رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مانشتيات النصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى الوقت التى حاولت فيه الصحافة الأمريكية تضليل الرأى العام العالمى، والتعتيم على انتصارات الجيش المصرى فى حرب أكتوبر 1973 على العدو الإسرائيلى، نقلت مانشتيات صحف أوروبية عريقة حقيقة ما يدور على الجبهة، فيما سجلت الصحف المصرية بطولات العبور وهزيمة الصهاينة، ووثقت دفتر أحوال الحرب ساعة بساعة وخطوة بخطوة.
وفيما اتسمت التغطية الصحفية لمعظم الصحف الأمريكية بالارتباك فى ثانى أيام العبور، طغى التحيز للجانب الإسرائيلى على حساب الجانب المصرى والعربى فى الأيام التالية، فخرجت صحيفة «نيويورك تايمز» يوم 7 أكتوبر بمانشيت: «العرب والإسرائيليون يتقاتلان على جبهتين.. والمصريون يعبرون قناة السويس.. ومعارك جوية مكثفة»، وأرفقت الجريدة مع المانشيت صورة لأحد جنود الاحتياط الإسرائيليين يحمل بيادته على كتفه بعدما استدعاه الجيش.
أما مانشيت صحيفة «واشنطن بوست»، فكان «العرب والإسرائيليون يتقاتلان على جبهتين.. المصريون يعبرون القناة»، وأرفقت معه صورة لدبابة إسرائيلية تقترب من الحدود السورية، وظهر أن هناك تعمدًا واضحًا لصور عبور الجيش المصرى قناة السويس واقتحامه خط بارليف.
وفى اليوم التالى بتاريخ 8 أكتوبر، نقلت الصحيفتان بيانات الجانبين المتناقضة عن سير العمليات، وقالت «نيويورك تايمز»: إن الجيش الإسرائيلى أوقف تقدم القوات المصرية والسورية على جبهات القتال، وأشارت إلى اختراق الطيران الإسرائيلى للمجالين الجويين المصرى والسورى، وتحليق طائرات «فانتوم» فوق القاهرة دون اعتراض من سلاح الجو المصرى.
وقال مراسل «واشنطن بوست» فى «تل أبيب» أن «إسرائيل أضعفت الهجوم العربى»، فيما نقلت عن مراسلها فى القاهرة أن «العرب يحاربون للانتصار».
وإمعانًا فى عمليات التضليل وفى محاولة لكسب تعاطف دولى مع الجانب الإسرائيلى المحتل، نشرت «واشنطن بوست» صورة فى صفحتها الأولى للرئيس أنور السادات ورئيس أركان الجيش الفريق سعد الدين الشاذلى بالزى العسكرى، بجانبها صورة لطفل إسرائيلى داخل ملجأ.
ونقلت «واشنطن بوست» فى 9 أكتوبر «تغير مجرى المعارك» لصالح إسرائيل، وأبرزت الرواية الإسرائيلية تحت عنوان «إسرائيل تهاجم»، واستمر الأمر كذلك حتى اعتراف إسرائيل بالهزيمة.
وفى 11 أكتوبر أعلنت الصحيفتان، «دخول الصراع مرحلة جديدة»، وأبرزتا دور الاتحاد السوفيتى فى دعم العرب، «الولايات المتحدة تعتقد أن موسكو تقدم دعمًا جويًا للعرب»، فى محاولة لخلق رأى عام دولى ضد العرب المدعومين من الخصم الأحمر، ونقلت «واشنطن بوست»، دعوات مطالبات سيناتور أمريكى الحكومة بتوفير دعم عسكرى للجيش الإسرائيلى، وفى اليوم التالى نقلت «نيويورك تايمز» إعلان أمريكا دعم إسرائيل «الولايات المتحدة تقدم الدعم للجيش الإسرائيلى لتوازن الدعم السوفيتى للعرب»، مع صورة لجندى إسرائيلى جالس فى محاولة للراحة على الجبهة السورية.
ومن الصحف الأوروبية قالت «ديلى تلجراف» البريطانية فى 7 أكتوبر: «لقد غيرت حرب اكتوبر مجرى التاريخ بالنسبة لمصر وبالنسبة للشرق الاوسط بأسره، وذلك عندما عبر الجيش المصرى قناة السويس ليقتحم خط بارليف»، وكشفت الصحيفة نفسها فى 12 أكتوبر عن أن هذا الانتصار العربى على إسرائيل محى شعور الهوان عند العرب الذين جرحوا كرامة إسرائيل.
وأضافت: أن الأسبوع الماضى كان أسبوع تأديب وتعذيب لإسرائيل، ومن الواضح أن الجيوش العربية تقاتل بقوة وشجاعة وعزم، والإسرائيليون تملكهم الحزن والاكتئاب عندما وجدوا أن الحرب كلفتهم خسائر، وأن المصريين والسوريين ليسوا كما قيل إنهم غير قادرين من على الهجوم.
وقالت «الفينانشيال تايمز» البريطانية فى 11 أكتوبر: «لقد اتضح أن القوات الإسرائيلية ليست مكونة كما كانوا يحسبون من رجال لا يقهرون، إن الثقة الإسرائيليّة بعد عام 1967 قد بلغت الغطرسة الكريهة التى لا تميل إلى الحلول الوسط، وهذه الغطرسة قد تبخرت فى حرب أكتوبر، وذلك يتضح من التصريحات التى أدلى بها المسئولون الإسرائيليون بمن فيهم موشى ديان نفسه».
أما «الديلى ميل البريطانية» فقالت فى 12 أكتوبر: «واضح أن العرب يقاتلون ببسالة ليس لها مثيل، ومن المؤكد أن عنف قتالهم له دور كبير فى انتصاراتهم، وفى نفس الوقت ينتاب الإسرائيليون إحساسًا عامًا بالاكتئاب لدى اكتشافهم الأليم الذى كلفهم كثيرًا، إن المصريين والسوريين ليسوا فى الحقيقة جنودًا لا حول لهم ولا قوة، خاصة مع الدلائل التى كشفت عن أن الإسرائيليين كانوا يتقهقرون على طول الخط أمام القوات المصرية والسورية المتقدمة».
فى المقابل وثقت الصحف المصرية دفتر أحوال النصر يومًا بيوم، ونقلت بطولات العبور والصمود إلى أبطال المعركة، لتتحول إلى مصدر التأريخ الرئيسى لحرب أكتوبر، وذلك فى محاولة لتصحيح الجرائم التى ارتكبها الإعلام المصرى إبان نسكة يونيو 1967.
فقالت جريدة «الأهرام» فى مانشيتها الرئيسى يوم7 أكتوبر: «قواتنا عبرت القناة واقتحمت خط بارليف».. وذيلت ذلك بعدد من العناوين الفرعية جاء فيها: «معارك ليلية عنيفة بالدبابات فى سيناء بعد نجاح عملية العبور الضخمة.. القوات السورية على الجبهة الشمالية اخترقت الخطوط الإسرائيلية فى عدة مواقع وتواصل تقدمها فى الجولان.. معارك جوية ضاربة فى الجبهتين المصرية والسورية».
وجاءت عناوين جريدة الأخبار: «عبرنا القناة ورفعنا علم مصر»، وفى التفاصيل: إسرائيل تعترف بنجاح العبور المصرى وتدفق المدرعات المصرية إلى سيناء واستولت قواتنا على معظم الشاطئ الشرقى للقناة، وتواصل القتال بنجاح، قواتنا البحرية تدمر الأهداف الهامة للعدو على ساحل سيناء الشمالى، المقاتلات المصرية تضرب مواقع العدو وتتصدى للهجوم جوى كبير.
أما «الجمهورية» فكان المانشيت الرئيسى لها «قواتنا تقاتل الآن فوق سيناء»، وفى الشوارح: «قواتنا تصد عدوانًا إسرئيليًا ثم تقتحم القناة على طول المواجهة وترفع العلم المصرى فوق الضفة الشرقية.. السادات ينتقل إلى قيادة القوات المسلحة ليكون على اتصال دائم بسير المعركة.. معارك شاملة برية وبحرية وجوية على طول خطوط النار المصرية والسورية مع إسرائيل».
ونشرت «المساء» تفاصيل تقدم الجيش المصرى فى سيناء «قواتنا تواصل تقدمها فى سيناء»، وفى العناوين الفرعية «القوات المصرية تتدفق عبر قناة السويس وتواصل تقدمها صباح اليوم والاشتباكات الأرضية والجوية مستمرة.. تدمير 5 قطع بحرية للعدو و27 طائرة و60 دبابة و115 موقعًا حصينًا وأسر عددًا من جنود العدو.. والقوات السورية تواصل تقدمها فى هضبة الجولان وتسقط 10 طائرات وتغرق 4 قطع بحرية».
ظلت الصحف المصرية تتبع سير الحرب وترصد القصص الإنسانية وبطولات جنودنا على الجبهة، حتى قرار وقف إطلاق النار، حينها عادت سياسة التوجيه والتحكم، وفى هذا حديث آخر وتفاصيل أخرى ننقلها فى موضع آخر.