الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

"مئة بيت من الشعر العربى" عصير الحب والموت والحكمة.. كثير عزة

مصطفى بيومي
مصطفى بيومي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى تراث الشعر العربى، منذ ما قبل الإسلام إلى نهاية العصر العباسى، كنوز وجواهر لا ينبغى للأجيال الجديدة أن تجهلها. نقدم كل يوم بيتا من عيون الشعر القديم، مصحوبا بإضاءة قليلة الكلمات، فى محاولة لتحقيق التواصل الضرورى والاستمتاع بعصير الحب والحكمة والموت.

 كثير عزة 

«الله يعلمُ لو أردتُ زيادةً
فى حب عزة ما وجدتُ مزيدا»
كيف للإناء عندما يمتلئ حتى حافته أن يتسع للمزيد؟. الأمرعند من يزعمون خلاف ذلك أقرب للعبث، والمزايدة الرخيصة لا تنم عن كرم وسخاء، بل هى علامة الحماقة والكذب معا. قابلية الحب للنمو والزيادة تعنى النقصان بالضرورة، وعندئذ لا يٌقال لمن يزعم الزيادة إنه محب، بل هو يحبو فى بداية الطريق ولم يصل بعد.
ينتبه كثير ببصيرته إلى القانون الحاكم الذى يغيب عن الكثيرين، أولئك الذين تعلو أصواتهم بالمزايدة الفجة، وتقذف بهم المبالغة إلى هاوية الكذب والادعاء، فيقولون بقابلية صب المزيد فى قالب ممتلىء. الشاعر يحيل الأمر كله إلى الله، حكما عادلا مطلعا على المخبوء فى الأفئدة، ويعلن فى ثقة لا يتسلح بها إلا عتاة العشاق المخلصين الصادقين: لا متسع للمزيد.
لا شيء بعد الوصول إلى القمة، حيث الفناء والذوبان، إلا حلم البقاء فى القمة. كل ادعاء آخر يعنى منطقية الشك فى القائل، واليقين بأنه يعيش قصة حب ناقصة لم تكتمل ولا تحقق فيها.
فى لحظة بعينها، لا يمكن تحديدها وتوقعها، يدرك العاشق الصادق أن الحب قد بلغ غايته، ولا معنى للبحث عن آفاق أرحب فى علاقة مكتملة متوهجة. الهدف الأسمى هو الاستقرار فى حالة الإشباع الاستثنائية هذه، ولا شيء يهددها إلا الغلو الذى يرادف الكذب، وكيف للمحب أن يكون كاذبا؟.