الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

يوسف صديق وأمل محمود وراشيل كوري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يوسف صديق:
فى تحية اسم وإسهام الفارس النبيل يوسف صديق، فى ذكراه، أحد أبطال ملحمة ثورة ٢٣ يوليو، ظل هو وقائد الثورة جمال عبد الناصر متحابين، رغم الاختلاف بينهما فى خضم التباسات موقف صعب، وكان «يوسف» شاعرًا جميلًا، فعبر حتى بعد الاختلاف عن رؤيته الوطنية، وعن تقديره العميق لناصر بشعر جياش فيه أنبل العواطف العذبة الأخاذة.
التاريخ لا يتوقف أمام مظهر أو ظرف اختلاف ملتبس، وإنما أمام جوهر وحقيقة، وقد كان «يوسف صديق»، و«خالد محيى الدين» نقيين شريفين هما وناصر فى الاختلاف «مارس ١٩٥٤»، فالجوهر أنهم جميعًا صادقون مخلصون للشعب ولثورته، والحقيقة أنهم ثوريون بحق، بينما غيرهم على استعداد لتصفية الثورة «بتعبير خالد عنهم»، كما أن غيرهم ارتكب إثم التقاعس والإهمال، وفى ظرف تاريخى استثنائى لا يحتمل «عامر»، فيما كان يوجد المستعد للتفريط انجرافًا وراء ولاء للإخوان أكثر من الإخلاص للثورة «عبد المنعم عبد الرؤوف»، بل وقد كان يوجد هذا الذى اشتهر وسط زملائه بتسمية ناصر له «البكباشى صح»، إشارة إلى موافقة السادات على طول الخط على كل ما يقوله ناصر وفى أى موقف، بينما كان «يتمسكن حتى يتمكن!»، وحينما تمكن وحكم، كان على النقيض تمامًا من خط عبد الناصر ومجمل مسيرة يوليو فى كل شيء!
فهكذا يحكم ويقيم التاريخ، بالجوهر والحقيقة، فإن «يوسف صديق» خالد بنبله، وبإخلاصه وتفانيه من أجل الوطن والثورة، وباق فى القلوب والعقول والضمائر، وثائر من الثوار الحقيقيين، لثورة وملحمة يوليو بقيادة البطل ناصر، لا يغيب إلهامهم جميعًا وإشعاعهم العظيم، رموزًا غالية وضاءة، تساعدنا دومًا صوب اجتياز الطريق إلى المستقبل الأفضل والأعدل، إلى «سكة السلامة».
أمل محمود:
فى تحية المناضلة النبيلة أمل محمود، وروحها النقية الجميلة، ودورها العظيم التأسيسى فى صدارة جيل السبعينيات الناصرى، فى ذكراها: أنت معنا دومًا يا «أمل» الغالية الحبيبة، يا أصدق الصديقات وأصلب وأرقى رفيقة، على درب تحرير الوطن والأمة من جرائم الاستبداد والفساد والتبعية وتجزئة الأمة، الجرائم المستمرة منذ السبعينيات، وستظلين دوماً أملاً، ونوراً، وإلهاماً، وسلامًا عليك «أمل محمود» فى كل حين.
إن حركة جيل السبعينيات فى مصر، لم تدرس بعد الدراسة التى تستحق، وفى صدارة هذه الحركة الهادرة النبيلة دور المناضلات الناصريات وعامة التقدميات، وفى صدارة هذه المناضلات الدور الخاص الكبير والأداء الرفيع المتفانى «لأمل محمود».
راشيل كوري:
الفتاة المنتمية إلى الإنسانية، ولا نقول إلى بلد أو ديانة أو طائفة، راشيل كوري: أنت خالدة وفى قلوبنا دائماً، نحبك ونقدرك كثيراً، ولن ننسى لك أبدًا صنيعك وتضحيتك من أجل الحرية والإنسانية، من أجل فلسطيننا وإنساننا العربى المحاصر صهيونيًا ومن الأنظمة، وأنت تقدمت بروحك وجسدك تحت نيران الاحتلال الصهيونى، دفاعًا عن منزل فلسطينى فى رفح جنوب قطاع غزة «١٦ مارس ٢٠٠٣»، فدهستك جرافات الصهيونى الشيطانية، إنك يا فتاتنا النابهة الرائعة، من أجل قضية حق وحرية قد أعطيت روحًا وحياة، وأنت فى أجمل عمر الشباب، ولسوف تظل روحك خالدة أبدًا فى وجدان وضمائر إنسانيتنا وعروبتنا، وقضايا الحق والحرية مدى الحياة.
عصام الغازي:
رحل عنا فجأة قبل أيام الشاعر الكبير والصحفى القدير الصديق عصام الغازى، كنت أنا وهو وصديقنا المشترك النبيل محمد عبد المنعم ياسين متعه الله بالصحة، وهو مهندس ومثقف رفيع محب للسينما والفنون، نكون صحبة من المنصورة، نجوب معالم وفعاليات القاهرة الثقافية فى زيارات منتظمة لها وقبل أن أستقر بها، ونلتقى معًا بقمم ورموز الأدب والثقافة فيها، وفى قلب ذلك أجواء قهوة ريش ذائعة الصيت فى عزها، حيث التقيت بأستاذى الصديق الحبيب محمد عودة لأول مرة، وحيث كان يجلس «ويتشاكس» القطبان أمل دنقل ونجيب سرور، والأخير دعانا لزيارته فى بيته، عصام وياسين وأنا، لنستمع إلى أشعاره المتمردة على كل أحوال وترديات وسوءات المجتمع، وشجعنا هذا العبقرى المتفرد «سرور» على أن نسجلها فى تلك الأمسية على شرائط كاسيت لحرصه على انتشارها، كان عصام مثقفًا كبيراً، ذى قدرات هائلة كصحفى، وله كتاب كبير يحوى أحاديث صحفية ممتعة ومتعمقة أجراها مع أبرز الشخصيات العامة، وكان تميزه هائلًا كشاعر، ومع ذلك لا أدرى إلى الآن لماذا لم ينل التقدير والالتفات الجديرين به، وأتمنى أن يهتم نقادنا بإنجازه الشعرى وتميزه الإبداعى، ما زلت أحفظ أبياتًا بسيطة رقيقة بقدر ما هى صادقة معبرة، من قصيدة كتبها فى مرحلة مبكرة: «فتشت فى سترتي/ فلم أجد سوى حجاب/ وعلبة بها ثقاب/ نعلى مرتق، وجوربى، لو تعلمين/ حبيبتى، لنفترق/ إنى حزين».
لقد كان عصام الغازى رومانسيًا ثوريًا فى أشعاره، وحياته، وقد حضرت يوم اقترانه بصورة ثورية أيضًا متزوجًا من الكاتبة اليسارية الكبيرة الراحلة سناء المصرى، وكنت وياسين شاهدين على الزواج، وكان عصام متيمًا بجيفارا، وبناصر، منطلقًا فى ذلك الإعجاب بهما من رومانسيته الثورية، وربما لهذا، بتلك الروح والتوقد والأحلام، لم يعد «الغازي» محتملاً، لواقع كئيب يمثل له تفاقم التراجع والانكسار والكوابيس، فغادر بغتة ومشى مطرقًا مترنمًا بشعره الشجى، إلى بعيد بعيد.