الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

تامر أفندي يواصل حلقات السلطنة مع أم كلثوم «11»| ثومة تمسك «الدمع» في «ثورة الشك».. وعبد الله الفيصل عن تعارفهما: «بدأ بمشكلة»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لم تكن الحروف مجرد منطوق أو حتى معنى لكنها كانت مشاعر لابد أن تسكن «ثومة» وتسكنها هي حتى تستطيع التعبير عنها بكل ذلك الجمال، في إحدى الليالي كانت تنشد مع أبيها وبطانته هذه الأبيات:

جُلّ من طرّز الياسمين فوق خديك بالجلنار 

وارتضى ذا الجمان الثمين معدنًا من لماك العقار

وصمتت لدى الوصول إلى كلمة «الجمان». لاحظ الأب الأمر وسألها عنه، فردّت بأنها لا تعرف معنى الكلمة، وتخشى إن أنشدت ما لا تفهمه أن توحي بالمعنى أو الإحساس الخطأ. 

وعن ذلك الإحساس وتلك الحساسية تقول د. نعمات أحمد فؤاد في كتابها «أم كلثوم: عصر من الفن»: «ظلت للكلمة عقيدة لدى أم كلثوم على مدى مسيرتها، تضع في خدمتها كل قدراتها وخبراتها. لذلك يرى مهاويس أم كلثوم في تفاصيل أدائها أكثر من مجرد الاستدلال على قدراتها الصوتية. الأمثلة كثيرة، في ثورة الشك مثلًا: انقطاع النفس في نهاية كلمة «نفسي» لدى غناء «أكاد أشك في نفسي» وكأنها تمسك الدمع، الحرقة في السكتة وأخذ النفس بين “لم” و”تحفظ” لدى غناء ولم تحفظ هوايا ولم تصني، والسكتة العبقرية في الختام بعد كلمة أجبني “أجبني إن سألتك هل صحيحٌ”. 

وما أنا بالمصدق فيك قولًا

ولكني شقيت بحسن ظني

وبي مما يساورني كثير

من الشجن المورق ل اتدعنى

تعذب في لهيب الشك روحي

وتشقي بالظنون وبالتمني

أجبني إذ سالتك هل صحيح!

حديث الناس خنت

 أم لم تخني

 

ونأخذ مما قالته د. نعمات مدخلا للحديث عن تعاون كوكب الشرق مع الشاعر عبد الله الفيصل وقال د. حنفي المحلاوي في كتابه «شعراء أم كلثوم»: «تمثل أعمال الشاعر عبد الله الفيصل نقطة تحول هامة في مسيرة حياة أم كلثوم الغنائية مع شعراء القصائد العربية، وذلك من عدة جوانب أهمها أنه أول أمير عربي مارس السياسة، كان والده المرحوم الملك فيصل ابن عبد العزيز ملك السعودية الراحل، كما يعتبر أول شاعر عربي في العصر الحديث تشدو بكلماته أم كلثوم وذلك بعدما قطعت مشوارا طويلا مع شعراء القصيدة العربية من القدامى».

وغنت أم كلثوم لعبد الله الفيصل قصيدتين «ثورة الشك» 1962، وكان عنوانها في ديوان «محروم – وحي الحرمان» الذي صدر عن دار المعارف ببيروت لعبد الله الفيصل 1954 هو «عواطف حائرة»، والتي يقول فيها:

 أكاد أشك في نفسي لأني

أكاد أشك فيك وأنت منى

يقول الناس إنك خنت عهدى

ولم تحفظ هواي ولم تصني

وأنت مناي أجمعها مشت بي

إليك خطى الشباب المطمئنٍ

 

أما «من أجل عينيك»، التي غنتها «ثومة» عام 1971 كانت منتقاة من خمس قصائد من ديوان للشاعر تحت عنوان «حديث قلب».

شخصية السنباطي في ثورة الشك

وعن قصيدتنا محل الحلقة «ثورة الشك» يقول أحمد فؤاد تحت عنوان ذكريات على «العربية بودكاست»: «قصيدة رقيقة المعاني تقليدية البحر والقافية، متن القصيدة تقليدي إيقاعه الوحدة الكبيرة ولا يستخدم السنباطي أسلوب اللوازم التي تتكرر بين أبيات كتل مقامية، لكن إحدى اللوازم على مقام «الراست» تتكرر مرتين، وإن كان يفصلها مقاطع وفي آخر القصيدة يعاود ذكر البيت الأول مرسلًا غير موقع، ويظل الختام مرسلا على اللحن ذاته الذي كان في المقدمة.

ويضيف أحمد فؤاد: «مقدمة الأغنية الموسيقية سنباطية الطابع، فتبدأ مرسلة مع توسع في استخدام الكمان، ثم يبدأ الإيقاع في الجزء الثاني من المقدمة تمهيدا للغناء، على إيقاع الوحدة الكبير وعلى مقام الكرد، الذي يلازم الأبيات الثلاثة الأولى، والأغنية صعبة وجميلة لم تحظ بانتشار واسع لصعوبة فهمها،

 أكاد أشك فيك وأنت منى

وقد كان الشباب لغير عودٍ

يولي عن فتى في غير أمنٍ

وها أنا فاتني القدر الموالي

بأحلام الشباب ولم يفتني

كان صباي قد ردت رواه

على جفني المسهد أو كأني

 

عبد الله الفيصل عن تعارفه على أم كلثوم: «بدأ بمشكلة»

فى تسجيل نادر مع كوكب الشرق بالإذاعة خلال فترة انشغال أم كلثوم بتجهيز أغنية «ثورة الشك» بداية الستينات سألها المذيع عن كيفية اختيارها للقصيدة: «فأجابت كوكب الرشق بأن الأمير عبدالله أهداها ديوان، فأعجبتها هذه القصيدة، مشيرة إلى أكثر الأبيات التى أعجبتها فيها، فأكدت أم كلثوم أن قصيدة ثورة الشك بها معانٍ جديدة وصادقة، ومن أكثر هذه الأبيات:

يكذب فيك كل الناس قلبى 

وتسمع فيك كل الناس أذنى 

 على أنى أغالط فيك سمعى

 وتبصر فيك غير الشك عينى 

 وما أنا بالمصدق فيك قولًا

 ولكنى شقيت بحسن ظنى»

 

وحكي الشاعر عبد الله الفيصل في لقاء تلفزيوني عن لقائه الأول بأم كلثوم وقال لقائنا بدأ بـ«مشكلة» وتابع: «كنت في مصر سنة 1947 في حفلة لجمعية المرأة الجديدة التي تترأسها الأميرة فايزة، وبحثت عن حجز «ترابيزة» لم أجد، فاتصلت بأم كلثوم لأنها كانت تعرف والدي، وأخبرتها أنني أود الذهاب للحفل ومعي ستة آخرين، فقالت: حاضر اذهب ستجد «تربيزة» محجوزة.. عند المدخل أوقفوني لأنني لم أكن أرتدي «بذلة»، فرجعت إلى البيت وارتديت «البذلة» لبست وعدت فسألوني: «الحجز باسم مين؟ ؟ قلت: باسمي.. قالوا: «مفيش حجز باسمك، الحجز باسم الأمير فيصل»، لحظتها رآني فؤاد باشا فعرفني وسألني عن سبب وقوفي واعتذر لي ودخلت فوجدت طوابير أمام  «تربيزة» الملك فاروق، فأصابني الخجل ووجدت فيها إحراج لذا حين وصل خرجت، وعلى الباب التقيت أم كلثوم وعرفتها بنفسي، فرحبت ببي وطلبت منه أن تجلس معي، فقالت أنا سأجلس معك أنا ورامي، وكانت حينها تغني بدون «ميكروفون» فيسمعها 2000  شخص، وحينما جلسنا قلت لها تكرميني تغني لي، فقالت عايزني أغني إيه؟ قلت: «كل الأحبة اتنين اتنين وإنت يا قلبي حبيبك فين»، والتانية: «اذكريني كلما الفجر بدا»، وثالث أغنية: «أهل الهوى يا ليل فاتوا مضاجهم». 

وحينما صعدت على المسرح بدأت استئذن من أمامي تباعا بقولي: «ممكن أجلس مكانك أنا ضيفك، والمصريون كرماء، ظللت هكذا حتى وصلت في الصف الأول بين فكري أباظة وأحمد رامي الله يرحمهما، كل ذلك وأم كلثوم ترقبني ولما انتهت الوصلة الأولى أشارت إلي فذهبت وقالت لي: إنت إيه اللي عملته.. قلت لها: «سحرك هو اللي جذبني».