الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وهكذا تحيا الصحف

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تفقد كثير من الصحف والمواقع الصحفية تميزها وتنافسيتها وقدرتها على جذب قراء جدد، نتيجة عدم بناء آلية تقييم وتطوير أداء، ومن ثم عدم التحول فى اتجاه مفارقة إنتاج أعمال يومية ميكانيكية الطابع، تكون نتيجتها مضامين صحفية كثيفة حجما ومتنوعة شكلا، لكن كل ذلك سيكون من قبيل ظاهر الأشياء مهنيا، لأن منظومة الإنتاج المتدفق المكرر لم يتم تغذيتها بتعليمات جديدة تثمر أفكارا مبدعة.
نقطة البدء فى ضخ الإبداع مهنيا فى الصحف هو التأكيد على أن الصحافة ليست عملا ساكنا ولا يجدر به ذلك، وهو أيضا ليس مجرد حضور بموضوعات تشبه بصمة الموظفين اليومية تأكيدا على الالتزام فى العمل، فذلك يفضى إلى تفريغ التميز والتنافسية من جوهرهما، وتكون النتيجة صنع التشابهات غير الذكية عبر الصحف، وحيث تقلل بهذا الأداء من قدرة القارئ على الارتباط بصحيفته التى تقدم له محتوى يشعر فيه بخصوصية، وهذا أساس تتشكل وتترسخ وفقا له قاعدة جماهير الصحف المختلفة.
سيكون من أسس بناء المحتوى الصحفى المتميز والتنافسى أن يتم بناء هيكلية وآليات تحريرية تؤكد على أن النص الجاهز المتاح للجميع هو جدير بمحلات الوجبات الجاهزة وفروعها، ذلك أن الكثير من المؤسسات والشركات والهيئات فى مجال العمل الحكومى والخاص قد تمرست ووسعت من آليات قدرتها على توجيه محتوى النشر الخاص بها نحو ما تريد، فمعظمها صار يصنع محتوى إعلاميا، قد يلتقطه بعض الصحفيين توفيرا للجهد والوقت وغير ذلك، فتأتى النتيجة عبر مختلف الصحف نصوصا متشابهة خالية من الأسئلة المهمة والجديرة بالطرح، نصوصا ساكنة غير جدلية لا تسأل بل تتلقى إحابات.
نمت وتضخمت خلال العقد الأخير إدارات الإعلام والعلاقات العامة فى الوزارات والهيئات، الحكومية والخاصة، وعبر توظيف فريق عمل متخصص، يستهدف بناء صورتها المفضلة عبر ما تمليه من بيانات ومحتوى يتم صياغته وتحريره فى نصوص تبدو ظاهريا مكتملة، وقابلة للنشر، ستجدها دوما متاحة للصحفيين من خلال تضمينهم فى قوائم بريدية يتم إرسال النصوص عبرها، البعض يستسهل فيستخدمها، ويسهل أن تكتشف مساحة ذلك لو أردت، حين تتوحد عناوين ومحتوى التغطية عبر صحف ومواقع، والمسألة هنا لاتخص السياسة، بل إن الحجم الأكبر والأضخم وغير المرئى يخص وزارات خدمية وهيئات حكومية ومؤسسات وبنوكا وشركات خاصة تعمل فى مجال خدمات ضخمة، عدم اكتشاف ذلك أو دعم ممارساته هو خصم من رصيد تميز الصحيفة.
وكحل مهنى لا بد وأن يكون رؤساء أقسام التحرير المختلفة، قد تلقوا تدريبا فى مجال مهارة بناء الأفكار الصحفية، أى كيف يصنع أفكارا جديدة، وكيف يشجع فريق العمل معه على طرح أفكار جديدة، ثم كيف يستخلص من التغطيات اليومية أفكارا صحفية مختلفة تصلح لقصص تفرد وتميز.
وفى هذا الصدد نحتاج ليس فقط كشوف إنتاج صحفية يومية بيروقراطية تعتمد الكم معيارا، بل يجدر أن يتضمن ذلك اجتماع تحرير دورى، يعرض لحالة الأداء المهنى لكل صحفى وقسم تحريرى، وتقييم للأداء وسط منافسيه، يتضمن بيانا إحصائيا ونوعيا، ويحضره مسئولو التحرير مزودين بخرائط نشر ممنهجة عن حالات الصعود المهنى أو الخفوت فى الأداء عبر مدى زمنى لايقل عن شهر، وبعد أن تمت أرشفته وتقييمه بشكل أسبوعى، عبر إدارة متابعة تلقت تدريبا إحصائيا ومهنيا عن نوع المطلوب منها وكيفية تنظيم وتجميع مؤشراته فى تقرير أداء.
الإبداع مشروط بالتأمل والتنظيم وبناء مؤشرات تنافسية تطور من الأداء، ثم إنه يعتمد على الفكرة المتألقة صانعة التحول والتفوق، يمثل ذلك بالضرورة نقطة بدء وتحرك على مسار مهنية التميز لمن أراد واستطاع إلى ذلك سبيلا.