الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

فرسان الحرب "رفضوا الموت كالحملان".. صائد الدبابات.. أسد سينا.. المنقذ.. جنود في سن العشرين.. صدقوا مع عاهدوا الله عليه فاستحقوا الشهادة

فرسان الحرب
فرسان الحرب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وسط حياة قاسية عاشوا، في ربوع القرى والنجوع تربوا، لم ينعموا بحياة رغدة ولا بكفوف ناعمة ولكن تم إرضاعهم على الرجولة والشهامة وتلقوا فطامهم على النخوة والإقدام، شباب في مقتل العمر لم يفكر في دنيا الملذات، لم يسنيه حلمه بالبيت والزوجة عن حلمه في تحرير أرضه والدفاع عن رمالها المقدسة، أبوا أن يموتوا كالحملان، أقسموا أن يظلوا خيولا عربية حرة غراء، وحوشا في البر والبحر ونمورا تتحدى حرارة الشمس وقسوة الصحراء سطروا الملاحم فاستحقوا الفوز بنوط الشجاعة، من الدرجة الأولى في الدنيا، إلى جانب التكريم الإلهي، وحصولهم على اللقب الاسمي "شهداء" نمازج لخير أجناد الأرض، حفروا أسمائهم في ذاكرة التاريخ.

صائد الدبابات

في 6 من أكتوبر 1973، صدر قرار مفاجئ بإلغاء إجازته والعودة للخدمة، فسارع مهرولا مرتديا بدلة الشرف، حاملا سلاح الكرامة على صدره متجها نحو مصيره الذي شرفه ورفع رأس أجيالا متتالية من بعده.
في نهار رمضان ومع الشمس الحارقة والصبر على الجوع والعطش والصيام وبعد الضربة الجوية التي أفقدت الصهاينة اتزانهم التهب الوضع في منطقة القناة وأعلنت الحرب أوزارها وبدأ الجنود المصريون في الزئير متعطشين للارتواء من دماء مغتصبي أراضيهم، حتى عبروا الضفة الشرقية للقناة وإذا بالأسد المصري، المجند عبدالعاطي محمد لم يتمالك عقله ولم يستطع تقييد حماسته فانطلق كالطلقة المدوية نحو ذاك الساتر الرملي، الذي قالوا في حقه الأقاويل وكبده درس العمر في الهزيمة بعد أن اقتحمه بالعبور.
لم يكتف المجند بتسلق ذلك الساتر الأسطوري وأقسم أن يلحق العار بصانعيه فقام بإسقاط 4 طائرات إسرائيلية.

في 8 أكتوبر فقد العدو صوابه وأصبح كالأسد الجائع الذي جن جنونه إزاء الهزيمة فتقدم بقوات ضاربة مدعومة بغطاء جوي، ما جعل ابن مصر الجسور يهلل حمدا لله على الصيد الجديد، فأطلق أول صاروخ نحو دبابة اليهود فأصابها في مقتل وأخذ هو وزميله يتبادلان صيد الدبابات، وكأنهما في رحلة صيد لا في ساحة حرب.
خسائر أسطورية كبدها الفرعون المصري لجيش الأعداء، تمكن من تدمير 13 دبابة في نصف ساعة ما أجبر العدو على الانسحاب ومن ثم تقدمت القوات المصرية وصعدت قمة الجبل بنجاح، بعدها اختاره العميد عادل يسرى ضمن أفراد مركز قيادته في الميدان.

في 9 من أكتوبر، فوجئ المجند بتقدم قوة مدرعة، تحتوي على مجنزرة حربية وعربة جيب وأربع دبابات، حينها انتفض المجند ورمي وسرعان ما سدد الله رميه فأصاب بصاروخه الأول القوة كاملة حتى دمرها بمن فيها، ذهل قائد الدبابة الثانية فاتخذ قراره بالفرار والهرب لكن صاروخ عبدالعاطي لم يمهله وانطلق كالفهد المشتاق للحم فريسته فساواها بالأرض، وفى تلك اللحظة حدثت حالة من الهرج والمرج واشتاط غيط اليهود فبدءوا في التقدم بسيارات جبب، بلا عدد وانهمر سيل من الدبابات نحو الملحمة المصرية الذي لم يقصر في رحلة الصيد حتى قصفهم جميعا واحدة تلو الأخرى حتى بلغ رصيده في هذا اليوم 17 دبابة.
في 10 أكتوبر، فوجئ مركز القيادة الذي تواجد فيه المجند، باستغاثة من قائد الكتيبة 34، بعد مهاجمة 3 دبابات إسرائيلية، الموقع، وقتها اكمل البطل رحلته بتوجيه 3 صواريخ نحو الهدف إلى جانب اصطياده لدبابة حاولت التسلل اليهم يوم 15 كتوبر ودبابتين ومجنزرة في 18 أكتوبر ليصبح الفتي المصري صاحب اللقب الاشهر "صائد الدبابات" الذي قضي على 33 دبابة ومجنزرة، فاستحق بجدارة وسام الشجاعة، نجمة سيناء وهو نوط يمنح لمن قاموا بأعمال خارقة في فنون القتال والحرب.

اسد سينا

"أسد سيناء" سيد زكريا ابن الثالثة والعشرين، نوع آخر من الملاحم التي أنجبتها مصر العزيز المباركة، ابن الصعيد الذي حارب وحدة كتيبة كوماندوز وأسقط 32 يهوديا قتيلا وتسبب في تدمير 3 دبابات وحده في جنح الليل، حتى إن اليهود ظنوا أنهم أمام كتيبة كاملة تقاتلهم، إلا أن عرفوا الحقيقة المذهلة بأن من قضى عليهم هو جندي من وحوش القوات المسلحة.
بعد حرب ضارية تصدي لها المجند مع كتيبة تلو الأخرى تسلل إليه مجند إسرائيلي من الخلف بخسة فأطلق عليه وابل من الرصاص حتى أسقطه شهيدا، ولأن الشجاعة موقف لم يستطع اليهودي إلا أن ينحني انحراما لهذا المجند الباسل فقام بدفنه إكراما له ثم أخذ يطلق في الهواء 21 طلقة كتحية عسكرية تعبر عن مدى إجلاله واحترامه لشخص المجند.

ظلت قصة المجند في طي النسيان إلى أن شعر المجند القاتل أن للمجند المصري حق في عنقه، وأن بلاده لا بد أن تعلم قصته المشرفه فذهب المجند الذي أصبح من أكبر رجال الأعمال في ألمانيا وطلب مقابلة السفير المصري وقص عليه قصة الفرعون المصري، مطالبا بتكريم روح سيد زكريا ومن قام الرئيس الأسبق حسني مبارك بتكريم عائلة العريف ومنحه وسام الشجاعة من الدرجة الأولى تخليدا لذكراه.

ملحمة الإيثار

ومن القديم للحديث ما زال يتجلي دور خير أجناد الأرض فهذا هو الشهيد الباسل، ابن الدقهلية، العريف الشحات شتا، ابن العشرين، الذي آثر أن يموت وحده على أن يشاك أحد من المجندين بشوكة غدر.
كانت اللحظة الفاصلة حين قامت سيارة تحمل 12 طن متفجرات وميكروباص يحمل 5 تكفيرين يرتدون أحزمة ناسفة، بكسر بوابة المقر العسكري بسيناء مؤخرا، مصرين على التقدم نحو مواقع تجمع الجنود والقادة، سمع الشحات أحد التكفيريين وهو يقول للجنود أن الصول سيد من الجيش ولاحظ أن التكفيري لغته غريبة فاقترب منه ولاحظ أنه يرتدي حزاما ناسفا حينها لم يتردد المجند وقام باحتضان الإرهابي وأخذه وذهب به بعيدا لينفجر الحزام في الإثنين معا وينجو الرفقاء، إنه فقه الإيثار الذي يعتنقه البسطاء ممن لم ينعموا بنعومة الأيد ولم يكونوا من أبناء علية القوم لكنهم أصروا أن يعيشوها بكرامة وأن يموتوا شهداء أحياء، كالخيل الحرة تموت شامخة رافعة الرأس.