الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

عبدالرحيم علي يواجه الإخوان في معرض الكتاب بـ"الملفات السرية"

الطريق إلى الاتحادية..
الطريق إلى الاتحادية.. الملفات السرية للإخوان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في جنبات معرض الكتاب هناك معركة لا تقل ضراوة عن تلك التي على الجبهة، فما زالت شريحة كبيرة من الشباب لا تعرف كيف نما هذا النبت الشيطاني داخل مفاصل الدولة، وكيف راوغ وهادن حينا وهاجم وحرق وقتل أحيانا، وتستر خلف رداء ديني هو عنه أبعد ما يكون، استطاع من خلاله خداع الكثير من الشباب والعوام، وارتدى قناع الضحية والوطنية في كثير من المواقف، تاريخ من الدم والخيانة حاولت الجماعية الإرهابية إخفاءه وتزييفه عبر سنوات طويلة، لكن الآن جاء وقت الحساب، جاء وقت نزع القناع عن وجهها وتعريتها أمام العالم أجمع، لذا وجب على كل باحث عن الحقيقة أن يعود إلى فرسان الفكر الذين خاضوا تلك المعركة في أوجها ورفضوا الانصياع والخوف من بطش تلك الجماعة.
أحدهم الدكتور عبد الرحيم علي الذي سخر قلمه ومعرفته في الدفاع عن الوطن ولم يتوان لحظة في مواجهة الأعداء وجها لوجه دون تردد، فأصدر 18 كتابا يكشف فيهم الوجه القبيح للجماعات الإرهابية ويحشد كل المخلصين معه للتصدي لهذا الفكر الظلامي.. كعراب يعرف الأثر ويفتش في ثنايا الوطن عن الحقيقة الغائبة.. يحمل قلبه على كف وفي كفه الآخر قلمه يجوب هنا وهناك يعقد المؤتمرات ويواجه أكاذيب الإخوان.
كانت مؤلفاته بالنسبة لهم كطلقات ضوء تكشف عوراتهم فهاجموه بشراسة لكن كلمته كانت أقوى للدرجة التي أزاحت كتبهم من على «مائدة القراء»، ولأن الكلمة لا تموت يطل علينا مرة أخرى كتابه "الطريق للاتحادية.. الملفات السرية للإخوان" ضمن إصدارات مركز المحروسة للنشر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب المقام حاليا بأرض المعارض في التجمع الخامس؛ والذي يكشف بالوثائق الانتهازية السياسية للجماعة الإرهابية وتعامل الإخوان مع الواقع السياسى المصرى، منذ تواجدوا عام 1928، وحتى الآن.

ويستعرض الكتاب الذي جاء في أكثر من 500 صفحة مقسمة إلى ثلاثة أبواب واثني عشر فصلا، بالتفصيل والتدقيق وبالوثائق تتبع علاقة الإخوان بالقصر والوفد قبل ثورة يوليو 1952، وكذا تعاملهم مع رجال ثورة يوليو، ونظام الرئيس الراحل أنور السادات بعد ذلك، إضافة إلى حقبة الرئيس السابق مبارك. 
فيتناول تفسير المغزى من الموقف المهادن الذى اتخذه نظام 1952م فى البداية من الإخوان الذي لم يكن في كل حال من الأحوال متعمقا بل كان الظاهر يوحِي بعلاقات المودة بين الثورة وجماعة الإخوان المسلمين، ومع ذلك فخلف واجهة الود، كانت هناك بوادر اضطراب بدأت عندما تكشَّف لكل طرف الأهداف الحقيقية للطرف الآخر، ووصلت المواجهة أوجها حينما تم تشكيل محكمة خاصة فى أول نوفمبر 1954م، سُميت باسم "محكمة الشعب" أصدرت أحكام بالإعدام شملت مجموعة من أبرز قيادات الجماعة والجهاز السرى
استمر الصدام بعد ذلك بين نظام حكم الرئيس الراحل عبد الناصر وجماعة الإخوان المسلمين، وتجسد ذلك أكثر ما تجسد فى محاولة إحياء الجهاز السرى مرة أخرى عام 1965 بقيادة سيد قطب لاستئناف عمليات العنف مرة ثانية، ولكنها انتهت بالفشل، وتم إلقاء القبض على العناصر المتورطة فى التخطيط، وقُدموا للمحاكمة، وحُكم على بعضهم بالإعدام، وفى مقدمتهم سيد قطب، ومثَّل هذا التاريخ نقطة تحول خطيرة، سواء على صعيد تطور الحركة الإسلامية بعد ذلك أو فى علاقتها بالنظام السياسى.
ويتناول الكتاب علاقة الإخــوان والســادات، وكيف أن الجماعة اختفت من الساحة السياسية المصرية حتى وفاة عبد الناصر، ثم عادت إلى العمل العلنى مرة أخرى عام 1971م، بعد أن أفرج الرئيس الراحل أنور السادات عن عدد من كوادرها المعتقلين فيما عرف بمجموعة الـ118.
وكان السادات بدأ اتصالاته "السرية" مع الإخوان المسلمين قبل رحيل عبد الناصر، وبتكليف شخصى مباشر من الرئيس، لكن تلك العلاقة لم تتحول إلى اتفاقات إلى بعد حكم السادات حينما شعر بأن الخطر الحقيقى على نظام حكمه يأتى من اليساريين والشيوعيين والناصريين؛ خاصة الطلاب منهم؛ لأنهم يسيطرون على الجامعات عن طريق الاتحادات الطلابية.. ومن هنا فكر السادات فى إنشاء تيار دينى وسط طلاب الجامعات تكون مهمته ضرب التيار اليسارى.
حسم السادات معركته مع مراكز القوى فى مايو1971، وبعد انتصاره عليهم ركز جهوده لمواجهة الحركة الطلابية المتصاعدة، والتى وصلت إلى قمة خطورتها وقوتها عند احتلالها لميدان التحرير، واقعة الكعكة الحجرية، بما يمثل تهديدًا سافرًا صريحًا للدولة وهيبة السلطة والرئيس. 
بعد ساعات قليلة من الواقعة التى استفزت السادات وأثارت غضبه، اجتمع الرئيس مع مرشد الإخوان السجين حسن الهضيبى، وسرعان ما تم الإفراج عنه وعن قيادات ورموز بارزة فى حركة الإخوان، وتمت الصفقة التى يبحث كل طرف من طرفيها عن مصلحة خاصة مختلفة: السادات تراوده كيفية مساعدة الإخوان له فى مواجهة الحركة الطلابية اليسارية المعارضة، والإخوان يبحثون عن أمل لبعثهم من جديد.
اتفق السادات مع الإخوان، لكن السؤال الذى يطرح نفسه هنا: أى إخوان اتفق معهم وعقد صفقته؟ وما الأهداف الحركية الحقيقية التى راهنت عليها الجماعة؟!.
لم يتوقف الكتاب عند سرد الوقائع فقط بل وثقها بالمقالات والمراجع التي جاء بعضها على لسان أفراد الجماعة نفسها، لتكتمل الصورة أمام القارئ بكل وضوح بداية من خروج هذه الجماعة من جحورها وصولا إلى اسوار قصر الاتحادية في المؤامرة الأخطر لهم بإسقاط الدولة المصرية.

ومن المهم أن نشير إلى أن هذا الكتاب واحد من بين مراجع للكاتب تستحق القراءة من بينها «أسامة بن لادن الذي صنعته أمريكا، المقامرة الكبرى.. مبادرة وقف العنف بين رهان الحكومة والجماعات الإسلامية، موسوعة الحركات الإسلامية 8 أجزاء، الإسلام وحرية الرأي والتعبير، الإخوان المسلمون.. فتاوى في الأقباط والديموقراطية والمرأة والفن، وكشف البهتان- الإخوان المسلمون وقائع العنف وفتاوى التكفير». 
ويبقى أن نُلمح إلا أن تحطم أحلام الإخوان الزائفة أمام إرادة الشعب جعلهم يفرون بحثا عن دعم أوروبي، مرتدين ثوب المسكنة والاستضعاف مقدمين فروض الولاء والطاعة، وكان ذلك سببا أدعى لأن يحمل عبد الرحيم علي أوراقه وكتبه ويذهب إلى أوروبا ليقول للمجتمع الغربي أننا نحن الكلمة الصادقة التي تحارب طلقة الإرهابيين دون خوف ولا تردد، نحن حاملي رسائل شعوبنا إليكم، بأن الإرهاب عدو السلام، وبأنه قتل أولادنا وحرق ديارنا.. وها هو الآن يلملم ثيابه النجس ويأتي به إليكم مرتدي قناع المظلوم، فلا تصدقوه، هو يندس بينكم.. يحمل جنسياتكم ثم ينفث سمه دون أن تشعرون.. تجاربنا مريرة معه.. لكن انتصاراتنا كبيرة.. فأبدا لم نحني جباهنا أمامه.. والآن ندحره فيفر إليكم بدعاوى باطلة، لذا أسَّسَ «علي» مركزَ دراساتِ الشرقِ الأوسطِ سنة 2017 بباريس، والذي يُعتبرُ مؤسسةً مستقلةً تهدفُ لِنشرِ رسالةِ سلامٍ بجميعِ اللغاتِ مِن بلدٍ يعدُّ مهدًا لحضارةٍ مِن أعرقِ الحضاراتِ في تاريخِ الإنسانيةِ، لتكون رسالته في توضيحُ خطورةِ الجماعاتِ الإرهابيةِ وجماعاتِ العنفِ، وليعرفَ الغربُ المخاطرَ التي يُمثلُهَا الإسلامَ السياسي والحركي عليهِ، كمَا يسهمُ المركزُ في دعمِ التبادلِ والتواصلِ بين الحضاراتِ.