السبت 01 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

غض البصر عن الاحتكار

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أقسم واحد من الفلاحين «المتنورين» بالطلاق على واحدة من الفضائيات أن التجار المحتكرين قاموا بجمع وشراء الأرز وتشوينه، تمهيدا للحظة عطش السوق التي يتجاوزون فيها بالسعر إلى ما فوق العشرة جنيهات. لم يكن الأمر بحاجة لا إلى القسم ولا إلى هذا القدر من الانفعال، وتتابعت المداخلات الهاتفية من شتى أنحاء محافظات مصر تؤكد أن كيلو الأرز تجاوز ٨ جنيهات وأنه في صعود. لاحظ أننا نتكلم عن طبق شعبى، أو هو طبق للإشباع، وأن أي عيلة من الشرائح المنهكة لا تحتاج أقل من كيلو ونصف الكيلو لتسكت الأمعاء، وأنه في كثير من المناطق الريفية «حلة الأرز» وحدها هي العشاء. أزمة الأرز أزمة دالة رغم محاولات التسكين إلى أن الحكومة لا تملك لا البصيرة ولا الفعلية لتقاوم شلل الاحتكار، وأن لجوءها إلى فكرة رد الفعل مستمرة في ترك الحبل على الغارب للتجار. مسألة ترك الأسواق للنوايا الحسنة مع العلم بأن هناك جماعات احتكارية تقوم بجمع السلعة و«تشريق» السوق لتفرض ما تراه من أسعار، هذه مسألة لم يعد ممكنا تجاوزها، يحدث هذا في سلع ضرورية الأرز والزيت وخلافه.
الناس من حقها أن تسأل وزير التموين عن تأخر سياساته، وعن اعتماده على رد الفعل، لأن كل هذه الأزمات متوقعة ومعروفة توقيتاتها، وأنها بأبسط الحلول كان بإمكانها أن تشترى في أول الموسم احتياجاتها بسعر معقول، تماما كما قام التجار بجمع المحصول وتخزينه وإخفائه، تجنبا للخطط الشيطانية للمحتكرين. هل صحيح أن الأسواق لا بد أن تترك «سداح مداح» حتى في أكبر الدول التي تتبنى سياسات حرية الأسواق؟ لا غير صحيح، وهناك من ضرب لنا أمثلة بآليات اتخذتها السعودية والإمارات لضبط الأسواق أثناء أزمة الغذاء عام ٢٠٠٨. المراقبون المعنيون يرون أن الحكومة رغم كل ما نراه تأخذ جانب التجار، ولا أدل على ذلك من أنها تعرف بوجود محتكرين، وترى جنونا لأسعار لا علاقة لها بارتفاع الدولار ولا تتحرك. هامش الربح في الأسواق الحرة التي تعتمد على منافسة حقيقية تخضع لآليات، أسواق متوازنة ليس من بينها لا تعطيش السوق ولا الاحتكار، هوامش لا تتجاوز الثلاثين بالمائة، فهل هذا ما يجرى عندنا؟ السعودية والإمارات عند تحريك أسعار الدولار راجعتا فواتير الاستيراد وألزمتا التجار بالبيع حسب السعر الذي استوردوا به، ولم توافقا على رفع السعر إلا بعد التأكد من أن الاستيراد تم في ظل الارتفاع الدولارى. الدولة تقول إنها تعتمد على منافذ الجمعيات التعاونية وعلى أسلوب السيارات التي تقوم من خلالها بضخ سلع بأسعار مناسبة والجيش يلعب دورا عبر منافذه، لكن ما تحتاجه أن يكون لوزارة التموين دور رقابى ودور يكسر أساليب تعطيش الأسواق لفرض أسعار الإذعان، الوزارة محتاجة تمد البصر وتتحسب للقادم، يعنى لا تنتظر أن يصل التجار بسعر كيلو الأرز إلى الجنيهات التسعة لتقوم بالاستيراد، مع أن تحذيرات عالية الصوت من متخصصين تملأ الدنيا قبل شهور محذرة من أزمة أرز في الطريق. المسألة لا ينبغى أن ترتبط بأننا على أبواب رمضان، وأن الحبوب المسكنة قد تخفف.
هناك أوكار احتكار تتحكم في قوت الناس والتعامل معها يقوم على نوع مختلف من المبادرات التي تواجه ولا تغض البصر عن «الاحتكار».