الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حكمة الرئيس ووأد الفتنة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«لا نقبل بكشف سترنا وأرجو من السيدة المصرية ألا تأخذ على خاطرها».. جاءت هذه الكلمات الموجزة التى وجهها الرئيس عبدالفتاح السيسى لسيدة قرية «الكرم» بمحافظة المنيا بمثابة برد وسلام على النفوس المحتقنة والمشاعر الملتهبة لتطفئ نارًا وقودها الناس والحجارة أعدها «أهل الشر» لإقحام مصر فى نار الفتنة الطائفية.
فخلال افتتاحه لمشروع حى «الأسمرات» بالمقطم لنقل سكان المناطق الخطرة إلى أخرى حضارية.. وضع الرئيس السيسى، كعادته دائمًا، كلتا يديه على الجروح والآهات التى تسبب أوجاع الشعب المصرى وفى القلب منه المرأة المصرية التى دائمًا ما تدفع الثمن باهظا للظروف المحيطة بها.
فما بين مطرقة الفقر والعشوائيات من جهة والتمييز العنصرى وانتهاك حرمة الجسد من جهة أخرى تعانى «الست المصرية» - وهو اللفظ الدقيق الذى استخدمه السيسى لمنع أى تمييز على أساس الجنس أو الدين ضد أى مواطن على أرض مصر - الأمرين.. فهى الضحية الدائمة لسوء الأوضاع الاجتماعية والمعتقدات الفكرية.
وبدون سرد التفاصيل المستفزة التى ألمت بواقعة «سيدة المنيا» التى تم تجريدها من ملابسها وسحلها فى الشارع ليس لذنب اقترفته سوى اتهام أحد أبنائها بإقامة علاقة غير شرعية بإحدى نساء القرية.
وأراد المتربصون بأمن الوطن تصوير الأمر على أنه فتنة طائفية وأحداث عنف بين مسلمين ومسيحيين.. إلا أن كلمات الرئيس الحاسمة وضعت الموضوع فى سياقه العادى دون قبول أى تمييز بين رجل أو امرأة.. مسيحى أو مسلم.. غنى أو فقير.. مسنود أو بسيط.. فكما قال الرئيس السيسى: «الكل أمام القانون سواء.. لو أنا غلطت أتحاسب ولو أصغر مواطن غلط يتحاسب».
ولعل هذه الجملة، على تلقائيتها وبساطتها، بمثابة خارطة طريق لأسس وضمان الدولة المدنية التى تحتاجها مصر لإقرار دعائم التنمية البشرية والاجتماعية المنشودة لنهضة الأمة.. ففى هذه الدولة لا تمييز على أساس عرق أو جنس أو دين.. فالحقوق والواجبات محددة بطريقة لا تقبل الاختراق أو التشكيك وهذا الشعور فى حد ذاته كفيل بإصلاح جميع آفات المجتمع بداية من الظلم الاجتماعى والفساد الطبقى والمحسوبية والوساطة.. وانتهاءً بالفوضى المترتبة على غياب القوانين التى تحدد العلاقة بين المواطنين سواء فى علاقاتهم ببعضهم البعض أو حتى بمؤسسات الدولة.
المهم فى هذه الحالة ألا تمر كلمات الرئيس السيسى كسحابة صيف «والسلام».. فالرجل يعنى كل حرف ينطقه.. لذا ينبغى على جميع هيئات المجتمع ومؤسسات الدولة أن تترجم هذه العبارة إلى ميثاق شرف مع المواطن.. فتقضى على كل أشكال التمييز ضد المرأة بحجج واهية ومتخلفة بعضها يتخذ الدين ستارا لارتكاب أبشع جرائم التمييز ضد المرأة وإقصائها من الوظائف العامة والمناصب القيادية.
كما أنه من المطلوب إعطاء كل امرأة فى المجتمع قدرها.. ليس بناء على نظرة تفضيلية أو حتى استثنائية وإنما بحسب الدور الكبير والرسالة المقدسة التى تقوم بها فهى الأم المربية والزوجة الحانية والابنة الصالحة والأخت المساندة.. وهى أيضا المرأة المعيلة التى تتحمل فوق أكتافها ما يصعب على الجبال احتماله من مسئوليات جسيمة بدءًا من تنشئة الأبناء والسهر على خدمتهم ومرورا بتدبير نفقات المأكل والمشرب والمأوى.. وانتهاءً بالقيام بدور الأب الراعى والحامى والموجه لسلوك الأبناء.
عند هذا الحد فقط نكون قد أعطينا المرأة المصرية جزءًا مما تستحقه.. وعندها فقط يجوز لنا أن نقول «حقك على راسى».