السبت 01 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

فساد إعلامي أم انحراف مهني؟!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل هناك علاقة بين الإعلام والفساد؟ كان هذا السؤال ضمن تساؤلات أخرى طرحها مؤتمر عقدته أكاديمية السادات للعلوم الإدارية في مطلع الأسبوع، عن ظاهرة الفساد في المجتمع وآثارها الاقتصادية والاجتماعية، وكانت مهمتى في إحدى جلسات المؤتمر رصد إجابة السؤال المطروح، واكتشفت أن الإعلام يمكن أن يكون محفزًا على الفساد وفى الوقت نفسه يمكن أن يكون مانعا وكاشفا له!! والفساد الإعلامي يتم تناوله من منظورين الأول فساد المؤسسة الإعلامية، والثانى فساد المحتوى أو الرسالة الإعلامية وإن كليهما يؤدى إلى الآخر!!.
عندما ينحرف الإعلام عن مساره ويحدث خلل في أداء وظائفه نتساءل عما هو الإعلام المنحرف؟ وما هو شكل الخلل الوظيفى له؟ يساهم الإعلام بأفكاره وبرامجه في تكريس البيئة الفاسدة التي تبرر للمفسدين فسادهم، حيث يصبح الخلل الوظيفى نتيجة طبيعية للفوضى الإعلامية ويرجع فساد المؤسسات الإعلامية من الداخل لمجموعتين من العوامل الأولى مرتبطة بالنسق القيمى السائد في المجتمع، والأخرى نتيجة الاختلال في البناء الإدارى والمالى للمؤسسة الإعلامية، وهذا ما يمكن توصيفه بفساد الإعلام!!
ويتبادر إلى الذهن سؤال من أين يأتى فساد المؤسسة الإعلامية؟ أرى أن عدم وجود سياسة تحريرية يؤدى إلى الابتعاد عن الأداء المهنى وهذا الأخير يخلق أنماط سلوك قد تؤدى إلى الفساد حتى في أبسط أشكاله مثل لجوء الإعلامي إلى تسهيل ظهور ضيوف بأعينهم دائمًا مقابل خدمات ما، قد تكون مادية أو معنوية، إضافة إلى سيطرة الإعلان على الإعلام!! فقد يؤدى ذلك إلى تمكين الترويج الإعلانى من الهيمنة على الأفكار البرامجية، بحيث يصبح هدفها الجذب والإثارة بغض النظر عن الوظيفة أو الهدف حتى ولو كان على حساب قيم المجتمع وثوابته الأخلاقية، ما تقدم قد يؤدى إلى تجميل صورة الفساد الاجتماعى مثل برامج تروج لأفكار الدجل والشعوذة والنصب الإعلانى والإعلامي وإثارة الغرائز الجنسية، والدخول في مناطق شائكة تناقش الثوابت الدينية تحت زعم حرية التعبير، كما قد يؤدى إلى فساد سياسي نتيجة التلاعب بعملية تشكيل الرأى العام عن طريق بث أفكار متطرفة مغلفة بمعسول الكلمات مثل الحرية والديمقراطية، وهناك أيضا المذيع الناشط!! فقد يرسخ الفساد في الذهن أنه الفساد المالى والاجتماعى فقط وأتصور أن الفساد هو أيضا فساد الفكر، فبعض المذيعين ومقدمى البرامج يرون في أنفسهم ناشطين سياسيين لهم أفكارهم وتوجهاتهم ومن حقهم أن يفرضوها على المتلقى في برامج أحادية الجانب، تمتد بالساعات، هي أقرب ما تكون للمحاضرة منها للبرنامج التليفزيونى أو الإذاعى، وهذا أمر جانبه الصواب، فالناشطون السياسيون مكانهم الأحزاب السياسية وليس أمام الكاميرا أو خلف الميكروفون ويظل الناشطون السياسيون ضيوفا للبرامج فقط في إطار عرض الرأى والرأى الآخر.
وكما أسلفت، الإعلام يمكن أن يكون كاشفا ومانعا للفساد ويتصدى لكل أشكاله، وتقاعس الإعلام عن مواجهة الفساد يجعله يتحول إلى إعلام الفساد، وهو التوصيف الثانى الذي نطرحه، فيجب أن يلقى الإعلام الضوء على نماذج الفساد ولا يخاف في قول الحق لومة لائم.
وعندما يتحرر الإعلام من حالة الجدل التي تسيطر عليه ويتفرغ للبناء أو ما نطلق عليه الإعلام التنموى، هنا تتراجع فرص الفساد وتبدو في الصورة فرص تكامل المجتمع من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتصبح الوسيلة أفكارًا برامجية تقدم عبر النوافذ الإعلامية المختلفة بشكل جاذب للمتلقى يرى فيه حياته وتطلعاته عبر الأثير في الإذاعة والتليفزيون.
وكلمة أخيرة إن فصل الملكية عن الإدارة في المؤسسات الإعلامية حافز على التصدى لأشكال الفساد، فتدخل المالك، فرد أو حكومة، في توجيه أو فرض السياسة التحريرية للمؤسسة الإعلامية قد يحبط القائمين بالرسالة الإعلامية ويبعدهم عن الأداء المهنى، الأمر الذي يهيئ مناخًا خصبًا لبيئة قد يتسلل إليها الفساد والمفسدون، من هنا نجد أن فساد الإعلام نتيجة طبيعية لسيادة إعلام الفساد.
النسخة الورقية