الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

مصريات

معابد الشمس.. التقوى والرفاهية في عصر الأسرات المصرية القديمة

مخطط لأحد المعابد
مخطط لأحد المعابد المصرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مع بزوغ شمس الحضارة المصرية القديمة في عصورها الأولى، ومع اتجاه المصري القديم للعبادة؛ شيّد معابد الشمس المصرية القديمة لإله الشمس "رع". وهي تتكون من معظم المعابد التي بناها ستة أو سبعة من ملوك الأسرة الخامسة خلال فترة الدولة القديمة. والتي اختفت من صفحات التاريخ بعدها لفترة طويلة، عندما سادت ديانة "آمون" الإمبراطورية المصرية القديمة. لكن، معابد الشمس ستظهر مرة أخرى بعد ألف عام، تحت حكم إخناتون في الدولة الحديثة، والتي عٌثر عليها في عاصمته "أخيتاتون"، الواقعة في تل العمارنة.

يُعتقد أنه تم بناء ستة أو سبعة معابد، لكن لم يتم اكتشاف سوى اثنين منها: معبد أوسركاف، ومعبد ني أوسر رع. أمّا الملوك الستة مرتبطة بوجود معابد الشمس التي بنيت في عهدهم وهم: أوسر كاف، وساحورع، ونفر إر كا رع، ونفر ف رع، ونفر ف رع نيو سي رع، ومنكاو حور كايو، بينما أوقف جد كا رع، الملك الثامن من الأسرة الخامسة بناء معابد الشمس. ووفقًا لحكاية تعود إلى عصر الدولة الوسطى، واشتهرت باسم "حكاية ديدي والسحرة" فإن أول ملوك الأسرة الخامسة كانوا ثلاثة توائم، وكانت الأسرة المصرية الخامسة السلالة الفعلية للإله شمس رع. 

خصائص معابد الشمس

في كتاب "الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق" للمؤلف عبد العزيز صالح، الذي صدرت نسخته الأولى في عام 1967، وفي الفصل الخاص بـ"التقوى والرفاهية في عصر الأسرة الخامسة"، تناول الكاتب خصائص معابد الشمس.

وتحدث الكتاب عن معبد "ني وسررع / المحبب لرع"، والذي شيّده سادس ملوك الأسرة الخامسة، ويقع في منطقة البدرشين في الجيزة، والذي يُطلق عليه المصريون "معبد أبو غراب"، وهو معبد ضخم، تم تشييده هو وملحقاته من الحجر. وقد جاء وصف معبد الشمس في كتاب "وصف مصر" الذي قام بكتابته علماء الحملة الفرنسية، الذين قدموا إلى مصر مع حملة نابوليون بونابرت الشهيرة، ولكن علماء الحملة سجلوا تلك الأثار على أنها لهرم مهدوم.

وفي عام 1838م قام المستكشف جون بيرينج بحفريات في المنطقة وأزاح الأنقاض، فلم يجد سوي قاعدة من الجرانيت لمسلة، كما وجد لوحات حجرية منقوشة تعبر عن احتفال قدماء المصريين بعيد سد، لكن، في الوقت نفسه، حفزت تلك الآثار على الاستمرار في التنقيب في المنطقة ودراستها، وكان من ضمن الدارسين في عام 1843م عالم الآثار الألماني كارل لبسيوس، الذي بدأ القياسات في منطقة أعطاها رقم 15 في قائمة لبسيوس للأهرامات.

تتكون عمارة المعبد، وفق كتاب "الشرق الأدنى"، من ثلاثة عناصر مميزة: مبنى ضخم ينهض على حافة الهضبة ويطل على الوادي، ويعتبر مدخلًا إلى منطقة المعبد، ويشبه معبد الوادي بالنسبة لمناطق الأهرام؛ ويليه طريق صاعد مكشوف لأشعة الشمس تعبره الوفود وهي تهلل لربها نور السماء والأرض. ثم معبد الشمس الرئيسي ذاته، وهو بناء ضخم ولكنه بسيط التكوين، يتألف من فناء رحب مرصوف عظيم الاتساع ينكشف لنور إله الشمس ويتضمن رموزه التي رأى الناس آياته فيها ورمزوا بها إليه. 

وأهم هذه الرموز مسلة حجرية ضخمة بلغ ارتفاعها الأصلي في عهد ني وسررع - كما يعتقد المستكشف والرحالة الألماني هيرمان بورخارت - نحو ستة وثلاثين مترًا، واتخذت قمتها هيئة الشكل الهرمي الصغير، وكانت - فيما يرجح - مكسوة بصفائح النحاس أو مموهة بالذهب ليتألف نورها ويتوهج حين تنعكس عليها أشعة ربها كل صباح، ولعلها لهذا سميت "بنين" ربما بمعنى المشعة. 

ويرى شبيجل أن قمة المسلة كانت ترمز على ما رمزت إليه قمم الأهرام من حيث اعتبارها رمزًا للنظام العالمي الذي يحتل الرب أو الفرعون قمته وأعلى وأرفع مكان فيه، وكان يتقدم المسلة من ناحيتها الشرقية مائدة متسعة من المرمر، تقدم القرابين عليها ويحرق بعضها ليتصاعد عبيرها إلى إله الشمس في سمائه. 

يتضمن المعبد موضعين آخرين لنحر الضحايا، تجري الدماء منهما في مجار مكشوفة إلى أحواض حجرية مستديرة واسعة. وجاورت المعبد من الخارج قرب جداره الجنوبي هيئة مركب مشيدة من اللبن، كانت تتضمن مركبًا خشبية يبلغ طولها نحو ثلاثين مترًا، ترمز إلى مركب إله الشمس، ويحتمل أنه كانت تقابلها مركب أخرى، بحيث ترمز إحداهما إلى مركب النهار "معنجة" التي اعتقد المصريون أن رب الشمس يعبر بها سماء الدنيا لينيرها للأحياء، وترمز الأخرى إلى مركب الليل "مسكتة" التي يعبر بها سماء العالم السفلي لينيرها للموتى، وكأنهم اعتبروا زرقة السماء بحرًا وسيلة العبور فيه هي المراكب أهم وسائل الانتقال في دنياهم.

ومن خصائص معابد الشمس – وفق الكتاب - أنه لم تجر عادة المصريين على أن يضمنوها تماثيل لربها أو محاريب مغلقة يعبد فيها، واتجهوا بدعائهم إلى كوكبه في سمائه، وقدموا قرابينهم إلى الشرق من مسلته، ونزهوه عن أن يختفي في أرضهم داخل تمثال أو خلف جدران وأستار. 

واستمرت هذه المظاهر تميز معابد الشمس المصرية عن معابد بقية الأرباب في أغلب العصور القديمة. وحرص أتباع الشمس على أن يسجلوا في معابد ربهم مظاهر فضله على ملوكهم، فصوروهم يحتفلون بأعياد السد في ظله، ثم سجلوا فيها نعمته على عبادة بعامة، فزينوا بعض قاعاتها وممراتها الجانبية بمناظر ذات ألوان زاهية ورمزوا فيها إلى مظاهر الحيوية في الدنيا ووجوه النشاط التي تتعاقب خلال فصول السنة بفضل الشمس وربها، من حرث وبذر وجني وحصاد، وتناسل الحيوانات وتكاثرها، وحياة الطيور في الطبيعة الطلقة حين تغرد وحين تمرح وحين تفزع وحين يعتدي كبارها على صغارها، وحين تعطف الأم على أفراخها، ثم تعبئة عسل النحل وتخمير العنب، وغيرها. وبلغ فنانو عصر الأسرة الخامسة في ذلك النجاح كله، من حيث حيوية التصوير ووضوح الألوان ودقة التفاصيل.

أحدث معابد الشمس

في أغسطس الماضي، عثر باحثون من البعثة المشتركة من علماء الآثار الإيطاليين والبولنديين، على ما يمكن أن يكون واحدا من أربعة من معابد الشمس المفقودة، أثناء أجراؤهم حفريات في مقبرة في أبو صير، تحت معبد الملك نيو سي رع، عندما اكتشفوا أدلة على مبنى من الطوب اللبن وكتل كوارتز، هذا الاكتشاف من بين الموقع المكون من 14 هرما ملكيا - مصاطب ومقابر - يمكن أن يكون مميزا، حيث يمكن أن يكون بقايا معبد الشمس القديم المفقود. 

وقالت وزارة الآثار والسياحة في بيان سابق: أنه يمكن الوصول إلى المبنى من خلال مدخل مبني من الحجر الجيري يؤدي إلى منطقة ذات أرضية مرصوفة وتحتوي على كتل ضخمة من الكوارتز، حيث تشير الدراسات الأولية إلى أن الاكتشاف الجديد قد يكون أحد معابد الشمس الأربعة المفقودة التي تعود إلى الأسرة الخامسة، وبحسب البيان، فقد قام الملك بهدم جزء من المبنى لتشييد معبده.

WhatsApp Image 2023-05-02 at 11.32.20 AM
WhatsApp Image 2023-05-02 at 11.32.20 AM
WhatsApp Image 2023-05-02 at 11.32.21 AM
WhatsApp Image 2023-05-02 at 11.32.21 AM
WhatsApp Image 2023-05-02 at 11.32.22 AM
WhatsApp Image 2023-05-02 at 11.32.22 AM
المعبد المفقود
المعبد المفقود