الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المتاجرون بالوطن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الحرب على مصر والتآمر عليها والتربص بها، لا تأتى فقط من ذلك الشريط الحدودى الذى يفصلنا عن غزة، لكنها تأتى من أماكن عدة، فهى حرب شارك فى منهجيتها دول وأجهزة ومنظمات فى الخارج، وللأسف بعض منها فى الداخل، ومحاولات الإساءة لمصر لا تقتصر فقط على تلك الأبواق التى تقاضت ثمن الإساءة من الخارج.. لكنها امتدت إلى الداخل فرأينا من يسعى إلى تقويض الإنجازات وتشويه النجاحات، وإعاقة أى خطوة تدفع بنا إلى الأمام. والحرب على مصر أو التربص بها لا تقتضى فى أحيان كثيرة حمل السلاح أو محاولة لى الحقائق، ولا تستلزم أيضا أن تتواجد بالخارج أو ألا تكون مصريًا، فالخطر الأكبر أن تكون مصريًا تنعم بالعيش فى بلدك وبسبب تحقيق مكاسب شخصية تتآمر على وطنك وتتربص به وتشوه كل إنجاز حقيقى عن عمد أو جهل.
هل يختلف اثنان فى الداخل أو الخارج على الإنجاز الذى حققه الدكتور محمد غنيم وتلامذته فى مركز الكلى بالمنصورة؟ وهل يختلف اثنان على الإنجاز الذى حققه الدكتور محمد عبدالوهاب وتلامذته فى مركز زراعة الكبد بنفس المدينة؟ وعلى الرغم من أن المركزين يتبعان جهة حكومية هى جامعة المنصورة، إلا أن كليهما يعمل وفقًا لنظام نأى بهما عن الروتين والمعاناة التى يعيشها المرضى فى المستشفيات الحكومية، وعلى الرغم من النجاح الذى تحقق فيهما، إلا أن بعض الأطباء الذين تاجروا فى الأعضاء البشرية بحثًا عن الثراء السريع أساءوا لسمعة المركزين على المستوى الدولي، وبعد أن كان المسئولون فيهما يتباهون بالإنجازات التى حققوها فى مجالى الكلى والكبد.. أصبح همهم الأول هو الدفاع عن سمعة المركزين. 
الدكتور محمد عبدالوهاب المؤسس والمشرف على مركز زراعة الكبد عهدته مبتسمًا، متفائلًا بغدٍ أفضل، داعيًا إلى الالتفاف حول القيادة السياسية، محفزًا على العمل الجاد للنهوض بمصر، مفاخرًا بما أنجزه وزملاؤه فى مركز الكبد، محذرًا من المتربصين بالوطن، هكذا عهدت الرجل، لكنى فوجئت به محبطًا متجهمًا ساخطًا، وعلمت أن السبب يرجع إلى تلك الفئة من الأطباء التى ماتت ضمائرها وأساءت للوطن ولسمعة مركزى الكلى والكبد، هذه الفئة التى تحاكم الآن بتهمة سرقة الأعضاء البشرية والاتجار بها من أوكار وجحور داخل بعض المستشفيات، لا تقل خطورة على مصر من تلك الفئة التى تسكن جحور رفح وتتربص بالجيش، فكلتا الفئتين باعت الوطن وأساءت إليه.
اعتاد الدكتور محمد عبدالوهاب أن يكون محاضرًا فى كبرى جامعات العالم، ومتحدثًا عن إنجازات مصر فى مجال زراعة الكبد فى المحافل الدولية، وأبحاثه مرحب بنشرها فى كبرى الدوريات الطبية، لكن الرجل فوجئ منذ أيام بقرار رفض نشر بحث له فى مجلة «transplantation journal» وهى المجلة الأمريكية العالمية الأبرز فى نشر أبحاث ودراسات زراعة الأعضاء، وعندما سأل الدكتور عبدالوهاب عن السبب قيل له إن تجارة الأعضاء موجودة فى مصر وانتشرت أكثر فى الفترة الأخيرة وخاصة فى مجال الكلى، ولم يقتنع الطبيب المشرف على المجلة وهو أسترالى الأصل بما أكده الدكتور عبدالوهاب حول التزام مركزى الكبد والكلى التابعين لجامعة المنصورة بأن يكون المتبرع من أسرة المريض، وتبارى الرجل فى الدفاع عن المركزين، مشيرًا إلى أنهما الأفضل فى الشرق الأوسط علميًا وأكاديميًا، بل إنه طالب بعدم نشر المقال بعد أن أعطى المشرف على المجلة درسًا علميًا، ولم يخف الرجل حزنه على حال زملاء له أساءوا إلى مصر قبل أن يسيئوا لأنفسهم، وسعوا بفعلتهم إلى تشويه إنجازات حققتها مصر فى مجالى الكبد والكلى.
هذه الواقعة التى تعرض لها الدكتور محمد عبدالوهاب تتزامن مع بيان صدر فى نيجيريا منذ أيام يحمل تحذيرًا للمواطنين النيجيريين المقيمين فى مصر والعابرين منها من عمليات سرقة الأعضاء، وعلى الرغم من انتشار هذه الظاهرة فى أغلب دول العالم، إلا أنها عادة المتربصين بمصر، يضخمون من الأحداث، لكن هذا يجب ألا يثنى الأجهزة المعنية عن التفتيش فى كل المستشفيات، والتحقيق الجدّى فى كل البلاغات ومحاسبة الذين أعلنوا الحرب على سمعة مصر الطبية عندما باعوا ضمائرهم، وأتمنى أن تكون ضربة الرقابة الإدارية الأخيرة والمتمثلة فى القبض على أكبر تشكيل لسرقة الأعضاء بداية للقضاء على هذه المافيا التى لا تقل خطورة عن الهاربين فى جحور رفح.