الخميس 23 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

بالصور.. آلام السنين داخل دار المسنين ببني سويف.. قصص مختلفة لآباء وأمهات يظهرن سعادة زائفة.. محمد: أبنائي انفصلوا عني وأزورهم بين الحين والآخر.. والحاجة فكرية: "حلوة يا ابني أيًا كان مستواها"

الحاج محمد فريد
الحاج محمد فريد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ارتسمت ملامحهم بحزن دفين وغلب الشرود على تفاعلهم مع الحياة التي يعيشونها منعزلين عن أسرهم لأسباب مختلفة، وتاريخهم يحكي عن أدوار مقدرة لعبوها لكنهم في آخر المطاف كان مصيرهم أن يحلوا ضيوفًا دائمين في دار للمسنين يتولى رعايتهم أغرابًا عنهم، هذا هو حال المسنين في دار الهلال للمسنين ببني سويف، فبمجرد أن تطأ قدماك بداخله، تجد قصصا مختلفة لآباء وأمهات يظهرن سعادة زائفة، وأصوات ضحك تملأ أرجاء المكان من شباب جاءوا ليخففوا عنهن مأساة الوحدة.
في البداية يقول يوسف محمد 77 سنة: توفيت زوجتي منذ أكثر من 12 عامًا وتركت لي ولد يعمل سباك وبنت طبيبة، وتزوج كل منهما واستقر في عش الزوجية فوجدت نفسي وحيدا بلا أنيس أو جليس فقمت ببيع منزلي وقسمت ثمنه على أبنائي واستقريت في الدار أنفق من معاشي الذي اتقاضيه نظير عملي بإحدي الشركات، وبين الحين والآخر أذهب لزيارة نجلي ونجلتي بعد انشغالهم عني ولم يعد أحد يزورني منهما لذا فإنني أذهب للاطمئنان على صحتهما وحالهما.
أما محمد فريد 80 سنة، فقد جلس وفي يده مسبحه سارحا، صامتا لا يتحدث يحتبس دموعه وهو يحكي عندما كان معلما ناجحا طاف مختلف محافظات مصر بعد حصوله على البكالوريوس من جامعة الإسكندرية ولكن الزمن عصف به.
يقول عم محمد: إنه في يوم من الأيام أتذكر أنه كان يوم جمعة كنت أعد نفسي أنا وزوجتي للنزول للمسجد لصلاة الجمعة، وأتحدث إلى زوجتي وفجأة سقطت فحملتها إلى أقرب مستشفى فأخبرني الطبيب أنها فارقت الحياة وبدلا من أن نصلي سويا صليت عليها.
وأضاف: بعدها بفترة من الزمن فقدت اثنين من أبنائي أحدهما كان يعمل ضابطا بالقوات المسلحة وقد توفي وهو ممسكا للمصحف الشريف ويقرأ القرآن والآخر كان يعمل موظفا بالشئون الاجتماعية، وقد وافته المنية أثناء وضوئه للصلاة فألهمني ربي الصبر على فراق جميع أفراد أسرتي ولم يتبق له سوي ولد وحيد فسعيت على تربيته ونسيت هموم الدنيا من أجله، وتحملت مختلف أعباء الحياة وآلامها من أجله حتى كبر، وأنهى تعليمه وشرعت في البحث عن فرصة عمل حتى استطعت تعيينه في إحدى المصالح الحكومية ثم بحثت له عن عروسة واشتريت له شقة ثم تزوج واستقر في شقته الاانني فوجئت عقب زواجه بأنني اجلس بلا انيس ولا جليس وحاصرتني الوحدة ولم أجد قريبا أو نسيبا أو صديقا لكي يشغل فراغي حتى نجلي كان يطمئن على على فترات متقطعة فلم أجد حلا إلى أن اتجهت إلى دار المسنين واستقريت بها لكني أذهب بين الحين والآخر لزيارة نجلي والاطمئنان على صحته فالحياة مشاغل ويجوز هو مشغول.
وفي حجرة أخرى وفي صمت ودموع تبلل ملابسها، فتحت الشنطة وأفرغت ما فيها في نصف الدولاب لتلتقط منه حبة من دواء الضغط، وتلقي بجسدها المجهد على السرير في محاولة لنسيان ماحدث.
ثم بدأت في رواية قصتها اسمي فكرية أبوالوفا 75 سنة: كنت اعيش مع شقيقي في منزلنا ثم تقدم لي رجل متزوج فوافق شقيقي على الزواج وانتقلت للعيش مع زوجي في منزله، وقام شقيقي ببيع المنزل الذي كنا نقطن فيه وتزوج وأقام في حلوان.
وأضافت فكرية: بمرور الوقت لم يرزقني الله بنعمة الابناء فقام زوجي بتطليقي فسافرت إلى شقيقي واقمت معه في منزله فانزعجت زوجته وطلبت منه أن يخرجني من المنزل، ثم اجهشت بالبكاء وقالت استجاب لها واصطحبني إلى دار المسنين وتركني وبعد فترة من الزمن توفي شقيقي وعزف ابنائه عن زيارتي ولم يعد أحد لي في الدنيا سوي اصدقائي في الدار، وتابعت فأقر مسئولي الدار بتخفيض الرسوم لي نظرا لأن معاشي لايتعدي 300 جنيه في حين أن رسوم الدار 600 جنيه. 
وعن مدى مناسبة حال الدار لها قالت الحاجة فكرية: "حلوة يا ابني ايا كان مستواها ماهو مفيش مكان اروحه غيرها " والحمد لله على كل حال.
وخلف عيونها الدامعة حملت الحاجة سعاد محمد 65 سنة آهات كثيرة بعدما إصابة المرض وانفصلت عن زوجها وتزوج ابنها وبنتها ولم يعد لديها محل إقامة ولم تجد مساعدة من قبل أبنائها الذين انشغلوا عنها وتركوها فاتجهت إلى دار المسنين، ورددت قائلة: "قلبي على ولدي انفطر وقلب ولدي على حجر" بعدما أفنيت عمري وشبابي في رعاية أولادي.
وأضافت محمد: "أن أكثر ما يحزنني بترحيب أبنائي بفكرة إقامتي في الدار ولم يعرض على أي منهما الإقامة معه في منزله فأدركت أن الإنسان ثقيل حتى لو كانت الام حتى انهم اصبحوا لا يسألون عني ولو حتى تليفونيا".
أما سامية محمد محمود مشرفة الدار، أكدت أن الدار تابعة لجمعية الهلال وتشرف عليها مديرية التضامن الاجتماعي لكنها تحتاج إلى دعم مادي للتطوير من أجل تقديم خدمة جيدة للمسنين فالدار تحتاج إلى أعمال صيانة بين الحين والآخر فضلا عن تدني مرتبات المشرفات والعاملين بالدار والتي تتراوح ما بين 100 إلى 300 جنيه فقط شهريا.