعد فرانس تيمرمانس مرشح حزب الاشتراكيين الأوروبيين، أن هناك حاجة إلى تحسين أوضاع الاتحاد الأوروبى وتعزيز إمكانياته وتمكينه من التصدى للتحديات التى يواجهها، مضيفا بقوله «إننا بحاجة إلى الدفاع عن القيم الأوروبية مثل حقوق المرأة».
ويرى السياسى الهولندى البارز أنه لا يمكن السماح للتيار اليمينى بالسيطرة على أوروبا، داعيًا الاتحاد الأوروبى لتبنى استراتيجية ملزمة للمساواة بين الجنسين ومكافحة الفجوات فى الأجور والمعاشات، ومواجهة العنف القائم على النوع الاجتماعى وكذلك التحرش الجنسي، وضمان تمتع جميع المواطنين بحقوق متساوية فيما يتعلق بالجنس والإنجاب.


جان زهراديل
بينما يتبنى المرشح التشيكى جان زهراديل، ممثل تحالف المحافظين والإصلاحيين فى أوروبا، سياسة تكاملية أكثر مرونة، محذرا من أن «الوحدة القسرية ستعمل على تفكيك الاتحاد الأوروبي، وليس على إصلاحه».
ويتبنى زهراديل تعزيز الرقابة على مؤسسات الاتحاد الأوروبى من خلال البرلمانات الوطنية والسماح لثلث البرلمانات الوطنية بسحب مشروع قانون للاتحاد الأوروبي، كما يدعو إلى تقليص صلاحيات التكتّل فى المجالات التى توجد فيها مصالح وقيم مشتركة، بما فى ذلك البحوث والسوق المشتركة والاتفاقات التجارية.


كاترينا بارلي
أما على مستوى أبرز المرشحين من الأحزاب الألمانية لمقاعد البرلمان الأوروبي، فتظهر كاترينا بارلي، عن الحزب الديمقراطى الاشتراكى والتى تشغل فى الوقت نفسه الوزيرة الاتحادية للعدل، والتى تتبنى شعار «أوروبا الموحدة»، وتركز فى برنامجها على ضرورة الجنوح للسلم، والحذر من اندلاع أى حروب جديدة، مع الاهتمام بملف العدالة الاجتماعية وتوفير الضمانات والبرامج الاجتماعية اللازمة للمواطنين بمختلف البلدان الأوروبية، مع معالجة جديدة لملف المناخ والهجرة غير الشرعية بسياسات توافقية.
ويرفع الحزب شعار «اجتمعوا وجعلوا أوروبا قوية» فى الانتخابات، والإشارة إلى أن تماسك أوروبا والدفاع عن القيم المشتركة هو البداية لحل المشكلات الراهنة، وهذا لن يحدث إلا بالاستثمار فى البنية التحتية مع تقليل أوجه عدم المساواة فى الضمان الاجتماعى وهذا لن يتحقق إلا إذا دفعت الشركات الكبرى الضرائب ولم تتهرب مثل «أمازون» و«فيسبوك» وشركاه.
ويؤمن الحزب بأن أوروبا بها الكثير من المواهب والأفكار لاتخاذ قرار بشأن المنافسة ومنع الإغراق وهو سبب التماسك والوحدة.


سوزان زيلز
ومن أبرز مرشحى حزب الاتحاد المسيحى سوزان زيلز، والتى تتبنى فى برنامجها توحيد إجراءات اللجوء وتسريعها، مع توزيع عادل بخصوص اللاجئين والحفاظ على المسئولية الأساسية لأول أرض للهجرة يصل إليها طالب اللجوء، وضمان تقاسم الأعباء بشكل مشترك. 
وتتبنى أيضا إبرام مزيد من الاتفاقيات مع شمال أفريقيا، وتعيين ما لا يقل عن ١٠ آلاف من حرس الحدود الجدد، وأيضًا اتخاذ إجراءات فعالة ضد تجار البشر، بما يضمن حماية فعالة للحدود الأوروبية الخارجية.


جورج مويتن
ومن أبرز مرشحى «حزب البديل من أجل ألمانيا» ممثل اليمين الشعبوى فى البرلمان الألمانى الدكتور جورج مويتن، والذى يتبنى الوحدة الأوروبية ولكن بسياسات مختلفة تجاه اللاجئين والمهاجرين، معتبرا أن سياسة الاتحاد الأوروبى خلال الفترة الماضية لم تكن على المستوى المناسب للحدث، وتدهور بسببها عملة اليورو، وتباطؤ النمو الاقتصادى.
ويرى أنه من الصعب إنفاق أموال دافعى الضرائب الألمان على ملفات ليست ذى جدوى، ومنح النسبة الأكبر للاجئين ورعاية المهاجرين، معتبرا أن المواطن الألمانى له اولوية فى هذه المرحلة الراهنة.
ويتبنى حزب «البديل من أجل ألمانيا» رؤية رافضة للسياسة الحالية للاتحاد الأوروبى بشأن المهاجرين، ويعتبر أن النخبة السياسية والمؤسسات فى الاتحاد الأوروبى تتبع سياسة خاطئة للهجرة، وبسببها سوف يزيد عدد سكان أفريقيا وحدها بمقدار ٨٠٠ مليون بحلول عام ٢٠٥٠، فى الوقت الذى يعيش فى ألمانيا حوالى ٤ ملايين رجل من أصل ألمانى فى الفئة العمرية من ٢٠- ٣٥ عاما.
ويرى الحزب أن مزيدا من الانفتاح على أوروبا أمام الهجرة من القارات المختلفة سيؤدى حتما إلى تهميش السكان الأصليين فى فترة زمنية قصيرة نسبيا، خاصة مع فتح الحدود، مشيرا إلى أنه تم تقديم أكثر من ١.٥ مليون طلب لجوء فى ألمانيا وحدها منذ عام ٢٠١٥ نتيجة فشل نظام الاتحاد الأوروبى فى حل هذه الأزمة، أى أكثر من نصف جميع طلبات اللجوء فى أوروبا كلها.
علاوة على ذلك، فإن الإجراءات الأحادية الأخلاقية الزائفة التى اتخذتها الحكومة الفيدرالية فى أزمة اللاجئين قد قسمت أوروبا وأدت إلى خروج بريطانيا وألمانيا المعزولة إلى حد كبير. 
ويتبنى الحزب سياسة هيكلة بعيدة المدى للاتحاد الأوروبي، يترتب عليها مستقبلا انسحاب ألمانيا من الاتحاد الأوروبي، أو حلّه بشكل منظّم، وإنشاء مجتمع اقتصادى لتحقيق مصالح أوروبا الجديدة.


وسائل التواصل الاجتماعى والدعاية السلبية
على غرار النموذج الأمريكي، والإشارة إلى تدخل روسى فى نتائج الانتخابات عبر مواقع التواصل الاجتماعى، تخشى المؤسسات الأوروبية من دور سلبى لوسائل التواصل الاجتماعى على انتخابات البرلمان الأوروبى القادمة، وهو ما كشفت عنه مجلة «دير شبيجل»، مع الإشارة إلى أن غالبية الألمان يخشون التقارير الكاذبة التى يمكن أن تؤثر على الانتخابات، خاصة مع رصد استطلاعات للرأى تشير إلى أن ٤٤٪ من الناخبين يصعب عليهم فرز التقارير الكاذبة من الصحيحة. فى الوقت الذى أكدت فيه المفوضية الأوروبية على أنها وضعت عددا من المعايير والضمانات لمواجهة حملات التضليل على مواقع التواصل الاجتماعى، ومع ذلك لا تزال هناك حاجة ملحة لبذل المزيد من الجهد لضمان سلامة التقارير التى يتم بثها عبر «تويتر» و«فيسبوك».
ونقلت المجلة الشهيرة دراسة أجراها باحثو مركز OII من خلال تحليل أكثر من ٥٨٠ ألف تغريدة على تويتر من خلال هاشتاج متعلق بالانتخابات، تم ملاحظة أن ١٣٧ ألف منها ما يتعلق بمقالات وموضوعات خبرية، وبقية التغريدات مضللة وغير معروفة المصدر وأخبار غير مرغوب فيها.


الانتخابات فى أرقام
سيتم انتخاب ٧٥١ نائبا خلال عملية الاقتراع، ويتم توزيع المقاعد بناء على عدد السكان، إذ ستشغل ألمانيا ٩٦ مقعدا، وفرنسا ٧٤، وإيطاليا وبريطانيا ٧٣، أما مالطا وقبرص ولوكسمبورج ستة مقاعد، وبعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، سيصبح عدد المقاعد فى البرلمان الأوروبى ٧٠٥ نواب، وسيتم إلغاء جزء من المقاعد البريطانية على أن يُوزع الجزء الآخر، وسيصبح لدى فرنسا وإيطاليا خمسة مقاعد إضافية وإيطاليا وهولندا ثلاثة.
ويُمنح حق الانتخاب إلى المواطنين الذين تتجاوز أعمارهم ١٨ سنة فى غالبية الدول الأوروبية الأعضاء، إلا أن اليونان سمحت لناخبيها بالتصويت اعتبارا من عمر ١٧ سنة، فيما يصوت فى النمسا ومالطا كل من هم فوق ١٦ سنة.