الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

من أجل دعم المشاركة الشعبية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو كانت المشاركة الشعبية في العمل العام أو السياسي بشكل عام محدودة، وضعيفة.
وكان هذا راجعًا للقيود المفروضة على هذه المشاركة سواء كانت في صورة قوانين أو قرارات أو إجراءات عفى عليها الزمن منذ فترة الاحتلال الإنجليزى لبلدنا، وقام بنقلها ونسخها بعض ترزية القوانين في قوانيننا الوطنية، وهذا أدى إلى قصر العمل السياسي والعام على فئات محددة سواء كانوا من المحسوبين على النظام القائم، وأعوانه أو من يسبحون ليلًا ونهارًا بحمده، ويدافعون سواء بالحق أو الباطل، وفئة نخبوية أجادت كل صنوف الانتهازية، وفن الأكروبات في التنقل، وكل همها المحافظة على مصالحها الذاتية.
وبعض أفراد هذه الفئة في حراك سياسي، يصعدون لقمة السلطة، وفى بعض الأحيان يهبطون لصفوف المعارضة.
أما القوى، والأحزاب السياسية، وفى القلب منها القوى الوطنية، والديمقراطية فكانت ضعيفة نتيجة القمع السلطوى الذي مورس ضدها مما اضطر بعض المحسوبين عليها، والمتعاطفين، إلى الفرار، وإقامة جمعيات، ومنظمات حقوق الإنسان لتلقى التمويل الأجنبى، ليضمنوا الاستقواء بالخارج أسوة بالنظام آنذاك، ويستمروا محسوبين على المعارضة.
ولم تتمكن القوى الوطنية والديمقراطية من قيادة أغلبية الاحتجاجات التي اندلعت في الشارع المصرى، هذا بخلاف وضع قوى الإسلام السياسي التي استفادت أقصى استفادة من الصفقة التي أبرمتها مع الرئيس الراحل أنور السادات لمواجهة اليسار، وحققت مكاسب كبيرة بالانتشار في جميع مناحى الحياة بمصر، وكمنت حتى تأتى لها فرصة الانقضاض على السلطة.
وهذا الوضع شجع السلطة القائمة لانتهاج السياسات الضارة بالوطن والمواطنين، وتتصرف كيفما تشاء، فكانت فكرة التوريث.
أما على الجانب الآخر فقد عزفت الغالبية الشعبية عن المشاركة في العمل العام أو السياسي، واعتبرته نوعًا من أنواع الترف أو المخاطرة غير المضمونة مصيرها السجن.
وجاءت ثورة الشعب المصرى في ٢٥ يناير ٢٠١١ مباغتة للجميع، سواء للسلطة القائمة أو القوى والأحزاب السياسية، ومراكز وجمعيات حقوق الإنسان، وأمريكا، وإسرائيل، وحلفائهما من قوى الشر، وذلك نتيجة القهر، والقمع الذي مارسته السلطة القائمة ضد شعبنا، وسارع الجميع من أجل الانقضاض على هذه الثورة، كل بطريقته الخاصة، من أجل ركوبها، وتحويلها لأغراضه الخاصة، لكن عين الله، وقواتنا المسلحة حمت الشعب، والوطن، وثورته، إلا أن جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، وبمساعدة الطابور الخامس، وأتباع أمريكا نجحت في الوثوب على السلطة لتقيم نظامًا ديكتاتوريًا مارس أبشع أنواع الفاشية، فكان لا بد من أن يثور الشعب المصرى مرة أخرى في ٣٠ يونيو ليصحح المسار، واسترداد الثورة من أيدى أعدائه، وانضم لهم الجيش والشرطة.
وبقى التساؤل الأساسى: هل لنا أن نترك هذه الأعداد الكبيرة التي نزلت الميادين، والشوارع من أسوان حتى الإسكندرية في ٢٥ يناير، و٣٠ يونيو تعود من حيث أتت.. للكنبة؟! وبعد أن أصبحوا يتحدثون في السياسة، والشأن العام في كل أماكن تواجدهم.. الأمر الذي وصل لحد أن بعض جهات العمل وضعت لافتات تطلب عدم الكلام في السياسة حرصًا على العمل؟! فهل نتركهم ليجلسوا في منازلهم، ويعودوا للسلبية، ألا يعد هذا جريمة نرتكبها في حق هذه الأعداد الكبيرة؟! أم نوجههم للالتحاق بالتنظيمات، والأشكال القائمة سواء كانت أندية أو روابط أو جمعيات أو نقابات أو أحزاب.. إلخ، حتى نضمن انتظامهم في الاصطفاف خلف قيادتنا الوطنية، وقواتنا المسلحة، وجهاز الشرطة.. ألسنا في حالة حرب؟!
ولعل الفرصة أصبحت مواتية من خلال مجلس النواب الذي انتخبناه، فعلينا أن نجرى أوسع نقاش وحوار حول المشاركة الشعبية الواسعة، وهذا أجدى لنا من قضايا التحرش الجنسى، وحكايات «الجرسة» التي يجرنا البعض إليها؟!
وعلينا أن نراجع قوانين هذه التنظيمات، والأشكال، ولو تطلب الأمر تعديلها حتى يسهل اشتراك الغالبية الشعبية في هذه التنظيمات.. فلا مانع.. حتى لا نتركها حكرًا على حفنة من البشر قاموا بالاستيلاء عليها، وحرفوها عن أهدافها التي أنشئت من أجلها، وحولوها لعزب خاصة بهم، وحققوا مغانم شخصية كبيرة.
فهل يعقل أن نترك أندية الشباب، والساحات الشعبية في القرى، والنجوع، والمراكز مغلقة في وجه الأعداد الكبيرة من الشباب ليتسكعوا على النواصى، والمقاهى، ويصبحوا عرضة للأفكار المتطرفة، والانحراف، وإدمان المخدرات ونقول لوزارة الشباب إن ثروة أي دولة في شبابها، والتقصير في حقهم وتركهم في الشوارع تقصير بالغ.
فيجب تحويل جميع إمكانيات وزارة الشباب لخطط من أجل جذب هؤلاء الشباب، وتسهيل انضمامهم للأندية، وإزالة أي قيد يحد من هذا سواء قيمة الاشتراكات أو... إلخ، ولنفتح أبواب الأندية، والساحات للشباب، وألا يكون الأمر قاصرًا على فئة اجتماعية محددة، وننشئ منها الجديد في القرى، والنجوع، والمراكز، ونطهرها من جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية.
وكفى اهتمامًا بأندية الصفوة، ولنعد عمل معسكرات العمل الشبابى - كما كنا نفعل في الماضى لردم البرك، والمستنقعات - ولو وصل بنا الأمر لنظافة الشوارع.. فهذا وطننا وليس وطن الغير، وأى عمل تطوعى سيصب في صالح أهالينا، وشعبنا، فمجلس النواب مطالب بإجراء هذه المناقشة، وعقد الجلسات بدلا من النغمة الذي يرددها البعض حول عزوف الشباب، فهذا قول مغلوط.
فالشباب أيها السادة ليس عازفًا إنما لا يجد يدًا تمتد إليه أو تحنو عليه، ودعنا من حصر قضية الشباب فيما يطلقون على أنفسهم نشطاء أو ثوار... إلخ. لأن هؤلاء لهم شأنهم الخاص، ولا يمثلون أغلبية الشباب؟! وذات الحال بالنسبة للجمعيات، والعمل الأهلي، فنحن شعب عريق يملك أقدم الحضارات الإنسانية، ولدينا تراث في العمل التطوعى، إلا أن وزارة التضامن الاجتماعى مصرة على قصر النقاش بخصوص قانون الجمعيات عليها، وعلى ممثلى جمعيات، ومراكز حقوق الإنسان، والتمويل الأجنبى.. رغم أن المفهوم للجمعيات الاجتماعية يقوم على العمل التطوعى، ويعتمد في تمويله على التبرعات سواء من القادرين ماليا أو رجال الأعمال، وأجدى هذا لرجال الأعمال بدلًا من البرامج التي يشاركون فيها وتأخذ شكل التسول، والاستخفاف بالعمل الخيرى مما يشوهها، ويحرفها عن أغراضها الحقيقية.
فعلينا الاعتماد على تبرعات رجال الأعمال في أنشطة هذه الجماعات بدلًا من تلقى الأموال من جهات مشبوهة تسعى إلى التدخل في شئوننا الداخلية.