الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

جدلية العلاقة بين الإخوان المسلمين وداعش (5)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تصريحات د. محمد البلتاجي، أحد قيادات الإخوان المسلمين النافذة، شاهدة على إقرارهم للعنف ولو بشكل ضمني، ظهر ذلك عندما وُجه لعضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة، سؤالًا عن أعمال العنف التي تجري في سيناء وكان وقتها مقيمًا في اعتصام رابعة العدوية فرد في لقاء متلفز،: سوف يتوقف العنف في سيناء في نفس اللحظة التي يعود فيها مرسي للسلطة مرة أخرى.
وقي حقيقة الأمر رد البلتاجي لا يعني فقط الإقرار بفكرة العنف وإنما بوجود علاقة ما بين الجماعة التي ينتمي إليها وتنظيم ما يُعرف بالدولة الإسلامية الذي يعمل في سيناء قبل أن تُعلن أنصار بيت المقدس مبايعتها له؛ يمكن أن نحدد أو نناقش شكل هذه العلاقة ولكنها ثابتة عبر أشكال وصور كثيرة منها التصريح الواضح دون لبس من أحد قيادات الجماعة بشأن هذه العلاقة.
حاول محمد البلتاجي تصحيح موقفه فيما بعد من خلال تصريح آخر مصور أذاعته شبكة رصد على شبكة الإنترنت التابعة للجماعة فقال ما نصه: إن اتهامه بعلاقته بالعمليات المسلحة التي تجري في سيناء من واقع تصريحه السابق للتليفزيون الألماني، بمثابة فبركة إعلامية مخابراتية!، وأن ما يدور في سيناء لا علاقة لجماعة الإخوان المسلمين به، وأن جماعة الإخوان المسلمين لم ولن يستخدموا عنفًا في يوم من الأيام؛ لكن حالة الغضب الموجودة في سيناء وغير سيناء هي رد فعل لما يحدث في مصر، وعندما يتوقف ما يحدث سوف يتوقف معه كل مظاهر الغضب في سيناء وغير سيناء، ليس باعتبارنا الفاعلين له ولكنه رد فعل طبيعي.
هذه التصريحات تؤكد أن الإخوان لم تكن مشغولة بشجب العمليات المسلحة لتنظيم أنصار بيت المقدس وبإظهار الموقف الشرعي منها، وإنما اكتفت فقط بالتصريح بأن عودة محمد مرسي للسلطة سوف يساعد على توقفها، بل قال القائل وقتها، بأنها سوف تتوقف في نفس اللحظة التي يعود فيها مرسي للسلطة؛ وذهب البعض بأن المجموعات المسلحة تحركت بأمر من جماعة الإخوان المسلمين وأنها سوف تتوقف بأمر آخر وذهب البعض الآخر، بأن المصالح متفقة بين كلا التنظيمين وهو ما جعل جماعة الإخوان تغض الطرف عن شجب هذه العمليات بل ذهبت للبحث عن مبررات لها؛ فمثلت بذلك حاضنة للعنف وساعدت هذه التنظيمات بشكل مباشر على المواجهة المسلحة مع الدولة بكافة أجهزتها، حتى وإن عادت بعد ذلك وشجبت بعض عمليات العنف، ولكنه كان متأخرًا؛ ربما يكون رد وتصحيح البلتاجي لتصريحه السابق عن سيناء للتليفزيون الألماني، لم يكن كافيًا لنفي العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين وبين ما يدور في سيناء، وبالتالي تتحمل الجماعة جزء من وزر هذه العمليات لأنها مثلت حاضنة لهذه التيارات من جانب، وإن تكن فاعلة له، كما أنها وفرت بيئة خصبة لهذه التيارات ولم تكن إدارتهم لهذا الموقف بنفس المستوى المرجو أو الذي كانت عليه الجماعة فيما سبق وبخاصة في التسعينيات من القرن الماضي عندما خاضت الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد حربًا ضد الدولة؛ بل الأدهى أننا وجدنا البلتاجي ينفي علاقته بما يدور في سيناء، ولكنه لم يشجبه بل ختم كلامه وتعليقه بأنه رد فعل منطقي!
الإخوان في تسعينيات القرن الماضي كانوا لا يكتفون بنفي علاقتهم بأحداث العنف، بل كانوا يهاجمون من يستخدم العنف ويتبرءون منه ويؤصلون لذلك بمواقف شرعية واضحة وهو ما لم يحدث من الجماعة إزاء العنف الذي حدث بعد عزل مرسي من السلطة وعلى أحسن تقدير يمكن أن نقول إنهم لم يقفوا نفس موقفهم السابق في التسعينيات بنفس الحماسة، وهو ما يؤكد العلاقة.
نفي البلتاجي بأن الجماعة لم تتورط في أحداث عنف في الماضي عار تمامًا من الصحة، فالجماعة كان لها جناح عسكري أطلقت عليه النظام الخاص ظهرت ملامحه في نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي، ونفذ أعضاؤه عمليات مسلحة ضد وزراء وقضاة ومدنيين وضد بعض الإخوان الذين لم ترض عنهم قيادة النظام الخاص آنذاك.
يمكن تلخيص الفكرة الأساسية بأن الإخوان لم يكونوا بعيدين عن العنف في أي مرحلة من مراحل النشأة أو التكوين أو العمل، بل كان العنف جزاءً مهمًا من الفكرة والتطبيق، ولكن حالت المواقف غير الصريحة عبر مراحلها التاريخية خلال 88 عامًا بظهورها بشكل أوضح.. وللحديث بقية.