رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رفيق جبور.. من دبلوماسي أرستقراطي.. إلى صفوف العمال والفلاحين «8»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إجابة على السؤال الحاسم «ممن يجب أن يتكون حزب العمال والفلاحين؟» نقرأ «وإذا كان لا يوجد الآن فى المدن طبقة عاملة كبيرة العدد فإنه يوجد فى الأرياف فلاحون يتزايد عددهم. وتدل الإحصائيات أن عدد عمال الصناعات فى المدن لا يزيد عددهم علي رقم يتراوح ما بين ٣٠٠ و ٣٥٠ ألفا. وحزب العمال المصرى السياسى يجب أن يتألف من مختلف طوائف عمال المدن ومن عمال الأرياف المشتغلين فى الزراعة وتوابعها، وهاتان الفئتان هما أساس وأركان وجدران الحزب، وبعد ذلك لا بأس من قبول بعض أفراد الفئات الأخرى الذين لا يتنافى وجودهم مع الغاية التى أنشئ الحزب من أجلها. ومعلوم أن فى مصر الآن عددا من الناشئة الجديدة المتعلمة وهى لا تجد أمامها عملا إلا فى وظائف الحكومة لأن الصناعة غير متقدمة، ولأن المعامل التجارية بيد الأجانب الذين لا يستخدمون إلا أجانب مثلهم ثم عددا صغيرا من الوطنيين الذين يقبلون العمل فى الوظائف الصغيرة، والحكومة لا يمكنها أن تستخدم كل تلميذ يغادر المدرسة، كما لا يخفى أن الناشئة المتعلمة متى كانت من غير أبناء الأغنياء تميل بطبعها وبدافع من مصلحتها نحو الطبقة العاملة أكثر مما تميل إلى طبقة أخرى؛ ولذلك فيجب أن تندمج فى حزب العمال وتكون من أشد أعضائه نشاطا وفائدة. ثم هناك أرباب الصناعات الصغيرة وأصحاب المهن الذين يعملون بأنفسهم دون استخدام سواهم فى أشغالهم وهكذا فإننا نجد أن لدينا خمس فئات كبرى يجب أن تندمج فى حزب العمال والتى هى حسب قربها إليه العمال فى المدن والأرياف ثم الفلاحون الفقراء وبعدها الناشئة الجديدة التى يضطر أفرادها إلى الاستخدام لدى الغير، فطبقة أصحاب الصناعات الصغيرة «الحرفيين» فطبقة الفلاحين متوسطي الحال، وبعد هذا التجميع الطبقى الحاذق والعلمى معا يفاجئنا رفيق جبور بقذيفة حاسمة حازمة يحدد بها طبيعة الحزب الذى يريد والقيادة التى يريدها له. فيقول «لكن العمود الفقرى للحزب ودماغه المفكر وقلبه النابض يجب أن يكون من العمال، وعلى قانون الحزب الاحتياط الشديد لعدم تمكن بعض أفراد الطبقات أو الفئات الأخرى التى تندمج فى الحزب من السيطرة عليه والتلاعب بمصالحه، بل يجب أن يكون حزب العمال للعمال ومن العمال، أما من ينضم إليه من أبناء الطبقات القريبة جدا من الطبقة العاملة فيجب أن يبقى دائما تابعا للحزب إلى حد ما، ولكن على كل حال يجب أن تكون وأن تبقى السيطرة فى الحزب للعمال «وحدهم». وبعد ذلك يعد رفيق جبور قراءة أنه سوف يتحدث فى العدد القادم عن السؤال الثالث بحث عن إجابة تحدد: ما مرامى الحزب وأغراضه؟ وما مبادئه؟ وما برنامجه.. لكن لم يكن هناك عدد قادم. فقد أفزعت «الحساب» وحديث رفيق جبور -عن حزب العمال والفلاحين -قوى عديدة وتنقل الأهرام عن جريدة الديلى مورننج البريطانية خبرا تلغرافيا لمراسلها فى القاهرة قال فيه: «لقد حدثت ضجة عظيمة من جراء عصبة شيوعية كبيرة فى مصر» ثم تعود لتنقل عن جريدة بريطانية أخرى هى الديلى كرونيكل تلغرافا لمراسلها فى القاهرة جاء فيه «قامت الدلائل على وجود مؤامرة بلشفية واسعة النطاق لتدبير ثورة شيوعية فى مصر تكون جزءا من مشروع يرمى لإثارة إفريقيا كلها فى وجه الدول الاستعمارية» «الأهرام ٢٩-٢-١٩٢٥» وكان الأهرام قد نشر فى «١-٢-١٩٢٥» مقالا بعنوان تجدد الحركة الشيوعية فى مصر وفلسطين أورد فيه تلغرافا لمراسله فى لندن قال فيه «نشرت جريدة الديلى اكسيبريس تلغرافا لمراسلها فى القدس قال فيه «تبذل الشيوعية الدولية والجمعية التجارية الدولية الحمراء مجهودات عظيمة لتقويض أركان الحياة الاقتصادية والاجتماعية فى فلسطين وهم على اتصال وثيق بمصر بواسطة وكيل متنكر ينتقل باستمرار بين فلسطين ومصر». «وابتدأنا نصحح خطأ وقع فيه مترجم أهرامى مبتدئ فقد ترجم Trade union «جمعية تجارية» وترجمتها الصحيحة: «الحركة النقابية» كذلك نود أن نكشف الدور المشبوه الذى تحرك ضد الحزب الوليد والذى لم يظل مجرد جنينا تتحدث عنه صحيفة محدودة التوزيع، ذلك الدور الذى تولاه المراسلون الإنجليز وردده الأهرام بشكل مبالغ فيه عن عمد؛ بهدف إفزاع الحكام فى مصر وتحريض الرأى العام العالمى فى البلدان الاستعمارية على جريدة الحساب ومحررها وحزبها الذى لم يولد بعد. وأثمرت الحملة، وتنشر الأهرام فى ٢-٦-١٩٢٥ «بكّر بوليس القاهرة والإسكندرية أمس حوالى الفجر بأمر من النيابة العمومية ففتش فى المدينتين وفى أحيائها المختلفة مساكن طائفة كبيرة من الأشخاص المصريين والأجانب المشتبه فى انتمائهم إلى الشيوعية، وبعضهم كان قد سبق التحقيق معهم واعتقالهم فى غضون السنة الماضية، ثم أخلى سبيلهم واعتقل نحو ١٥ شخصا أودعوا فى سجن الاستئناف بالقاهرة ونحو هذا العدد فى سجن الحضرة فى الإسكندرية. 
وكان رفيق جبور من المقبوض عليهم، وكان رفيق جبور كما روى ابنه روفائيل فى تعليقه على دراسة سبق أن نشرتها عن رفيق جبور أن والدى كان عصيا فى التحقيق، وكان يهاجم النائب العمومى ويوجه له الاتهامات.. وعندما أصدرت المحكمة حكمها عليه بالسجن ثم بإبعاده عن مصر وترحيله إلى لبنان بعد قضاء مدة العقوبة صرخ فى وجه القضاء سأعود لأظل خادما لقضية العمال.. وسأجدكم معلقين بمشانق فى ميدان المحطة.. 
ورأينا فى تعليق روفائيل كيف أن السلطات الفرنسية فى لبنان ضيقت عليه الخناق وحاصرت تحركاته هو وكل من اتصل به، فسافر إلى فلسطين ليعمل فى إحدى صحفها ثم يوجه الابن اتهاما بأنه قد أدخل فى المستشفى لإجراء جراحه بسيطة، وتحديدا فى المستشفى الفرنسى بيافا.. وذلك بعد أن كان الفرنسيون والإنجليز قد فشلوا فى الضغط على صاحب جريدة «فلسطين» عيسى العيسى لطرد رفيق جبور «وقيل» «هذا هو التعبير الذى استخدمه روفائيل» «أن المخابرات البريطانية قد دبرت قتله مع الفرنسيين وتأييد هذا الشك عندما أصرت السلطات البريطانية فى فلسطين على رفض نقل جثمانه إلى لبنان خوفا من تشريح الجثة». 
لكن حديثنا عن رفيق جبور لم ينته بعد.