الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

من غَرّرَ بمرشد إيران؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المرشد الأعلى فى إيران يشتكى بمرارة من أن الغرب لم يفِ بوعوده، وأن العقوبات الاقتصادية على بلاده لم ترفع رغم أنها قدمت الالتزامات المطلوبة منها بإيقاف مشروعها النووى.
لا بد أن الوضع عسير على الحكومة الإيرانية حتى تجأر بالشكوى على هذا المستوى. حظها سّيئ جًدا، فأسعار البترول لاتزال منخفضة، وبسببها وضع إيران المالى اليوم، بعد توقيع اتفاقية البرنامج النووى، هو أسوأ كثيًرا مما كان عليه مثل هذا اليوم قبل عام مضى عندما قبلت بالاتفاق المبدئى! أمر لم يخطر على بال القيادة الإيرانية التى كانت تعتقد أن رفع العقوبات سينهى أزمتها الاقتصادية.
وفى نفس الوقت حجم الانخراط الإيرانى العسكرى فى الخارج يزداد بسبب اشتداد المعارك، وتمويلها المتعدد للأنظمة الحليفة، مثل بشار الأسد فى سوريا و«حزب الله» فى لبنان والجماعة الحوثية فى اليمن.
إيران، خسرت، مثل بقية دول النفط المنتجة، أكثر من ستين فى المائة من مدخولها المالى الرئيسى، ولم تسعفها التحويلات المالية التى استرجعت بعضها من حساباتها المجمدة فى الخارج.
كما أن العقود والصفقات الكثيرة التى استعجلت توقيعها مع حكومات وشركات عالمية لشراء أسلحة، وطائرات مدنية، ومشاريع للبنية التحتية، فى ورطة، حيث لا يوجد تمويل لها، مما يعنى أن على طهران أن تدفع المزيد من الفوائد البنكية، والغرامات عند التأخير فى دفعها.
لم تهنأ الحكومة الإيرانية بفرحة الاتفاق، وهذا سبب مرارة المرشد وتعبيره عن غضبه من الغرب. وقد يكون هو نفسه غرر به عندما أقنعه فريقه المتحمس للمصالحة بأن الاتفاق سيحل مشاكل الدولة المادية، ليجد أن مداخيلها تناقصت بشكل مريع! وهذا لا ينطبق على جيرانه المنافسين له، مثل دول الخليج النفطية، لأنها تملك احتياطيات وصناديق مالية كبيرة قادرة على تمويل عجزها، والبنوك العالمية مستعدة لإقراضها عند الحاجة، أما إيران فلا تملك شيئا من هذا، لهذا ربما على الحكومة فى طهران أن تدرك أن المصالحة مع واشنطن وحدها لن تمنحها الثراء، ولا النفوذ، ولا الهيمنة.
وأن تدرك كذلك، أنه مهما ضخمت قدرات قواتها، وحرسها الثورى، لن تستطيع سد النقص فى ميزانية الخبز والأرز وحاجات مواطنيها الأساسية. إيران تريد أن تفرض شروطها فى كل مجال ومكان.
المصالحة مع الغرب لن تفلح فى حل أزمات إيران البنيوية التى تواجه الدولة، ولن تعالج حاجات النظام المستعجلة. ولو كان فى طهران نظام يحكم العقل والمنطق لمد يده إلى كل الجيران حتى يخرج من الأزمات، ومعظمها من فعله أو مستمرة بسببه يمكن للمصالحة الإقليمية أن تحقق للإيرانيين وجيرانهم الخليجيين نفس الأهداف، الاستقرار والرخاء.
إنما هذا المنطق عسير على أنظمة مثل إيران وكوريا الشمالية، وبالاستمرار فى رفضه تزيد من ورطتها إيران تريد أن تتوسع وتهيمن وهى لا تجد ما يكفى لإطعام شعبها.
نقلا عن الشرق الأوسط